علي عاصي يحاول إحراق نفسه والحكومة تردّ: سنفرض هيبتنا
اعتصام مياومي الكهرباء مستمر. دوائر المؤسسة كلّها ملتزمة بالإضراب والاعتصام. علي عاصي، الذي حاول إحراق نفسه، نجا من النار، إلى أن سمع قراراً عجيباً: «سنفرض هيبتنا» قال الوزراء ورئيس الجمهورية. تم إصدار مذكرات استنابية بحق المياومين على اعتبار أنهم مخربون. جدّد الوزراء التزامهم بمشروع وزير الطاقة جبران باسيل. لافتة رفعها أحد المياومين: «احذروا الفقير إذا جاع»
رشا أبو زكي
طبعاً، فورة وزير الطاقة والمياه جبران باسيل على «رقيق» الكهرباء البالغ عددهم حوالى 2300 مياوم ليست «إصلاحاً» ولا «تغييراً». سكوت الوزراء من جميع الكتل السياسية أمام المجزرة الإنسانية التي تهدد مياومي الكهرباء ليست عتهاً. عدم تلقي المياومين ولو اتصالاً واحداً يسأل عن صحة علي عاصي، الذي حاول إحراق نفسه صباح أمس أمام مؤسسة الكهرباء، ليس انعزالاً اجتماعياً.
يشرح أحد المياومين أن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أطلق عبارة «رقيق» على مياومي الكهرباء منذ أشهر، مجاهراً عبر عدد من نقاببيه وعبر الوزير «النجم» غازي العريضي بدعمه لحقوق المياومين، يلتزم اليوم الصمت «المخزي» أمام أكبر جريمة ترتكب بحق العمال في لبنان منذ ما بعد الحرب الأهلية. حركة أمل، التي وعد زعيمها نبيه بري المياومين بتثبيتهم منذ يومين، التزم وزراؤه الصمت في جلسة مجلس الوزراء أمس، ورؤوسهم تميل نزولاً أمام اعتبار باسيل المياومين مخربين. حزب الله، الذي غصّ سيّده حسن نصر الله من على المنبر منذ يومين وهو يتكلم على الحقوق الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، جلس وزراؤه حول الطاولة، بلا كلمة أو موقف. أمّا وزراء التيار الوطني الحر فلا حاجة إلى شرح موقفهم، فهم وراء قائد الأوركسترا جبران باسيل، الذي ما انفك يسيء بموقفه ضد العمّال الى كل خطاب يمتّ بصلة الى «التغيير والإصلاح». لا يمكن تصور جلسة «الأصنام» إلا هكذا، وخصوصاً بعدما خرج مجلس الوزراء مجتمعاً ليعلن أن المياومين «تعدّوا حدودهم»، داعياً الى ملاحقتهم في استنابات قضائية بحجة التعدي على مؤسسة عامة. عفواً، رئيس الجمهورية سقط سهواً في تعداد المواقف. فقد تحدث عن «هيبة الدولة». أسقط نفسه سهواً بعد عبارة كهذه. هيبة الدولة، المفقودة أمام كل ما يحدث، انتفضت لتغتصب صرخة المياومين المهددين بالصرف بالجملة، على أن يتبع صرفهم توظيفات سياسية ـــ طائفية في المؤسسة، عشية الانتخابات النيابية.
الشركات الخاصّة الثلاث التي دفعت جبران باسيل الى وضع جعبته القتالية على خاصرته ليعلن المعركة على العمال، دفعته أيضاً الى الإعلان عبر محطة تلفزيونية أن مؤسسة الكهرباء أصبحت «محتلة» من قبل المياومين: الشركة الأولى هي شركة «دباس» كشريك رئيسي، وSteg International كملتزم ثانوي. وشركة دباس، صاحبها اسمه روبير دباس المعروف في كل العهود! الشركة الثانية «خطيب وعلمي للهندسة» كشريك رئيسي، وKharafi National KSC (JV)- Televent, Vattenfall, Mrad contracting JV. شركة خطيب وعلمي معروفة في كل العهود! أما شركة بيوتك فهي الشركة الثالثة، وصاحبها اسمه نزار يونس، والمرشح المفترض على لائحة التيار في البترون عام 2013. وكما يشاع، فإن يونس، وهو رجل أعمال ومعروف، ربما يكون من المموّلين الأساسيين لحملات باسيل الانتخابية. علاقة حميمة تجمع باسيل بالشركات الثلاث، فهو قد صرّح بأنه اشترى 3 ملايين لمبة من «شركة دباس» بملايين الدولارات. ولزّم خطيب وعلمي الكثير من الدراسات. وأعلن باسيل قبل أشهر أن أرخص سعر قدمه في ما يتعلق ببواخر الكهرباء هو نزار يونس. أما في ما يتعلق بالأحزاب التي تحلّقت حول طاولة الحكومة أمس، فلكل منها حصتها، جهاراً أو سراً من الـ 850 مليون دولار المخصصة للشركات الثلاث، فضلاً عن أن ممثلي الأحزاب يتصرّفون كما لو أنهم مطمئنون الى أن جماعاتهم هم الذين سيفوزون في المباريات المحصورة والمفتوحة لتوظيف 700 مياوم في الملاكات.
