قنوات اتصال جانبيّة للتعويض بدعم المازوت وزيادة بدل النقل
الجميع يحاول تقطيع الوقت، بانتظار «حلّ سحري» يرفع سيف تصحيح الأجور عن رقبة الحكومة، فالرئيس نجيب ميقاتي يواصل اجتماعاته مع الأطراف المعنيّة، مبعداً وزير العمل (صاحب الصلاحية) مجدداً، وحزب الله لم يسحب «أرنبه» بعد للتعويض عن خطيئة تصويته، فيما الاتحاد العمّالي يراهن على قنوات اتصال جانبية تعفيه من اختبار قدرته على تنفيذ الإضراب بعد الأعياد
استجاب الاتحاد العمّالي العام لنصيحة التجّار، وأعلن أمس إضراباً عاماً في السابع والعشرين من هذا الشهر، بعد عطلة عيد الميلاد، باعتبار أن الفترة التي تسبق هذا العيد تشكّل نسبة 25% من الحركة التجارية في البلد، بحسب ما لفت إليه رئيس اتحاد غرف التجارة في لبنان محمد شقير، الذي قال «لمسنا الوعي التام لدى كل الأطراف المعنيين (...) واتفقنا على أن نكون للمرة الأولى، كاتحاد عمالي وهيئات اقتصادية، يداً واحدة ومطالبنا واحدة».
وأضاف شقير في تصريح الى «وكالة الأنباء المركزية» إن رئيس الاتحاد غسان غصن «أبدى كل تفهم، وهو يعلم جيداً أن موافقتنا على زيادة الحدّ الأدنى للأجور جاءت حفاظاً على المصلحة الوطنية ومصلحة العامل على السواء (...) واتفقنا معه على المطالبة بدعم المازوت والبنزين، وسنعدّ خطة في هذا الشأن تتطلب نحو 3 أسابيع لإنجازها، وذلك على أساس تجنّب النزول إلى الشارع،».لذلك لم يدع الاتحاد العمّالي الى التظاهر رفضاً لقرار مجلس الوزراء الأخير، الذي «أتى أسوأ من القرار السابق»، بحسب البيان الصادر عن المجلس التنفيذي للاتحاد، فالقرار الأخير «عمّق الهوّة الاجتماعية والمعيشية، وزاد من معدلات الفقر، وهو يبطئ عجلة الإنتاج، ويسبب الانكماش الاقتصادي (...) كما أنه شطب الزيادة على بدل النقل في ظل الارتفاع المطّرد لأسعار المحروقات (...) وأتى ليزيد في قهر العمال وذوي الدخل المحدود تطبيقاً لإملاءات أصحاب الثروات، أغنياء تجمّع البيال».ولم يأت المجلس التنفيذي على ذكر التحرّكات التي أعلنتها هيئة التنسيق النقابية، والتي ستبدأ بالإضراب والتظاهر يوم الخميس المقبل، علماً بأن اتحادات نقابية عمّالية عدّة دعته الى المشاركة في هذه التحرّكات، في حين أن اتحادات أخرى استمرت بمقاطعة اجتماعات المجلس التنفيذي بسبب اتهامات لقيادته بالتواطؤ مع الحكومة والهيئات الاقتصادية على مصالح العمال والموظفين، وعُلم أن هذه الاتحادات ستعقد اجتماعاً تنسيقياً غداً للطعن بتمثيل قيادة الاتحاد العمّالي لها والدعوة الى المشاركة الكثيفة في التظاهرة التي ستنطلق عند الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس من تقاطع بشارة الخوري ـــــ السوديكو باتجاه السرايا الحكومية.المناقشات، التي سبقت إقرار المجلس التنفيذي الإضراب العام «المؤجّل» الى ما بعد 15 يوماً من الآن، لم تكن توحي بالجدّية بقدر ما كانت تهدف الى امتصاص نقمة العمّال على اتحادهم، عندها سأل رئيس التكتل النقابي المستقل جورج علم بلهجة ممازحة: «لماذا الاستعجال بالإضراب طالما أن الحكومة أقرّت الأجور؟»، فيما تحفّظ رئيس اتحاد الكيماويات سليمان حمدان (اشتراكي) على الاقتراح، ولم يصوّت ممثل اتحاد المصارف لأن مندوبه لم يكن يحمل تفويضاً، ورأى ممثلو الاتحادات المحسوبة على حركة أمل أن إضراب هيئة التنسيق النقابية هو مزايدة.وبررت مصادر قيادية في الاتحاد العمالي عدم استعجال التحرّك، بأن الاتحاد ملتزم بعدم الدعوة الى التظاهر أو الاعتصام في الشوارع «حرصاً على الأمن»، وقيادته تعي تماماً أنها لا تستطيع وحدها تنفيذ إضراب عام ناجح، فذلك لم يحصل منذ سنوات طويلة إلا عندما كان الاتحاد يتلقى دعماً سياسياً في مواجهة رفيق الحريري أيام الوصاية السورية، إذ كان يتم فرض حظر التجوّل بحجج أمنية، وكان الجيش يفرض الإضراب ... إلا أن السبب الأساسي لعدم استعجال التحرّك، بحسب المصادر نفسها، هو وجود قنوات اتصال جانبية مع أطراف في الحكومة وممثلين عن هيئات أصحاب العمل قد تفضي الى قرارات إضافية تتعلّق بدعم سعر المازوت ودعم سعر البنزين أو زيادة بدل النقل والإعلان رسمياً عن سحب اقتراح زيادة الضريبة على القيمة المضافة من مشروع موازنة عام 2012 ... وهو ما قد يتلطّى وراءه الاتحاد العمالي للتراجع علناً والقبول بصيغة قرار مجلس الوزراء لزيادة الأجور، كما هي.