يشرح وزير الزراعة، حسين الحاج حسن، في مؤتمر صحافي يعقده ظهر اليوم في الوزارة، ظاهرة غلاء أسعار الخضر واللحوم. وبحسب المطلعين، فهو سيتوغّل في عرض الأسباب التي أدّت إلى ارتفاعات هائلة أحدثت هزّة في السوق المحليّة، ويتوقع أن يردّ على محاولات بعض التجار الذين يستغلون هذه الارتفاعات ليطيحوا أو يعطلوا القرارات التي أصدرها لجهة تنظيم سوق اللحوم الحيةغلاء أسعار البطاطا، البندورة، الخيار، اللحم الأحمر... ستكون جميعها محور المؤتمر الصحافي الذي يعقده وزير الزراعة حسين الحاج حسن عند الثانية عشرة من ظهر اليوم، للحديث عن ارتفاع أسعار هذه السلع في السوق المحليّة خلال الأسابيع الماضية، وسيعرض أسباب هذه الارتفاعات بما هو خارجي منها أو محلّي، ويتوقع أن يردّ على الاتهامات التي تضع الارتفاع في سلّة القرارات التي أصدرتها الوزارة أخيراً، ولا سيما على صعيد قرارات تنظيم استيراد المبيدات واللحوم الحيّة، علماً بأن اقتناع الحاج حسن يُشير إلى وجود استغلال لهذه الارتفاعات من بعض التجار لتعطيل قرارات الوزارة التي تحتاج إلى 3 أشهر للتطبيق، ولا يزال هناك شهر ليبدأ تطبيقها، لكن لم تتضح ما إذا كانت الوزارة ستقوم بخطوات عملية لفتح الأسواق ومكافحة الأسعار أو في ما خصّ محاولات التعطيل.خسائر وأرباحعلى أي حال، كان غريباً أن تتحرّك الأسواق الداخلية بهذا النشاط، فالتجار من مختلف المناطق يشترون البطاطا البقاعية والعكارية، والأسواق الخارجية تحفّز التصدير أيضاً... هذه اليوميات التي يعيشها البقاعيون منذ أكثر من شهر، دفعتهم إلى تنظيم تظاهرة تعبيراً عن رفضهم لارتفاع الأسعار، مطالبين الحكومة باتخاذ القرارات التي تحمي أمنهم الغذائي، فهم يقعون بين سندان التجار والتصدير ومطرقة التبدلات المناخية.وبحسب المعطيات المتداولة، فإن بعض المواسم نضجت في لبنان والدول العربية قبل أوانها بسبب الطقس الذي تحوّل لاحقاً إلى سبب تلف العديد من المزروعات في سهول الشمال والمناطق الساحلية التي تعتمد على زراعة الخضر في الخيم البلاستيكية. فبحسب المزارع عبدو المحمد (سهل تربل)، نضج الموسم في شهر رمضان في غير وقته الطبيعي، ما أغرق السوق بمختلف أنواع الخضر «وبلغ سعر شرحة البندورة 12 كيلو، 1000 ليرة». لكن «الشلهوبة»، أو موجة الحرّ التي سجّلت في لبنان ودول المنطقة المنتجة للبندورة، أدّت إلى إتلاف مساحات شاسعة، فلم تدخل البندورة من سوريا والأردن إلى لبنان بسبب حاجاتهم الداخلية، مؤكداً: «نحن نبيع تجار التصدير أكثر مما نبيع تجار السوق المحلية».للبندورة أعذارها أيضاً، فالشلهوبة ليست مصدر الفتك الوحيد؛ فقد ضرب الموسم بما يعرف بـ«الدودة الخضرا»، وهي نفسها الدودة التي فتكت بـ52 ألف طن بندورة في المغرب، وقد بدأت تنتشر في لبنان! لكن نورا السيد، لا تعرف بعد لماذا الأسعار في الأسواق الشعبية لم تعد مختلفة عن المحال والسوبرماركات؟في السياق نفسه، بلغ كيلو البطاطا أو «لحمة الفقير»، 1750 ليرة بحسب أم عبدو الحشيمي، الخمسينية التي تحتار أمام لائحة أسعار «مثل الكذب» فلم تفلح محاولاتها مع البائع بخفض السعر. ويشير المزارع محمد حسون إلى أن ارتفاع الأسعار سببه التجار، فالسعر يصل إلى المستهلك مضاعفاً.كل الأسعار ارتفعت، اللوبيا، والملفوف والبقدونس والنعنع والخس والبصل والفجل... والسبب بحسب رأي تجار سوق الخضر في الفرزل، زخم حركة البيع، إذ يقرّ حسن زعيتر، صاحب محل للبيع بالجملة، بأن «الإقبال من الشمال وبيروت وصيدا لم يسبق له مثيل»، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار، «فرصة ليعوّض على العاملين في الزراعة خسارتهم السابقة».