بنبرة تحريضية، دعا الوزير السابق شربل نحاس، شباب لبنان إلى التمرد؛ إذ إن 50 في المئة من كل جيل شاب أصبح سلعة معدة للهجرة، سلعة يوفر النظام الآليات كافة لإبقاء هذه الدورة. فهل من أمل في التغيير؟ يقول نحّاس: نعم
رشا أبو زكي
تحت عنوان «وظّفك؟»، ألقى وزير العمل السابق شربل نحّاس محاضرة، بدعوة من نادي حقوق الإنسان والسلام في الجامعة الأميركية في بيروت، شرح فيها أن الجهات نفسها التي فككت المجتمع في الحرب الأهلية، تسلمت السلطة بعد الحرب، وارتضى الناس هذه المعادلة من منطلق اليأس والاعتقاد أن هذا الحل يوقف الحرب. وأشار إلى «أن لبنان أعلن سياسة النأي بالنفس في عام 1969 عندما وقّع اتفاق القاهرة ووضع المسلحين الفلسطينيين في العرقوب على أساس أن بيروت بعيدة عن هذه المنطقة»، مشيراً إلى أن «هذه السياسة أنتجت الحرب (بالإضافة إلى العوامل البنيوية الأخرى المعروفة)، وجرى التخلي عن المسؤوليات. وهو ما يشبه تماماً ما يقوله «زلم» النأي بالنفس اليوم».
وقال: «يتحدثون عن عدم ملاءمة الاختصاصات التعليمية لسوق العمل، إلا أن هذا الكلام «كذب»؛ فالمسألة أبسط من ذلك؛ إذ إن المؤسسات اللبنانية، إن كانت عامة أو خاصة، لا تريد اليد العاملة اللبنانية. البراهين واضحة أيضاً؛ إذ إن طلبات استقدام اليد العاملة الأجنبية المقدمة إلى وزارة العمل وصلت إلى 250 ألف طلب، في مقابل 200 طلب فقط تلقتها المؤسسة الوطنية للاستخدام لتشغيل اليد العاملة اللبنانية». وأضاف:«يبدو أنه لا حاجة للشعب، بحيث يُستبدَل باللبنانيين العمال الأجانب وفق ما يتلاءم مع النمط الاقتصادي القائم. ولهذه النظرية مؤشراتها:
1 _ يهاجر 50 في المئة من الشباب ممن تراوح أعمارهم بين 20 و 40 عاماً، وتُستورَد يد عاملة أجنبية بأعداد موازية. وهذه اليد العاملة موقتة، وذلك لضمان استمرارية عمل «الكفلاء».
2 _ ينفق اللبنانيون (دولة وشعباً) على التعليم العالي أموالاً هي الأعلى عالمياً، والسبب هو تخصص لبنان بتصدير سلعة، هي الشباب. ولضمان استمرارية هذه التجارة وازدهارها، حصل «تفقيس» الجامعات الخاصة.
3 _ أكثر من نصف الطلاب في لبنان هم من النساء. ورغم ذلك، فإن معدل تشغيل النساء في سوق العمل متدنٍّ جداً.
4 _ زيادة دفق التحويلات القادمة من السلع البشرية اللبنانية المصدّرة إلى الخارج تستخدم في تمويل الاستهلاك ووقف أي عمل إنتاجي، ما يؤدي إلى رفع الأسعار، وخصوصاً الأراضي، لتتلاقى بذلك عوامل الجذب إلى الخارج والطرد من الداخل.
5 _ تدخل التحويلات الخارجية إلى الجهاز المصرفي، ومن ثم إلى المديونية العامة، ويحصل التنازع في ما بعد بين «الزعامات» لتغطية الجماعات التي تمثلها كإقطاع في ما يسمى الدولة اللبنانية.
6 _ تتكامل هذه العوامل مع التسويق للمفهوم النيوليبرالي الذي يتحدث عن «سوق العمل»، وكأن العمل سلعة تجارية، ويُمنع عن الناس الدفاع عن كيانهم وكرامتهم الإنسانية.
وأكد نحاس أن البدائل موجودة؛ «إذ إن النجاح في كسر حلقة من حلقات النمط الاقتصادي يمكن أن يؤدّي إلى كسر بقية الحلقات، وهذا ما حاولنا أن نقوم به عبر مرسوم الأجور وبدل النقل ومشروع التغطية الصحية الشاملة».
ورأى أنه في البدء يجب تنمية شعور الكرامة، «لا ترضوا برئيس للجمهورية يمتنع عن توقيع مرسوم الـ 8900 مليار ليرة بحجة مخالفة القانون، وكان يريد إلزامي بتوقيع مرسوم مخالف للقانون، لا ترضوا بمن يقول إنه خفض سعر استقدام بوارج الكهرباء بعد أن كان يريدكم أن تدفعوا من ضرائبكم ومن المال العام فائض السعر، لا ترضوا بوزراء ومسؤولين وممثلين عنكم يحملون جنسية ثانية وثالثة. ارفضوا كل من يسخّف القضايا الاجتماعية، واختاروا ساحات المواجهة، وافرضوا مفاهيمكم، مرتكزين على ربط المسببات بالنتائج».
ولفت نحاس إلى أن من حاربوا مشروع الجيل الثالث من الاتصالات «يجأجئون مع نسوانهم وأولادهم» عبر خدمات الجيل الثالث «في حين أن أموال البلديات تواجه مخاطر داهمة لتوظيفها في التوزيعات السياسية. أما الحسابات العامة فلا تتوقف على سرقة خزنة، وإنما على استخدام المال العام لتنمية مواقع سياسية. إنه دين جائر، وأنتم غير ملزمين بدفع دين جائر».
ينظر نحاس إلى جمهوره الشاب ويقول: «ابدأوا معركتكم للانتقال من الفرد إلى المواطن، من مجتمع يصدر أبناءه إلى دولة مسؤولة عن مواطنيها».
الخميس ١٩ نيسان ٢٠١٢