هذا المساء، نحن على موعدٍ مع مثلث صمودٍ فنيّ يجمع بين ضهور الشوير (المتن الأعلى) وأنطلياس (ساحل المتن) وزبدين (جبيل) بقيادة الرحّالة سامي حوّاط على رأس فرقة موسيقية تتألف من أحمد الخطيب (إيقاعات)، رمزي بو كامل (كيبورد)، رائد بو كامل (فلوت وكلارينت)، فؤاد بو كامل (باص)، طوني بو جدعون (كمان)، هلا غريب وجوليا ساموتي (كورال).
كيف اجتمعت هذه القرى اللبنانية الثلاث في هذا المشروع؟ يبدأ الجواب من مكانٍ رابع هو شارع المكحول (الحمرا/ بيروت). منذ أكثر من سنتين، ترك الفنان الملتزم بيته في الشارع البيروتي الجميل، عائداً إلى كوخٍ في قريته النائية التي هجرها في الحرب الأهلية. هناك، في زبدين الهادئة والموحشة، بنى الفنان الخمسينيّ «مسرح سامي حوّاط الريفي» وافتتحه مطلع الخريف بأمسية شاملة شارك فيها عددٌ من الفنانين، من بينهم منير كسرواني الذي قدّم عرضاً مسرحياً ومرسيل خليفة الذي شارك غناءً، وشوقي بزيع الذي ألقى مقتطفات من شعره.هذا المساء، بدعوةٍ من بلدية ضهور الشوير، يقدّم حوّاط أمسية وحيدة في قاعة «الأخوين رحباني» في «كنيسة مار الياس» في أنطلياس، يعود ريعها إلى المسرح المذكور. النشاطات معلّقة في الوقت الحاضر في زبدين، لكن الدعم المادي سيتيح لسامي استكمال المشروع واستهلال العمل بعد انقضاء الشتاء.لا جديد على برنامج أمسية الليلة كما علمنا من سامي الذي سيقدّم أغنياته المعروفة التي تقلقنا دوماً لأنها لا تزال راهنة (مع الأسف)، رغم مرور كل هذه السنوات، مثل «لا تسألني عن ديني»، و«الرأي العام»، و«أحد الإخوان» و«نشيد التعب» ... سامي وغيره من الفنانين اليساريين الملتزمين، قضوا سنوات يطرحون المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية اللبنانية، ويعالجونها بطريقة جديّة أو ساخرة في أغانيهم، علّ المتلقّي يدرك مثلاً خطر الطائفية، أو ضرورة العدالة الاجتماعية. ورغم كل ما حدث، فسامي حوّاط هو النفس الطويل، وهذا ما دفعه مجدّداً إلى حزم أمتعته والتفتيش عن شقة صغيرة في بيروت في شارع المكحول تحديداً، إذ لا مجال للعمل خلال فصل الشتاء في المسرح الريفي، والحراك في «الوقت البدل من الضائع» قد لا يكون أقل أهمية في تحقيق الهدف.