تظاهرة اليوم ضد القرار المهين

إضراب ضاغط لـ «التنسيق» وصرّاف يعلّق مفاوضاته مع غصنتنفّذ هيئة تنسيق الأساتذة والمعلمين إضراباً وتظاهرة تنطلق عند الـ11 قبل ظهر اليوم من ساحة بشارة الخوري باتجاه السرايا الحكومية. هدف التحرّك إعادة النظر بقرار تصحيح الأجور في إطار اقتصادي أكثر شمولية. التحرك يؤتي ثماره مبكراً مع بدء التحضيرات، فأعلنت التعبئة التربوية لـ«حزب الله» مشاركتها، فيما بدا أصحاب العمل مربَكين وعلّقوا التفاوض مع الاتحاد العمالي

محمد وهبة

«التصحيح» هو عنوان المعركة التي تقودها هيئة التنسيق النقابية بوجه الحكومة. فالإضراب والتظاهرة اللذان تنفّذهما الهيئة سيكونان فاتحة لتغيير ما. غالبية الأطراف المعنية تعيد درس حساباتها وتربط مواقفها بحجم التظاهرة التي ستنطلق عند الحادية عشرة من قبل الظهر من تقاطع بشارة الخوري ـــــ السوديكو إلى السرايا الحكومية، رافعة مطالب اجتماعية مختلفة، منها تصحيح الأجور بنسب عادلة وشمول جميع اللبنانيين بالتغطية الصحية الشاملة وتعديل النظام الضريبي باتجاه استهداف الريوع العقارية والمالية، لا الأسر والفقراء والإنتاج.

