رسم الأمين العام لحزب الله خريطة نتائج أي عدوان إسرائيلي على لبنان أو إيران، محذراً من التداعيات الخطيرة جداً لقيام «نظام تفريط عربي» في سوريا على لبنان والمنطقة، في وقت وجّه فيه رئيس الحكومة رسالة عاجلة إلى دمشق عن خروقات قواتها على الحدود اللبنانية ـ السورية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه «عندما يقول الإسرائيلي إنه سيدمر بلدنا، فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء»، مشدداً على أن كل الخيارات واردة في المواجهة مع العدو «وقد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل». وأعلن أن رد إيران على أي عدوان إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل سيشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وأشار نصر الله في حديث إلى قناة «الميادين» الى أن «بعض السياسيين اللبنانيين استغربوا خطابه، وقالوا لماذا يريد هذا الشخص أن يقوم بحرب مع إسرائيل»، معتبراً أن «هذا مؤشر سيئ، ولا يسمعون المسؤولين الإسرائيليين الذين يهددون لبنان بتدميره»، موضحاً أن «لبنان ساكت والحكومة اللبنانية لم تصدر أي موقف، وتقول إن الموضوع على طاولة الحوار. الطاولة لا يصدر منها موقف بسبب تركيبتها. عندما تهدد إسرائيل بتدمير لبنان، فمن واجبنا أن نقول إن هذا الزمن انتهى».
وشدد على «أننا في موقع الدفاع عن أنفسنا وسيادتنا وكرامتنا، ومعنيون بأن نواجه التهديد بالتهديد المستند الى وقائع».
وأوضح أن الرسالة الأولى التي أراد إيصالها في خطاب يوم القدس العالمي لإسرائيل هي «أنه حتى لو فرضنا جدلاً أنكم تعلمون وتستطيعون ضرب أغلب منصات صواريخنا، فهناك منصات صاروخية ستبقى بمنأى عن معطياتكم واستهدافكم بالضربة الأولى. ولو بقيت لنا فقط هذه الصواريخ القليلة، فهي قادرة على تحويل مئات آلاف الإسرائيليين الى جحيم، وبالتالي لا تراهنوا على ضربة أولى». وقال: «عندما يقول الإسرائيلي عن تدمير لبنان لا تعود أهدافنا عسكرية فقط، وعندما يقول الإسرائيلي سيدمر بلدنا فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء». وأوضح «أن من نقاط الضعف الإسرائيلي وجود أهداف ذات طابع اقتصادي وصناعي وكهربائي ونووي، وإذا كان الإسرائيلي يريد الذهاب بأن لا ضوابط بالعدوان، فلن يكون لدينا أيضاً ضوابط».
وأكد أنه «ليس لدينا سلاح كيميائي، واستخدامه محرّم بالنسبة إلينا ولا نحتاجه»، مشيراً الى أن «إسرائيل لديها سلاح كيميائي ونووي، لكن نقطة القوة لدينا أننا لا نحتاج لهكذا سلاح».
وأكد أن كل الخيارات واردة، وقال: «قد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل».
وأشار إلى أن رد إيران على أي عدون إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل يشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وفي الشأن السوري، كشف نصر الله أن الرئيس بشار الأسد أبدى له من الأسبوع الأول للأزمة استعداده للحوار والقيام بإصلاحات، لكن المعارضة رفضت ذلك. وقال: «حتى هذه اللحظة، مع ما كل ما حصل، المنطق الوحيد المقبول هو وقف القتال وإجراء حوار والدخول في تسوية سياسية».
وأشار إلى أن «الموضوع ليس موضوع الرئيس، بل المطلوب أن يتحول النظام الى نظام تفريط عربي بكل شيء»، وكشف أنه «في قلب الأزمة، إحدى الدول العربية الداعمة للحراك المسلح في سوريا وجهات أميركية طلبت من الأسد قطع علاقته مع إيران وحزب الله وحركات المقاومة فينتهي الموضوع في سوريا».
وإذ لفت إلى أنه بينما يطالبون بإسقاط النظام في سوريا، كشف في المقابل عن أن السعودية قالت لإيران إن الحل في البحرين يكون بعودة الشعب البحريني إلى بيوته وبقاء النظام على حاله.
وحذر من «أن قيام نظام تفريط عربي في سوريا خطير جداً على لبنان والمنطقة والمقدسات لأن السياسة الأميركية في المنطقة هي إسرائيلية». واستبعد التدخل العسكري الخارجي في سوريا.
وأشار إلى أن أميركا تريد أن تطول الأزمة في سوريا وأن لا يبقى فيها جيش ولا شعب. ورأى «أن الصحيح أن تأتي تركيا والسعودية وقطر وأيضاً مصر وبمساعدة دولية للقيام بحوار وتسوية في سوريا، ولا حل إلا هذا الأمر»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن الطلب من النظام أن يستسلم، ولا من المعارضة أن تستسلم»، معتبراً أن «أكبر خدمة لفلسطين والقضية الفلسطينية ووحدة هذه الأمة أن تأتي الدول مجتمعة وتفرض وقف إطلاق نار في سوريا وتسوية سياسية».
