يحيى دبوق
وتيرة التهديدات الاسرائيلية للبنان في الآونة الاخيرة قد تكون غير مسبوقة. تصبح تل أبيب على تهديد، وتنام عليه، وبين التهديد والتهديد، تهديد آخر. الغاية، كما يتبيّن، ان يفهم لبنان واللبنانيون، وحزب الله بطبيعة الحال، أن اسرائيل «دولة مجنونة»، ولن تبقي على «الاخضر واليابس»، إن قُيّد للمواجهة العسكرية ان تنشب بين الجانبين. ولسان حال اسرائيل هو الآتي: ما لا يتحقق بالقوة، نتيجة العجز أو الاثمان المؤلمة، علّه يتحقق بالتهديد وبالتلويح بـ«الجنون الاسرائيلي».
الا ان السمة الجديدة في التهديدات الاسرائيلية في كونها موجهة ايضاً في هذه الفترة، فضلا عن حزب الله، الى الجيش اللبناني، اذ أكد ضباط رفيعو المستوى لصحيفة «جيروزاليم بوست» امس، انه «ستظهر في الحرب المقبلة مع حزب الله تحديات متشعبة، وخصوصا في ما يتعلق بالجيش اللبناني»، وبحسب احد الضباط الاسرائيليين، فإن «المواجهة مع جيش لبنان تقع في الاساس على عاتقه هو، فاذا أقدم جنوده على اطلاق النار، فسنرد عليه بكل ما اوتينا من قوة، اما اذا بقوا في مواقعهم ساكنين، فلن نهاجمهم».
وأشارت مصادر عسكرية اسرائيلية لمراسل الصحيفة الى ان الجيش الاسرائيلي ينظر الى الوضع على الحدود مع لبنان بمستويين: ست سنوات هادئة ومتواصلة منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، في مقابل زيادة مطردة في القدرة الصاروخية غير المسبوقة لحزب الله، الى جانب قدرات قتالية متطورة لدى تشكيلات المشاة لديه، مشيرة الى ان «الجيش الاسرائيلي يهدف الى المحافظة على الهدوء، لكنه في الوقت نفسه متخوف من دوافع، معظمها خارجية، ويعتقد بأنها قد تشعل حربا بين اسرائيل ولبنان، وهي الحرب التي لا يريدها الطرفان».
وكشفت الصحيفة ان الجيش الاسرائيلي جمع مراسلي الصحف المحلية والاجنبية، كي يرسل رسالة واضحة الى حزب الله، وتهدف الى ردعه وثنيه عن القيام بأي تحرك قد يتسبب في حرب بين الجانبين، وبحسب احد الضباط «لا ينبغي التعامل مع تهديدات الجيش الاسرائيلي بخفة».
الرسالة التي حاولت اسرائيل ايصالها تتمثل تحديدا في الآتي: في الحرب المقبلة مع حزب الله، سيبادر الجيش (الاسرائيلي) الى العمل فوراً من الجو ومن البر في آن واحد، والهدف هو السيطرة على أكبر مساحة جغرافية ممكنة من الاراضي اللبنانية، لمنع اطلاق الصواريخ على الداخل الاسرائيلي، وبحسب الرسالة فإن القتال سيكون شديدا جدا داخل المناطق المأهولة. اما في مقدمة اهداف الرسالة الاسرائيلية، فهو التأكيد على ان «اسرائيل ستعمل على التأكيد لحزب الله وللعالمين العربي والاسلامي، أن يعرفوا جيداً من هو المنتصر».
من جهتها، قالت الاذاعة العبرية، في تقرير بثته في الايام القليلة الماضية، ضمن حملة التهديدات الاخيرة، وأوردته ايضاً على موقعها على الانترنت، ان «اي مغامرة عسكرية قد يقدم عليها (الامين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله، ستكون لها انعكاسات كبيرة جدا على المنطقة بأسرها»، مشيرة في تقريرها الى ان «عدداً من الخبراء الاقتصاديين الرفيعي المستوى، وكبار المسؤولين السابقين في الاجهزة الامنية الاسرائيلية، على مختلف انواعها، يؤكدون أن «اي مواجهة جديدة بين حزب الله واسرائيل، قد تجلب على لبنان عواقب اقسى بكثير مما كان قد شهدها في اعقاب الحرب الاخيرة عام 2006».
موقع news1 الاخباري العبري على الانترنت، وهو من المواقع الاخبارية الرئيسية في اسرائيل، أكد من جهته ان التهديدات وحدها لا يمكن ان تثني حزب الله او تردعه، بل يجب العمل على «انتاج اسلوب ردع جديد، يتمثل في افهام حزب الله بأن ما يواجهه هو دولة مجنونة» ، مشيرا الى ان «تقديم اسرائيل كدولة مجنونة، من شأنه ان يخلق ضغطا كبيرا على السكان في لبنان، وبدورهم يمارسون ضغطا متواصلا على حزب الله، كي لا يخطئ في تقييماته حيال اسرائيل» وردودها.
وأكد الموقع ان «الجيش الاسرائيلي لن يقاتل في الحرب المقبلة حزب الله كلاعب غير دولة، بل ضد لبنان، كلاعب بمستوى دولة، ما يعني انه سيرد بقوة اكبر واكثر ايلاما قياسا بالردود التي استخدمها خلال الحرب الاخيرة في لبنان».
بناءً على ذلك، اضاف الموقع، ان على اسرائيل ان تُفهم اعداءها مسبقا، أن اي إضرار بها، وبأي مستوى كان، سيؤدي الى مواجهة عنيفة، مركزة ومؤلمة للبنان، بمعنى ان تواصل اسرائيل تقديم صورة «الدولة المجنونة».
الاربعاء ١١ تموز ٢٠١٢