الأكلاف التي ستضاف على مؤسسة كهرباء لبنان في ما يتعلق بتقديم الخدمات، ستكون بمعدل 3 أضعاف بحد أدنى مقارنة مع الأكلاف الحالية. يشرح جاد الرمح أن الشركات الثلاث الفائزة ستشغل عدداً من الشركات الثانوية، وهذه الشركات الثانوية عادت لتشغل المتعهدين العاملين اليوم في المؤسسة. وبالتالي لا يوجد تغيير فعلي في إدارة عملية تقديم الخدمات. في المقابل، تفضح لوائح الأكلاف وجود أرقام خيالية في عدد كبير من الأعمال التي ستقوم بها الشركات. مثلاً، كلفة صيانة الشركات لمكتب مساحته 4 أمتار، هي 1200 دولار عن كل متر مربع. كلفة الكشف على محطات الكهرباء في الطرقات التي يقوم بها عمال المتعهد اليوم من دون مقابل، ستنفذها الشركات بـ 620 دولاراً عن كل محطة. كلفة تركيب عمود الكهرباء يكلف حالياً 360 دولاراً، ستركّبه الشركات بحوالى 600 دولار. كلفة محول الكهرباء (400 ك ف أ) يكلف 7800 دولار، في حين أن لوائح الشركات أوردت كلفته بـ 10 آلاف و9 دولارات. تطوير برنامج الكومبيوتر للجباية الذي يقوم به أي متخصص بكلفة تصل أقصاها الى 1000 دولار، ستقوم به الشركات بـ 30 ألف دولار...
كل هذه المعطيات يعرفها الوزراء، كما يعرفها المياومون. يشدّدون على سلمية تحركهم. يشرحون أن يوم أمس بدأ بمنع دخول المياومين الى المؤسسة، فكان أن تجمّع المياومون على الطريق، ليتحول تجمعهم الى اعتصام وقطع للشارع. وبعدها حاول المياوم علي عاصي إحراق نفسه، بحيث جاء بالبنزين من المحطة، ورماه على جسده، وحرق دولاباً مقرراً أن يضع نفسه داخله. تنبّه زملاؤه، أبعدوه عن النار لينقل الى المستشفى. حينها، ثار المياومون، فتقدموا من باب المؤسسة محاولين الدخول، فتم فتح البوابة ليدخلوا. يصنع أحد المياومين مسدساً ورقياً، يضحك على اتهامات باسيل، ويقول: «هذا سلاحنا». أحمد شعيب يحمل المكنسة، ويطلب من زملائه تنظيف القاعة. الألفة هنا، لن تعكرها الAffinityCMSت الانتقامية التي ترد الى المياومين عبر الإعلام. عدد من المتضامنين مع المياومين يتقاطرون الى المؤسسة. «شويّ شويّ» هنا، يصرخ أحد المياومين. إنه أكرم سلمان مراسل برنامج «شي أن أن». يقف على طاولة، ويشدد على تضامنه مع المياومين. يأتي خبر من رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال كاسترو عبد الله، بحيث تم تقديم شكوى الى وزارة العمل تحت الرقم 1618/3 ضد وزير الطاقة والمياه والمدير العام لمؤسسة الكهرباء، وموضوعها التعدي على الحريات النقابية وتدخل القوى الأمنية غير المشروع، وحق المياومين بالتثبيت استناداً الى قانون العمل، إضافة الى تقديم شكوى الى منظمة العمل الدولية تتطرق الى تهديد الوزير باسيل حياة المياومين في أكثر من مؤتمر صحافي... الشيء اللافت أن أحداً من المعتصمين ليس موهوماً إلى حد السؤال: أين غسان غصن؟ أين الاتحاد العمّالي العام؟
5036 وظيفة
هو عدد الوظائف المفترض أن تكون متوافرة في مؤسسة الكهرباء، في عام 1975 كان عدد عمال وموظفي مؤسسة الكهرباء 5700، وكان هناك 300 ألف مشترك في الكهرباء.
3561 مركز شاغر
هو عدد المراكز الشاغرة اليوم في مؤسسة الكهرباء، في حين أن المياومين عددهم أكثر من 2391. أما الذين تتوافر لديهم شروط التثبيت فعددهم 1406 مياومين، يريد باسيل تثبيت 700 منهم فقط.
من عوني إلى عوني
خليل جرجس يعمل منذ 11 سنة مياوماً في مؤسسة الكهرباء. يصلح وحده سيارات الشركة البالغ عددها 500 سيارة. عمره 39 سنة، «منذ عام 1988 أناضل في صفوف التيار الوطني الحر مع عائلتي». يقول جرجس «كتبت بيدي على كل الحيطان عبارة «عون راجع»، ولم أتوقع يوماً أن يقف ضدي، أو أن يقول وزير الطاقة جبران باسيل إننا بلطجية».
الخميس ۳۱ أيار ۲۰۱۲