الى زياد الحمصي: أنت خائن

عفيف دياب

مهما فعل زياد الحمصي، سيبقى في نظر شريحة كبيرة من مجتمعه عميلاً لاسرائيل، وفتح معها قناة اتصال نسفت كل تاريخه النضالي ــ المقاوم. سقطة زياد الذي اعترف بعمالته في الدقائق الاولى لتوقيفه قبل 3 سنوات، اعطى لها تبريرات بقيت من دون ادلة اخلاقية (على الاقل) تعطي تفسيراً واضحاً ومنطقياً، او تبريراً مشروعاً لفعلته التي لن ينساها اهل بلدته المقاومة، ولا رفاق دربه، ولا اصدقاء تاريخه السياسي على طول جبهات مواجهة العدو الاسرائيلي.

قرار محكمة التمييز العسكرية باطلاق الحمصي والاكتفاء بمدة توقيفه، لا يعني البراءة من تهمة العمالة او خيانة اهله. زياد يعرف في قرارة نفسه ذلك جيداً. ويعرف أيضاً ان ما يقوله علناً من انه بريء، ليس الا محاولة منه لاعادة تلميع صورته التي تشوهت في وجدان مجتمعه منذ ان اعترف في الدقائق الاولى لتوقيفه بعمالته. وهو يعرف أيضاً ان «خلايا» ضميره تؤنبه على سقطته وهو الذي يملك من الوعي السياسي ما كان يسمح له بالصمود امام هجمة الموساد الاسرائيلي عليه. وهو، أيضاً وأيضاً يعرف انه بمجرد الموافقه على العمل مع الموساد، اتخذ قرار الخيانة عن سابق تصور وتصميم.

خان زياد الحمصي تاريخه اولاً ورفاقه الشهداء ثانياً، وثالثاً كل المقاومين الاحياء، وحكماً لا يحق له اليوم ولا غداً الادعاء انه بريء من فعلته القبيحة. ولا يحق له ايضا تشويه الحقيقة لكي يستعيد صورة جميلة تمزقت، وهو النرجسي في صناعة «ترويج» نفسه مقاوماً بلا حدود.

لن يستطيع زياد الحمصي بعد الافراج عنه ان يغش مجتمعه مرة ثانية. ولن يستطيع بعد اليوم ان «يضحك علينا» واقناعنا بأنه كان سيقلد رأفت الهجان وتنفيذ عمل بطولي تفتخر به الامة، فهو مهما قال وفعل، سيبقى في نظر بيئته الاجتماعية والسياسية التي كانت تحتضنه مقاوماً، عميلاً خانهم من اجل ثلاثين من الفضة. واذا كان فعلاً وفياً لتاريخه النضالي (اصبح هذا التاريخ يحتاج الى نقاش وتدقيق) فان قمة الوفاء تكون اولا الاعتذار العلني امام اهله ومجتمعه عن خيانته الكبرى بدل تشويه الحقيقة التي يعلم تفاصيلها الدقيقة.

لن يصدّق احد في سعدنايل والبقاع، ولا في الجنوب ولبنان، ان زياد لم يسقط في اتون العمالة والخيانة، فلا فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اعطاه صك البراءة، ولا استخبارات الجيش فبركت له ملفا امنيا، بل هو من اعترف بسقطته. وهو يعرف انه مارس فعل الخيانة لاكثر من سنة قبل ان يلجأ الى اصدقاء له لمساعدته عند حزب الله او الى فرع المعلومات لتبرير فعلته السوداء.

لن يصدق احد في سعدنايل والبقاع، ولا في الجنوب ولبنان ان زياد الحمصي لم يخن تاريخه. واذا قدر له اقناع البعض انه كان بطلاً وخرق العدو، فهو حكماً لن يقنع معن بشور واسماعيل سكرية وبشارة مرهج وهدى جمال عبد الناصر وعبد الرحيم مراد وفاروق دحروج وسامي عبود واحمد الخطيب وانطوانيت بشارة وملحم صليبا ومئات المقاومين في سعدنايل وعرسال والقرعون ومشغرة وبعلبك وكفرشوبا والنبطية وصيدا وو... ولن يستطيع نيل غفران المرحوم المفتي المقاوم رؤوف القادري الذي توفي وهو لا يطيق سماع اسم زياد بعد فعلته، ولا المرحوم محمود الشوباصي الذي رحل قبل اشهر وهو يأسف على خيانة من كان يرى فيه قدوة في المقاومة والنضال.

