في الدورة مطعم هندي ــ سيريلنكي صغير، يختبئ فوق «سوبر ماركت». ربما يريد أن يكتشفه اللبنانيون أو لا. هنا طهو عائلي بأسعار زهيدة. تاينن الأميركي يشعر هناك بأنّه في بيته، بينما نتصرّف نحن كسيّاح يحاولون اكتشاف ما يوجد في طبقهم
زينب مرعي
هناك مطعم يعشقه تاينن. اكتشفه الشاب الأميركي منذ فترة وهو سعيد به. المطعم يقدّم طعاماً حاراً يحبّه ويبعده في الوقت ذاته عن تكلّف اللبنانيين، هو يعرف أنّه لن يلتقي بهم هناك. فما هو المطعم الوحيد في البلد الذي لن تجد فيه لبنانياً واحداً برأيك؟ فكّر قليلاً، لا بد أن يكون له علاقة ببلد نسخر منه وهو يبدأ بحرف السين. هل حزرته؟ سيريلنكا بالتأكيد. هنا سنخبرك عن مطعم هندي ــ سيريلنكي في الدورة. في هذا «الملجأ»، ربما يكون غياب اللبنانيين عن المطعم و«السوبر ماركت» الصغير «New Indo- Lanka restaurant and store»، نعمة في الحقيقة. هو المكان الوحيد الذي يتذكّر فيه العاملون الأجانب فيه طعم بلادهم ويشعرون فيه بإنسانيتهم، بعيداً عن تذمّر «الميستر» و«المادم».
المطعم صغير، لا يحتوي على أكثر من 7 طاولات. لا تنتظر لائحة الطعام، بل فقط ما ستحمله إليك اليوم سيرين أو «السيدة البشوشة». سيرين هي «محرّك اللعبة». تتنقّل بين الطاولات لتخدم الزبائن، ثم تدخل خلف المنضدة التي تفصل المطبخ المفتوح عن الطاولات لتساعد الشيف موتوراما، وتحثّ الخطى من بعدها بين المطبخ وغرفة داخلية لغسل الملابس. بين سيرين وموتوراما تجهد مينو في تنظيف أرض المطبخ. الشابة الهندية لم تتخطّ العشرين، تعمل منذ 9 سنوات في لبنان. تعمل بجدّ بين الشيف وسيرين وتقتنص أوقات الراحة لتكون مراهقة لدقائق، فتتذمّر من الأوامر التي تتلقاها طيلة الوقت.
«الشيف» هندي هو الآخر. زميله «الشيف السيريلنكي» يداوم في أوقات أخرى. يحاول موتوراما بداية الهروب من الحديث معنا، يقول إنه مشغول. نذهب إلى داس في الطبقة السفلية أو «السوبر ماركت»، حتى يفرغ موتوراما من إطعام زبائنه. يسألنا داس مرتين إن كنّا هنا لنكتب عنهم بالسوء. نخبره أننا هنا لتذوّق طعامهم والتعرّف إلى المحل. دقائق ويطمئن الشاب إلينا، يسكب لنا بعضاً من الشاي بالزنجبيل من فنجانه، ويبدأ بتعريفنا بمنتجات المحل. على الطاولة أمامه تمرّ السيدات لتشتري الـ«pan». هي ورقة خضراء كبيرة، يقول داس إنّ طعمها مُرّ بعض الشيء وهم يمضغونها مثل العلكة. إلى جانبها أيضاً «Vadai» و«Dosa» وهما نوعان من الخبز يقدّمان في المطعم. هنا يمكنك أن تغمّس الخبز بالصلصة الحارة أو صلصة جوز الهند، ثم تقدّم لك سيرين من بعدها «rolls» السمك مع البطاطا الرائع والأرز والدجاج. يرتاح موتوراما ويحاول إظهار مهارته في تدوير العجين. في مطبخه، تفوح رائحة البخّور. فوق الباب يشعل العيدان إلى جانب صور القديسين. هو لا يذهب إلى عمله إلا بعد تلاوة صلاته، وهكذا قبل أن يقفل المكان.
لحظات، ويصل صاحب المطعم والمتجر. هو مصري يعيش في لبنان منذ 15 عاماً. مشروعه الذي افتتحه منذ 5 سنوات تجاري بحت. في الدورة، هناك الكثير من العمّال الأجانب وفكرة المطعم ستكون رابحة. صباحاً وظهراً ومساءً، يقدّم المطعم الطعام ذاته. يقول إنّه ترك الحريّة الكاملة لموظّفيه الهنود والسيريلنكيين أن يختاروا طهو الطعام الذي يناسبهم. بوجوده يخفت صوت الموظّفين، يخاف من أيّ «زلّة لسان» تصدر عنهم. لا يأكل صاحب المطعم ما يقدّمه موظّفوه ولا يعرف حتى اسم أيّ منهم. يبرّر الموضوع لكون أسمائهم صعبة جداً. غريب، كيف لم تكن 5 سنوات كافية لحفظ أسماء مثل موتوراما وسيرين ومينو. بم كان يناديهم طوال تلك الفترة يا ترى؟ لهؤلاء الموظّفين أسماء لا يخافون من إعطائها، بينما صاحب المحلّ يرفض ذكر اسمه. يراقب تاينن أو «الرجل الأبيض»، موتوراما وصاحب المحلّ. الاثنان مرّا بتجربة الاستعمار أو الاحتلال الشاحبة بشحوب البريطانيين، وفي مملكة المطعم الصغيرة، هناك من يحاول أن يكون أكثر بياضاً من الآخر.
