تقرير سياسي
أسبوع دامي في لبنان والعالم
طرابلس تحت الاستهداف – الفقراء يموتون من الصقيع – سياسيو لبنان يغطون الارهاب – دولتنا تعزي في فرنسا إلى جانب قيادات العدو!!
تعود الأعمال الارهابيّة إلی عاصمة الشمال طرابلس لتثير مجدّداً أجواء الفتنة والانقسام بين أبناء المدينة بارتكابها جريمة مستنكرة في جبل محسن مخلفة وراءها الشهداء والجرحی والمتضررين. تفجير إرهابي حاقد نفّذه شابان من أبناء الأحياء الفقيرة في طرابلس، يسكنون على بعد مئات الأمتار من جبل محسن، حيث دفع الناس ثمن الحقد والتعبئة من دمائهم وممتلكاتهم. وفيما سارعت التنظيمات الارهابيّة مثل "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش" إلى تبنّي الهجوم، عاد إلى أذهاننا مشهد أولئك السياسيين الذين كانوا يقولون أنّ "هذه التنظيمات ليست إرهابيّة بل هي من مكونّات الشعب السوري واللبناني!!" ونظّروا علينا أنّ "من الأفضل التعايش والتكيّف معها". إنّ هؤلاء السياسيين القياديين في بلدنا يتحمّلون أيضاً المسؤوليّة المعنويّة عن هذه التفجيرات الحاقدة بعدما أمّنوا التغطية السياسيّة والمعنويّة للإرهابيين بحجّة الحياد؛ يستنكر اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني هذه الجريمة ويدعو إلی توحيد الصفوف ضدّ الفتنة وضدّ الإنقسام المذهبي وإلی مواجهة هذا الفكر الظلامي، وإلى تعرية أولئك السياسيين المهادنين والداعمين للحركات التكفيريّة الآخذة بالنمو في لبنان؛ويدعو الاتحاد كلّ الشباب للعمل معاً من أجل كسر الحواجز والقيود بين اللبنانيين والإبتعاد عن القوی الطائفيّة والمذهبيّة التي جلبت الخراب لكلّ المواطنين من كلّ الفئات.
وفي هذا الإطار، على الجيش والقوی الأمنيّة اتخاذ التدابير الأمنيّة اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال وأن تسعى إلی ضرب مكامن الإرهاب أينما وجدت، وعلى الدولة اللبنانيّة أن تتحمّل مسؤوليّاتها الأمنيّة والإقتصاديّة والتنمويّة في كلّ مناطق الشمال، وأن تعوّض علی كلّ المتضرّرين والجرحی وأهالي الشهداء من خلال الهيئات المعنيّة؛ فمدينة طرابلس وعكّار تضمّ أفقر المدن والقرى اللبنانيّة بحسب الإحصاءات والدراسات الحديثة رغم وجود بعض فاحشي الثراء من أبنائها، وهذا ما يظهر التفاوت الطبقي الهائل بين أبناء البيئة الواحدة، حيث يعاني سكان التبانة وجبل محسن والمنكوبين والزاهرية وغيرها من المناطق فقراً مدقعاً وتهميشاً حاداً يعزّز من نمو التيّارات المتطرّفة ويشكّل لها أساساً تستطيع استغلاله من أجل استقطاب الشباب اليائس والمحبط والفاقد للأمل بحياة أفضل. لذلك، وعلى المدى المتوسّط والبعيد الأمد تبقى التنمية الإقتصاديّة وتأمين حاجيّات الناس الأساسيّة في الصحّة والتعليم والسكن والنقل والعمل اللائق هي الحلول الحقيقيّة للأزمات الإجتماعيّة وحالات التطرّف السياسي والديني في طرابلس وفي كلّ لبنان.
وبينما كان اللبنانيون يلملمون آثار جراحهم، حلّت العاصفة الباردة الآتية من الشمال ضيفاً ثقيلاً على كاهل اللبنانيين في ظلّ غياب الجهوزيّة الرسميّة لمواجهة الظواهر الطبيعيّة، حيث لا خطّة مركزيّة ولا خطط محليّة للتعاطي مع حالات الطوارئ. وفيما قامت بعض البلديّات بواجباتها تجاه المواطنين، كان أداء البعض الآخر مخيّباً لآمال المواطنين حيث تركوا وحدهم في مواجهة الظروف القاسية. ومن المعيب في هذا الزمن أن يلقى العديد من الأطفال والمسنين من اللبنانيين ومن والنازحين السوريين حتفهم جرّاء البرد والصقيع. الدفاع المدني وآليّاته ومعدّاته لم تظهر إلّا على القليل من الطرق الرئيسيّة، فيما كان أبناء القرى المرتفعة في البقاع والجنوب والجبل والشمال محاصرين في بيوتهم، ومتروكين دون كهرباء وماء ومحروقات للتدفئة طوال العاصفة. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بلدة لبّايا البقاعيّة، التي حوصر فيها المواطنون في منازلهم وانقطعت عنهم الكهرباء والمازوت ووسائل التدفئة وظلّت الطرقات مغلقة أمام منازل الكثير من أهاليها بينهم العديد من المسنّين والأطفال؛ ورغم مناشدات الأهالي للمساعدة وفتح الطرق، لم تتحرّك السلطات المحليّة كالبلديّة والسلطات المسؤولة، ممّا اضطر الأهالي إلی توجيه النداءات عبر وسائل الإعلام ولم تجد أصواتهم من يسمعها ويتجاوب معها.
أمّا فرنسا، التي طالها الإرهاب بضرب مقرّ إحدى صحفها الساخرة التي كانت قد نشرت رسوماً عن أنبياء من الأديان السماويّة الثلاثة، سخرت فيها من بعض المفاهيم والمعتقدات الدينيّة المسيحيّة والإسلاميّة واليهوديّة، فأوقع الهجوم 12 عشر قتيلاً من بينهم صحافيين ورسامين معروفين. كان من الطبيعي أن يستنكر العالم بأجمعه مقتل أولئك الصحافيين بدم بارد وأن تتم مواجهة القلم بالرصاصة والكاريكاتور بالاعدام، رغم أنّ الرسوم تعتبر استفزازيّة لشرائح واسعة من الناس، إلّا أنّ هذه الجريمة الوحشيّة لا يمكن أن يكون لها أي مبرّر بدافع التخفيف من فظاعتها.
ولكن ما هو ليس بطبيعي حول هذه الحادثة، يبدأ من التعليق على بضعة وقائع، إذ لطالما دعمت جكومة فرنسا وحكومات الغرب، الحركات المتطرّفة وكان آخرها في أفغانستان والعراق وسوريّة، وقدّمت لها إلى جانب حلفائها في دول الخليج المال والسلاح والتغطية السياسيّة، وبالتالي فإنّ هذه الحكومات تتحمّل مسؤوليّة معنويّة وعمليّة عن أي عمل إرهابي يحصل في العالم. كذلك يلقى يوميّاً في العراق وسوريّة المئات من المدنيين حتفهم، ولم نلحظ أي تضامن، مثل الذي حصل مع ضحايا الجريمة الباريسيّة!!، وكأنّ ضحايانا أقلّ شأناً ومرتبةً من ضحايا الغرب. لذا يجب أن تكون هذه الحادثة عبرةً تقف عندها شعوب الدول الأوروبيّة لتجبر حكوماتها على وقف دعم كلّ أشكال الإرهاب بدءاً من سلطة العدو الصهيوني مروراً بدول الخليج، ووصولاً إلى الجماعات الإرهابيّة في العالم كلّه.
كذلك لا بد من الاشارة إلى أنّ مشهد رعاة الإرهاب في هذه التظاهرة، ترأّسها رئيس حكومة العدو ومتصدّر لائحة الإرهابيين بنيامين نتنياهو في طليعة مظاهرة رفض الارهاب، كان مقزّزاً ومستفزّاً للكثير من الشعوب العربيّة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني واللبناني الذين ذاقوا المرارة واللوعة ولا زالوا يعانون من تبعات الارهاب الصهيوني بشكل مستمر.