وفي قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا، توجه نصر الله إلى الجهة الخاطفة قائلاً: «إذا كان المخطفون ضيوفاً، أما آن لهذه الضيافة أن تنتهي؟ وليس من خلال هذه الصورة تستطيعون إقناعنا بالصورة المقبلة لسوريا»،
ورحب بزيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر للبنان.
ميقاتي يحتجّ لدى دمشق
على صعيد آخر، سجلت أمس خطوة حكومية من شأنها زيادة التوتر في العلاقات السياسية اللبنانية ـــ السورية. فبعد طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير الخارجية عدنان منصور توجيه كتاب احتجاج للسلطات السورية على الخروقات الحدودية، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من سفير لبنان في سوريا ميشال خوري توجيه رسالة عاجلة الى وزارة الخارجية السورية وإبلاغها «استمرار تعرض بلدات لبنانية قريبة من الحدود اللبنانية السورية لقصف من المواقع العسكرية السورية المتاخمة، والتداعيات السلبية التي يمكن أن تحدثها تلك الخروقات على الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش اللبناني للمحافظة على الاستقرار والهدوء على الحدود بين البلدين، تنفيذاً لقرار السلطة السياسية الحريصة على حماية اللبنانيين المقيمين قرب الحدود اللبنانية السورية وتجنيبهم أي خسائر في الأرواح والممتلكات». وحتى ليل أمس، لم تكن قوى الثامن من آذار المشاركة في الحكومة قد قررت كيفية التعامل مع خطوة ميقاتي، وخاصة أنها جرت في ظل غياب وزير الخارجية، علماً بأن الأخير هو صاحب الاختصاص الحصري للتواصل مع السفراء. وأكدت المصادر أن خطوات مماثلة يتم التنسيق بشأنها عادة بين الرؤساء الثلاثة، وهو ما لم يحصل أمس، وخاصة مع الرئيس نبيه بري.
في المقابل، وصف وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، دعوة بعض دول الخليج لبنان الى عدم نقل الأحداث السورية إليه، بأنه «كوميديا سياسية»، وقال: «إذا أراد السعوديون والقطريون عدم نقل الأزمة الى لبنان، فليتوقفوا عن نقل السلاح والمسلحين وتمويل الإرهابيين من لبنان». ورأى «أن استثمار البعض في بيروت وبعض الدول وجود النازحين السوريين على أرضهم وطلب مساعدات من الأمم المتحدة لأمر معيب».
تسليح الجيش
من جهة أخرى، أكد ميقاتي عزم الحكومة على توفير التمويل اللازم لخطة تسليح الجيش لتمكينه من القيام بالمهمات الوطنية المطلوبة منه على طول الحدود وفي الداخل. وقال خلال ترؤسه اجتماع اللجنة الوزارية لدعم الجيش وتسليحه إن إعداد مشروع قانون برنامج يمتد على 5 سنوات بقيمة مليار و600 مليون دولار هو أول خطوة عملية تترجم الدعم المعنوي الدائم للجيش الى دعم فعلي.
في غضون ذلك، أكدت قوى 14 آذار تمسكها بنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية. وانطلاقاً من الاجتماعات والاتصالات التي باشرت بها الأمانة العامة لهذه القوى منذ فترة مع الأحزاب والتيارات، سيُعقد غداً في معراب عند الساعة الرابعة بعد الظهر أول لقاء تشاوري جامع يشمل جميع مكونات هذا الفريق، على أن يُستتبع بعدة لقاءات أسبوعية، للوصول إلى ورقة سياسية نهائية، تتضمن الشق السياسي والشق العملاني بشأن الخطوات التي ستتخذها المعارضة في المرحلة المقبلة. وعلمت «الأخبار» أن «اللقاءات المقبلة ستُقام في بكفيا أو في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، للتشاور في جميع التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة». ووزعت الأمانة العامة لـ 14 آذار دعوات على عدد كبير من رؤساء الأحزاب والنواب والوزراء السابقين للمشاركة في اجتماع معراب. ولفتت مصادر المعارضة إلى أن البحث سيتناول مطالبها بشأن نشر اليونيفيل وطرد السفير السوري من لبنان ووقف العمل بالاتفاقيات الأمنية بين لبنان وسوريا.
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش: «طلبنا من الرئيس سليمان أن يعرض على الحكومة أن تطلب من اليونيفيل وفقاً لمضمون القرار 1701، المادة 14 منه، مساعدة الأجهزة اللبنانية على ضبط الحدود الشمالية، وإذا وجدنا أن سليمان لا يمكنه الوصول الى حل في هذا الموضوع، فكل الخيارات مفتوحة ومنها الوصول الى توجيه رسالة الى الأمم المتحدة». وأشار إلى أن قوى 14 آذار ستطلب من سليمان تقديم شكويين إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن ضد سوريا.
الثلاثاء ٤ أيلول ٢٠١٢