جاك فرجيس: الولايات المتحدة تضغط على فرنسا في قضية السجين جورج عبدالله

فان مِغِرديتشيان

ديلي ستار24/5/2012

باريس: إن رفض فرنسا الإفراج عن السجين جورج عبدالله أمر شائن. هذا ما يراه محاميه الفرنسي جاك فرجيس. في مقابلة أجرتها معه صحيفة ديلي ستار في مكتبه قرب بيغال في باريس قال فرجيس- الذي رافع عن عدد من مشاهير المساجين مثل كلاوس باربي النازي، والإرهابي إيليتش راميرز سانشيز (المعروف باسم كارلوس): سلّمت السلطات الفرنسية أمر اتخاذ القرار في قضية جورج عبدالله إلى الأميركيين.

تم اعتقال السجين (عضو "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية") البالغ من العمر 61 عاماً في العام 1984، وحُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1987، بتهمة قتل تشارلز راي، المقدم في الجيش الأميركي، والديبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمنتوف، في باريس. ويعتبر أنصار جورج عبدالله أنه أنهى عقوبته وينبغي الإفراج عنه.

في الآتي أبرز ما جاء في المقابلة.

سؤال: لماذا لم يتم بعد إطلاق سراح السجين اللبناني جورج عبدالله؟

جواب: إن السلطات الفرنسية تعمل في خدمة المصالح الأميركية. لقد كتبت في عدة رسائل وجهتها إلى المسؤولين: لا نريد للقضاء الفرنسي أن يتصرف كعاهرة في خدمة الأميركيين. لقد استخدمت عبارة عاهرة بالذات. ويؤسفني بصدق أن الحكومة اللبنانية لم تمارس ضغطاً على السلطات الفرنسية كما يفعل الأميركيون. فهل المطلوب من أصدقاء جورج عبدالله القيام بخطف فرنسي آخر في لبنان ليتم الإفراج عنه؟ إن عقوبته منتهية، وليس من غير الشرعي إبقائه في السجن فحسب، بل هو أمر مخزٍ.

... ...

سؤال: كيف يمارس الأميركيون ضغطاً على فرنسا كيلا تطلق سراح جورج عبدالله؟ وهل يخضع القضاء الفرنسي لهذا الضغط؟

جواب: الأمر بسيط جداً: الحكومة الأميركية تتصرف كمدعٍ في القضية. وهذا يناقض المعايير القضائية الفرنسية. وعلى سبيل المثال: كانت فلورانس كاسيه فرنسية معتقلة في المكسيك لسنوات عديدة. حاولت السلطات الفرنسية التدخل للإفراج عنها، ولكنها لم تتصرف كمدعية. أما في قضية جورج، هناك محام يمثل الحكومة الأميركية.

سؤال: متى توكلت عن جورج عبدالله؟ ولماذ تدعو بشدة لإطلاق سراحه؟

جواب: اختارني جورج عبدالله محامياً له منذ اعتقاله. وله الحق بالإفراج عنه. ومضى عليه اليوم 28 عاماً. كان يجب أن يُطلق سراحه منذ 8 سنوات. ولقد أعلن إيف بونيه والنائب العام أن استمرار اعتقاله غير مقبول.

سؤال: الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا ميتران، أصدر عفواً عن أنيس النقاش، سجين لبناني آخر في فرنسا. بماذا تختلف قضية النقاش، وما الذي ساعد على تحقيق الإفراج عنه؟

جواب: في قضية أنيس النقاش طلبت الحكومة الإيرانية رسمياً إطلاق سراحه. وفي قضية جورج، كل ما فعلته الحكومة اللبنانية أنها قبلت منحه جواز سفر في حال الإفراج عنه. ولم تكن الحكومة الأميركية طرفاً مدعياً في قضية النقاش. تواجه جورج عبدالله عقبتان: (1) تدخل أميركي مباشر لإبقائه في السجن، (2) الحكومة اللبنانية لا تمارس ضغطاً على القضاء الفرنسي.