أمّا موقف دولتنا اللبنانيّة، فكان معيباً انشغالها بالتضامن مع ضحايا الإرهاب في فرنسا أكثر من تضامنها مع ضحايا الإرهاب في جبل محسن، وكأنّ في لبنان مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة فيما الغرب له القيمة والاعتبار والتقدير. وكان معيباً ان نرى وزير خارجيتنا يمشي في طليعة مسيرة رفض الارهاب في فرنسا إلى جانب مجرمين عالميين وعلى مرمى نظر من رئيس وزراء العدو، فيما كان جرحى طرابلس يأنّون من آلالمهم، وشهداؤها لم تجف دماؤهم بعد، أوليس من الأجدى له أن يطالب حكومة فرنسا "أم الحريّات!!" أن تفكّ أسر المناضل "جورج ابراهيم عبد الله" وأن يدعو للتضامن مع رمز من رموز المقاومة في وجه الإرهاب الصهيوني وأن يستنكر الإعتقال التعسّفي الذي تمارسه الحكومة الفرنسيّة بمعيّة الإدرة الأمريكيّة التي تدير شرون الإرهاب في العالم بأسره؟!.
هي مهزلة كبرى مستمرة في إدارة الدولة على كلّ مستوياتها، وبين كلّ مكوّنات حكمها حيث يترك الناس لمصيرهم تتقاذفهم العواصف، وتقتلهم التفجيرات فيدافع بعض اللبنانيين عن المرتكبين، ويهمّ أركان السلطة إلى التعزيّة بضحايا باريس فيما يموت المسنّون من برد الشتاء وتنوح أمّهات شهداء طرابلس. هي سلطة فاشلة تستمرّ يوميّاً بإهانة اللبنانيين فيما الإرهاب ينمو ويتوسّع في لبنان والمنطقة والعالم.
اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني - المكتب التنفيذي
بيروت 13-01-2015
أقفل باب الترشيح لعضوية الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي على 91 مرشحاً. انتخاباتها تجري الأحد المقبل، في 18 الجاري، في ثانوية عمر فروخ الرسمية. القوى السياسية تعمل حتى ربع الساعة الأخير لإنتاج توافق يصون حصة كل منها، فيما يتطلع الأساتذة نحو إنتاج رابطة قادرة على الدفاع عن حقوقهم وقرارهم المستقل
فاتن الحاج - الاخبار
انطلقت عجلة المفاوضات الانتخابية التي ستحسم شكل الهيئة الإدارية الجديدة لرابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي. تنتظر قواعد الأساتذة إنتاج هيئة تصون استقلالية القرار النقابي، في حين تسعى الاحزاب الى إعادة إنتاج التوافق السياسي نفسه القائم على المحاصصة بينها.
تتطلع فئة من الناشطات والناشطين النقابيين في صفوف الرابطة إلى دور للتيار النقابي في هذه الانتخابات عبر ترشيح العديد منه، في حين تمارس أكثرية الاساتذة الحزبيين الضغط على أحزابها في السلطة السياسية «لرد العصي عن الحقوق في سلسلة الرتب والرواتب من جهة ودرء مخاطر تصفية القطاع العام عبر وقف التوظيف والمس بالتقديمات الصحية ونظام التقاعد من جهة ثانية»، بحسب ما قال أحد المرشحين، مضيفاً أن «دعوة صندوق النقد الدوليّ منذ نحو 10 أيام إلى الإسراع في إقرار السلسلة في نسختها الأخيرة ليس سوى تأكيد جديد لمخاوفنا من ضرب الحقوق المكتسبة للأساتذة الثانويين».
تظهير الأحجام في المفاوضات
في الواقع، لا تعلن أي من القوى السياسية حتى الآن نيتها خوض «معركة» في انتخابات الرابطة المقررة يوم الأحد المقبل. يختبئ كل فريق وراء مساعي «التوافق» على لائحة ائتلافية تضم الجميع، لاستكمال معركة السلسلة وتجنّب ما يثير الشقاق ومراعاة الظروف الأمنية. إلا أن كل فريق يسعى الى حفظ حصته أو زيادتها بما يتناسب مع ما يراه حجمه التمثيلي الطبيعي. وعلى الرغم من عدم تبلور صيغة نهائية، تضجّ المجالس الخاصة بأحاديث عن رغبة هذا الفريق أو ذاك في تسمية رئيس الرابطة من مندوبيه، وخصوصاً التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة أمل. لا أحد يقول صراحة إنه يتمنى إطاحة واحد من أبرز رموز هيئة التنسيق النقابية، رئيس الرابطة حنّا غريب، ولكن إشاعة الاجواء عن النيّة بترشيح منافسين له يشي بأن هناك من يحاول أن يستدرج الاساتذة الى معركة من هذا النوع في حال توافرت ظروفها. يستند ممثلو الاحزاب الى الأعداد التي حصل كل حزب عليها في انتخابات المندوبين (يشكلون الهيئة الناخبة)، ولا يتردد بعضهم في تضخيمها بهدف تحسين مواقعهم التفاوضية. يقول وليد جرادي (تيار المستقبل) إنّ تياره حلّ في المرتبة الأولى، إذ لامس عدد مندوبيه ومندوبي حلفائه من قوى 14 آذار نحو 170 مندوباً من أصل 535. ويشير نزيه جباوي (حركة أمل) الى أن حركته فازت بنحو 100 مندوب.
كذلك يلفت يوسف زلغوط (حزب الله) إلى أن حزبه فاز بأكثر من 90 مندوباً. ويرى مفوض التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي سمير نجم أنّ حزبه بات يمثل 12% من المندوبين، فيما يفضّل التيار الوطني الحر عدم الحديث عن العدد لأسباب انتخابية. أما «التيار النقابي الديموقراطي المستقل»، الذي يقوده رئيس الرابطة الحالية حنا غريب (الحزب الشيوعي)، فيجزم بأنّه لا يزال يمثل، بمفرده، القوة الناخبة الأولى، وما «ينشر من أرقام مضخمة يحتاج إلى حسابات دقيقة». وترفض «لجنة الحفاظ على موقع الأستاذ في التعليم الثانوي الرسمي»، التي تخوض الانتخابات، الحديث عن أرقام وحصص حزبية ومذهبية. يقول رئيسها فيصل زيود إننا «سندخل المفاوضات الانتخابية على أساس بياننا المطلبي، إذ نأمل التوافق على حق الأساتذة الثانويين في جدول خاص في السلسلة يحفظ مكتسباتهم التاريخية، أي فارق 6 درجات عن الأستاذ الجامعي و14 درجة عن معلم المرحلة الابتدائية و60% عن الموظف الإداري، وأخذ موافقة الروابط الاخرى في هيئة التنسيق على هذا الطرح، لندافع معاً عن المطالب المشتركة للقطاعات الوظيفية ونواجه بنود باريس ـ 3».
