بسام القنطار
لم يتعرف مروان شربل إلى مانويل فالس، وفي حال نجاح مسعاه في إقناع مجلس الوزراء بتأليف لجنة وزارية لمتابعة قضية جورج عبد الله، فلا يمانع شربل زيارة باريس والطلب من نظيره الفرنسي تسليم «الموقوف» اللبناني الذي تحول إلى رهينة سياسية، بعد أن أمر القضاء الفرنسي بإطلاق سراحه شرط ترحيله الفوري إلى لبنان، وامتناع فالس عن توقيع قرار الترحيل.
لا تشبه قضية جورج عبد الله بتاتاً قضية المخطوفين اللبنانين التسعة في اعزاز، لا في الشكل ولا في المضمون ولا في الآسر ومن يقف خلفه. لكن شربل استخدم أمس خلال لقائه وفداً من الحملة الدولية لإطلاق سراح عبد الله، اللغة نفسها التي يستخدمها في التعاطي مع لجنة أهالي مخطوفي اعزاز. خلاصة موقفه تترجم على النحو الآتي: «التظاهر أمام السفارة الفرنسية لا يفيد، لا بل قد يؤدي في حدوده القصوى إلى إغلاق السفارة في بيروت وتضرر مصالح اللبنانيين». أما الخيمة المنصوبة أمام السفارة «فيجب إزالتها ونقل الاعتصام والتظاهرات إلى ساحة الشهداء». يقدم شربل تصوره لحل هذه المسألة من خلال تشكيل لجنة وزارية تتابع هذه القضية لتصل إلى خواتيمها.
في المقابل، سمع شربل من جوزيف، شقيق جورج عبد الله، جواباً واضحاً: «عندما تتشكل اللجنة الوزارية وتبدي الاهتمام المطلوب، ونأمل أن يكون اهتمامها جدياً للغاية، نبني على الشيء مقتضاه. الاعتصام مستمر حتى نلمس أموراً جدية فعلية تؤدي إلى ترحيل هذا المخطوف في فرنسا إلى لبنان».
وعن استهداف المصالح الفرنسية، قال عبد الله: «إن هذه العبارة تنطوي على معانٍ كبيرة، نحن نتحرك تحت سقف القانون اللبناني والشرعيات العالمية جميعها، كل ما نفعله أننا نعبّر عن سخطنا بكل ديموقراطية وحضارة وإنسانية بما تسمح به القوانين اللبنانية».
بدوره، أعلن وزير التنمية الإدارية محمد فنيش، في اتصال مع «الأخبار»، أنه يؤيد تشكيل لجنة وزارية، طالباً أن يقدم محامي عبد الله جاك فرجيس تصوراً للعمل المطلوب من اللجنة القيام به على المستوى القانوني. ماذا يمكن أن تفعل لجنة وزارية لاستعادة جورج عبد الله؟ الجواب عن هذا السؤال يستدعي التدقيق في أعضاء هذه اللجنة. البديهي أن تضم اللجنة وزير العدل شكيب قرطباوي، وهو واحد من الوزراء الذين أعلنوا أنه اتصل بنظيرته الفرنسية قبل أسبوع للاستفسار عن أسباب بقاء عبد الله في السجن إلى اليوم. لكن كريستيان توبيرا لا يبدو أنها مهتمة بالإجابة عن نظيرها اللبناني. قرطباوي أكد في اتصال مع «الأخبار» أنه بعث برسالة عبر البريد الإلكتروني إلى توبيرا، فلم يتلقّ رداً، واتصل مرتين ولم يوفق بالوصول إليها، فعاود إرسال رسالة إلكترونية جديدة من دون أن يتلقى رداً بعد. يشير هذا السيناريو إلى أن الجانب الفرنسي يتجاهل الجانب اللبناني، وبالتالي إنّ لغة البريد الإلكتروني وعبارات من قبيل «نأمل» و«نتمنى» و«نأسف» لم تعد تجدي. والمطلوب أن يكلف مجلس الوزراء اللجنة الوزارية تنظيم زيارة عاجلة إلى باريس، ومواجهة الجانب الفرنسي مباشرة دون مواربة.
وبالتزامن مع الضغط الشعبي في لبنان وفرنسا للمطالبة بإطلاق سراح عبد الله، يتوقع أن يقدم المحامي فرجيس «دعوى مستعجلة لحصول أمر طارئ»، وذلك للرد على الطعن الجديد الذي تقدمت به النيابة العامة الفرنسية بهدف إرجاء موعد جلسة المحكمة للتأكد من إنفاذ قرار الإفراج المشروط عن عبد الله وترحيله في 28 كانون الثاني الحالي. يعني هذا أن أمام الحكومة اللبنانية مهلة أسبوع للضغط باتجاه توقيع وزير الداخلية الفرنسي قرار الترحيل، وإن لم يحصل ذلك، فإن قضية جورج عبد الله ستكون مفتوحة على احتمالات عديدة أبرزها قبول طعن النيابة العامة، وبالتالي يُتاح لغرفة تطبيق الأحكام في محكمة الاستئناف في باريس شهران إضافيان للبحث في دعوى الاستئناف.
وكان مركز الخيام لتأهيل ضحايا التعذيب قد أعلن أنه بصدد تقديم بلاغ إلى فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي حول قضية جورج عبد الله. ورأى الأمين العام للمركز، محمد صفا، «أن المطلوب من الحكومة اللبنانية تكثيف تحركها الديبلوماسي باتجاه الحكومة الفرنسية وطلب استعادة عبد الله رسمياً». وأضاف: «حتى الآن الحكومة اللبنانية تغازل الحكومة الفرنسية ولم تقدم احتجاجاً شديد اللهجة بالإفراج عن عبد الله أو على الأقل التهديد باللجوء إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة».
وعلى صعيد النشاطات التضامنية، ينظم اليوم اعتصام تضامني أمام المركز الثقافي الفرنسي في النبطية عند الساعة 12. كذلك ينظم اساتذة وطلاب معهد العلوم الاجتماعية – الفرع الأول لقاءً تضامنياً عند العاشرة من صباح الغد.
وفي غزة نظم اعتصام، أول من امس، أمام المركز الثقافي الفرنسي احتجاجاً على استمرار اعتقال عبد الله. وسلم المشاركون القنصل الفرنسي في غزة مذكرة تحمّل الحكومة الفرنسية المسؤولية الكاملة عن نتائج مماطلتها في إطلاق عبد الله، مطالبين بالإفراج الفوري عنه بدون قيد أو شرط، والاعتذار له وضمان حقه في التعويض».
الثلاثاء ٢٢ كانون الثاني ٢٠١٣