لن يصدق احد زياد الحمصي بعد اليوم، فلا نحر الخراف والاناشيد الثورية، ولا لافتات التمجيد ستمحو من ذاكرة اهل سعدنايل والبقاع خيانتك لهم. ولن تنفع بعد اليوم صورك امام حطام الدبابات الاسرائيلية في بيادر العدس سنة 1982. واذا كان مجتمعك لا يعرف حقيقة هذه الصور، فإن هناك مقاومين يعرفون سرها يوم كانوا يلملمون اشلاء شهداء الجيش السوري والجبهة الشعبية وفتح والحزب الشيوعي بعدما سطروا ملحمة بطولية ضد العدو الاسرائيلي، فيما أنت سطرت «ملحمة صور» تعرف حقيقتها جيدا.

زياد الحمصي.. اعتذر لأهلك عن فعل خيانتك لهم.

استقبال الفاتحين للعميل الحمصي في سعدنايل

بعد القرار القضائي بالإفراج عن المحكوم بتهمة التعامل مع إسرائيل، زياد الحمصي، إثر الاكتفاء بمدة توقيفه، نظم مناصروه في بلدة سعدنايل البقاعية سلسلة احتفالات بالقرار القضائي، واعتبارهم الحمصي بريئاً من تهمة العمالة. فطبعوا له صوراً كبيرة مزينة بعبارات «المناضل» و«أشرف الشرفاء»، وأخرى تتحدث عن «اللي مش عاجبو يشرب البحر»، إضافة إلى رفعهم لافتات مرحبة ومؤكدة على براءة الرئيس السابق لبلدية سعدنايل.

وبعد ظهر أمس نظمت مسيرة سيارة لمناصري الحمصي من سعدنايل الى المدخل الغربي لبلدة جديتا، حيث تسببت بزحمة سير خانقة على الطريق الدولية. ورافقت هذه المسيرة مكبرات صوت تصدح بأغانٍ شعبية و«ثورية». وكان تنفيذ قرار الإفراج عن الحمصي من سجن رومية قد تعثر ظهر يوم الخميس بسبب وجود محضر ضبط بحقه، ثم أحيل أمس على التحقيق إثر العثور على هاتف خلوي في زنزانته، ما تسبب بتأخر الإفراج عنه الى ما بعد ظهر أمس. ونقل الحمصي بسيارة الوزير نقولا فتوش (وكيله القانوني في بداية ملاحقته) الى البقاع، ومن ثم استقل سيارة مكشوفة، وإلى جانبه بيار فتوش وخلفهما الموكب السيار يوجهان التحيات إلى المناصرين.

وأقيم في بلدة سعدنايل احتفال للحمصي، حضره حشد كبير من أنصاره، من داخل البلدة وخارجها. وألقى الحمصي خطاباً قال فيه: «أنا بريء. لقد قصدت حزب الله عبر النائب اسماعيل سكرية لأخبره بما جرى معي. ولما لم ألقَ تجاوباً، توجهت إلى شعبة المعلومات، وسلمتهم تقريراً من 22 صفحة. وكان كل عملي بتوجيهات من الدولة اللبنانية. وأنصح كل من أساء إلي، عبر عقده مؤتمرات صحافية، «إنو يفل من هالبلد». يا سعد الحريري، قالوا لك زياد الحمصي عميل وكذبوا عليك، ويا حسن نصر الله، قالوا لك زياد الحمصي عميل وكذبوا عليك. وأنا ابتداءً من يوم غد، سأعمل على إزالة الظلم الذي ألحقته بي هذه الدولة الفاسدة».

وتحدث الوزير فتوش، قائلاً إنه حضر ليثبت براءة العميل المحكوم، مؤكداً أن كل من اتهموا الحمصي سيعتذرون منه.

ووزع أنصار الحمصي قصاصات ورقية كتبوا فيها إن المحكمة العسكرية حكمت على فايز كرم بالسجن سنتين، ثم حكمت، بموجب المواد القانونية ذاتها، على الحمصي بالسجن 15 عاماً. وختموا ما كُتِب في القصاصات بعبارة: حسبي الله ونعم الوكيل.

وخلال احتفال مناصري الحمصي بالقرار القضائي بالإفراج عنه، أُطلقت تهديدات بالحساب العسير قريباً بحق الزميل عفيف دياب، كما أقدمت زوجة الحمصي، فاديا الشحيمي على إرسال إشارات نابية إلى الزميل دياب الذي كان يواكب صحافياً احتفالات المناصرين.

اعتصام المحررين من السجون الإسرائيلية

وفي بيروت، تجمّع عدد من الأسرى المحررين من السجون الإسرائيلية أمام المحكمة العسكرية، استنكاراً لإطلاق الحمصي. وتحدّث باسمهم الأسير المحرر نبيه عواضة، مطالباً بتنحية رئيسة محكمة التمييز العسكرية القاضية أليس شبطيني، وبمساءلتها عن الأسباب التي تدفعها إلى إطلاق العملاء المحكومين.

(الأخبار)

السبت ۲ حزيران ۲۰۱۲

الأكثر قراءة