صيغة للتوافق
تتمتع رابطة الاساتذة الثانويين بموقع ريادي في هيئة التنسيق النقابية، وتكاد تكون القوة الضاربة فيها، وهذا ما يجعل انتخاباتها ونتائجها تحت الضوء. فقد تعرّضت الرابطة لضغوط كبيرة بهدف تطويعها، بحسب ما يقول ناشطون مستقلون. هؤلاء يخشون مصادرة قرار رابطتهم واحتواءه، ويدعون الى إعلان الرابطة نقابة مستقلة لها شخصيتها المعنوية المستقلة، وصولاً إلى إنشاء اتحاد نقابي عام يمثل موظفي القطاع العام. يرى غريب أن مهمة مثل هذا الاطار النقابي سد الفراغ الحاصل بغياب أداة نقابية مسؤولة ومعنية بمتابعة المطالب المشتركة التي تهم القطاعات كافة، «فالمطالب المشتركة مسؤولية هيئة التنسيق النقابية لأنها تخص كل مكوناتها». عشية الاستحقاق، يضع غريب الوجهة النقابية التي يأمل وتياره أن تجري الانتخابات على أساسها. برأيه، إنّ «تشكيل الهيئة الإدارية الجديدة للرابطة يجب أن ينطلق من تركيبة الهيئة السابقة كأساس وروحية عمل، فهي كانت هيئة توافقية بامتياز وواسعة التمثيل، تضم قوى نقابية وحزبية ومستقلين، بأشخاصها وتجربتهم النقابية الغنية، فهذا واجب نقابي يجب تقديمه تقديراًَ لمواقف هؤلاء وتضحياتهم خلال التحرك السابق، الذي أعاد الروح إلى العمل النقابي في لبنان باعتراف الجميع». يرى غريب أن «أعضاء ومقرري مكاتب الفروع كان لهم الدور الريادي في تحرك هيئة التنسيق، انطلاقاً من الدور المميز لرابطتهم في التحرك، هذا ما ينبغي تعزيزه». يدعو غريب إلى الاكتفاء بملء المقاعد الشاغرة بفعل التقاعد أو غيره، عبر انتخاب نقابيين شباب، مستقلين وحزبيين، أفرزتهم المعركة الأخيرة، وينشطون حالياً في لجنة الحفاظ على موقع الأستاذ الثانوي وفي التيار النقابي الديمقراطي المستقل. يعتقد أن ذلك يساهم في حماية استقلالية الرابطة، «فالمعركة المقبلة ستكون مصيرية، ما يتطلب هيئة غنية في تجربة أعضائها وكفاءاتهم النقابية». يطالب غريب النقابيين المنتمين إلى أحزاب وتيارات سياسية، موجودة في موقع السلطة، بمضاعفة جهودهم وزيادة تأثيرهم لسد الفجوة، «تلك التي حالت دون تجيير الموقف العام لتياراتهم أو كتلهم أو ممثليهم في السلطة لمصلحة إقرار الحقوق، لا سيما أنهم قدَموا تجربة نقابية مشهوداً لها، لكن هذه التجربة لم تستطع في محصلتها تحقيق مطلب الأساتذة الثانويين ولا حتى ضمان حقوقهم وموقعهم الوظيفي بتوصية أو بوعد، رغم توافقية الرابطة، ورغم ضخامة التحرك الذي نزل فيه أكثر من مئة ألف متظاهر في 14 أيار النقابية».
برنامج انتخابي شبه وحيد
ما عدا البيان المطلبي الذي أعلنته سابقاً «لجنة الحفاظ على موقع الأستاذ الثانوي» والبرنامج الانتخابي الذي طرحه «التيار النقابي الديمقراطي المستقل»، لا تخوض الاحزاب الانتخابات ببرامج معلنة. كل ما في الامر أن هذه الاحزاب تنطلق من كتل تصويتية بين المندوبين لتحدد حصصاً في المفاوضات الجارية. يضع التيار النقابي الديموقراطي المستقل، بحسب غريب، أولويات لبرنامج انتخابي إصلاحي تهدف إلى «رفع المستوى التربوي للتعليم الثانوي وتعزيز نوعيته والاستمرار في مواجهة مشاريع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتحالف السلطوي المالي، الهادفة إلى تصفية ما تبقى من دولة الرعاية الاجتماعية في مشروع السلسلة». يقدم البرنامج، بحسب غريب، بدائل إصلاحية، «بدلاً من وقف التوظيف وتجاوز عدد المتعاقدين الثانويين أربعة آلاف متعاقد، يطرح هذا البرنامج تطبيق مرسوم المباراة المفتوحة لوظيفة أستاذ تعليم ثانوي، المجمد تنفيذه في مجلس الخدمة المدنية منذ عامين، وإقرار مشروع قانون إنصاف المتعاقدين ممن تجاوزوا السن القانونية، ممن أمضوا سنوات طوالاً في التعاقد، واشتراط أن يكون أستاذ التعليم الثانوي حائزاً شهادة ماجستير في الاختصاص المطلوب، وأن يكون بداية راتب الأستاذ الجديد أدنى بفارق ست درجات عن بداية راتب الأستاذ الجامعي المعيد». يرفض البرنامج اعتبار مشروع السلسلة المقترح (وما سبقه من مشاريع) أن الـ10,5 درجات = (60%) هي بمثابة غلاء معيشة يجب احتسابها وحسمها من الزيادة للأستاذ الثانوي، «فهذه الدرجات ليست في الواقع سوى الترجمة العملية للقوانين 66/53 و82/22 و87/45 و99/148 و2011/159 التي كرست حق الأستاذ الثانوي في الـ60% باعتبارها حقه المشروع لقاء زيادة في ساعات العمل وليس بدل غلاء معيشة». يردد غريب أن مشروع السلسلة هو «تصحيح للرواتب المجمدة منذ عام 1996 والذي بلغت نسبته121%، وبما أن هذه النسبة سبق أن أعطيت للقضاة وأساتذة الجامعة، ينبغي، انطلاقاً من مبدأ العدالة والمساواة، إعطاء النسبة عينها لكل القطاعات، ما يقضي بإعطاء الأستاذ الثانوي معدل تصحيح على راتبه مقداره 75% هي النسبة المتبقية من أصل الـ121%، وفق صيغ منها إعطاء نسبة مئوية على راتب الأستاذ الثانوي تدخل في صلب الراتب عند نهاية الخدمة، أو إعطاؤه درجات كمتممات على الراتب، مع الانفتاح على كل الصيغ الممكنة، بما فيها الجدول الخاص في حال التعذَر». يطالب، البرنامج الانتخابي وزير التربية بأن يتبنّى الدفاع عن هذا الحق ويترجمه في مشروع مرسوم في مجلس الوزراء ويجري إقراره، ما يقطع الطريق على إقرار مشروع السلسلة الموجودة في مجلس النواب التي تضرب حقوق الأستاذ الثانوي وموقعه. ويطالب أيضاً برفع نسبة الدرجة على طول السلسلة بنسبة 5% بما يحقق إعطاء نسبة زيادة واحدة بين جميع القطاعات. يقول غريب إنّ «المشروع المسخ للسلسلة، والموجود في المجلس النيابي والذي رفضته الرابطة، وقاطعت التصحيح في الامتحانات الرسمية بسببه، بعدما رفض المسؤولون إعطاء ضمانات بالحفاظ على حق الأستاذ الثانوي المشروع بالـ10.5 درجات = 60%، يجعلنا نحمّل المسؤولية الكاملة سلفاً لكل من يقدم على الموافقة عليه وإقراره في المجلس النيابي بالصيغة المطروحة الآن». ويتعهد بمتابعة المعركة والقيام «بأوسع تحرك خاص برابطتنا رفضاً لما يتضمنه هذا المشروع من غبن وإجحاف بحق الأستاذ الثانوي». لا يعني ذلك الابتعاد عن الروابط الاخرى، بل العكس، يقول غريب، «ففيما نركز على أولوية تحركنا الخاص حفاظاً على حقوقنا الخاصة كأساتذة تعليم ثانوي، يجب ألا ننسى أن حقوقنا المشتركة مع القطاعات الأخرى تعنينا، ونحن غير موافقين على ضربها»، ويضيف أن «المطلوب إيلاء الحقوق المشتركة اهتماماً خاصاً من قبلنا، والتحرك في سبيلها يجب أن يكون مسؤولية مشتركة في هيئة التنسيق النقابية. نريد حقوقنا الخاصة والمشتركة في آن واحد، ومن دون مقايضة إحداها بأخرى، وبقدر ما نحن مع إعطاء حقوق كل القطاعات، فمن البديهي أن نطالب القطاعات الأخرى في المقابل بالوقوف معنا والحفاظ على حقوقنا الخاصة».