اختصار الاستهلاكعند مدخل سوق الخضر في طرابلس، المشهد ليس مختلفاً. أسواق زغرتا أيضاً تأثّرت بموجة الغلاء واللحوم أيضاً. فالمعروف أن هذه القرى تستورد حاجاتها من طرابلس. وتؤكد ربة المنزل، رانيا دويهي، أن الارتفاع كان جنونياً خلال هذا الشهر «وقد بتنا نختصر حاجاتنا الاستهلاكية».الأمر لم يتوقف بعد، فالأسعار مستمرة في الارتفاع، إلى متى؟ لا أحد يعرف! يشير تاجر الجملة، غسان الحلاق، إلى أن لبنان لا يستورد البندورة والخيار في هذا الوقت من السنة، وفقاً للروزنامة الزراعية، فإذا زاد الطلب بوتيرة غير طبيعية فسترتفع الأسعار بسبب النقص في العرض. ويجمع تجار الجملة في السوق على وجود حيّز آخر للمشكلة يؤثّر في تحديد الأسعار، وهو مبيع المفرق، إذ يحدّد هؤلاء الأسعار على هواهم من دون حسيب أو رقيب، فيما تغيب وزارة الاقتصاد عن التدخل وتسيير دوريات مراقبة الأسعار والوزن والنوعية...ويتوقع نقيب تجار الخضار في طرابلس منيب معرباني، أن تعود الأسعار إلى مستوياتها السابقة خلال وقت قريب، مع عودة الخضر الأردنية إلى السوق المحلية. فالحاجة إلى الاستيراد في رأي معرباني «يمليها حجم استهلاك السوق اللبنانية ومستوى الإنتاج الوطني؛ فقد بتنا نستورد الكثير مما كنا ننتجه مع تراجع نسبة الأراضي الزراعية في سهلي عكار والبقاع، وتحول الكثير من الناس إلى زراعة الأشجار المثمرة، وإلى مشاريع الدوالي والكروم، أو الأفوكاتو والكيوي وغيرها، وهي زراعات لا تتطلب العناية أو المزيد من اليد العاملة». ويشير إلى تحوّل جزء من المزارعين إلى الزارعة المحمية، أي البيوت البلاستيكية، التي تجنّب الإنتاج نسبياً بعضاً من التغييرات المناخية، وتدرّ مدخولاً أفضل بحكم إمكان إنتاج أصناف معينة من الخضر والبقول على مدار السنة، أي إن ما يُزرع في الأرض المكشوفة بات قليلاً، ولا يكفي الاستهلاك المحلي، «ولا يغيبنّ عن بال أحد تراجع ملموس للمنتجات الزراعية الجبلية، لأنها قابلة للتخزين لأشهر طويلة من دون أن تفسد لجودتها وقساوتها، علماً بأن إنتاج هذه المناطق المرتفعة كان كبيراً ويسدّ جزءاً من حاجة السوق وهي تنضج في وقت متأخر».في سياق متصل، برزت أمس تصاريح تدعو إلى التصدي للأزمة، فدعا عميد الاقتصاد في «الحزب السوري القومي الاجتماعي»، قيصر عبيد، الحكومة إلى أن تبادر على الفور إلى تحمل مسؤولياتها في التصدّي للأزمات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة المتراكمة على كاهل المواطنين، واتخاذ التدابير المناسبة لوقف الارتفاع الجنوني في الأسعار. فيما سأل النائب قاسم هاشم: «إلى متى ستبقى سياسة الاستهتار والاستخفاف، وهل هناك حماية رسمية لجشع التجار والاحتكار؟».* بمشاركة أسامة القادري من البقاع وفريد بو فرنسيس من الشمال5.6%حصّة الزراعة من الناتج المحلّي الإجمالي، وفقاً لأرقام الحسابات الوطنيّة الرسميّة لعام 2008. والمؤسف أنّ تلك النسبة تراجعت من 6.03% في العام السابق. ويغطّي لبنان 80% من احتياجاته الزراعيّة عبر الاستيرادالبنزين والمازوت أيضاً وأيضاًالخضر واللحوم والفاكهة ليست السلع الأساسية الوحيدة التي ارتفع سعرها، فالمحروقات السائلة ارتفعت أمس أيضاً بحسب القرارات الصادرة عن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، وأصبحت كالآتي: ارتفع سعر صفيحة البنزين 98 و95 أوكتان، 500 ليرة ليصبح 33500 ليرة و32800 ليرة، والكاز 300 ليرة ليصبح 21600 ليرة، والمازوت 400 ليرة ليصبح 22300 ليرة، والديزل أويل أصبح 22500 ليرة، وقارورة الغاز 10 كلغ 200 ليرة لتصبح 16500 ليرة، وقارورة 12,5 كلغ 300 ليرة لتصبح اختصار الاستهلاك20100 ليرةعدد الخميس ٢١ تشرين الأول ٢٠١٠