في مطعم العمّال الهنود والسيريلنكيين، وجد تاينن راحته وأصبح يصطحب كلّ أصدقائه إليه. فالطعام اللذيذ وابتسامة سيرين جعلاه يبدأ للتخطيط مع صديقته بزيارة سيريلنكا. لكن، هل يتقبّل اللبنانيون فكرة أنّ «الرجل الأبيض» يفضّل سيريلنكا على لبنان؟
السبت ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٢
لا يكفي بلدة الدامور جلجلتها التاريخية، ليأتيها مشروع أكبر من حجمها، هو أشبه بسوليدير صغيرة. «صغيرة»، لكنّ فعلها كبير، بفضل رئيس البلدية شارل غفري، و«شريكه» السياسي، عضو كتلة النائب وليد جنبلاط، النائب إيلي عون، بحمايةٍ أيضاً من عضو كتلة القوات اللبنانية، جورج عدوان
فراس الشوفي
أين هو الممثل الأميركي الصّقليّ الأصل ألفريدو باتشينو؟ هل يفكر في فيلم جديد يُحدث «خبطة» على غرار فيلم «العراب»؟ لآل باتشينو ما يتمنى: في بلدة الدامور فكرة على شكل «بطل» ورئيس بلدية اسمه شارل غفري. وما يمكن لسيرة الغفري أن تحدثه من شهرة لباتشينو، لا يمكن مقارنته بسيرة مايكل كورليوني بطل «العراب» في زمانه.
«كورليوني» الدامور ليس وحيداً. بمعزل عن «الكومبارس»، ثمّة بطل آخر من العيار الثقيل، شاءت الصدف أن يكون نائباً في البرلمان اللبناني عن قضاء الشوف، وعضواً في كتلة جبهة النضال الوطني اسمه إيلي عون.
القصة وصلت إلى الداموريين قبل هوليوود. بقدرة قادر ـــ هو طبعاً الرّيس شارل ــــ استطاعت «شركة الاستثمار والتطوير العقاري»، التي يملك المواطن السعودي طارق بن عبد العزيز بن محمد الرسن 49% من أسهمها، والنائب إيلي عون 49% أخرى ونجله جان 2%، أن تتملّك أراضي في الدامور، وتبدأ بناء مجموعة مشاريع سكنية عملاقة تضمّ أكثر من 77 مبنى ملاصقاً تحت اسم مشروع «المطل» أو «Mtill» على العقارين 1571 و3392.
هذا في الجزء الأول من «عرّاب الدامور». أمّا في الجزء الثاني، فمشروع سكني آخر على العقار 2339 يدعى «مشروع عماد الدين الديماسي».
كيف استطاعت شركة الرسن ـــ عون البناء على أرض تصنيفها لا يسمح بالبناء عليها على ما يقوله الأهالي؟ لا مشكلة، فـ«فانوس» غفري السحري يبتدع حلاً: تغيير التصنيف عبر وضع تصميم توجيهي جديد للدامور، بناءً على القرار 71/2006 الصادر عن بلدية الغفري، ثمّ على المرسوم الرقم 1165 الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 2008/3/18 الذي يحمل توقيع المدير العام للتنظيم المدني بالوكالة في حينها بيرج هتجيان. وفي تفاصيل المرسوم، تصنيف جديد «MA2» لعقارات، منها العقاران اللذان بني عليهما «المطل»، وهذا التصنيف «سكني» بنسبة استثمار هي الأعلى في محافظة جبل لبنان.
غَيَّر الريس شارل التصنيف إذاً، كرمى لعيون عقارين، وربما أكثر، كما سيتبيّن لاحقاً. كيف؟ إذا كان هاتجيان صديقه، فلا شيء مستحيل. الرجلان تجمعهما صداقة قديمة، من الزمن الذي حمل فيه النائب أكرم شهيب حقيبة البيئة. كان الغفري مستشاراً للوزير، وهتجيان مديراً عاماً للوزارة، ومن يذكر يومها دورهما في مسلسل مطمر الناعمة؟
بالعودة إلى العقارين 1571 و3392، يتبيّن من سجلّات الدوائر العقارية أن أحد الأشخاص، وهو حسن خليل هاشم قد اشتراهما عام 2006 بمبلغ مليون ونصف مليون دولار، ليبيعهما لاحقاً إلى رامي حارس حلاوي في بداية عام 2010 بمبلغ زهيد هو 250 مليون ليرة لبنانية! من يصدّق؟
حين اشترى هاشم الأرض، أي قبل حرب تموز 2006، كان سعر العقار بخساً مقارنةً بتاريخ البيع، مضافاً إليه التصنيف المنخفض، ورغم ذلك دفع مليوناً ونصف مليون دولار لشرائها. أمّا بعد الحرب، ثمّ تغيير التصنيف إلى أعلى درجة استثمارية عام 2008، فيقول الخبراء إن سعر الأرض لا يمكن أن يقلّ عن عشرة أضعاف سعرها الأصلي، الذي اشتُريت به عام 2006، وبالتالي تقع بدعة بيعها بمبلغ 250 مليون ليرة عام 2010 تحت باب التهرّب من دفع الضرائب. ألم يسترعِ الأمر انتباه أمين السجل العقاري ليوافق على تسجيل عقد بيع من هذا النوع؟ ربّما لم يلتفت إلى أن ما يجري بين يديه يضيع على خزينة الدولة مئات ملايين الليرات.
ورامي حلاوي ليس عابر سبيل. فلنحزر، من هو الرجل؟
بموجب قانون تملك الأجانب بمادته الأولى، «لا يجوز لأي شخص غير لبناني، طبيعياً كان أم معنوياً، أن يكتسب بعقد أو عمل قانوني أي حق عقاري في الأراضي اللبنانية إلا بعد الحصول على ترخيص يعطى بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المالية....»، وبالتالي لا يستطيع الرسن، لأنه سعودي الجنسية، أو شركة عون ـــ رسن، شراء العقار، لذا قام حلاوي بالشراء. وفي المقابل، قام حلاوي بتوكيل الرسن بموجب «سند توكيل عام شامل مطلق» مسجل لدى الكاتب العدل في بيروت سليم يوسف خليل برقم 4377/2011 تاريخ 2011/5/31. حلاوي واجهة إذاً، لرسن وعون.
