استراتيجية النهوض بالجامعة رفعها رئيس اللبنانية إلى مجلس الوزراء مجلس وقانون جديد ومجمّعات أكاديمية وبحوث علمية واتحاد للطلاب

"النهار" 2012-11-19

أعدّ رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، كتيباً تضمن استراتيجية للنهوض بالجامعة، رفعها الى وزير التربية والتعليم العالي ومنه الى مجلس الوزراء. ويقترح فيها ابواباً للتطوير والتحديث، ويحدد وظيفتها ودورها في التعليم العالي. وتنشر "النهار" ابرز ما جاء فيها، كونها تعكس رؤية محددة في ضوء السجال عن مستقبل الجامعة والفروع، لتطرح نقاشاً في الموضوع.

بعدما يعرض السيد حسين ما تحقق في الجامعة منذ تسلمه مسؤوليات الرئاسة في 14 تشرين الأول 2011، يطرح اسئلة عن إمكان الإصلاح والنهوض في أضخم مؤسسة تعليم عال في لبنان. واعتبر ان مرسوم تعيين عمداء الجامعة وتشكيل مجلسها، بعدما أنجزت إنتخابات المجالس التمثيلية، هو المدخل للإصلاح بالمستوى المطلوب.

استراتيجية التطوير

يقترح السيد حسين استراتيجية شاملة للنهوض بالجامعة، لناحية التطوير. وهذه الاستراتيجية يجب أن تنبثق من إرادة أهل الجامعة، خصوصاً أساتذتها الكبار الذين ساهموا في نشأتها وتوسعها والدفاع عنها، فضلاً عن ضرورة اعتمادها من مجلس الجامعة بعد تشكيله وفقَ الأصول القانونية.

إن نجاح نظام التدريس الجديد (LMD) في تحقيق الاهداف المتوخاة يرتبط إلى حدّ كبير بمدى توفّر القناعة الثابتة والإرادة الصلبة لدى جميع المعنيين في الجامعة اللبنانية بأهمية هذا النظام. كما لا بدّ من القيام ببعض الخطوات والإجراءات التي تساهم في تأمين فرص النجاح، ومن أبرزها: عقد لقاءات مفتوحة مع الهيئات التعليمية والإدارية والطالبية في الوحدات الجامعية التي تعاني مشكلات في تطبيق نظام التدريس الجديد. إقامة تواصل منفتح ومتفهم مع الأساتذة الممانعين لنظام التدريس الجديد من أجل إحداث تغيير فعلي وإيجابي في نظرتهم. إعادة النظر بطرائق التعليم المعتمدة. توفير المستلزمات الأساسية من أبنية جامعية ومختبرات حديثة ومكتبات. ضرورة مواكبة المناهج والبرامج للظروف الاقتصادية والاجتماعية وتطورها. تجنّب المسارات الأحادية في بناء المناهج والبرامج واعتماد المسارات المرنة. تفعيل عمل لجان التوجيه الأكاديمي في كل وحدة جامعية.

في استراتيجية البحث العلمي، على الجامعة توطينه بحيث تشارك في الانتاج البحثي النوعي المستقل. ولا بد في هذه الحال، من تكوين هيكلية تنظيمية للبحث العلمي، ووضع موازنة موحّدة له وتأطير الأساتذة الباحثين في فرق بحثية ضمن مختبرات بحثية في الكليات وفق معايير التكامل في التخصصات والخبرات العملية، وتطوير وسائل وآليات التواصل والتعاون مع المؤسسات الرسمية والمدنية، بما فيها القطاعات الانتاجية والتربوية والصحية.

وعلى الصعيد التنظيمي، هناك ثلاثة معاهد للدكتوراه منشأة في عام 2007، وهي تشرف حاليا على برنامجين لدعم مشاريع البحوث المقدّمة من أفراد الهيئة التعليمية وعلى ثلاثة مراكز للخدمات البحثية في العلوم والتكنولوجيا (Plateformes). الى ذلك، لا بد من: جهاز مركزي يعنى بادارة (تخطيط، اشراف، تحفيز، تقويم، توثيق) عملية البحث العلمي على مستوى الجامعة. جهاز يعمل تحت اشراف رئيس الجامعة ومجلسها، مع ما يقتضي ذلك من تشريع قانوني. تحديد هيكلية إدارة البحث العلمي في الكليات التطبيقية الموحّدة والكليات ذات الفروع.