سؤال: عندما تدافع عن جورج عبدالله، كيف تطعن في الإجراءات القضائية؟

جواب: يختار الذين يوكلوني إستراتيجية الدفاع. لم يختر جورج عبدالله إستراتيجية دفاع، لأنه كان يعتبر أن المحكمة الفرنسية خاضعة للأوامر الأميركية. وفي هذه الحال هو لا يحتاج إلى دفاع عنه. وهو يعتبر أنه قام بواجبه كعربي في الدفاع عن القضية الفلسطينية. وفي المحاكمة صرح المدعي العام أن المحكمة "لا تستمع لصوت أميركا". ورد جورج عبدالله: "أنتم (المحكمة) خاضعون للحكومة الأميركية، وليس عندي سبب لأبرر نفسي أمامكم". وفي الحقيقة، في تلك الأثناء اغتال جهاز الموساد الإسرائيلي العديد من أنصار القضية الفلسطينية في فرنسا، ولم تتم ملاحقة أحداً من المسؤولين عن تلك الجرائم واعتقاله. لم يعترض جورج عبدالله على الحكم، بل اعترض على قرار المحاكمة. وقال أن فرنسا في ذلك الحين كانت ساحة معركة (بين الفلسطيني والإسرائيلي) مسموح فيها لإسرائيل القيام بأي شيء، بينما تتم معاقبة الطرف الآخر بكل قسوة.

سؤال: لا تعترف فرنسا بوجود فئة السجين السياسي. هل توافق على ذلك؟ وكيف يتم تعريف قضية ما بأنها سياسية؟

جواب: لا يوجد تمييز في القضاء الفرنسي بين القضايا السياسية والقضايا المدنية، وهذا هو الأمر السيء. والمخزي في قضية جورج عبدالله هو طول المدة التي قضاها في السجن. لقد أنهى عقوبته، وكان سلوكه في السجن جيداً جداً، وكان يدافع عن السجين إذا ما تعرض لهجوم من غيره من السجناء. واستمرار اعتقاله يتناقض مع مفعول القوانين الفرنسية بالذات. فوفق القوانين الفرنسية ينبغي الإفراج عنه. ولهذا السبب أتيت إلى بيروت منذ بضع سنوات، بصحبة وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، السيد رولان دوما، من أجل عقد مؤتمر صحفي للمطالبة بإطلاق سراحه.

سؤال: ما هو دفاع القطيعة المشهور؟ وهل لجأت إليه في مرافعاتك؟ وهل اعتمدته في قضية جورج عبدالله؟

جواب: كلا. اختار جورج عبدالله عدم الدفاع عنه بكل بساطة. ودفاع القطيعة ليس إستراتيجيتي الوحيدة. يكون دفاع القطيعة عندما لا يشترك المدافع والقضاة في نفس القيم. مثلاً، في الحرب الفرنسية في الجزائر، كان القاضي يقول للمدعى عليه: "أنت فرنسي، وجبهة التحرير الوطني مجموعة إرهابية وليست حركة مقاومة". أما المدعى عليه فكانت إجابته: "أنا جزائري، وجبهة التحرير الوطني هي حركة مقاومة". هنا التعارض في القيم. هذا هو دفاع القطيعة.

سؤال: ما رأيك بالمحاكم الدولية؟

جواب: جميع الذين أدانتهم محكمة العدل الدولية (الجنائية) كانوا من الأفارقة. يبدو الأمر وكأنه لم يحدث شيء في سجن أبو غريب (في العراق)، أو لم تكن هناك جرائم في مناطق أخرى من العالم. كثير من الأشخاص فوق المحاكمات، نحاكم الأفارقة فقط. ليس هناك توازن في المحاكمات. فالأميركيون لا يخضعون لأي مساءلة. مثلاً، عندما هاجمت فرنسا ليبيا، وحده معمر القذافي كان متهماً، بينما لم توجه أي اتهامات لمن ارتكب الفظائع. نحن نعرف أنه تم قتل العديد من الأفارقة، ولم يوجه أي اتهام لأحد بهذا الصدد. ونفس الأمر حصل خلال الحرب على ساحل العاج عام 2011، عندما قام المتمردون باغتيال أنصار الرئيس السابق لوران غباغبو.

http://www.dailystar.com.lb/News/Politics/2012/May-24/174461-lawyer-us-pressuring-france-on-jailed-lebanese.ashx#axzz1yEDHximm

الأكثر قراءة