للتذكير، النائب عون عضو في لجنة الإدارة والعدل البرلمانية، التي تناقش في لجنة مصغّرة أخرى اقتراح قانون للحد من تملك الأجانب. ومن أقوال عون المأثورة بعد إحدى الجلسات: من رفض قانون تملك الأجانب هم بعض النواب الذين يريدون توريث أولادهم، ولا يحق للجنة الإدارة والعدل منع القانون من الوصول إلى مجلس النواب.
بعدما أسهم عون في بيع أراضي بلدته إلى شريكه الرسن، يبدأ الآن المشهد الثاني: البناء ثمّ بيع الأبنية.
إذا أردت أن تشتري «فيلا» في مشروع «المطلّ» فعليك أن تدفع 2 مليون دولار أميركي، وإذا كنت «داموريّاً» أصيلاً، تحصل على خصم 30%، أي مليون و400 ألف دولار، بحسب ما قال النائب إيلي عون لأبناء بلدته أخيراً، بعدما اعترض الأهالي على المشروع.
أمّا السادة عبد الله بن سعيد بن مبارك الشهراني (سعودي الجنسية)، عبد الرحمن بن صالح بن عبد الرحمن الفقيه (سعودي الجنسية)، رأفت بن عبد العزيز بن محمد الرسن (شقيق الرسن) فيستطيعون الحصول على «فيلتين» لكل منهما بدل واحدة، بثمن بخس هو 130 ألف دولار أميركي، والسيد أحمد بن زائد بن عبد الله عسيري (سعودي الجنسية) بثمن أقل هو 120 ألف دولار أميركي! وهذه الفيلات بيعت في الأصل، في تاريخ 18/9/2012، بموجب توكيلات من المذكورين إلى شخص واحد هو خالد محمد الغوش، مسجّلة لدى السفارة اللبنانية في المملكة العربية السعودية. 120 ألف دولار لفيلتين، أي إن «الفيلا» الواحدة بـ60 ألف دولار. مبلغ بخس لا يصلح ثمناً لـ«مرقد عنزة في جبل لبنان»، في ظل جنون أسعار العقارات. لكن هذا المبلغ البخس لم يستفز أيضاً أمين السجل العقاري، ما غيره، الذي انطلت عليه سابقاً حيلة تسجيل الأرض التي جرى شراؤها عام 2006 بأكثر من مليون ونصف مليون دولار أميركي بنحو 250 مليون ليرة عام 2010، رغم رفع تصنيفها.
وبعد، لا تصلح قصّة «المطل» من دون بدعة أخرى لـ «دون كورليوني» هي إفادة محتويات العقارين المذكورين سابقاً. فقد أفاد غفري في إفادتين تحملان الرقمين «591/ و. ص» و«592/ و. ص» (تاريخ 8/12/2009) صادرتين عن البلدية أن العقارين يحتويان على أرض سليخ لا بناء عليها، وأعطى الإفادتين بناءً على طلب مقدّم من «شركة المشرف».
مهلاً، ما علاقة شركة المشرف بمشروع «المطل»؟ لا علاقة لها من قريب أو بعيد، سوى أن غفري هو وكيل الشركة، وقد سدد الرسم المطلوب عن وكالته في نقابة المحامين كما هو مذكور في الايصال الرقم «23334 ب».
هذا لا يعني أن شركة المشرف التي يرأس مجلس إدارتها المواطن السعودي حسن بن سالم بن حسن المعماري بعيدة عن الدامور، الرّيس شارل أتى بالشركة إلى قلب البلدة. فتغيير التصنيف العقاري للعقارين اللذين شيّد عليهما «المطلّ»، تابعه غفري مع عقارات أخرى كثيرة، خضعت للتصنيف الجديد «MA2» و«MA1» و«MB». لم يغيّر الغفري التصنيف فحسب، بل اشترى أيضاً لموكلته غالبية العقارات الجديدة. «كوريليوننا» إذاً رئيس بلدية ووكيل المقاول، الذي من اجله يُرفَع تصنيف العقارات. ربّما لم يسمع بالمصطلح القانوني «سياسة تضارب المصالح»، التي يترجمها فقهاء القانون بـ «وضع مخالف للقانون تتأثر فيه موضوعية واستقلالية شخص يتولّى سلطة عامة بمصلحة شخصيّة يهمه أمرها...».
الدامور الآن تغلي. هذا ما يراه كل من قرأ قليلاً من تعليقات «الداموريين» على حائط مجموعتين للبلدة على موقع «فيسبوك» يبلغ أعضاء الواحدة منهما أكثر من 1500 داموري على الأقل. وقد أنشأ الأهالي «هيئة طوارئ إنقاذ الدامور» في بداية تشرين الأول الحالي لمحاولة إيقاف المشروع. واستطاع أحد أعضاء الهيئة، وهو المحامي جهاد فاضل، جمع مئات المستندات القانونية وربطها بهدف تقديم إخبار إلى النيابة العامة المالية في بيروت، بموجب وكالات من عدد من أبناء البلدة. القضية اليوم باتت الشغل الشاغل لأهالي الدامور. تختلط فيها السياسة بالفساد بإهدار المال العام وصولاً إلى استغلال السلطة.
وقبل أسبوعين، نشر الموقع الإلكتروني للقوات اللبنانية خبراً عن مشروع «المطل»، ينتقد فيه على نحو لاذع عملية بيع الأراضي «للغرباء». ساعات تمر، ليحذف الموقع الخبر عن صفحته، ثم ينشر اعتذاراً تحت عنوان «عذراً شارل غفري». بالطبع ليس الأمر اجتهاداً من القيمين على الموقع، فلغفري محامي دفاع من الشوف أيضاً هو النائب جورج عدوان، يستطيع أن يضغط بكلّ ما أوتي من قوة ليختفي الخبر ويظهر اعتذار.
