مشروع قانون حماية الأجر وصونه في عهدة الحكومة
تسلمت رئاسة مجلس الوزراء امس مشروع قانون وقعه وزير العمل شربل نحاس وأحاله الى الحكومة. عنوان المشروع: «تحديد مفهوم الأجر وشروط حمايته وصونه، وبنظام التقديمات التي يجوز استثناؤها منه». هدف المشروع: تحقيق اصلاح جذري في تحديد مفهوم الاجر وتحصينه. اما مصير المشروع، فلا يمكن أن يكون مشرّفاً. لكن صاحب المشروع، حاول أن يترك خلفه حصى في مستنقع الصفقات العائمة
قبل مغادرته الوزارة، أحال وزير العمل المستقيل شربل نحاس الى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون «تحديد مفهوم الأجر وشروط حمايته وصونه، وبنظام التقديمات التي يجوز استثناؤها منه». هكذا، وبدلاً من توقيع مرسوم بدل النقل، وقّع نحاس على مشروع يدخل اصلاحات جذرية الى مفهوم الأجر. حدد نحاس الأسباب الموجبة للقانون بحيث لفت الى ان الأجور تمثل مصدر دخل الغالبية العظمى من العاملين في الدول المتقدمة، وقد انعكس تراجع حصتها في الناتج المحلي في لبنان خلال العقدين الماضيين ازدياداً في هجرة اللبنانيين وتراجعاً في إنتاجية الاقتصاد.
كما ان الأجر هو حجر الزاوية في الاقتصاد الرأسمالي إذ إنه يحدد العلاقة بين الملكية الخاصة لرأس المال المصونة في الدستور وحقوق الإنسان العامل وشروط كرامته وعيشه المصونة أيضا في الدستور وفي المواثيق الدولية، وهذا ما يحتم تدخل المشترع للتوفيق بين هذين الاعتبارين المرجعيين. وتترتب أيضاً على وضوح حدود الأجر نتائج بالغة الأهمية على صعيد صدقية حسابات المؤسسات وعلى صعيد حقوق الدولة المالية من الضرائب، سواء على الأرباح أو على الأجور، وعلى صعيد واجباتها في مجالات الرعاية والعدالة الاجتماعيتين. لذا يجب، وفق نحاس، تحديد مفهوم الأجر ومعناه القانوني بدقة لتوفير شروط حمايته وصونه.
شرح نحاس ان القانون اللبناني يتناول الأجر من خلال عدة تسميات وردت خصوصاً في قوانين العمل والضمان الاجتماعي والموظفين، إضافة إلى معاهدات منظمتي العمل الدولية والعربية، منها الأجر والكسب والراتب، في غياب تحديد جامع. وقد زاد الالتباس إصدار عدد من المراسيم خلال السنوات الماضية تفتقر إلى السند القانوني إضافة إلى عدد من القوانين والأنظمة التي وضعت في ظروف استثنائية لا سيما في مراحل التضخم المنفلت والتي أسست لأعراف بقي بعضها قائماً إلى الآن وهي تنشئ عند حدود الأجر حقوقاً وموجبات باتت تأكل من مفهوم الأجر الأساسي تحت تسميات شتى مهددة بتبديده كلياً. ورأى أن الأجر في الأساس هو كل دخل يجنيه العامل من صاحب العمل لقاء العمل الذي يقدمه له. وقياساً على ملكية صاحب العمل للمؤسسة وما يترتب على هذه الملكية من حقوق، يحوز الأجر على ضمانات وحصانات أساسية أرستها القوانين والمعاهدات، لكن هذه الضمانات والحصانات تفقد من قيمتها كلما كان مفهوم الأجر مبهماً وحدوده ملتبسة.
أما أبرز هذه الضمانات والحصانات فهي: أن الأجر يمثل ديناً ممتازاً للأجير على المؤسسة، أنه واجب السداد بطريقة منتظمة وخاضعة للتحقق والمراجعة، أنه يستتبع اشتراكات ملزمة في الضمان الاجتماعي وتقديمات مقابلة تتحدد قيمة بعضها وفقاً لقيمته بينما يتوقف التوازن المالي للضمان على قيمتها حكماً، أنه يستفيد من آليات تصحيح دورية وفقاً لاعتبارات مرجعية تحددها القوانين (المحافظة على القدرة الشرائية للحد الأدنى كاملة ولسائر الأجور وفق الشطور، تأمين حاجات الأجير وعائلته في تعيين الحد الأدنى، تأمين استفادة الأجير من مكاسب الإنتاجية، تأمين استقرار حصة مداخيل العمل من الناتج المحلي القائم...) بحسب الدول وفي لبنان، وفق فلسفة العقد الاجتماعي للبلد ووفق تقدير المشترع للقدرة التفاوضية الفعلية للهيئات الممثلة لأصحاب العمل وللأجراء.