140 في المئة
ليس واضحاً حتى الآن ماهية التعديل الطارئ على موقف صندوق النقد الدولي من مسألة سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام. كل ما يتردد عن «نصيحته» بإقرار السلسلة هو كلام منقول بالتواتر عن أحد الوزراء. طبعاً، لا يعني ذلك أن الكلام غير صحيح، ولكنه لم يصدر بأي شكل رسمي عن الناطقين باسم الصندوق أو وثائقه. كل ما هو متاح (قبل نشر تقرير بعثة المادة الرابعة رسمياً) هو تصريح أدلى به مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق، الذي زار لبنان في 8-9 كانون الاول الماضي. قال إن «وضعية العجز المالي شهدت تحسناً مقارنة مع التوقعات التي كانت سائدة في وقت سابق (...) نتيجة إنفاق رأسمالي أقل، وتجميد إقرار سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام. إن هذه التطورات ستجعل العجز يتحسن بشكل مستدام ومقبول وهو أمر مطلوب بقوّة، ليضع المالية العامة في لبنان على السكة الصحيحة. وفي حسابات الصندوق، فإن الدين العام يستمر بالتنامي ليصل إلى 140% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية هذه السنة (2014). بالاستناد الى مضمون هذا التصريح، لا يبدو أن الصندوق أدخل تعديلاً جوهرياً على موقفه السابق!
مجتمع واقتصاد
قبيل اندلاع بهجة عيدي الميلاد ورأس السنة، بدأ زياد الرحباني بالغيبة الصغرى. كعادته كل عام، يهرب من الاحتفال الميكانيكي والمعايدات ومن مواجهة انقضاء عام آخر من عمره. «كيف مساقبة رأس السنة وعيد ميلادي سوا!»، يتمتم كارهاً برمجة الفرح البشري في مواعيد محددة مسبقاً، لكنه سرعان ما يتنبه إلى أن أزمته خاصة واستثنائية مع الفرح. قادته سابقاً إلى التفكير في الانتحار وتقوده حالياً نحو برلين
آمال خليل - الاخبار
عاد زياد الرحباني من غيبة الأعياد سالماً معافى. ظهر مجدداً في الحي والاستديو وجريدة «الأخبار» والميني ماركت من دون أي خلل. عادة، تحمل القلة القريبة منه، همّه عندما يتوارى عن الأنظار لمناسبة الأعياد وعيد ميلاده تحديداً. قبل عيد الميلاد، بلّغ أنه سيغيب وسيقفل هاتفه وينعزل في مكان ما، ليس في بيته أو الاستديو في الحمرا ولا في بيته الجديد قرب بكفيا أو في أي مكان اعتاد ارتياده. يعاني فوبيا الأعياد. في طفولته، لم يملك القوة اللازمة لمقارعة هجوم ميلاده على عمره في 1\1.
كان الطفل الأول لوالديه. ولأنهما عاصي الرحباني وفيروز، اهتم كثيرون بمشاركتهما العيد. حفلات صاخبة على نية ذاك الطفل. لا يذكرها زياد ولا يريد. في السابعة، صار يتسلل من بين أقرانه، وينعزل في غرفته.
في الثالثة عشرة، تسلل من البيت هارباً من أعياده وخلافات أصحابه. مذاك، أصبح يتحكم في وتيرة مناسبة الأول من العام وفي تداعياتها، لكن هذا العام كان أثقل. حاول تحقيق انتصار يعيق تقدم عمر التاسعة والخمسين نحوه. قرر مغادرة لبنان لأنّ «59 سنة فيه بزيادة». تمنى أن يبلغ هذه السن تحت سماء برلين، حيث اختار أن يقيم، لكي يكون الاقتراب من الستين أقل وطأة ويأساً وانهزاماً. سماء تفتح له آفاقاً وذهناً صافياً ليؤلف الموسيقى والأغاني والمسرحيات والكتب، ولتعيد تبسيط الفكر الماركسي له، من دون أن تقطع الكهرباء والمياه حبل أفكاره، أو يضرب مزاجه فساد سياسي أو غذائي. سماء تحتمل تطوره الفني غير تأليف أغنيات لفيروز بقي الكثير منها معلقاً، لرفضها تسجيلها بعد زعلها منه. سماء تحتضنه كي يستريح، بعدما لجأ إليها قريباً من سن التقاعد، ليس كوطنه المشغول بترقيع الأساسيات، فيما الفن من الكماليات، لكن حتى هذه الأمنية «ما زبطت معه». انهمك بأمور كثيرة، منها احتفالات تأسيس الحزب الشيوعي وتصفية شؤونه وأملاكه البسيطة وتخليص أمور تتعلق بفرقته وبيته واستديو الحمرا، الذي تملك فيروز القسم الأكبر منه. تأجل الموعد مع ألمانيا إلى نهاية الشهر الجاري على نحو مبدئي، لكنه بشغف، يصبو إليها، حيث يعرف الكثير من مدنها وأنظمتها وأجوائها، وله فيها أصدقاء وأمكنة لا تزال تنتظر مذ كان يزورها مرات عدة.
لا يبدو زياد استثنائياً في ما يعانيه من فوبيا الأعياد، ولا سيما مولده. والأسوأ أن الناس «محتفلين قبل ما يكون عيدي» يقول. الاحتفالات لا تبهجه بل تذكره بالأشياء الحزينة التي تملأ العالم. يرى أن «الابتهاج مبالغ فيه. من حق الناس أن يفرحوا، لكنه فرح مبرمج، كأنهم مجبرون على فعل الشيء ذاته». ليس أمر الفرح المشكلة فقط. «المناسبة تجلب القهر لبعض الناس. بالنظر مثلاً إلى الحوادث المرتبطة باحتفالات رأس السنة، وخصوصاً في البلدان الفقيرة».يخبئ زياد أحزانه الخاصة خلف أحزان الكون. والحقيقة أن فرح الناس يذكره بوحدته وابتعاده عن والدته وإخوته وفشله في تكوين حياة مستقرة ... يحار ماذا يفعل. يريد أن يهرب من معايدات الناس له وتمنياتهم.. بينما هو مقتنع بأنه «ما لازم اقعد لحالي وأجرد 59 سنة لأنو معي فرد (مسدس) يمكن استعملو ويمكن يقوص حالو الواحد. هول راحو وما في قوة ترجعهن». يهزأ زياد ممن خشي عليه من الغربة. إحساس الغربة مزمن بين جنبات الرجل. «على المستوى الشخصي أنا صفر عالشمال. بعد كل هالعمر ما في مخلوقة تكون معي في هذه المرحلة. وهيدا شي ما بيشجع». يجزم بأنه ما من امرأة «أحبتني. حتى المرأة التي خطبتها وعشنا معاً سنوات، بتطلع انو كان بدا شي ووصلتلو». كان من الممكن لو يستمر في أبوته لعاصي الرحباني، ابن زوجته السابقة، أن يتبدد شيء من وحدته. عاصي صار أباً وزياد كان سيكسب فرحاً مضاعفاً، لكن كان من الضروري إخباره بأنه ليس ابن زياد و»إنهاء الخديعة التي مارستها والدته علينا نحن الاثنين».