لا تحتاج الدامور إلى بطل هوليوودي. الضيعة ـــــ المدينة التي لم يعد من مهجريها سوى 7% حتى اليوم، تحتاج إلى بطل «حقيقي» الآن، هذا الذي يستطيع أن يمنع «سوليدير» جديدة.
«مسَبّع الكارات»
حلّ شارل غفري رئيساً لبلدية الدامور عام 1998، بعد معركة طاحنة خاضها في مواجهة ابن عمّه وحبيب قلبه أنطوان غفري. وبالمناسبة، آل الغفري يتوارثون البلدية منذ 72 عاماً. عنوان معركة السيد شارل الانتخابية في ذلك الزمان الذي ذهب إلى غير عودة هو «حماية الدامور من الأسلمة (نسبة للإسلام)»، لأن ابن العم كان يحاول تمرير مشروع «IDAl»، أو القرية التكنولوجية، التي كان عرّابها الرئيس الراحل رفيق الحريري، والنائب وليد جنبلاط. وفي انتخابات 2010 البلدية، خاض غفري فوق الطاولة معركة في مواجهة النائب إيلي عون، وتحت الطاولة في تعاون وتحالف وثيق عنوانه تغيير تصنيف الأراضي التي بني عليها مشروع «المطلّ». وللمصادفة، فإن تاريخ صدور المرسوم 1165 عن مجلس الوزراء، المتعلق بتغيير التصنيف (18/3/2008)، يتزامن مع تاريخ تملّك شريف شارل غفري (الابن القاصر) العقار الرقم 2123 في منطقة بعبدات، وإضافةً إلى وكالته عن شركة مشرف، غفري هو وكيل دير الناعمة، صاحب أكبر ملك عقاري في سهل الدامور، ووكيل شركة «أبشي» التي لها صلة بأراضٍ في سهل الدامور ذاته. والمفارقة أنه عضو في الرابطة المارونية، وعضو «هيئة طوارئ بيع أملاك المسيحيين» في الرابطة.
السبت ٢٤ تشرين الثاني ٢٠١٢
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
للمشاركة في التحركات التالية نهار الأحد 25 تشرين الثاني
- الساعة ١٢ مسيرة لبنانية فلسطينية مع غزة في بيروت -
التجمع في البربير والانطلاق نحو مخيم مار الياس مرورا بالكولا
- والساعة ٣.٣٠ زيارة إلى تمثال الشهيد القائد فرج الله الحلو
في حصرايل - تحية لدوره في استقلال لبنان ونضاله السياسي والشعبي من أجل تحقيقه
الانطلاق من مار الياس الساعة ٢ - النقليات مؤمنة إلى حصرايل
بسام القنطار
«صدفة استثنائية» أن يتزامن قرار المحكمة الفرنسية بالإفراج المشروط، أمس، وإطلاق سراح الأسير جورج عبد الله، مع زيارة رئيس الوزراء اللبناني لقصر الإليزية. وبذلك يكون القضاء الفرنسي قد مرّر للرئيس نجيب ميقاتي فرصة لا تعوّض للضغط على الحكومة الفرنسية للتراجع عن اعتراضها على قرار الإفراج، الذي تقدمت به النيابة العامة الفرنسية مباشرة بعد النطق بالحكم، ما يعني ضرورة انعقاد المحكمة مجدداً.
وفيما لو نجحت المساعي في تراجع الحكومة الفرنسية عن قرارها برفض الإفراج، فإن جورج عبد الله سيكون بين أهله في القبيات _ عكار في 14 كانون الثاني 2013. أما إذا قررت المحكمة الخضوع مجدداً للضغط السياسي، فتكون قد حسمت أمرها بأنه لن يطلق سراح عبد الله إلا مقابل رهائن فرنسيين، تماماً كما حصل في أيار عام 2010، عندما نجحت السلطات الإيرانية في استعادة علي وكيلي راد، قاتل رئيس الوزراء الإيراني السابق شهبور بختيار، في مقابل إطلاق سراح الجاسوسة الفرنسية التي كانت معتقلة في طهران كلوتيد ريس.
محامي جورج عبدالله، جاك فرجيس، أكد في اتصال مع نشطاء فرنسيين أمس أن القضاء الفرنسي قال كلمته، وهو سيعمل على تسريع الخطوات الآيلة إلى إطلاق سراحه. المقاتل الذي حارب الاحتلال الألماني لبلاده، لا يرى في موكله سوى مناضل من أجل الحرية، ولطالما ندد بخضوع السلطات الفرنسية للمصالح الأميركية. ولم يتوان فرجيس في رسالة وجهها إلى المسؤولين الفرنسيين عن القول: «لا نريد للقضاء الفرنسي أن يتصرف كعاهرة في خدمة الأميركيين».
تجارب عديدة تجعل من جوزيف شقيق جورج عبدالله حذراً من التفاؤل المفرط بأن جورج بات حراً، لأن قرار المحكمة بالإفراج المشروط ليس جديداً، فلقد سبق للمحكمة أن أصدرت في عام 2003 قراراً مماثلاً، وانصاعت لاحقاً لاعتراض النيابة العامة، وقررت التراجع عن الإفراج عن عبد الله، ما يعني أن الإبقاء على سجنه هو قرار سياسي وليس قضائياً.
يعوّل أهل وأصدقاء جورج عبد الله، ومكوّنات الحملة الدولية التي تناضل لإطلاق سراحه، على أن تقوم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية بدور سياسي ودبلوماسي في الفترة الفاصلة بين قرار تنفيذ الحكم وبين استئناف النيابة العامة، خصوصاً أن الجانبين الإسرائيلي والأميركي سيضغطان بقوة من أجل تعزيز موقف النيابة العامة، على خلفية إدانة عبد الله بتهمة التآمر في اغتيال دبلوماسيين اثنين في باريس عام 1982، هما الاميركي تشارلز روبرت داي والاسرائيلي جاكوب بارسيمانتوف.