وفي المقابل تترتب على تحديد الأجر نتائج بالغة على صعيد الفاعلية والعدالة الضريبيتين سواء لترسيم حدود ربح المؤسسات لإخضاعه بكامله للضريبة أو لترسيم حدود الأجر الفعلي وإخضاعه أيضاً بكامله للضريبة، فلا تدخل في أعباء المؤسسات إلا المبالغ المتصلة فعلاً بنشاطها.
تعتمد الدول على أحد نهجين لتحديد مفهوم الأجر: إما إيجابياً بتوصيف مكوناته وتحديد الشروط التي تنطبق على كل منها، وإما سلبياً بتحديد حصري للتقديمات التي يجوز استثناؤها من الأجر وبالتالي من الشروط الحمائية والضريبية التي يخضع لها. والنهج الثاني هو الغالب لا سيما في الدول المتقدمة وهو الذي ينسجم مع الانتظام العام للقانون اللبناني، وهو بالتالي الذي اعتمده هذا القانون.
وقام نحاس بتبويب التقديمات القابلة للاستثناء من نطاق الأجر تحت أربعة عناوين: الاشتراكات الإلزامية المترتبة على المؤسسة وعلى الأجير والتقديمات الاجتماعية النظامية التي يستفيد منها الأجير وأفراد عائلته، الأعباء المقابلة لمواجهة المفاعيل الخارجية السلبية التي تؤثر على انسيابية سوق العمل وعلى التوازن الاقتصادي بين المناطق والتي تفرض الدولة إلزامياً تحييدها وتوزيعها بين مداخيل الرأسمال ومداخيل العمل والتكليف الضريبي. التقديمات الاجتماعية الاضافية أو المكملة لتقديمات الضمان الاجتماعي أو المتصلة بتحسين بيئة العمل والتي توفرها المؤسسة طوعيا بحدود ما ينتج منها من مفاعيل خارجية إيجابية على الصعد الاقتصادية والاجتماعية العامة، الكلف الفعلية لأعمال أو تقديمات تستلزمها تأدية الأجير للمهام الموكلة إليه في المؤسسة دون أن يكون له منفعة شخصية منها، أو بالقدر الذي يتخطى منفعته الشخصية منها.
يستفيد الأجر من جميع وسائل الحماية المنصوص عليها في القانون وفي الاتفاقات الدولية المصدقة من قبل الدولة اللبنانية، ومنها أنه يعتمد أساساً لحساب اشتراكات الضمان الاجتماعي، وتطبق عليه زيادة غلاء المعيشة، ويعتبر ديناً ممتازاً للأجير على صاحب العمل، وهو يخضع لضريبة الدخل. تعتبر بمثابة أجر جميع التقديمات التي يتلقاها الأجير. وتستثنى التقديمات الاضافية المعددة حصرياً في المواد اللاحقة من كل أو من بعض وسائل الحماية والمترتبات المنصوص عليها في المادة الاولى، وذلك وفقاً للشروط المنصوص عليها في هذا القانون. كذلك تقسم التقديمات الاضافية التي يتلقاها الأجير الى أربع فئات: التقديمات الالزامية، التقديمات الاجتماعية الاضافية، التقديمات المرتبطة بتحسين بيئة العمل، التقديمات المرتبطة بالمصاريف الفعلية التي يتكبدها الأجير في معرض ممارسته لمهنته.
كما أن على كل من الأجراء غير المياومين أن يفتح حساباً مصرفياً لدى أحد المصارف العاملة في لبنان يختاره بالاتفاق مع صاحب العمل واذا تعذر الاتفاق وفق خيار الاجير، ويبلغ رقم الحساب الى صاحب العمل والى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. على صاحب العمل أن يدفع الجزء النقدي من الأجر وأية مبالغ أخرى عائدة للأجير في حسابه المصرفي وفق حوالات مفصلة تميز بين الأجر والمبالغ الأخرى. على صاحب العمل أن يصدر لكل من أجرائه بياناً شهرياً بالأجر يتضمن تفصيلاً يبين الأجر بما فيه قيمة التقديمات العينية الداخلة فيه، على الا تتخطى قيمة هذه التقديمات العينية 20% من الاجر النقدي (باستثناء الحالات المنصوص عليها في هذا القانون)، وكلاً من المبالغ الأخرى العائدة للأجير والتي لا تدخل في أجره، مع ذكر كل من الاقتطاعات القانونية لاشتراكات الضمان الاجتماعي ولضريبة الدخل. وعليه أن يبلغ الأجير عند كل دفع للأجر في حسابه المصرفي نسخة عن بيان الأجر وأن يحفظ لديه كل بيانات الأجر لفترة لا تقل عن خمس سنوات. على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أن يدفع في حساب الاجير المصرفي كل مبالغ التقديمات العائدة له. للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولمفتشي وزارة العمل أن يطلعوا على بيانات وحوالات الاجر (…) ويعتبر الأجر المستحق للأجراء عن السنة الاخيرة من الديون الممتازة ويصنف بعد دين الخزينة والمصارفات القضائية والتأمينات الجبرية. ويطبق هذا المبدأ في حالات الافلاس ايضاً (...).
