نحاس يوقّع اليوم ومجلس النواب يشرّع غداً

إذا سار كل شيء حسب المخرج المبتكر في عين التينة، فإن وزير العمل سيوقّع اليوم مرسوم بدل النقل ويحيله على مجلس شورى الدولة، لتأتي الخطوة الثانية من مجلس النواب غداً بتشريع هذا البدل، لتعود عجلة الحكومة إلى الدوران

... وأخيراً ظهر المخرج لأزمة مرسوم بدل النقل، الذي يرضي نظرياً كل أطراف الأزمة: من يطالب بتوقيع المرسوم قبل الجلسة التشريعية لمجلس النواب، وكذلك من يرفض وضع اسمه على ما يراه غير قانوني، إضافة إلى أنه يسحب من التداول السجالات بشأن من أوّلاً: بيضة قرار الحكومة، أم دجاجة إقرار اقتراح قانون الحل في مجلس النواب؟

المخرج السحري اهتُدي إليه في واحدة من الجلسات الماراتونية التي عقدت في عين التينة، والتي ضمّت إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان المكلف من النائب ميشال عون بمتابعة هذا الملف، حيث عثر في المادة 57 من قانون تنظيم مجلس شورى الدولة على مخرج يقضي عملياً بأن يوقّع وزير العمل شربل نحاس مرسوم بدل النقل، ويحيله على مجلس الشورى (تنص المادة المذكورة على أن تأخذ السلطة التنفيذية برأي المجلس). وبذلك، يصبح القرار في يد هذا المجلس، فإما أن يقول إن المرسوم مخالف للقانون، أو أن «يأخذها القاضي شكري صادر على عاتقه، ويقول إن المرسوم قانوني».

وبحسب مصادر مطّلعة، فإن هذا المخرج حظي بموافقة جميع المعنيين، إذ باركه بري وكذلك النائب ميشال عون. وبحسب مصادر مقرّبة من وزير العمل، فإن الأخير رأى في هذا المخرج «الاحتمال الثاني الممكن بعد احتمال عدم التوقيع على المرسوم، واستمرار الأزمة الحكومية». وقالت مصادر عين التينة «إن ما يهمنا من هذا المخرج هو الحفاظ على كرامة العماد عون». وقد أكدت مصادر الرابية أن نحاس سيوقّع المرسوم صباح اليوم ويحيله على مجلس الشورى.

ورأت مصادر وزارية من قوى 8 آذار، أنه بهذا الحل يكون رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد نال «حصته»، فيما وضع تكتل التغيير والإصلاح الأمر في عهدة مجلس الشورى. وجزمت بأن هذا الحل سيفتح الباب أمام مجلس النواب لإقرار اقتراح قانون يجيز للحكومة تحديد بدل النقل، بناءً على اقتراح وزير العمل، في الجلسة التشريعية غداً، كاشفة أن بري أجرى اتصالات شملت كلاً من رئيس الحكومة والنائب وليد جنبلاط، من أجل الاطمئنان إلى سير الجميع بهذا التوجه.

وعلى الجانب الآخر من عين التينة، كانت مصادر الرئيس ميقاتي تعكس عدم معارضة لهذا المخرج، من خلال قولها إن التوقيع على المرسوم قبل موعد الجلسة التشريعية سيتيح التوافق على القضايا الأخرى، وتالياً تحديد جلسة لمجلس الوزراء في أقرب فرصة ممكنة. وبعدما كان قد تردد سابقاً أن ميقاتي لا يزال مصرّاً على سحب اقتراح قانون بدل النقل من مجلس النواب لتبدي الحكومة رأيها فيه، لكون مجلس الوزراء كان قد كلف وزير العمل بإعداد مشروع قانون بهذا الشأن، استبعدت مصادر ميقاتي هذه الخطوة، مؤكدة أن «مجلس النواب سيد نفسه، ويعود إليه حق بحث أي اقتراح قانون أو إحالته على الحكومة لإبداء الرأي».

من جهة أخرى، لفتت مصادر بري إلى أن رئيس المجلس معني بتحصين موقف عون في الفترة المقبلة، ودعمه في مطالبه الوزارية، وعلى رأسها ملف التعيينات، وقالت إن «الثقة بين الأستاذ والجنرال وصلت بعد اللقاء الأخير بينهما إلى مستوى غير مسبوق في تاريخ العلاقة بينهما».