هذه القنوات الجانبية، أشار اليها بوضوح وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس، في حديث الى إذاعة صوت لبنان، إذ قال إن «مشاورات تجرى بين رئيس الحكومة والأطراف المعنية بتصحيح الأجور لدرس إمكان توفير بعض التقديمات الإضافية لتكون عيديّة قبل رأس السنة». إلا أن الوزير نقولا نحّاس التقى في حديثه مع «نغمة» بدأت تتردد في شأن تشكيل المجلس الاقتصادي الاجتماعي للهروب من مناقشة مشروع وزير العمل شربل نحاس في مجلس الوزراء، ولا سيما لجهة تأمين التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين المقيمين. فقد أوحى نقولا نحّاس بأن البحث يدور الآن في شأن تشكيل المجلس باعتباره مطلباً اجتماعياً، وهو ما ركّزت عليه الهيئات الاقتصادية في بيانها أمس، على أثر اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الهيئات عدنان القصّار، إذ اعتبرت الهيئات أن قرار زيادة الأجور ليس هو الحل الأنجع لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية المزمنة في لبنان، ودعت الحكومة إلى إعداد خطة اقتصادية ـــــ اجتماعية شاملة تلبي تطلعات جميع شرائح المجتمع اللبناني ومؤسسات القطاع الخاص وتساهم في المقابل في معالجة الواقع الحياتي على المدى الطويل. ورأت الهيئات أن المكان الأمثل لمثل هذه المعالجات هو المجلس الاقتصادي ـــــ الاجتماعي، الذي يجب الإسراع في إعادة إحيائه، وخصوصاً في هذا الظرف بالذات، الذي بات فيه إنشاء هذا المجلس مطلباً ملحّاً لا يجوز التغاضي عنه، لكونه يمثل المؤسسة الدستورية الأساس للحوار ومعالجة أي خلاف، ولا سيما بين الهيئات الاقتصادية والعمال أو بين العمال والدولة.إلى ذلك، واصلت هيئة التنسيق النقابية استعداداتها لتنفيذ الإضراب والتظاهر ضد قرار مجلس الوزراء، وأقرّت رابطة موظّفي الإدارة العامّة توصية الهيئة بالتحرّك، داعية جميع موظّفي الدولة إلى الإضراب والمشاركة الكثيفة في التظاهرة يوم الخميس المقبل، في حين أن وفداً من الهيئة التقى أمس مستشار الرئيس نجيب ميقاتي المكلّف بدرس اقتراحاتها، إذ أبلغه الوفد بأن هناك خيارين أمام الحكومة: إمّا العودة الى عام 1996 وتصحيح الأجور بنسبة 60% على الشطر الأول و40% على الشطر الثاني و20% على الشطر الثالث، وإمّا إقرار مشروع وزير العمل كسلة واحدة من دون أي تجزئة أو انتقاص من مكاسب الأجراء والموظفين.(الأخبار)
75%
هي نسبة زيادة الناتج المحلي بين عامي 2006 و2010، من دون أن يترافق ذلك مع زيادة الأجور، ما عدا الزيادة المقطوعة عام 2008 ، ودون أن تترافق مع زيادة محسوسة في الأرباح، ما انعكس تدنياً في حصص الأجور والقطاعات المنتجة من الاقتصاد معاً لمصلحة الريوع المعفاة من الضريبة.
مجلس الشورى مجدداً
أحال وزير العمل شربل نحّاس قرار مجلس الوزراء الأخير لتصحيح الأجور الى مجلس شورى الدولة لأخذ رأيه بمدى تطابقه مع الدستور والقوانين والاتفاقيات الدولية والعربية ، وحرص الوزير نحّاس على الحاق القرار بمقارنة بينه وبين القرار السابق الذي رفض مجلس الشورى الموافقة عليه، مبيّناً أن القرار الأخير يتضمن المخالفات نفسها لجهة التمييز بين الأجراء وتقسيمهم الى فئات بدلاً من تقسيم الأجور الى شطور، وأن القرار الجديد أوجد حدّين أدنيين للأجور بقيمة 600 ألف ليرة و650 ألف ليرة ... وأنه حمّل الأجراء والمؤسسات خسائر كبيرة.
العدد ١٥٨٤ الثلاثاء ١٣ كانون الأول ٢٠١١