القوّات تخسر دعواها على مادايان

 

خسرت «القوّات اللبنانية» معنوياً في دعواها على أمين سرّ «شبيبة جورج حاوي» رافي مادايان، على خلفية ربط الأولى صورة الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني الشهيد حاوي بصور «مقاوميها»، ووضعها على لوحات الإعلانات على الطرقات، لمناسبة احتفالها السنوي بذكراهم، وهو ما اعترض عليه مادايان تلفزيونياً، واحتج عليه شيوعيون آخرون تنفيذياً، فأزالوا إعلاناً من هذه الاعلانات على طريق بعبدا ــ عاليه، اعتبرته «القوّات» عملاً تخريبياً. وكانت هذه الدعوى قد قامت بوجه مادايان في عهد وزير العدل السابق إبراهيم نجّار الذي كان يمثّل «القوّات اللبنانية» في حكومة الرئيس سعد الدين الحريري، وقامت النيابة العامة الاستئنافية «بواجبها» بالادعاء على مادايان، لتتفق نظرتها مع رؤية «القوّات» لجهة توصيفهما تصرّف مادايان التلفزيوني بأنّه تهديد وتحريض على ارتكاب التخريب، كما أنّهما اتفقا في توارد الأفكار لجهة اعتبارهما هذا الفعل من اختصاص القاضي المنفرد ليفصل فيها. وقد تصدّى القاضي المنفرد الجزائي في المتن أسعد بيرم لهذه الواقعة المادية، وتوصّل بعد مناقشة قانونية لحيثياتها إلى اقتناع تام توّجه بحكم بعدم اختصاصه النظر فيها، ذلك أنّ الأمر، بالاستناد إلى ما يقوله القانون، يدخل ضمن صلاحيات محكمة المطبوعات، وهي الجهة المختصة للفصل في هذا النوع من الدعاوى المتصلة بكلّ ما يقال على شاشات التلفزيونات ويكتب في الصحف والمجلات، ويبثّ عبر أثير الإذاعات. فما قاله مادايان ورد على محطّة تلفزيونية، أيّ وسيلة إعلامية، ما يعني أنّ القانون الصالح للتطبيق في هذه الحالة هو قانون المطبوعات، وليس قانون العقوبات الذي تمسّكت به النيابة العامة والحزب المدّعي، وبالتالي فإنّه يفترض إحالة القضيّة على محكمة المطبوعات بحكم الاختصاص، وليس القاضي المنفرد، ذلك أنّ جرائم المطبوعات محصورة قانوناً بمحكمة خاصة لها، هي محكمة الاستئناف التي تنظر فيها بصورة أوّلية غير نهائية، فيما تكون محكمة التمييز هيئة استئنافية فاصلة. والتعارض الواضح في هذه الدعوى بين اللجوء إلى قانون المطبوعات، أو قانون العقوبات، يستدعي تلقائياً ردّ الدعوى برمّتها، من دون الخوض في تفاصيل صحّة ما جاء على لسان مادايان، لأنّه يتعلّق بالانتظام العام. تنشر «الأخبار» تفاصيل من الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في المتن. في الوقائع: تبيّن أنّ الجهة المدّعية حزب «القوّات اللبنانية» تقدّم بشكوى بوجه المدعى عليه رافي مادايان أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، عرض فيها أنّه جرياً على عادته كلّ عام دعا المناصرين والمحبّين والأصدقاء لحضور الاحتفال بذكرى شهداء «المقاومة اللبنانية» بتاريخ 25/9/2010، وقد تمّ وضع إعلانات على اللوحات الموجودة على الطرقات العامة، وتمّ وضع صور لقافلة من الشهداء منها صورة للشهيد جورج حاوي، وأضاف بأنّ المدعى عليه وخلال مقابلة تلفزيونية على شاشة «OTV» خلال برنامج «الحقّ يقال» بتاريخ 15/9/2010 مع الإعلامية ماغي فرح قام بإطلاق التهديدات متوعّداً بإزالة اليافطات وتخريبها لوجود صورة الشهيد حاوي عليها، وأنّه حصل تخريب للإعلان الموجود على طريق بعبدا عاليه. وتبيّن أنّ المدعي اتخذ صفة الادعاء الشخصي بحقّ المدعى عليه، وطلب إلزامه بدفع مبلغ مليار ليرة لبنانية كعطل وضرر، وقد تمثّل أصولاً في جلسات المحاكمة. وتبيّن أنّ المدعى عليه رافي مادايان صرّح خلال استجوابه في