المفاجأة التي أحدثها القرار القضائي الذي صدر أمس هي أنه جاء معاكساً لتقرير «اللجنة المتعددة الاختصاص» التي أخضعت عبد الله لمدة ستة أسابيع (بين نيسان وأيار 2012) لـ«الفحص» في «المركز الوطني للتقييم» في سجن فرين، حيث درس أطباء ومحللون نفسيون وإداريو السجون مدى «الخطورة الجرمية» الناجمة عن «مرضه» في معاداة الإمبريالية والصهيونية. ولقد خرجت هذه اللجنة، في 30 تموز الماضي، بتقرير سلبي يعارض الإفراج عن الأسير جورج عبدالله، لأنه لا يزال مريضاً بمواقفه التقدمية والوطنية.
في المقابل، قرر القاضي ألين مارسو الذي حكم على عبدالله عام 1987، وهو اليوم نائب عن فرنسيي الانتشار، الخروج عن صمته في مؤلفه «قبل أن ننسى كل شيء»، حيث يقول: «لقد تمت إدانة جورج عبدالله على ما لم يقم به». وهذا ما أكده إيڤ بونيه، مدير جهاز الاستخبارات الفرنسية «دي إس تيه» والمسؤول عن اعتقال عبدالله، في تصاريح عدة له، ولدى مثوله، بمبادرة منه، منذ فترة قريبة أمام القاضي الذي ينظر في قرار الإفراج المشروط، حيث رأى بونيه أن «من المخزي إبقاء جورج عبدالله في السجن»، كما أن السلطات الفرنسية تمارس بحقه سياسة «انتقام الدولة».
الخميس ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢١
بدا أن القضية الأساس التي شغلت المسؤولين الإسرائيليين خلال حربهم على غزة هي صواريخ «فجر 5»، التي أكدت طهران أنها نقلت تقنياتها الى المقاومين في غزة. وتوقعت إسرائيل أمس أن تحاول إيران استئناف إدخال صواريخ إلى قطاع غزة، وخاصة صواريخ «فجر 5» المتوسطة المدى، فيما أكد القائد العام لحرس الثورة الإسلامية في إيران اللواء محمد علي جعفري، أن طهران لم ترسل أية أسلحة الى غزة بشكل مباشر، وإنما نقلت إليها تقنية تصنيع صاروخ «فجر 5».
وقالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية، أمس، إن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالتعاون مع أجهزة استخبارات غربية تبذل جهوداً كبيرة في محاولة لتعقب خطة إيرانية لاستئناف إدخال صواريخ «فجر 5». وأشارت الصحيفة إلى أن إيران أدخلت صواريخ «فجر 5»، التي يصل مداها إلى 75 كيلومتراً، إلى قطاع غزة خلال السنتين اللتين سبقتا العملية العسكرية «عمود السحاب» التي تشنها إسرائيل ضد غزة حالياً. وأضافت إنه في موازاة ذلك تم صنع صواريخ بقطر 8 بوصات على أيدي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، بالاستناد إلى خبرات إيرانية ويصل مداها إلى 80 كيلومتراً أو أكثر قليلاً.
وأعلنت إسرائيل أنه في الغارات الجوية الأولى على القطاع، التي أعقبت اغتيال القائد العسكري لحماس أحمد الجعبري، دمرت معظم مخزون الصواريخ المتوسطة المدى في القطاع وقسماً من ورشات صنع صواريخ كهذه. وقالت الصحيفة إنه لا تزال إسرائيل تواجه صعوبة في تقدير دور إيران في جولة القتال الحالية في غزة، وإن معظم ضباط الاستخبارات الإسرائيليين يقدرون أن جولة التصعيد الحالية اندلعت لاعتبارات محلية لدى الفصائل في غزة، لكنهم يرجحون أن التوتر يخدم مصلحة إيران لأنه يصرف الأنظار الدولية إلى غزة بدلاً من التركيز على البرنامج النووي الإيراني.
في المقابل، أعلن اللواء جعفري، على هامش افتتاح المنظومة التصويرية للتعبئة «الباسيج»، أن ايران لم ترسل أي أسلحة بشكل مباشر الى غزة، قائلاً «نحن فقط نقلنا وسننقل تقنيتنا على الصعيد العسكري الى غزة وباقي الشعوب المضطهدة والمسلمة التي تتصدى للمتغطرسين والمستكبرين». وحول صاروخ «فجر 5» قال جعفري: «لم نرسل هذه الصواريخ بشكل مباشر الى غزة، لكننا نقلنا تقنيتها من ايران الى المقاومة، وكميات كبيرة من هذه الصواريخ تنتج حالياً»، مشيراً الى أن حصار غزة لا يسمح بإدخال صواريخ الآن.
إلا أن رئيس مجلس الشورى الايراني (البرلمان) علي لاريجاني، أكد من جهته، أن بلاده تقدم مساعدة «عسكرية» للفلسطينيين ولحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. ونقل موقع البرلمان الإيراني على الانترنت عن لاريجاني قوله «نحن فخورون بالدفاع عن الشعب الفلسطيني وحماس... نحن فخورون بأن مساعدتنا كانت مالية وعسكرية».
وانتقد المرشد الأعلى للثورة الايرانية علي خامنئي، موقف الدول العربية والإسلامية في تعاملها مع حوادث غزة، وطالبها بأن تساعد أهالي القطاع وتسعى إلى رفع الحصار عنهم. ونقلت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء عن خامنئي، قوله، «إن تعامل الدول العربية والإسلامية تجاه أحداث غزة لم يكن تعاملاً مناسباً، لأن البعض اكتفوا بالكلام فقط، فيما البعض الآخر لم يدينوا الصهاينة بالكلام حتى». وأضاف إن «الذين يدعون الى وحدة العالم الإسلامي وقيادته، يدخلون بصراحة في القضايا الأخرى التي تضمن مصالحهم، إلا أنهم في هذا الموضوع يمتنعون حتى عن الإدانة الصريحة للصهاينة لأن أميركا وبريطانيا طرف فيه، وكأقصى أمر ممكن يكتفون بالدعم اللفظي العديم القيمة».