بين الانهزام الشخصي والعام، لاحت فكرة الانتحار مرات عدة. يفكّر في المنتحرين، وخصوصاً في الأعياد. يجدها منطقية، ارتفاع نسب الانتحار فيها. «مش قليل الرفيق حسن اسماعيل تجرأ وعملها» يقول. بالنسبة إليه «ما إجت على بالي الفكرة في رأس السنة. بتاخد ضجة». أما في باقي أيام السنوات الماضية، فتروح وتجيء مراراً. «ما حدا عاش بالحرب وما فكّر بالانتحار» يقول، لكن التفكير الجدي سجل «بين مرحلة نفي عون (النائب ميشال عون) ومجيء الحريري (الرئيس رفيق الحريري). الواحد بقي لديه هاجس فعل شيء في سنوات الحرب الأولى، قبل أن ييأس بانتهاء القتال لكي يحكم الحريري وتنهار النقابات. هل هذا هو الحل؟!».حينها «سكّرت منيح، في وقت الهجرة لم تكن متاحة أو يعتبر ما إلها عازة. إنما الآن عالتسكير الكامل صارت متوافرة». المرة الثانية كانت متوقعة، كما يقول. في عام 1996، عندما أقلع بالقوة عن شرب الكحول. لم ينتحر بمجيء الحريري، بل أدمن تناول زجاجتي ويسكي كاملتين يومياً طوال خمس سنوات. استدعاه الطبيب محمود شقير إلى المستشفى وأجبره على التوقف. حينها،نقص وزنه من 90 كيلوغرامات إلى 69. حافظ على الكرش (البطن) لأنه «كلبناني مقبول وإلا ما مناخد باسبور. بيي كان يقللي ما تعذب حالك، شو ما عملت نحنا شكلنا نجاصة». شدّ عزيمته ونظر إلى مصائب غيره وقال في نفسه «عيب شيل هالأفكار من رأسك»، لكنه لم يلغ الفكرة كلياً. ليس لديه مانع من أن ينتحر انتحاراً مفيداً. كيف؟ «يشنغل حدا معو بليلة ما فيها ضو قمر. يفجر حالو بحدا ما بيخطرو تنتحر فيه».هل لا تزال والدته زعلانة منه وتقاطعه؟ كطفل حزين يضم شفتيه مطأطئاً رأسه إلى الأسفل. لا ينفي أن مقاطعة والدته وشقيقته «ريما المزاجية»، من أسباب حزنه. يختصر الحديث عن خلافاتهم لأن فيروز «تقرأ هالجريدة (الأخبار) وستقرأ ما أقوله عنها. فلا أريد أن أزيد في أسباب البعد بيننا». يصمت لكن حسرته سرعان ما تنتفض. «لازم هيي تعيدني وتراضيني.هيي حردت بسبب إفصاح رأيها بالسيد حسن نصرالله، بس أنا رجع صار فيي اشيا كتير. مرقت بظرف خطير صحياً وأنا فالل». ينسى المستمع أن والدة زياد هي سفيرتنا إلى النجوم وأيقونتنا المقدسة. هي بالنسبة له من البشر، تصيب وتخطئ. يرى ابنها البكر أن عليها أن تراضيه لأنها «جابتني عالدني وتحملت من مشكلاتها مع والدي الكثير، حتى انسحبت عليي وفشلت في زواجي بعد أقل من عام». يذكر كيف كان والداه ينتظرانه ليترأس جلسات حوارهما. في الصف في مدرسة «الجمهور»، كان ينشغل عن دروسه برسم خارطة الحوار واقتراحات لحل المشكلات. أكثر ما كان يقلقه أن يدري أقرانه بخفايا المنزل المضطرب، لكن «صوت التفاهم في الجلسة سرعان ما يصل إلى مسامع الجيران. حتى يئست وانسحبت». مرّ عيده ولم تهاتفه «كما روّحت سابقاً فرصاً عدة للمصالحة، منها وساطة شخصيتين سياسيتين كلفتهما».
مع هدأة الابتهاج، عاد زياد للظهور. «بتكون الناس نسيت العيد ورجعت إلى مشاكلها». مشاكله هو أكثر. تزدحم الأمور قبل السفر إلى برلين. أمامه أقل من شهر ليصفي حساباته مع لبنان وعائلته وفرقته الموسيقية وأرشيفه والميني ماركت. ليست المرة الأولى التي يفكر فيها في الإقامة خارجاً. «أول مرة كانت يوم انتخاب بشير الجميل، سلمت الاستديو وقلت بحمل حالي وبفل. إذا بشير هيك مبلش شو رح يعمل بالباقيين، بس ما طولت لأنو إجا دغري الاغتيال». فكرة السفر عادت وفرضت نفسها. «بحب الناس وعايش طول حياتي بينن بس انا شو جاييني بدي قضي حياتي عالتبرعات وعالدين؟» يتساءل.قبل مغادرته، سيلقي نظرة الوداع على أصدقائه وخصومه. مع «حزب الله» يضع النقاط على الحروف. يلتقي السيد حسن نصر الله. بعد الزعل الأخير مع «حزب الله»، طلب مباشرة لقاءه. قال له الإخوان «لك مكانة كبيرة هنا. احتفظ بهذا الرقم واستخدمه متى تشاء واطلب موعداً مباشراً من دون وسطاء». وجهاً لوجه مع السيد، يقول كل ما يريد. «ما عاد فارقة معي شي. تصوروا نتعلم من الحزب ونحنا معلمنا لينين». لا تزال بوصلة زياد واضحة. «أنا شيوعي شو لكان. ليش بدي كون حزب الله؟ أن تكون بحلف معه شيء، وأن تكون فيه شيء آخر. بس لأنو ما في حزب شيوعي لبناني، يظهر انو ما في غيره». كمن يدور حول نفسه، يحاول زياد فعل شيء من أجل حزب الكادحين. «لازم يرجع الحزب الشيوعي يعترف بالناس التي خرجت منه وراحت على «حزب الله» أو على الإمارات او إلى بيوتها». يروج لمجموعة «كوليكتيف» التي أطلقها في احتفالات التأسيس في المركز الثقافي الروسي. «إذا مسافر شو وقفت عليي، بيكملوا من بعدي؟». يرتاح ضميره إذا انتشرت المجموعة لتضم نشطاء من خارج الحزب الشيوعي وسائر الأحزاب والمجتمع المدني. يؤكد أنها حركة ليست يمينية أو ضد القضية الفلسطينية.
للرئيس نبيه بري حصة قبل السفر. بينهما جلسات دائمة. «أنا معجب به. رح تنحل يوماً بالشكل الذي يراه بري الذي يجمع المجد من أطرافه، مقاومة وسلطة» يضحك. ماذا عن بري؟ هل صفح عن «أنا والله فكري هنيك» التي تردد أنها موجهة ضده؟ «بري حسمها بأنها ليست عنه. أخبرني بأنه كان مع النائب وليد جنبلاط في فندق في دمشق عندما أذيعت الأغنية. قال له بري: انبسطت هيك؟). أجابه جنبلاط: مين قلك إنو عني؟ رد بري: كل المواصفات فيك». زياد سيلتقي الرئيس سعد الحريري الذي وعده بزيارته أينما كان خارج لبنان. لم ينس أن والده قاده إلى التفكير في الانتحار، لكن «بالنهاية ما فينا نبني بيروت من دونه. من الآن وحتى زوال الحريرية، بدنا نحكي مع سعد،
وخصوصاً أنه بيضل أحسن من السنيورة (الرئيس فؤاد السنيورة)».في برلين، سوف يتعاون مع فرقة موسيقية عالمية ويقدم حفلات وينصرف إلى تحويل مسرحية «مارتن» التي كتبها عام 2004 ولم تعرض، إلى سيناريو فيلم من إنتاج لبناني ألماني وبتمثيل لبنانيين. متفائل بزخم التجربة الألمانية. «كنت كل ما بدي سمّع العالم أغنية، بدي جيب موسيقيين من هون ومن هون وهيدا ما بيتقبلو المنتج إلا اذا كنت عم لحن لفيروز. علماً أن المطربات الأخريات بتكلف أسطواناتهن أكثر من فيروز بمئة مرة. وإذا لفيروز المنتج ما بيحط هالمبالغ كيف بدو يحطن عليي، وأنا بأحسن الأحوال يسمون موسيقتي موسيقى صامتة». الوحي الألماني ليس جديداً على زياد. قبل سنوات، تلقى عرضاً من مسؤول فرقة في شتوتغارت لوضع موسيقى من وحي الموسيقى اللبنانية لعرض يجوب العالم، لكن «داعش» جمد العرض. بالتزامن، سيواصل تنسيق مشروع موسكو مع قناة «روسيا اليوم» والسفارة الروسية في بيروت. مع القناة، يُعدّ لبرنامج حواري يستضيف شخصيات سياسية تستعيد تجربتها. اتفق مع الرئيس حسين الحسيني على تسجيل 25 حلقة. من برلين سينتقل إلى موسكو، لتقديم حفلات مع فرقة روسية عالمية.خلال الشهر الحالي، سيعبر عن محبته للناس أكثر. ليس على قاعدة «يا رايح كتر الملايح»، بل يريد أن يبدأ صفحته الجديدة في برلين بصفاء شوهته الصيغة اللبنانية. سيفتح يديه لاحتضان الجميع قبل المغادرة. أما هو، فبماذا يوصينا؟ وماذا يريد منا؟ «ما بدي منكم شيء. أحلى جملة سلامتك والعافية كما يقول أهل الجنوب».