أما على الصعيد التنفيذي، فقد اطلقت الجامعة حديثا، ضمن هذه الاستراتيجية ثلاثة برامج جديدة لدعم البحث العلمي خلال 2012 وهي: برنامج دعم البحوث التطبيقية في المجتمع اللبناني، بما يشمل ادارة الموارد الطبيعية وترشيد الاستهلاك، وتنمية الموارد البشرية، والنهوض بالتربية والتعليم والتواصل والاعلام والاقتصاد والدولة الحديثة والمواطنة والعلاقات الدولية. برنامج دعم بحوث الإبتكار والتطوير قابلة للتطبيق والاستثمار عمليا، وذلك في مضمار العلوم الأساسية. برنامج تفعيل مراكز البحوث في كليات الجامعة ومعاهدها، بعضها موجود في كليات الحقوق والعلوم السياسية والادارية، والعلوم الاجتماعية، والتربية، وبعضها قيد التأسيس.

في تطبيق قانون التفرغ، للمرة الاولى منذ سنوات يُطبَّق قانون التفرّغ للأستاذ الجامعي وفق الأصول. وهذا سيقود إلى زيادة الإنتاجية الأكاديمية والبحثية، ورفع مستوى التعليم والشهادة الجامعية. وللمرة الاولى، يتم التشديد على الوجود المستمر للأستاذ الجامعي في الوحدات الجامعية طيلة أربعة أيام أسبوعياً على الأقل، فضلاً عن زيادة نصاب التدريس.

أما في ضمان جودة التدريس، فيفترض وجود مجموعة سياسات وإجراءات بهدف تحسين نوعية التعليم، ورفع مستواه في وتيرة مستمرة. ويعتبر التقويم الذاتي الذي يجب أن تأخذ به جامعتنا سبيلاً لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.

في المجمعات الجامعية، بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على قيام الفروع الجامعية بفعل تطوّر الحوادث، كان لا بد من اعتماد تصور وطني للإنتشار المكاني، يأخذ في الإعتبار العوامل الديموغرافية والجغرافية والتنموية. ونظراً لصعوبة جمع كل طلاب الجامعة في مجمّع واحد، كانت الخيارات في إنشاء مجمعات: الحدت، البحصاص (طرابلس)، الفنار، وحوش الأمراء (البقاع). وثمة حاجة للتخطيط من أجل إنشاء مجمّع شامل للجامعة في الجنوب. وبذلك لا مبرّر لاستئجار أبنية سكنية غير ملائمة للتعليم العالي، كانت تستنزف سنوياً نحو 20 مليار ليرة سنوياً (بدل إيجارات وكلفة الصيانة).

وفي ما يتعلق بالجهاز الاداري: يتألف الجهاز الحالي من موظفين في الملاك وعددهم لا يكفي حالياً لملء كل المراكز الشاغرة، لأن عدداً كبيراً منهم قد أحيل إلى التقاعد، مّا اضطر الجامعة منذ سنوات للإستعانة لملء بعض المراكز وليس كلها بالأجراء والمتعاقدين، وما اضطرها أيضاً للإستعانة من خارج الجامعة بمدربين للقيام بالأعمال الإدارية وأعمال الكومبيوتر، إضافة إلى بعض الأعمال المتممة للتدريس وللأعمال الأكاديمية. والجامعة لم تتمكّن حتى تاريخه من إجراء عقود نظامية لهؤلاء المدربين.