وقال إن «على الدول الإسلامية وخاصة الدول العربية، أن تعدل من سلوكها في هذه القضية، وأن تساعد أهالي غزة المضطهدين، والشجعان في الوقت ذاته، وأن تسعى إلى رفع الحصار عنهم».
(أ ف ب، مهر، يو بي آي)
الخميس ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢١
وطنية - نظم اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني واتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني "أشد" وقطاع الشباب في الحزب الشيوعي اللبناني اعتصاما شبابيا وطالبيا رفضا للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة،أمام مقر الامم المتحدة "الإسكوا" في بيروت، في حضور ممثلين عن القوى الطلابية والمنظمات الشبابية اللبنانية والفلسطينية وحشد من الشباب والطلبة.
وقام المعتصمون برسم واضاءة كلمة غزة بالشموع، رافعين الاعلام الفلسطينية واللبنانية ورايات الاتحاد ولافتات تستنكر الصمت الدولي والعربي تجاه العدوان والمجازر الاسرائيلية.
وألقى رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني في لبنان يوسف احمد كلمة وجه فيها التحية الى "شهداء غزة والى صمود ومقاومة أهلها وأبطالها الذين أدخلوا الرعب في قلوب العدو رغم امكاناتهم المحدودة والبسيطة"، مطالبا ب "توفير كل أشكال الدعم للمقاومة الفلسطينية لتمكينها من صد العدوان الاسرائيلي الهمجي".
كما وجه نداء باسم الطلاب والشباب الفلسطيني دعا فيه الى "الاسراع في إنهاء الانقسام وتمتين الجبهة الداخلية الفلسطينية وإعادة اللحمة والوحدة بين كل ابناء الشعب الفلسطيني من خلال التوحد في الميدان والسياسة والمقاومة"، معتبرا أن "الوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى لمواجهه الاحتلال وآلة حربه القمعية".
متيرك
وألقى كلمة اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني علي متيرك أشاد فيها ب "الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة"، مستنكرا "حال الصمت الرسمي العربي والدولي تجاه الممارسات الوحشية التي ينفذها الاحتلال الاسرائيلي ومواصلته لحربه العدوانية".
نظم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني مسيراً مطلبياً من بلدة صريفا إلى مدينة صور في جنوب لبنان مروراً ببلدات معروب ودير قانون النهر والعباسية وسط ترحيب من الأهالي والمواطنين.
المسير شارك فيه العشرات من الرفاق من البلدات المجاورة في منطقة صور وكان بعنوان "قاوم بلا حدود" ورفع شعار الدولة العلمانية الديمقراطية المقاومة كشعار أساسي له.
ومن ضمن المطالب التي تضمنها بيان المسير والكلمة التي ألقيت بختامه كان تطوير الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي وتوفير فرص العمل والضمانات والتأمينات الاجتماعية للشباب كما دعم الشباب موضوع زيادة الأجور وسلسلة الرتب وطالبوا بفرض الضرائب على الأغنياء وتعزيز مكتسبات الفقراء.
ورغم الجو الماطر قطع المسير مسافة 22 كلم سيراً على الأقدام تخلله توزيع بيانات ومناشير على الأهالي في البلدات المذكورة سابقاً. ووعد الاتحاد باستكمال التحركات في منطقة صور وأيضاً في مناطق أخرى بالعناوين المطروحة نفسها.
ارنست خوري
عاد الصحافي فداء عيتاني، ليل أمس، من زيارته الإعلامية السورية التي تحوّلت «إقامة جبرية» لستة أيام في «ضيافة» أحد فصائل «الجيش السوري الحرّ» في أعزاز. تمكّن عيتاني سريعاً من كسر ما يفرضه عادةً بروتوكول صالون الشرف في مطار بيروت الدولي المخصَّص لزوّار الـVIP. عاد وهو يبحث عن ابنته فرح أولاً، ليتفرغ في ما بعد لمحاولة تهدئة «المعارك» الدائرة بين فلاشات الكاميرات وميكروفونات المؤسسات الإعلامية التي انتظرت وصوله. وصول تأخّر نصف ساعة تقريباً عن الموعد المقرَّر للرحلة الرقم 826 على خطوط «شركة الطيران التركية»، ليدخل عيتاني صالون الشرف عند العاشرة ليلاً، بعد لقاء سريع مع أفراد عائلته ووزير الإعلام وليد الداعوق، معرباً عن اعتذاره للصحافيين عن إزعاجهم، بما أنّه «مش شغلتنا هالشغلة»، وفق تعبيره.