ومع جزم معظم المصادر بأن أزمة مرسوم بدل النقل وصلت إلى خواتيمها، فإن بعض المعنيين بهذه القضية كانوا حتى ساعة متأخرة من ليل أمس حذرين في الإفراط في التفاؤل بانتظار أن يروا توقيع نحاس، وكذلك بانتظار معرفة وجهة أصوات كتلتي ميقاتي وجنبلاط في الجلسة التشريعية غداً، وسط توقعات بأن يكون هذا الموضوع الطبق الرئيسي على مائدة عشاء في كليمنصو، جمعت مساء أمس رئيس الحكومة ورئيس جبهة النضال الوطني، إضافة إلى مواضيع أخرى، خصوصاً بعد الهجوم العنيف الذي شنّه جنبلاط أمس على النظام السوري، ولم يوفر فيه الموقف اللبناني الرسمي.

ففي موقفه الأسبوعي لجريدة الأنباء، حكم جنبلاط على معظم بنود مشروع الدستور السوري الجديد بعبارة «بدعة جديدة»، مستغرباً إجراء استفتاء «مع روائح الجثث». وانتقد تأييد دول كبرى لـ«هذه المسرحية»، مشيراً بنحو خاص إلى روسيا «الأصدقاء القدامى» وإيران. ولم يوفر الدول الغربية التي اتهمها بالتراجع والانحدار، مشبّهاً مواقفها الأخيرة بالموقف اللبناني الرسمي «السخيف والمتفلسف تحت شعار «النأي بالنفس»، معتبراً أن السبب الرئيسي لهذه المواقف «كان وسيبقى أمن إسرائيل التي تمتّعت بهدوء تام على جبهة الAffinityCMSن المحتلة منذ 39 عاماً».

ومع رفضه المسبق للاستفتاء السوري، بدا كأنه يستدرج استفتاءً بشأن الزعامة الدرزية، بقوله إنه حانت ساعة «الفرز داخل طائفة الموحدين الدروز في لبنان وسوريا بين من يدعمون النظام السوري وهم مستعدون لأن يكونوا بمثابة المرتزقة في خدمته، وبين من يؤيّدون الشعب السوري في نضاله المستمر نحو سوريا ديمقراطية متنوعة»، مضيفاً أن أهل جبل العرب مع العروبة، و«لن يسمحوا لبعض الشبيحة من جبل لبنان أو من قبل النظام أن يوقعوهم في الفخ الذي يُرسم لهم». وختم: «حذار أيها المناضلون العرب في جبل الدروز الانجرار خلف زمرة من الشبيحة والمرتزقة الذين يوزعون عليكم السلاح ويريدون وضعكم في مواجهة مع إخوانكم في سوريا، ويسعون إلى جعلكم تشبهون حرس الحدود مع إسرائيل».

وردّ الوزير السابق وئام وهاب على جنبلاط، داعياً إياه، في حديث إلى قناة «الجديد»، إلى «عدم نقل المعركة إلى داخل الطائفة الدرزية»، وتساءل «هل يهددنا جنبلاط بعين دارة جديدة؟». وقال: «جنبلاط يعرف دول الارتزاق وأبوابها أكثر مني. وأقول له: لا تذهب بعيداً في ساعات التخلي».

وفي حديث إلى تلفزيون «المنار»، انتقد النائب سليمان فرنجية تهجّم جنبلاط على سوريا، وقال إن الأخير «في 14 آذار وأقرب إلى الوسط، وعندما يتحدث عن أنه مع المقاومة وضد النظام السوري يحاول التذاكي». وذكر أن الرئيس السوري «مطمئن ومرتاح أكثر منّا، وهو كان يعرف أن الطريق طويلة». وفي الشأن الداخلي، رأى أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يطالب بما هو أكبر من حجمه، ويعمل على أساس مستقبله بعد الرئاسة، لكنه لم يستبعد التوصل إلى مشروع مشترك ونقاط مشتركة انتخابياً مع سليمان إذا لم يكن الأخير «صاحب مشروع إقليمي». ورفض دعوة الرئيس سعد الحريري إلى الحوار «ما داموا يعتبروننا ضعفاء، وإذا لم نضعف فتعالوا لنتحاور».

الثلاثاء ٢١ شباط ٢٠١٢

آخر تعديل على Thursday, 23 February 2012 08:01

الأكثر قراءة