غسان سعود
فاديا عجور إحدى الناشطات الكسروانيات في التيار الوطني الحر اللواتي لا يترددن أبداً في القول إن اللبن أسود إذا قال العماد ميشال عون ذلك. هي غالباً ما توافق على مضض في النقاشات على أن ثمة ثغراً في تنظيم التيار وأن بعض المواقف العونية ــــ لا سيما المزايدة في اللاعلمانية ــــ لا توافق تطلعاتها. لكنها تدعو إلى غضِّ النظر عن كل الهفوات لمصلحة «وحدة الصف» وعدم السماح للآخرين بأن «يشمتوا فينا». لكن عصر أمس، طرأ «أمر ما» على فاديا. كتبت فجأة على جدارها الفايسبوكيّ: «العار العار لأمة يستقيل فيها شربل نحاس. والعار الأكبر أن يقبل هذه الاستقالة من وقف وتحدى العالم قائلاً إن العالم يستطيع سحقي لكنه لن يحصل على توقيعي»
صديقتها ريتا كاشادور التي تعدّ إحدى أبرز الناشطات العونيات إلكترونياً «ليّكت» عبارة عجور وأضافت عندها تذكيراً بقول الجنرال سابقاً: «ما في نحاس = ما في ميقاتي».
فعل شربل نحاس إذاً ما عجز كثيرون ــ داخل التيار وخارجه ــ عنه. فإلكترونياً وبشرياً، كانت السجالات تستعر أمس بين الناشطين في تقييم موقف الجنرال. ثمة عونيون شككوا علانية أمس ولأول مرة منذ وقعوا في عشق الجنرال، في إمكان دخول عون في تسويات جانبية. ثمة من دافع عن «منطق التسوية» ومن عارضه بشدة. ثمة من نظّر لـ«الثورة الشاملة» ومن دفع بمبدأ «الواقعية السياسية». بدا أمس في لحظة عونية نادرة أن تداول كل الأفكار مباح. لم يكن النقاش يتناول موقفاً تنظيمياً أو قراراً إدارياً، بل أكثر من ذلك بكثير: خيار الجنرال السياسي. الأمر الذي لم يكن موضع بحث بين العونيين، حتى غداة التحولات العونية الكبرى كالتفاهم مع حزب الله والتصالح مع سوريا.
عدم تأسيس نحاس حالة ذاتية داخل التيار ــ إضافة إلى اقتناع جميع نواب التكتل وأبرز قيادييه بأن الفرص التي أعطيت لنحاس لم تعطَ لعونيّ في السابق ــ يحول دون الرهان على إمكان تفاعل حدث أمس أكثر داخل التيار. لكن وفي ختام التجربة النحاسية في «الوطني الحر»، بدا أن «الضيف» أثّر في الجمهور العوني أكثر من الكثيرين من ابنائه، وأنّ تفاعل الجمهور العاطفي بامتياز مع الأكاديمي الماركسي كان أكثر بكثير من تفاعله مع جنرالات غادروا التيار من دون أن يذرف مناضل واحد دمعة عليهم.
الاربعاء ٢٢ شباط ٢٠١٢