مرحلة التحقيقات الأوّلية بأنّه دعا إلى نزع صور الشهيد جورج حاوي، كون الأخير لا ينتمي إلى مجموعة الشهداء في صورة الإعلان سياسياً، وخوفاً من المتاجرة في هذا الموضوع، وتوظيفه في الصراع السياسي، وأنّه طلب من أصحاب العلاقة، القيام بذلك، تحت طائلة دعوة المناصرين في الحزب الشيوعي إلى نزعها، وأنّه ليس على علم بهويّة الشخص الذي قام بطلي صورة الشهيد حاوي على اللوحة المذكورة. وتبيّن أنّ المدعى عليه حضر جلسات المحاكمة، وكرّر مضمون الإفادة المدلى بها خلال التحقيقات الأوّلية، وأضاف أنّ دعوته لنزع صورة والده خلال المقابلة التلفزيونية، كانت موجّهة للعموم، وليس لأشخاص محدّدين بالذات. في القانون: حيث إنّ ادعاء النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بوجه المدعى عليه مادايان مسند إلى جرمي المادتين 578 و733/217 من قانون العقوبات، أيّ جرمي التهديد والتحريض على التخريب. وبما أنّ الوقائع موضوع الشكوى المقدّمة من المدعي والتي من شأنها أن تشكّل الأفعال الجرمية المدعى بها قد حصلت خلال مقابلة تلفزيونية على شاشة «OTV»، وحيث إنّ المادة 16 من المرسوم الاشتراعي الرقم 104/1977 تنص على: «كلّ من هدّد شخصاً بواسطة المطبوعات والإعلانات، أو أيّة صورة من الصور، بفضح أمر، أو إفشائه، أو الإخبار عنه، وكان من شأن هذا الأمر أن ينال من كرامة ذلك الشخص، أو شرفه، أو من كرامة أقاربه، أو شرفهم، لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له، أو لغيره، وكل من حاول ذلك، يعاقب بالحبس من ستّة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة من عشرة آلاف إلى خمسة عشر ألف ليرة لبنانية، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وحيث إنّ المادة 24 من المرسوم عينه تنصّ على: «كلّ من حرّض على ارتكاب جرم بالنشر، والإعلان، في المطبوعة الصحفية وغيرها، يعاقب وفاقاً لأحكام المادة 218 من قانون العقوبات، ويعتبر تحريضاً كلّ كتابة يقصد منها الدعوى للإجرام، أو التشويق إليه». واستناداً إلى نصّ المادة 35 من القانون الرقم 382/94 والمتعلّق بالبثّ الاذاعي والتلفزيوني، فإنّه يطبّق على الجرائم المرتكبة بواسطة محطّة تلفزيونية، العقوبات المنصوص عليها في قانون المطبوعات في حال كانت داخلة ضمن نطاق هذا القانون. واستناداً أيضاً إلى نصّ المادتين 16 و24 من المرسوم الاشتراعي الرقم 104/77، فإنّ الأفعال الجرمية موضوع هذه الدعوى، وبغضّ النظر عن حصولها، تقع ضمن العقوبات الواردة في هذين النصين، وبما أنّ المرسوم الاشتراعي الرقم 104/77 أعطى في المادة 28 منه صلاحية النظر بجرائم المطبوعات بصورة حصرية إلى محكمة الاستئناف التي تنظر فيها بالدرجة الأولى، وهذا الاختصاص يتعلّق بالانتظام العام، ويعود للمحكمة إثارته تلقائياً حتّى لو لم يُقدم أيّ من الفرقاء على إثارته. واستناداً إلى ما هو وارد أعلاه، تكون هذه المحكمة غير مختصة للنظر بالدعوى الراهنة، وذلك بمعزل عن حصول الأفعال الجرمية أم لا، ويقتضي إحالة الملفّ إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان لإجراء المقتضى الذي تراه مناسباً، وحيث إنّه لم يعد من داع لبحث ما زاد، أو خالف، ويقتضي ردّه، لذلك يحكم بما يلي: 1- بإعلان عدم اختصاص المحكمة الراهنة للنظر بهذه الدعوى. 2- إحالة الملفّ إلى النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان لإجراء المقتضى القانوني الذي تراه مناسباً.

آخر تعديل على Friday, 04 October 2013 06:42

الأكثر قراءة