من الحمرا إلى بكفيا
لم يستقر زياد الرحباني في حضن أو في بيت أو منطقة. الحروب الأهلية في منزل والديه ووجدانه ثم في الوطن، جعلته مطارداً باحثاً عن مكانه المناسب. حتى اكتشف بعد 59 عاماً أنه ليس على هذه الأرض وبين هؤلاء الناس. لم يخطط ليتخذ سكناً في جوار بكفيا قبل أشهر. درب الكتائبيين لا توصل إليه. لكن «تحول بيتي في الحمرا إلى سكن للموسيقيين حتى ضاق بهم وبالأغراض». مع ذلك، بعد انكشاف خلوة بكفيا، بات يقصد فندقاً للراحة أو العمل. قبل بكفيا بسنوات، استأجر بيتاً في بلونة. «أول مرة طلعت مصاري من مسرحية «نزل السرور»، استأجرت البيت واشتريت سيارة وصار عندي كل الدوافع لأغادر بيت أهلي». لكن «استأجرت بيتاً تنتهي الطريق به وأصبح نائياً في الحرب الأهلية، لكنه كان قريباً من منزل بيت دلال كرم التي أصبحت زوجتي لاحقاً». زيّن البيت بلوحة ضخمة لجوزيف ستالين اشتراها من المركز الثقافي السوفياتي. محيطه آنذاك لا يعرف ستالين. «ما كان حدا بيعرفو مين هوي بس مبين إنو مش حدا بيقربني وما فيك تقول عنو إنو حدا من العيلة ولا من الجيش اللبناني». لكن سكن بلونة لم يطل. «كانوا يتصلون بأمي ويقولون لها: روحي شوفي ابنك مقتول ومزتوت تحت جسر الكازينو. تدخل أمي إلى غرفتي وتجدني جالساً. تقول: بيع البيت وتعا أسكن هنا. قلت: مستأجرو كيف بدي بيعو؟ أمي اقتصادية متل كل الأمهات». لكن ضغطها وضغط سعيد عقل أعاده إلى المنزل. «خيك سعيد عقل كان يعطي نظريات انو اللي ما بيقتل فلسطيني، ما بياخد الهوية، وكان يجي لعنا ويقول هيك بصوت عالي بالصالون».
شي ظابط
صوّب الأمن العام على مسرحية «شي فاشل». يومياً، كان يرسل دورية لإيقاف العرض «بسبب تحريض ماغي فرح على الإذاعة ضد المسرحية التي تسخر من التراث اللبناني والأرزة ولبنان بعد مغادرة أبو عمار (ياسر عرفات). وهيدا الولد (زياد) يقبض من الفلسطينيين ليسخر من الدولة بمسرحية مرخصة». لكن العرض استمر وحضرها 7 آلاف شخص و»حصلنا على رخصة من الأمن العام بطريقة عجيبة بواسطة ضابط مررها من دون أن تصل إلى المدير العام زاهي البستاني الذي كان سيرفضها فوراً». قرأ زياد سيناريو مشهد أبو الزلف على الهاتف للضابط.
داعش
«بعدنا برات التاريخ، ليك كلو ماشي بالبلد وكل واحد عندو تلات أربع أنواع سلوليرات وعنا داعش، ما بتظبط إلا عنا داعش، من جيلنا داعش، وبتركب عنا ونحنا ملاقيين وسيلة نتلافاها ونكفي الحياة، نزال عالأشرفية أو على سوليدير في ناس عايشين وحدن ما حاسين بداعش ولا بشي».
شهدت منطقة البقاع عاصفة مثلجة تلتها موجة من الصقيع الذي أدى إلی تكون الثلوج وطبقات الجليد خصوصاً في المناطق المرتفعة.
وفيما قامت بعض البلديات بواجباتها تجاه المواطنين، كان أداء البعض الآخر مخيبا لآمال الناس حيث تركوا وحدهم في مواجهة الطبيعة القاسية.
وفي بلدة لبايا خاصة حوصر المواطنون في منازلهم وانقطعت عنهم الكهرباء والمازوت ووسائل التدفئة وظلت الطرقات مغلقة أمام منازل الكثير من الأهالي بينهم العديد من المسنين والاطفال. ورغم مناشدات الأهالي للمساعدة وفتح الطرق، لم تتحرك السلطات المحلية كالبلدية والسلطات المسؤولة، حيث اضطر الأهالي الی توجيه النداءات عبر وسائل الاعلام ولم تجد أصواتهم من يسمعها ويتجاوب معها.
في هذا الإطار، يطلب الاتحاد من وزارة الداخلية والبلديات متابعة الموضوع بسرعة طارئة مع البلديات المعنية ومن وزارة الأشغال التدخل فورا لفتح الطرق المغلقة حيث أن استمرار انقطاعها يهدد حياة المواطنين ويعرضها للخطر.
لبايا
11-1-2015
تعود الأعمال الارهابية إلی عاصمة الشمال طرابلس لتثير أجواء الفتنة والانقسام من جديد بين أبناء المدينة عبر جريمة مستنكرة في جبل محسن مخلفة وراءها الشهداء والجرحی والمتضررين.
يستنكر اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني هذه الجريمة ويدعو إلی توحيد الصفوف ضد الفتنة وضد الانقسام المذهبي وإلی مواجهة هذا الفكر الظلامي.
كما يدعو الاتحاد الجيش والقوی الامنية إلی اتخاذ التدابير الأمنية اللازمة لمنع تكرار هذه الاعمال وإلی ضرب مكامن الارهاب اينما كان. كما يدعو الدولة اللبنانية إلی لعب دورها وتحمل مسؤوياتها الامنية والاقتصادية والتنموية في كل مناطق الشمال، وإلی التعويض علی كل المتضررين والجرحی وأهالي الشهداء من خلال الهيئات المعنية.
ويدعو الاتحاد كل الشباب للعمل معا من اجل كسر الحواجز والقيود بين اللبنانيين والابتعاد عن القوی الطائفية والمذهبية التي جلبت الخراب لكل المواطنين من كل الفئات.
طرابلس 11/1/2015
غسان ديبة- الاخبار
«لا وسط بيروت الذي اختلسه المضاربون ولا القصور الطالعة من كل ميل ولا الجادّات المستحدثة يمكن أن تعيد (للبنان) الماضي وتضيء المستقبل». هنري إده
تبث الـ BBC حالياً لقطات من حول العالم تحت عنوان «مدينتي». يتحدث فيها أشخاص عن مدنهم، كستوكهولم وبرشلونة والريو... أكثر ما يقولون يتعلق بديناميكية، وثقافة وأصرحة مدنهم وعلاقة الإنسان بها. اختارت الـ BBC أن تظهر أن بيروت تعود كمدينة «فخمة وفاتنة»(1) ليس بالمعنى الجمالي، بل ذلك الافتتان البراق المصطنع.