عشية التظاهرة والإضراب، كانت هناك 3 عوامل تتفاعل: رجل الأعمال جاك صراف المقرّب من الرئيس نجيب ميقاتي أعلن وقف التفاوض مع الاتحاد العمالي العام، ورئيس جمعية التجار نقولا شمّاس استمهل الحديث عن التسويات والمواقف إلى ما بعد هذا اليوم، مشيراً إلى أن اليوم «ليس عادياً»، وبالتالي لا بد من الانتظار، فيما تبيّن أن هناك سككاً ومخارج عديدة تبحث في قنوات معينة للتوصل إلى ما يعيد للعمال بعض حقوقهم المهدورة.في ضوء هذه التفاعلات، كانت هيئة التنسيق النقابية تعدّ لتنفيذ باكورة برنامجها الضاغط ضد سياسات الحكومة ومواقف أصحاب العمل؛ فقد دعت الهيئة في بيان أمس «جميع الأساتذة والمعلمين في الثانويات والمدارس الرسمية والخاصة والمدارس والمعاهد الفنية والمهنية والموظفين في جميع الإدارات والمؤسسات العامة، إلى الإضراب والمشاركة الكثيفة في التظاهرة المركزية، رفضاً لقرار مجلس الوزراء المهين والمذل بشأن تصحيح الرواتب والأجور».تلقفت جهات عديدة هذه الدعوة بوصفها محطة مهمة تكمل المرحلة السابقة. حتى إن قطاع النقابات العمالية في «تيار المستقبل» انتقد ما وصفه بمسرحية «زيادة الأجور» لكونها وأبطالها من أهل السلطة والاتحاد العمالي العام، مشيراً إلى أن «الاستمرار بتطبيق السياسة المتبعة من قبل هذه الحكومة، لا يغدو كونه دواءً مؤقتاً مسكناً للمواطنين لن يدوم مفعوله طويلاً، وسرعان ما سينتهي، وحينها سترى الحكومة الربيع الاقتصادي والاجتماعي يقضّ مضاجعها».وفيما تتالت المواقف المؤيدة والمشاركة في إضراب الغد، ولا سيما التعبئة التربوية لـ«حزب الله»، التي أوضحت في بيان أن مشاركتها تأتي «دعماً للتحرك الرافض لطريقة معالجة مجلس الوزراء لمسألة الأجور والأزمة المعيشية»، أعلنت نقابات «الحزب الشيوعي» أيضاً مشاركتها إلى جانب نقابات عمالية أخرى في الإضراب والتظاهرة، متوعدة بأن الضغط سيكون كبيراً اليوم، وسيشعر به الرئيس ميقاتي والمسؤولون في السلطة. ودعا الاتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين إلى أوسع مشاركة في الإضراب والتظاهر.في خضم هذه الاستعدادات لإسقاط قرار مجلس الوزراء الأخير، قرر ممثلو أصحاب العمل الأكثر قرباً من الرئيس ميقاتي، تعليق المفاوضات مع الاتحاد العمالي العام. فقد أعلن رجل الأعمال جاك صراف أن «الجدل لمجرّد الجدل لا يجوز من دون وجود أي رؤية ولا تجوز المزايدات».أما رئيس جمعية تجار بيروت، نقولا شماس، فقد رفض التعليق، مكتفياً بالقول «إن اليوم ستكون له دلالاته وسيكون أمراً كبيراً، لذلك يجب أن نستقرئ مجريات هذا الوضع قبل إطلاق أي موقف».في الواقع، تعكس هذه التعليقات مجموعة من الأسئلة عن الموقف الذي سيتخذه أصحاب العمل من احتمال إلغاء قرار زيادة الأجور الأخير وتصحيحه على قواعد مختلفة عن السابق! هل يُعدّون العدّة لخطوة جديدة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؛ إذ يتهاوى مشروعه في الشارع؟ هل يقرأ أصحاب العمل التحوّلات التي تلت موقف «حزب الله» في مجلس الوزراء وتعديله ببيان وحدة النقابات بعد أقل من ساعتين على انفضاض المجلس؟الأسئلة كثيرة ولا يجيب عنها إلا أصحاب العمل أنفسهم. بعضهم يرى أن مشروع وزير العمل شربل نحاس لتصحيح الأجور وكل ما يرتبط به هو أمر مفيد للاقتصاد ويزيل بعض الأعباء عن أصحاب العمل ويصحّح المسار السابق، لكنهم لا يعلنون ذلك صراحة، ويرغبون بالبقاء في مسار تكافلي مع زملائهم من أصحاب العمل للحفاظ على تكتل واحد بوجه العمال. إلا أن الوقائع الجارية منذ بدء الحديث عن تصحيح الأجور، تؤكد أن أصحاب العمل هم مجموعة تكتلات تحاول عدم إظهار خلافاتها، رغم أن غالبيتهم ترفض مجرّد الكلام عن تصحيح الأجور، وهناك قسم يتعاطى مع المسألة انطلاقاً من أنها أمر سياسي يجب أن يسوّى على هذا الأساس.المشترك بين هذه الآراء أنها لم تسهم في أي طرح ذي رؤية شاملة، بل تمترست جميعها وراء مواقف مسبقة تنتظر «تسوية ما» وتتنكّر لقناعاتها الحقيقية، لا بل إنها كانت ترفض فكرة النقاش الجدّي بعيداً عن الاصطفاف السياسي. جاء هذا الأمر ليعكس الخوف والقلق من تصحيح الأجور بالطريقة «اللبنانية التقليدية» التي كانت تُنفّذ في السابق بخلفية التسوية السياسية التي يتوافق عليها الأطراف. ربما لم يتوقع أي من أصحاب العمل أن تكون هناك طروحات مختلفة جذرياً، لكنها طرحت! عندها ربما لم يتوقع أي منهم أن تكون هذه الطروحات متماسكة ومندفعة، فتخلّوا عنها سريعاً ووقفوا متفرّجين على نحاس يطرحها. أصحاب العمل المقرّبين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يرفضون أي نقاش في ما يطرحه نحاس. وبحسب جاك صراف، ما يحصل بين أرباب العمل هو «تنوّع في الآراء» لكنه يوافق على أن لرئيس جمعية تجار بيروت نقولا شمّاس رؤية أخرى «رغم أن الجميع وقفوا صفاً واحداً وأعلنوا موقفاً واحداً في بيان واحد صدر أخيراً».أما خريطة الطريق لما بعد مرحلة إضراب وتظاهرة هيئة التنسيق، فهي تبدأ لدى صراف بالإشارة إلى دخول الهيئة في مفاوضات تصحيح الأجور، مشيراً إلى أن «ما زاد الطين بلّة هو أن هيئة التنسيق ليس لها علاقة مع القطاع الخاص». ويرفض صراف مشروع وزير العمل الذي يريد «إدخال بدلات النقل في صلب الراتب ليضرّ أصحاب العمل»، مصراً على «الحوار مع الاتحاد العمالي العام»، لكن ما يحصل هو أن «الحوار تحوّل إلى مزايدات اجتماعية، وشريعة للشريعة».

9 %

هي النسبة التي يقترحها وزير العمل شربل نحاس لدعم الأجور من خزينة الدولة بعد ضمّ بدلات النقل إلى صلب الراتب وتصحيح الأجور بزيادة نسبتها 17%، ما يوفّر للأجراء زيادة إجمالية على رواتبهم لا تقلّ عن 438 ألف ليرة ولا تزيد على 531 ألف ليرة

مشاركة كثيفة

يتوقّع المراقبون مشاركة كثيفة في التظاهرة اليوم بسبب السخط العام على قرار مجلس الوزراء الأخير وإعلان مجموعات نقابية وحزبية وشبابية كثيرة دعمها ومشاركتها في هذه التظاهرة، ولا سيما حزب الله والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وقوى 14 آذار والحزب الشيوعي والتنظيم الشعبي الناصري وحركة الشعب والعديد من الاتحادات النقابية العمّالية، فضلاً عن هيئة التنسيق النقابية التي تضمّ روابط ونقابات الأساتذة والمعلمين في المدارس الرسمية والخاصة والموظّفين في إدارات الدولة.

الأكثر قراءة