دخل أصدقاء جورج عبد الله، أمس، على خطّ الضغط على فرنسا عبر تعطيل مصالحها في لبنان، إذ اعتصموا أمام المراكز الثقافية الفرنسية في بيروت وطرابلس وصور والبقاع. كما دعا أصدقاء عبد الله إلى اعتصام غداً السبت أمام مقر القوة الفرنسية العاملة ضمن اليونيفيل في بلدة دير كيفا جنوبي نهر الليطاني
عبد الكافي الصمد, أمال خليل
وفي اليوم الخامس لإرجاء الإفراج عن المعتقل في السجون الفرنسية جورج عبد الله، لمعت في أذهان أصدقائه فكرة الضغط على الحكومة الفرنسية من خلال وحدة بلادها العاملة ضمن قوات اليونيفيل في الجنوب.
في جنوبي الليطاني، يتمركز الجنود الفرنسيون في أكثر من موقع عسكري منها ديركيفا والطيري والمقر العام لليونيفيل في الناقورة. فضلاً عن أنهم يجوبون بدورياتهم طرقات الجنوب يومياً. لا يريد أصدقاء جورج عبد الله استهدافهم أو التعرض لهم بالأذى. حتى مساء أمس، كانوا قد قرروا اعتماد أسلوب الرسائل السلمية. فدعوا إلى تجمع يقام عصر يوم غد أمام مقر الوحدة الفرنسية في بلدة ديركيفا (قضاء صور) للاحتجاج على إرجاء الإفراج عن رفيقهم. حتى ذلك الحين، نفذوا عصر أمس اعتصاماً على الكورنيش البحري في مدينة صور شارك فيه ناشطون وناشطات من القوى اليسارية اللبنانية والفلسطينية وحملوا لافتات تندد بالقرار الفرنسي. قبل ذلك، كان المركز الثقافي الفرنسي في مدينة صيدا على موعد مع اعتصام احتجاجي. ووسط تواجد كثيف للجيش والقوى السيارة وقوى الأمن الداخلي، تجمع نحو مئة شخص على الرصيف المحاذي للمركز في شارع رياض الصلح المتفرع من ساحة الشهداء، بمشاركة ممثلين عن الحملة الدولية للإفراج عن جورج عبد الله، والأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد. وحمل المعتصمون لافتات منددة بالتراخي الرسمي اللبناني. محمد قانصوه تحدث باسم لجنة أصدقاء المناضل عبد الله، معتبراً أن الثقافة الفرنسية «أصبحت اليوم ثقافة الأسر والترهيب مع استمرار اعتقاله والإصرار على خطفه رغم قرار القضاء بالافراج عنه». سعد خاطب الحكومة اللبنانية، قائلاً: «كفاكم تبعية وكفاكم خضوعاً للسياسة الفرنسية». واعتبر أن «الشعب اللبناني ومقاومته الوطنية والإسلامية الباسلة يستحق من حكومته أن تكون حرة ومستقلة وغير تابعة وتعبر عن إرادة هذا الشعب». في ختام الاعتصام، حاول أحد المعتصمين كتابة شعارات على جدار المركز، فسارعت العناصر الأمنية إلى منعه وتطويقه، ما دفع بعدد من رفاقه إلى التلاسن مع القوة وجرى تدافع بينهم وبين العناصر.
وفي الشمال، جاء اعتصام طرابلس، من ضمن سلسلة تحركات تقوم بها الحملة للضغط على الحكومة الفرنسية للإفراج عن عبد الله، والدعوة إلى إغلاق المراكز الثقافية الفرنسية في لبنان، التي تطرح الحملة تساؤلات عن دورها في نشر قيم الحرية والعدالة والديم قراطية التي تدّعيها. وتجمّع عشرات الناشطين اللبنانيين والفلسطينيين أمام المركز الثقافي في المدينة بهدوء وبتنظيم جيد، وسط إجراءات أمنية مشددة، وهم يردّدون عبارات تطالب بإطلاق سراحه فوراً.
الفتى اليافع رواد عبد الله، إبن شقيق جورج، دفعته حماسته ليردد وهو يرفع قبضته عاليا، بعدما وضع كوفية حول عنقه: «طالعلك يا فرنسا طالع، من كل بيت وحارة وشارع، تنكدلك عيشك طالع»، و«فرنسا إم الإرهاب، نحن منك ما بنخاف».
الشيخ أحمد عبد الرحمن الذي حضر ممثلاً حركة التوحيد الإسلامي، اعتبر أن قضية عبد الله «مشرفة وترفع الرؤوس. أما الزميل روبير عبد الله، شقيق جورج، فاغتنم فرصة تنفيذ الاعتصام في طرابلس ليقول إن فرنسا «ليست صالحة لتقدّم شيئاً من الثقافة لطرابلس، هذه المدينة التي علمتنا الثقافة الوطنية. ونسألها أي ثقافة ستصدرها لهذه المدينة ولبنان والعالم، بعدما باتت مراكزها الثقافية أوكاراً للجواسيس التي تخدم الصهيونية العالمية؟». وسأل روبير: «هل ستحدثنا فرنسا بعد اليوم بالقانون والعدالة، بعدما تجاوزت دولتها قراراً صدر عن أعلى السلطات القضائية؟»، وأكد أن «شعبنا يدرك جيداً أن فرنسا دولة إمبريالية تسهم في تدمير بلدنا».
وفي دير القمر دخل المشاركون في الاعتصام إلى داخل المركز الثقافي الفرنسي وعلقوا صور عبد الله فيه وسط مشاركة شبابية. أما بعد الظهر فأغلق الناشطون أبواب المراكز في كل من النبطية وبعلبك، كما تم وقف العمل في الدورات النهارية في كل المراكز بشكل تام. ووزع المعتصمون في كل المناطق بياناً موحداً ربطوا فيه استمرار عمل المراكز الفرنسية في لبنان بحرية عبد الله، مما يؤكد أنها أصبحت هدفاً دائماً لتحركاتهم لحين إطلاق سراه الأسير المخطوف جورج عبد الله. ومما جاء في البيان الذي وزعه رفاق عبد الله: «سنغلق أبواب المراكز اليوم بشكل تحذيري، وسنعاود الكرة وسنغلقها طويلاً في حال لم تستجب السلطات لموضوع إخلاء السبيل والترحيل إلى لبنان». يضيف البيان: «لن تكون المؤسسات الأخرى بعيدة عن عملنا حيث ولت أيام الانتظار وصارت قضية جورج عبد الله قضية وطنية لبنانية بامتياز وقضية مقاومة المشروع الأميركي، وأصبح الآلاف خلف جورج، وسيهبون إلى حريته بكل الوسائل المتاحة. لن تعودوا إلى عملكم المعتاد إلا بعد الحرية، ولم نسمح لثقافتكم بالانتشار إلا حينما تقترن بحرية الأسير البطل جورج ابراهيم عبد الله».
الجمعة ١٨ كانون الثاني ٢٠١٣