يعكس هذا الوصف التحول الذي تشهده حالياً مدينة بيروت، الذي يتمثل في استكمال اجتياح الرأسمال الريعي للمدينة وأحيائها وشوارعها، وهو اجتياح لم يبدأ مع «سوليدير» في وسط المدينة، إذ إن التطوير العقاري الكبير الحجم بدأ خلال الحرب الأهلية في الثمانينيات من القرن الماضي بمساعدة الرأسمال العربي. إلا أن «سوليدير» جسدت المفاعيل المدينية «للمال إن حكم»*، وأصبح هذا النموذج مركز الجذب لحركة التطوير العقاري في لبنان، يجمع بين الرأسمال الكبير والأشكال المعمارية الفخمة، الطاردة لأبناء المدينة الأصليين ولا سيما أبناء الطبقات المتوسطة والعاملة، والمدمرة لفضاءات التواصل الاجتماعي. المعماري الراحل هنري إده (الذي لعب دوراً رئيساً في التخطيط لإعادة إعمار وسط بيروت، قبل أن يستقيل من مهمته احتجاجاً على ما اعتبره انحرافات عن الهدف)، يذكر في كتابه (مذكراته) كيف أن إنشاء «سوليدير» وسياساتها أخلّت بالتصور الأصلي لإعادة إعمار وسط مدينة بيروت، الذي كان يتضمن (برأيه) تطويراً عقارياً مع الحفاظ عليه كمكان للعيش والتفاعل الاجتماعي، واحترام معالمه الثقافية والتاريخية، بالإضافة الى تجديد الأسواق القديمة في موقعها. للقائلين بأنه لم يكن هناك خيار آخر، فإن تجربة إعادة بناء وارسو بعد الحرب العالمية الثانية برهنت على أمرين: أولاً، إن إعادة البناء يمكن أن تتم بدون سيطرة الرأسمال الريعي أو أي رأسمال آخر. ثانياً، إن المدن المدمرة وأحياءها التاريخية والحضارية يُمكن إعادة بنائها، كما كانت بواسطة أفكار أبنائها وجهودهم وسواعدهم. حاول هنري إده (حسبما قال في كتابه) إقناع رفيق الحريري بشيء من هذا القبيل، كتب: «شددت أخيراً على ضرورة إتاحة الفرصة لأكبر عدد من اللبنانيين كي يعيدوا بأنفسهم بناء مدينتهم بناءً يجسد تقاليدهم وآمالهم ويجعل المدينة تنتسب إليهم». هذا ما فعله الشيوعيون البولونيون عندما استجابوا لرغبات أبناء مدينة وارسو في إعادة بناء المركز التاريخي لمدينتهم، وذلك على الرغم من الأفكار المعمارية للشيوعيين المغايرة في تلك الفترة. يأتي مشروع قانون الإيجارات الجديد، الصادر أخيراً عن مجلس النواب، ليستكمل ويواكب الموجة الجديدة من تمدد الرأسمال الريعي الى أحياء بيروت، الذي تكثّف منذ بداية فورة المضاربات العقارية الأخيرة في عام 2007. بهذا يتم وضع اللبنانيين أمام خيارين: إما التملك أو الإيجار ضمن قانون 1992 الذي لا يؤمن أي ضمانات لديمومة السكن، إذ يحدد مدة الإيجار بثلاث سنوات. عدم اليقين هذا يدفع أكثر اللبنانيين الى السعي للتملك، وأصبحت ثقافة (أو حتى هوس) التملك تسيطر على عقول اللبنانيين، متجاوزة حتى «الحلم الأميركي» «ومجتمع الملكية» الذي نظّر له جورج بوش الابن. هذا الاندفاع للتملك قد يكون في ظاهره صحياً، إن على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع حيث تسود الديموقراطية الرأسمالية من خلال ملكية الأصول من قبل جميع قطاعات الشعب، إلا أن اصطدامه بطبيعة النظام الرأسمالي يجعل منه مفجراً للأزمات المالية ويؤدي الى إعادة تشكيل المجال الجغرافي للطبقات. هذا التوجه كان من الأسباب الرئيسة للأزمة المالية العالمية في 2008، إذ تفاعل مع الأسواق المالية وابتكاراتها في الولايات المتحدة ومع الدفع نحو الاستهلاك بعد أحداث أيلول 2001. أدّى ذلك الى تحول مجتمع الملكية المزعوم الى مجتمع المضاربة والاستهلاك، وظن الأميركيون أنهم وجدوا الكأس المقدسة للرأسمالية، وأنهم يستطيعون أن ينعموا بالاستهلاك وملكية المنازل والأسهم من دون نهاية. لكن الانهيار أتى سريعاً وأدى الى «أقل ملكية»، كما تنبأ وزير العمل الأميركي السابق روبرت رايش في عام 2004 وسمى باراك أوباما مجتمع الملكية (ownership society) بمعنى أنك متروك وحدك (you are on you own). بالعودة الى لبنان، سأتطرق في مقال لاحق إلى التأثيرات على هشاشة الوضع المالي، ولكن ضمن البنية الاقتصادية والنموذج الاقتصادي اللبناني، فإن قانون الإيجارات الجديد، في ظل الارتفاع الكبير لأسعار الأراضي في بيروت (وفي ظل اقتصاد مزدوج، أي وجود خزان من المشترين المغتربين والعاملين في الخارج والأجانب، بالإضافة الى الطبقة الثرية الداخلية)، وفي ظل انخفاض مستوى الأجور والمداخيل للطبقات المتوسطة والعاملة في الداخل نسبة الى أسعار الشقق، سيؤدي الى تحويل بيروت فعلاً الى مدينة فخمة متشكّلة (بشكل أساسي) من أحياء ستسكن غالبيتها طبقات غنية محلية ومغتربة وفئات من العاملين في الخارج والأجانب، ومخترقة من أحياء رثة تقطنها فئات مهمشة اجتماعياً، ولكنها محمية من الأحزاب الطائفية. باختصار، سيستكمل قانون الإيجارات الجديد طرد غالبية الطبقات المتوسطة والعاملة الى ضواحي المدينة لننضمّ الى الذين أخرجوا سابقاً. لا يأخذ قانون الإيجارات الجديد بالاعتبار أن الأجراء والمُدخرين لم يتم التعويض عليهم عندما خسروا القيمة الحقيقية لأجورهم ومدخراتهم في موجات التضخم في الثمانينيات، بل استمر تجميد الأجور لأكثر من 12 عاماً منذ عام 1996، ما أدى الى انخفاض حصة الأجور من الدخل الوطني الى نحو 25% بعدما كانت قبل الحرب نحو 50%. لماذا تعاد الملكية الى المالكين القدامى ولا تعاد حصة الأجور الى سابق عهدها، أو يُعاد للمدخرين ما خسروه في تلك الفترة (للبعض كان ذلك بمثابة ضربة قاضية لم يتعافوا منها). إن هذه التحولات تؤكد ما قاله هنري إده: «مع اختيار النماذج الاقتصادية القائمة على الاستغلال والربح وقدرة المال الكلية (...) قد يتحول لبنان (....) جنّة للأغنياء وجحيماً للفقراء». نضيف إنه جحيم للطبقة المتوسطة ولعمال وموظفي لبنان الذين عليهم أن يستعيدوا موقعهم في الاقتصاد، وبالتالي في جغرافيا مدينتهم التي قاتلوا من أجلها ولن يسلّموها من أجل حفنة من الدولارات.
* عنوان كتاب المهندس المعمار هنري إدّه «المال... إن حكم ــ جذور مهددة بالزوال» الصادر عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر. (1) علماً بأن المعمارية منى حلاق استخدمت ذلك في الشريط الأصلي في سياق نقدها لإعادة الإعمار المحققة.