إذاً، طوى عيتاني صفحة احتجازه التي باتت تحمل اسم «الاستضافة» بلغة «لواء عاصفة الشمال» في أعزاز، لتبقى الأسئلة المرتبطة بلغز اعتقاله على يد بعض ثوار سوريا معلّقة، إلى حين يقرّر الإفصاح عمّا يملكه من معطيات. غير أنّ ما صرّح به عيتاني كان كافياً للتأكيد أنّ مواقفه لا تزال على حالها: انحيازه إلى جانب الثورة السورية، وباقي الثورات العربية، لا يزال مُرفقاً بموقف نقدي إزاء تصرُّفات تتسبب بالأذى للثورة السورية أولاً، وهو ما شدد عليه في قوله: «شهدتُ خلال الأشهر الثلاثة الماضية، من موقعي كمؤيد للثورة، تطوراً سلبياً في مسارها. إن الثورة السورية في خطر». أكثر من ذلك، فقد استهلّ كلمته المقتضبة والعفوية بالإشارة إلى أنه لم يُمضِ سوى «6 أيام في الزنزانة بينما لا يزال هناك 9 مخطوفين لبنانيين في الأسر منذ ستة أشهر»، ليخلص إلى مناشدة المعنيين بالملف ضرورة «فعل شيء جدّي وليس على المستوى الرسمي فحسب». كلام سبق لفداء أن قاله وكتبه قبل احتجازه، وكرّره أمس، ليردّ (من دون أن يدري ربما) على حملة استهدفته على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً، على قاعدة أنّ هناك «مخطوفين لبنانيين بسمن وآخرين بزيت». ورداً على سؤال لـ «السفير» عما إذا كان ينوي التوجه مجدداً إلى سوريا لمواصلة عمله الاعلامي الإستقصائي، أجاب عيتاني: «سأعود إلى سوريا إن سنحت لي الفرصة لكن ليس قبل أن تعتذر تنسيقيات الثورة عمّا حصل». وعلى الرغم من إصرار أسئلة الصحافيين، فضّل عيتاني عدم الاجابة عن مصير المخطوفين اللبنانيين وعما إذا كان أبو إبراهيم لا يزال حياً.
خرج فداء وظلّ المخطوفون التسعة قيد الاحتجاز. لا معلومات عن هؤلاء لدى عيتاني ولا لدى الداعوق الذي اكتفى بالتذكير بأن «السلطات اللبنانية تسعى جهدها لإطلاق سراحهم». غداً يوم آخر بالنسبة إلى فداء، لعلّه يكون أيضاً يوماً مشرقاً بالنسبة للحجاج التسعة
فاطمة كايابال
أنقرة | تحوّلت الاحتفالات بيوم الجمهورية في تركيا يوم الاثنين الماضي الى احتجاجات ضد الحكومة، بحيث تظاهر عشرات الآلاف من الأتراك، بينهم زعيم حزب المعارضة (الشعب الجمهوري)، كمال كلجدار أوغلو، في أنقرة رغم الحظر الذي فرضته الحكومة. وفي تبريرها لمنع التظاهر، قالت محافظة أنقرة إنها تلقت معلومات استخباراتية قوية تشير الى استفزازات محتملة في المسيرة. وأضافت أن «بعض المجموعات يمكن أن تسعى الى التحريض على الفوضى في البلاد» من خلال المشاركة في التظاهرة.
رغم هذه التحذيرات، أصرّت أكثر من 30 منظمة من المجتمع المدني بقيادة اتحاد الشباب التركي على التظاهر من أمام مبنى البرلمان الأول الى متحف أتاتورك. واحتج المتظاهرون على منع القوات الأمنية لنحو 110 حافلات من الدخول الى أنقرة بغرض المشاركة في المسيرة.
وحاول أكثر من 3500 عنصر أمني تفريق الحشود بالغاز المسيل وخراطيم المياه، ولم يسلم زعيم المعارضة من القنابل الغازية. ومع ارتفاع التوتر وحدة الاشتباكات في الشارع، رضخت القوات الأمنية وقررت السماح بالتظاهرة، فهتفت الحشود «تركيا علمانية وستظل علمانية».
وفي تعليقه على المسيرة في أنقرة، كتب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، حسين سيليك، على حسابه على «تويتر»، «يبدو أن حزب الشعب الجمهوري لم يتعظ من المسيرات الجمهورية السابقة». وكانت المسيرات الجمهورية قد جرت في عام 2007 في المدن الكبيرة وبمشاركة ملايين الأشخاص، وذلك قبيل انتخاب عبدالله غول رئيساً للجمهورية. وفي ذلك الوقت، طالب المشاركون في التظاهرة برئيس علماني. واعتبرت التظاهرات الجمهورية هذه في ما بعد جزءاً من محاولات انقلاب على الحكومة من قبل تنظيم «إرغينكون»، الذي يضم جنرالات سابقين واساتذة جامعات وصحافيين، والذي لا تزال محاكته مستمرة حتى اللحظة.
وكتب محمدت تزكان في صحيفة «ميلليت» اليومية عن الحظر الذي فرضته الحكومة على التظاهر قائلاً، اذا كانت القوات الأمنية لديها معلومات استخباراتية قوية بحصول استفزازات محتملة، بدلاً من الحظر، كان يجب أن تكشف هؤلاء المستفزين، مضيفاً «لكن ان تحظر التظاهر بناء على استفزازات محتملة، فهذا أمر بمنتهى الخطورة»، مشيراً الى أن الأنظمة الديكتاتورية هي من تستخدم هذا التعبير. وتابع قائلاً «اذا بدأت الدولة باستخدام هذا التعبير، عندها لن يستطيع حتى شخصان من الاجتماع معاً، وهذا يعني نهاية الديموقراطية».
واتفق الكاتب في صحيفة «راديكال»، يرتفارت دانزيكان، مع تزكان، وقال إن حظر التظاهر هو مؤشر على الديكتاتورية، قبل أن يضيف أن الصراع يقوم بين نخبة العلمانيين السابقة ونخبة المحافظين الجديدة. وأشار الى أنّه «في الماضي، كانت النخبة السابقة تعتبر نفسها مالكة للجمهورية. ولكن بسبب أخطائها غالباً، فإنها خسرت السلطة الآن. ومن اجل احياء يوم الجمهورية، عليهم أن يواجهوا صعوبات تقوم على أنهم لا يمكن أن يتخيلوا متى كانوا في السلطة. اضافة الى النخب الجديدة، فإن المحافظين ليسوا دوماً أبرياء عندما يحاولون الإمساك بكل عناصر الدولة واجتثاث كل معالم النخبة السابقة».
