جورج عبد الله حراً في 14/1/2013 والنيابة تستأنف

بسام القنطار

«صدفة استثنائية» أن يتزامن قرار المحكمة الفرنسية بالإفراج المشروط، أمس، وإطلاق سراح الأسير جورج عبد الله، مع زيارة رئيس الوزراء اللبناني لقصر الإليزية. وبذلك يكون القضاء الفرنسي قد مرّر للرئيس نجيب ميقاتي فرصة لا تعوّض للضغط على الحكومة الفرنسية للتراجع عن اعتراضها على قرار الإفراج، الذي تقدمت به النيابة العامة الفرنسية مباشرة بعد النطق بالحكم، ما يعني ضرورة انعقاد المحكمة مجدداً.

وفيما لو نجحت المساعي في تراجع الحكومة الفرنسية عن قرارها برفض الإفراج، فإن جورج عبد الله سيكون بين أهله في القبيات _ عكار في 14 كانون الثاني 2013. أما إذا قررت المحكمة الخضوع مجدداً للضغط السياسي، فتكون قد حسمت أمرها بأنه لن يطلق سراح عبد الله إلا مقابل رهائن فرنسيين، تماماً كما حصل في أيار عام 2010، عندما نجحت السلطات الإيرانية في استعادة علي وكيلي راد، قاتل رئيس الوزراء الإيراني السابق شهبور بختيار، في مقابل إطلاق سراح الجاسوسة الفرنسية التي كانت معتقلة في طهران كلوتيد ريس.

محامي جورج عبدالله، جاك فرجيس، أكد في اتصال مع نشطاء فرنسيين أمس أن القضاء الفرنسي قال كلمته، وهو سيعمل على تسريع الخطوات الآيلة إلى إطلاق سراحه. المقاتل الذي حارب الاحتلال الألماني لبلاده، لا يرى في موكله سوى مناضل من أجل الحرية، ولطالما ندد بخضوع السلطات الفرنسية للمصالح الأميركية. ولم يتوان فرجيس في رسالة وجهها إلى المسؤولين الفرنسيين عن القول: «لا نريد للقضاء الفرنسي أن يتصرف كعاهرة في خدمة الأميركيين».

تجارب عديدة تجعل من جوزيف شقيق جورج عبدالله حذراً من التفاؤل المفرط بأن جورج بات حراً، لأن قرار المحكمة بالإفراج المشروط ليس جديداً، فلقد سبق للمحكمة أن أصدرت في عام 2003 قراراً مماثلاً، وانصاعت لاحقاً لاعتراض النيابة العامة، وقررت التراجع عن الإفراج عن عبد الله، ما يعني أن الإبقاء على سجنه هو قرار سياسي وليس قضائياً.

يعوّل أهل وأصدقاء جورج عبد الله، ومكوّنات الحملة الدولية التي تناضل لإطلاق سراحه، على أن تقوم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية بدور سياسي ودبلوماسي في الفترة الفاصلة بين قرار تنفيذ الحكم وبين استئناف النيابة العامة، خصوصاً أن الجانبين الإسرائيلي والأميركي سيضغطان بقوة من أجل تعزيز موقف النيابة العامة، على خلفية إدانة عبد الله بتهمة التآمر في اغتيال دبلوماسيين اثنين في باريس عام 1982، هما الاميركي تشارلز روبرت داي والاسرائيلي جاكوب بارسيمانتوف.

المفاجأة التي أحدثها القرار القضائي الذي صدر أمس هي أنه جاء معاكساً لتقرير «اللجنة المتعددة الاختصاص» التي أخضعت عبد الله لمدة ستة أسابيع (بين نيسان وأيار 2012) لـ«الفحص» في «المركز الوطني للتقييم» في سجن فرين، حيث درس أطباء ومحللون نفسيون وإداريو السجون مدى «الخطورة الجرمية» الناجمة عن «مرضه» في معاداة الإمبريالية والصهيونية. ولقد خرجت هذه اللجنة، في 30 تموز الماضي، بتقرير سلبي يعارض الإفراج عن الأسير جورج عبدالله، لأنه لا يزال مريضاً بمواقفه التقدمية والوطنية.

في المقابل، قرر القاضي ألين مارسو الذي حكم على عبدالله عام 1987، وهو اليوم نائب عن فرنسيي الانتشار، الخروج عن صمته في مؤلفه «قبل أن ننسى كل شيء»، حيث يقول: «لقد تمت إدانة جورج عبدالله على ما لم يقم به». وهذا ما أكده إيڤ بونيه، مدير جهاز الاستخبارات الفرنسية «دي إس تيه» والمسؤول عن اعتقال عبدالله، في تصاريح عدة له، ولدى مثوله، بمبادرة منه، منذ فترة قريبة أمام القاضي الذي ينظر في قرار الإفراج المشروط، حيث رأى بونيه أن «من المخزي إبقاء جورج عبدالله في السجن»، كما أن السلطات الفرنسية تمارس بحقه سياسة «انتقام الدولة».

الخميس ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢١

الأكثر قراءة