أعادت إسرائيل خلال الأيام الماضية أجواء الرعب التي سيطرت على قطاع غزة منذ ثلاث سنوات، فكثفت غاراتها الجوية العنيفة التي طالت العديد من سكان القطاع، بينهم قيادات فاعلة في المقاومة الفلسطينية
قيس صفدي
غزة | ارتفع عدد شهداء الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ يوم الجمعة الماضي حتى مساء أمس إلى 18 شهيداً، بينهم رجل مسن وطفل إضافة إلى 30 جريحاً، في وقت واصلت فيه المقاومة الفلسطينية قصف بلدات وأهداف إسرائيلية.
وفي اليوم الثالث من الغارات التي شنتها طائرات العدو الإسرائيلية على القطاع، استهدفت المقاتلات الحربية أمس شارع النفق في حي الشيخ رضوان شمال شرق غزة، وأدت إلى استشهاد المسن عادل الإسي (61 عاماً)، فيما استهدفت طائرة حربية شرق بلدة جباليا، شمال القطاع، فاستشهد الطفل أيوب عامر عسلية (12 عاماً) وأصيب أطفال آخرون بجراح متفاوتة بينما كانوا في طريقهم إلى المدرسة. وفي ساعة متقدمة من مساء أول من أمس، استشهد المقاوم أحمد سالم ديب (23 عاماً)، وأصيب آخرون، في غارة جوية أخرى على حي الزيتون. كذلك استشهد الناشط في ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية مهدي أبو شاويش (23 عاماً) وأصيب أربعة آخرون بجراح، في غارة شنتها طائرة حربية إسرائيلية استهدفت دراجة نارية ثلاثية العجلات تعرف شعبياً باسم «تكتك» في مدينة رفح على الحدود الفلسطينية المصرية، جنوب القطاع. واستهدفت الغارات في وقت متزامن مركز شرطة رفح، وموقع «بدر» التابع لكتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة حماس شمال مدينة غزة. كذلك استهدفت الطائرات الإسرائيلية، بصاروخ، مركزاً للشرطة التابعة لحكومة حماس في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة. وسقط في هذه الغارات عدد من الجرحى.
وتدهورت الأوضاع الميدانية في قطاع غزة منذ الجمعة الماضي، إثر غارة جوية إسرائيلية مباغتة استهدفت الأمين العام للجان المقاومة الشعبية الشيخ زهير.
سلسلة الغارات المكثفة هذه ردّت عليها فصائل المقاومة، وخصوصاً ألوية الناصر صلاح الدين، و«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) بإطلاق نحو 100 صاروخ محلي الصنع، ومن طراز «غراد» روسي الصنع، وذلك على بلدات وأهداف إسرائيلية أدت إلى إصابة نحو عشرة إسرائيليين، بينهم جريح في حال الخطر، بحسب اعترافات مصادر إسرائيلية. وشدد المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، لوكالة «فرانس برس»، على «حق الفصائل الفلسطينية في الدفاع عن نفسها»، بينما قال المتحدث باسم حركة «الجهاد الإسلامي» داوود شهاب لـ«فرانس برس» «لا اتصالات ما دام العدوان الإسرائيلي متصاعداً ويوقع ضحايا، ولا مجال للحديث عن تهدئة في ظل العدوان».
ودعا القيادي في «حماس» إسماعيل الأشقر، الدول التي شهدت ثورات عربية إلى مساندة المقاومة الفلسطينية بكل الإمكانيات من أجل «لجم» التصعيد الإسرائيلي. لكن رئيس الحكومة المُقالة إسماعيل هنية علّق على هذه الاعتداءات قائلاً «إن أولويات الحكومة تنصبّ في الوقت الراهن على وقف العدوان وحماية الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده»، مشيراً إلى اتصالات مكثفة يقوم بها مع أطراف عدة لوقف العدوان الإسرائيلي.
وفي الوقت نفسه، أبدى رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، والأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح، حرصهما على عدم تصعيد الموقف والالتزام بالتهدئة، خلال اتصالين هاتفيين أجراهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس معهما. كذلك أجرى أبو مازن سلسلة اتصالات مع مصر والاتحاد الأوروبي واللجنة الرباعية المهتمة بموضوع المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.وبحث الرئيس الفلسطيني في اتصال هاتفي تلقّاه من الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، التصعيد الإسرائيلي والسبل الكفيلة لوقفه، وتشاور مع العربي بشأن إمكانية التحرك تجاه مجلس الأمن في حال استمر هذا «التصعيد الخطير».
وكان مجلس جامعة الدول العربية قد حمّل إسرائيل، في بيان أصدره في ختام اجتماع وزراء الخارجية، «المسؤولية الكاملة عن حماية الشعب الفلسطيني الأعزل في القطاع». بدوره، قال سفير مصر لدى السلطة ياسر عثمان، إن القاهرة تسابق الزمن وتجري اتصالات مكثفة مع إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة من أجل احتواء التصعيد ومنع تدهور الأوضاع، والتوصل إلى تهدئة متبادلة.
وفي المواقف الدولية، حمّلت واشنطن الفلسطينيين مسؤولية ما يحدث، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند، «نحن قلقون جداً إزاء عودة العنف إلى جنوب إسرائيل»، مضيفة «ندين بأشد التعابير قيام إرهابيين بإطلاق صواريخ من غزة على جنوب إسرائيل.. وندعو الطرفين إلى بذل كل ما هو ممكن لإعادة الهدوء».
ودعا حزب الله في لبنان «الشعوب العربية إلى تصويب بوصلتها، وتوجيه كل طاقاتها من أجل تحرير فلسطين، كل فلسطين، من الإرهاب الصهيوني المتفاقم، الذي يتخذ من الدعم الأميركي والغربي المطلق غطاءً له».
الاثنين ١٢ آذار ٢٠١٢