على صاحب العمل أن يعطي الاجير بدل نقل يومي عن كل يوم حضور فعلي الى مركز العمل تحدد قيمته وفقاً لأحكام هذا القانون.
تبلغ قيمة بدل النقل المستحقة على صاحب العمل نصف الكلفة التي يتكبدها الأجير للتنقل من والى مكان عمله، وتحتسب هذه الكلفة وفقاً للمعايير التالية: يعتمد التقسيم الاداري للأقضية أساساً لاحتساب المسافة بين مكان الاقامة المعتاد للأجير ومكان عمله الرئيسي، وتحدد المسافات. يتم تحديد كلفة النقل ضمن كل من الاقضية وبين كل قضاء وقضاء بتطبيق (1) معدل استهلاك المحروقات للكلم الواحد و(2) سعر صفيحة البنزين، على أن تحدد وزارة الطاقة والمياه بقرار من الوزير في أول كل سنة هذين المؤشرين.
يمكن مجلس الوزراء، متى أنشئ نظام عام للنقل المشترك، سواء على صعيد مدينة وضواحيها او بين المدن الرئيسة، ان يعين، للأجراء الذين تقع أماكن سكنهم وعملهم في المناطق التي يشملها هذا النظام، قيمة الكلفة الفعلية وفق تعرفة النظام العام للنقل المشترك، على أن يستحق على صاحب العمل نصف هذه الكلفة الفعلية التي يتكبدها الأجير للتنقل من والى مكان عمله، بوصفه بدل نقل. يستثنى كلياً من الأجر ويحتسب ضمن أعباء المؤسسة بدل النقل الذي يعطيه صاحب العمل للأجير. يمكن صاحب العمل الذي يؤمن وسائل النقل أو المنامة لأجرائه في مكان العمل أن يعفى من موجب دفع بدل النقل اذا اختار الأجير استعمال الوسائل المذكورة عوضاً عن تقاضي بدل النقل.
تعتبر من التقديمات الاضافية التي ينطبق عليها الاستثناء التقديمات الاجتماعية الاضافية التي يؤمنها صاحب العمل للأجير، وهي: التغطية الصحية الاضافية، المنح التعليمية الاضافية، التقديمات في ظروف استثنائية. ويستثنى كلياً من الأجر ويحتسب ضمن أعباء المؤسسة التأمين ضد طوارئ العمل الذي يوفره صاحب العمل لأجرائه، وتعتبر من التقديمات الاضافية التي ينطبق عليها الاستثناء التقديمات التي يقدمها صاحب العمل للأجراء بهدف تحسين بيئة العمل، وهي: المأكل والمشرب، دورات التدريب المهني، أنشطة ومرافق اجتماعية والمكافآت (...)
تبقى المفاعيل التي نتجت من المادة 4 من المرسوم رقم 6263 تاريخ 18/1/1995 وتعديلاتها قائمة، وتسقط جميع حقوق المراجعة سواء للمطالبة بتحصيل بدلات نقل غير مدفوعة أو للمطالبة باسترداد بدلات نقل سبق أن تم تسديدها، وذلك عن كامل الفترة السابقة لتاريخ صدور هذا القانون.
(الأخبار)
125 ألف ليرة
هذا المبلع يضاف الى كل الاجور بشكل مقطوع ابتداءً من تاريخ صدور القانون، وتحتسب المبالغ التي كانت تدفع على أساس وصفها بدل نقل والتي تقل عن مبلغ الزيادة جزءاً من هذه الزيادة، وفق ما جاء في المادة رقم 70 وهي الأخيرة في مشروع قانون نحاس
تعديل قانون العمل
يلغى نص المادة 7 من قانون العمل ويستعاض عنه بالنص التالي: «يستثنى من أحكام هذا القانون الموظفون في الادارات الحكومية والهيئات البلدية. يلغى نص الفقرة «و» من المادة 50 من قانون العمل ويستعاض عنه بالنص التالي: «يجوز لصاحب العمل انهاء بعض او كل عقود العمل الجارية في المؤسسة اذا اقتضت قوة قاهرة او ظروف اقتصادية او فنية هذا الإنهاء. على صاحب العمل ان يبلغ وزارة العمل رغبته في انهاء تلك العقود قبل ثلاثة أشهر من تنفيذه وان يقدم الاثباتات المحاسبية،تعاد تسمية الفصل الرابع من الباب الأول («في الاجرة») الى («في الحد الادنى للأجر»).
الخميس ٢٣ شباط ٢٠١٢