فتطوير العمل الإداري يفرض القيام بالخطوات الآتية: إعادة النظر في الملاك الإداري للجامعة والعمل على إصدار ملاك جديد، بإلغاء المرسوم رقم 879 تاريخ 29/ 7/ 1983 وإصدار مرسوم جديد، وهذا الأمر يتطلب دراسة لتحديد عدد المصالح والدوائر والأقسام والمهمات المنوي إناطتها بها، وبالتالي عدد الموظفين من الفئات اللازم لهذه الوحدات. وفي حال صدور قانون جديد للجامعة يجدر العمل على إعادة النظر في القوانين والأنظمة الإدارية للجامعة لتتلاءم مع قانون الجامعة الجديد. ملء الشواغر في وظائف الملاك الإداري.

وبعد ذلك، إجراء مباراة مفتوحة خلال السنوات المقبلة من أجل: تعويض النقص الذي سيحصل في عدد الموظفين بسبب التقاعد. تطعيم الإدارة بعناصر شابة مؤهلة للقيام بالأعمال وبتطوير العمل الإداري باستعمال التكنولوجيا الحديثة. تطبيق أصول المحاسبة في الوظائف المالية والحسابية. إسناد الوظائف الإدارية ذات المهمات القانونية إلى موظفين متخصصين بالعمل الإداري والقانون. إجراء دورات تدريب متخصصة في الأعمال التقنية والكومبيوتر، وفي العلوم الإدارية والإدارة العامة وفي العلوم المالية. ومن الضروري جداً تعديل سلسلة رواتب الملاك الإداري في الجامعة.

ويقترح رئيس الجامعة استراتيجية للانفتاح على الخارج، متوقفاً عند إرساء معاهدات واتفاقات مع جامعات عربية وأوروبية وكندية، لتبادل الخبرات العلمية والأكاديمية وتطوير برامج التعليم. وقد احتلت الجامعات الفرنسية الحيّز الأكبر منها، وذلك بمساعدة من السفارة الفرنسية.

اتحاد طلاب اللبنانية

لا بد من إعادة تأسيس اتحاد طلاب الجامعة كما كانت الحال في أواخر ستينات القرن الماضي. فالحركة الطالبية في حاجة إلى إعادة تأسيس الإتحاد، آخذاً في الإعتبار المتغيِّرات البنيوية الحاصلة (تفريع الجامعة، ونشوء وحدات جديدة)، ناهيك بضرورة التنبّه إلى الواقع المجتمعي اللبناني وضرورة أن يبقى هذا الاتحاد ملتزماً الثوابت الوطنية الكبرى بعيداً من التنازع والإنقسام، أي في إطار السلم الأهلي والوحدة الوطنية. انطلاقاً من ذلك، تتابع اللجنة الجامعية المكلّفة بمهمة تأسيس الاتحاد عملها ربطاً بما توصلت إليه المجموعات الطالبية في السنوات الماضية.

ويمكن اعتماد النظام النسبي في الإنتخابات الطالبية حفاظاً على صحة تمثيل الفئات المختلفة، بما فيها الطلاب غير الحزبيين. ولا بد من اختيار توقيت ملائم لإجراء مثل هذه الانتخابات في الوحدات والفروع الجامعية كافة.

قانون تنظيم الجامعة

يعكف رئيس الجامعة ومجموعة من الأساتذة القانونيين على إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم الجامعة، يلحظ المتغيرات التي طرأت على هيكليتها وبنيتها.

قانون جديد يُفيد من القانون 67/ 75 الجاري تطبيقه حتى تاريخه، إضافة إلى القوانين والمراسيم الصادرة لاحقاً لتنظيم الأعمال الجامعية في المجالات كافة. يُعالج الإنتشار الجغرافي للجامعة، والتوسّع في الأبنية الجامعية، وزيادة عدد الطلاب، ناهيك بزيادة عدد الأساتذة والموظفين. قانون يلحظ التطور الأكاديمي الحاصل، وضرورة التعمّق في البحث العلمي، والمحافظة على جودة التعليم. ويلحظ الإنفتاح على العلوم والمعارف الإنسانية، ويُفيد منها، من خلال حماية الحريات الأكاديمية. قانون يُعالج المشكلات المزمنة للجامعة على الصعيد التنظيمي العام.

آخر تعديل على Saturday, 24 November 2012 13:04

الأكثر قراءة