وفي الوقت الذي كانت فيه الاشتباكات في الشارع، بدا خلال الاحتفال الرسمي هذا العام أن الحرب الباردة بين العسكر و«العدالة والتنمية» قد انتهت. في السنوات السابقة، كان القادة العسكريون يرفضون علناً التواجد في الغرفة نفسها مع زوجات قادة «العدالة والتنمية» المحجبات. كما لم يكونوا سعداء أيضاً بوجودهم في الغرفة نفسها مع نواب حزب «السلام والديموقراطية» الموالي للأكراد. وحتى وقت قريب، كان غول يعقد في هذه المناسبة احتفالين منفصلين، الأول خلال ساعات الظهيرة للجنود، والثاني في المساء. وكان الجنرالات يقيمون استقبالهم الخاص في المساء. هذا العام الوضع اختلف. كان هناك احتفال واحد شارك فيه الجنرالات والزوجات المحجبات ونواب حزب السلام والديموقراطية في قاعة واحدة.
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٢
رضوان مرتضى, محمد نزال
لم تحسم المعلومات الواردة من الداخل السوري مقتل عمّار الداديخي المعروف بـ«أبو إبراهيم». بقيت المعلومات التي ترددت عن مقتله متأرجحة بين التأكيد والنفي. بداية القصة كانت مع تسريب خبر يتحدث عن مقتل 5 من مسلّحي «الجيش السوري الحر» على أيدي عناصر من حزب العمال الكردستاني أثناء محاولة الطرف الأول اقتحام قرية قسطل جندو في ريف حلب. ذكر الخبر أن بين القتلى قائد لواء عاصفة الشمال في أعزاز المعروف بـ«أبو إبراهيم»، الذي اقترن اسمه بالمخطوفين اللبنانيين الأحد عشر في سوريا. وقع الخبر كان مفاجئاً، لا سيما أنّ الأخير تبنّى أخيراً احتجاز الزميل فداء عيتاني.
إذاً، فمقتله خبرٌ أم خبرية، لم تُحسم المسألة. الحقيقة بقيت ضائعة طوال الساعات الأولى بين مصادر المعارضة السورية، سواء في الداخل السوري أو تلك الموجودة في تركيا. ففيما نفت مصادر سورية في تركيا أصل القصة جملة وتفصيلاً، نفت رواية موازية مقتل الداديخي، متحدثة عن إصابته إصابة خطرة أثناء اشتباكات وقعت بين مجموعته ومجموعة تابعة لـ«حزب العمال الكردستاني». الرواية التي تقاطعت مع غير مصدر في المعارضة السورية لم تقتصر على هذه المعلومات فحسب، بل أشارت إلى أن خاطف اللبنانيين الأحد عشر بات مخطوفاً في عهدة مقاتلي حزب العمال الكردستاني. لم تقف المصادر عند هذا الحد، بل ذهبت أبعد من ذلك، إذ تحدثت عن احتمال اقتحام عناصر من حزب العمال الكردستاني لمنطقة أعزاز.
في المقابل، نفى رئيس جمعية إقرأ، الشيخ بلال دقماق، مقتل «أبو إبراهيم»، مؤكداً أنه سمع صوته خلال اتصال له مع أحد الوسطاء في سوريا. لم تنته المسألة هنا، فمقولة دقماق هذه تكررت مع «أبو محمد»، وهو أحد الوسطاء في ملف المخطوفين اللبنانيين، الذي أكّد بدوره أن «أبو إبراهيم» لا يزال حيّاً يُرزق.
إذاً، قُتل نجم الشاشات اللبنانية أم لم يُقتل. المعلومات المتضاربة حجبت الحقيقة، لكن الساعات القليلة المقبلة كفيلة بكشف ملابسات ما حصل.
وعناصر من «الحر» في القاع
من جهة أخرى، أصدر قاضي التحقيق العسكري عماد الزين مذكرات توقيف وجاهية بحق 8 سوريين، بينهم 6 ينتمون إلى «الجيش السوري الحر» واثنان مؤيدان له. هؤلاء كانت استخبارات الجيش أوقفتهم في بلدة مشاريع القاع الحدودية، بتهمة حيازة «أسلحة وذخائر وأعتدة حربية». فبحسب مصدر متابع للتحقيق، كان أحدهم «أطلق النار على دورية للجيش اللبناني، قبل مدة، أثناء مروره على متن دراجة نارية، فما كان من الدورية إلا أن طاردته ورصدت حركته». تبيّن للجيش أن مطلق النار هذا، وهو أحد الموقوفين الآن، يقيم في خيمة للاجئين مدنيين في منطقة مشاريع القاع، وهو «عضو في الجيش السوري الحر، ومعه أعضاء آخرون مثله». دهم الجيش ذاك المكان الذي أصبح يأخذ شكل مخيّم، ليكتشف وجود خيمة كبيرة مليئة بالأسلحة والذخائر، وهي عبارة عن بنادق ومسدسات حربية من مختلف الأنواع، إضافة إلى كمية كبيرة من الذخيرة والأعتدة الحربية. الخيمة كبيرة الحجم، وبالتالي «تحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة، لا يمكن وصفها بأنها للاستخدام الفردي، إذ تكاد توصف بالمخزن».
إثر ذلك، أوقف الجيش الأشخاص الثمانية، ليتبيّن لاحقاً أنهم «آتون من منطقة القصير وخربة جوسيه، بعضهم من الذين التحقوا بالجيش الحر بعد انشقاقهم عن الجيش السوري، وبعضهم التحق من تلقاء نفسه، ومعهم اثنان مؤيدان كان يقدمان العون والمساعدة».
يُشار إلى أن ثمة معلومات عن فرار مئات المسلحين من المعارضة السورية، خلال الأسابيع الأخيرة، من منطقة القصير ومحيطها، ليستقر عدد كبير منهم في منطقة مشاريع القاع.
الثلاثاء ٣٠ تشرين الأول ٢٠١٢