حسن خليل - الاخبار
قبل أفول عام 2014 بايام قليلة، وردت اخبار لم تثر الاهتمام المناسب لدى الرأي العام: وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا يقضي باحداث تغيير في عقيدة الجيش الروسي. وبموجبه صارت قوى حلف شمال الأطلسي، العدو الأول الذي يهدد الأمن القومي الروسي. تعلن روسيا اكتشافها تدريبات طيارين وطائرات «للعدو» على إلقاء قنابل نووية. يدعو رئيس بولندا، - العدو التاريخي لروسيا في تقسيمها واعادة تجميعها - الى كسر عقدة الخوف من المواجهة العسكرية مع موسكو.
في مكان غير بعيد، تعود اليابان لادراج تسليح للجيش بندا ضمن الموازنة السنوية، بعدما طال منعها منذ الحرب العالمية الثانية. وهذا التسلح، وخاصة الشق البحري منه، يجعل اليابان قاعدة بحرية متحركة في مواجهة الغريمين الشرقيين، الصين وروسيا، حيث بات في اسطولها حاملات طائرات هيلكوبتر وعدد كبير من الغواصات.وفي هذه الاثناء، تستمر المعارك المفتوحة في كل العالم. عنف في اوكرانيا واليمن والعراق والبحرين، والاخطر في سوريا. نزاعات تعيد احياء احلاف الحرب العالمية الثانية. تعديلات توسع حلف الغرب بضم اليابان وإيطاليا وتركيا وعصبها المانيا. هناك الملف النووي الإيراني، وهناك ملف الأمن النفطي وممراته واهمها مضيق هرمز وباب المندب، اضافة الى ملف المنظومة الصاروخية المزروعة من شرق اوروبا الى وسطها، الموجهة الى روسيا.كل هذه الملفات وغيرها، هي تفصيل ضمن ملفات معقدة، عصبها الصراع التاريخي العربي ـ الاسرائيلي (مع عدم التقليل من خروج بعض العرب من هذا الصراع)، وفيها الصراع الباكستاني - الهندي وارتباطه بالاصطفاف العالمي حيث باتت الباكستان الدولة والجيش الاحتياطيان تتقاذفهما علاقات تاريخية مع روسيا وانحياز صوب الخليج والمعسكر الغربي. كذلك الهند، التي لم تنسَ يوماً الانفصال والتي لها مصالح أقرب الى المعسكر الصيني ـ الروسي ولكن مع عدم التخلّي عن عواطفها «الديمقراطية الليبرالية»، وخاصة ان رئيس الوزراء الحالي يتماهى اكثر من اسلافه مع النظام الغربي.اما في القارة الافريقية، حيث المخزون الكبير للمواد الاولية والمعادن والنفط، فنشهد حربا بين هيمنة تاريخية لقوى الاستعمار السابق مقابل الزحف الصامت للتنين الصيني، الذي يتبرع بالبنى التحتية لدول عدة مقابل اعطائه امتيازات استثمارية.العالم في حالة توتر من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه، لم يصل بعد الى حالة عام 1961 ـ 1962 مع أزمة الصواريخ في كوبا، ولكنه يتجه بوتيرة سريعة الى سيناريو مماثل قد ينتج من احدى زوايا الصراعات المتعددة.سوريا ساحة صراع مفتوحة، واللافت تبدّل جوهري في الموقف الروسي. من عدم ممانعة لتسوية تبقي النظام وتطيح الرئيس بشار الأسد. الى قناعة موسكو اليوم برفض اي تغيير يؤدي إلى كرة ثلج من السلبيات تصل حدودها إلى موسكو.الامر نفسه في العراق. جرت تنحية المالكي ضمن تسوية ترضي الأميركي والإيراني والسعودي. لكن الغرب لا يريد هزم «داعش» بجهد فردي للجيش العراقي أو بجهد مشترك مع الجيش السوري، بل اعطاء هذا الرصيد إلى العشائر السنية كي لا تبسط إيران وجودها بأكثر مما هو مسموح به بالمفهوم الغربي. وفي جنوب الحزيرة، وصل الحوثيون الى باب المندب وأصوات المطالبة بالانفصال الجنوبي مرتفعة. واخيرا، جاء اعتقال الشيخ علي سلمان في البحرين دليلا على قرب احتدام الصراع هناك أيضاً..بالمفهوم السياسي، أصبحت دول عدة في الشرق الأوسط «فاشلة» «Failed States» بدءاً بالسلطة الفلسطينية ولبنان وسوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا، بينما تعيش دول أخرى حالة وجودية تصارع من أجل البقاء ومستعدة لاستعمال أي سلاح في المواجهة.اما إيران، فهي قلق وهاجس الغرب وبعض العرب، الأول في الشرق المتخبط. العقوبات جعلتها تتوجه للاقتصاد الداخلي والاكتفاء الذاتي. من جهة، تعاني ازمة الحصار ومن جهة أخرى، تقف الشركات الغربية منتظرة فكه.لقد فصل الملف النووي في المفاوضات عن السلوك السياسي لإيران في المنطقة، وباتت العقوبات المفروضة على طهران مرتبطة فقط بالتوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم وضمانات عدم انتاج سلاح نووي. جرى التمديد للمفاوضات لإعطاء الطرفين فرصة لتسويق الاتفاق داخلياً، وعلى الأرجح قد يكون هذا التمديد الأخير.تطور المفاوضات في الملف النووي الإيراني، وثبات الموقف الروسي في سوريا، والصراع المفتوح الروسي الغربي، جعلت جميعها الأطراف المتضررة تشهر أسلحة مختلفة. بدأت حرب أسعار النفط وحروب ضرب العملات المحلية وخروج الرساميل والاستثمارات، واقفال أسواق المال لتدوير الديون المستحقة. يعتقد البعض أن روسيا كما إيران اليوم في صراع تاريخي ووجودي، كذلك العديد من دول المنطقة - ما يزيد من خطورة الموقف. سلاح الجو الروسي في أوج نشاطه منذ الحرب الباردة، حيث يرصد الناتو تحليقاً مستمراً للمقاتلات والقاذفات الروسية قرب دول البلطيق والدول الاسكندنافية، فيما ذكر بعض المراقبين وصول طائرات موسكو إلى حوالى 60 كيلومتراً من السواحل الغربية للولايات المتحدة.كوريا الشمالية استطاعت الدخول في حرب الانترنت، وهي «الدولة المارقة المتخلفة» في نظر الغرب. هذه الدولة كما باكستان دولة احتياط عند الحاجة، وصراع الكوريتين لم ولن ينتهي إلا بتسوية دولية كبرى بين المحورين. كوريا الشمالية ليست مجرد «ولد شقي» يزعج الغرب، بل هي الهاجس المزعج لليابان، التي هي بدورها في نزاع مستمر مع الصين حول الجزر في البحر الصيني. هذه البؤر المتأججة جعلت حركة الأسطول الأميركي في حالة استنفار دائم، يقترب أحياناً من الشواطئ الصينية لإعطاء رسائل بأن النظام الصاروخي جاهز للرد إذا تعرضت كوريا الجنوبية أو تايوان أو اليابان لأي اعتداء من قوى خارجية.من سوريا إلى أوكرانيا فآسيا ساحات مفتوحة لحروب قد تكون تقليدية بالمفهوم العسكري ولكنها غير مضمونة السيطرة عندما تصل إلى حدود دول تمتلك الأزرار النووية. روسيا، الدولة الوارثة لمخلفات الاتحاد السوفياتي مع حليفتها إيران ومع قوة كبرى كالصين، في مواجهة مع حلف عريض يبدأ بالولايات المتحدة وكندا إلى أوروبا بشقيها والى الخليج العربي وصولاً إلى استراليا. أخرجت كل الأسلحة العسكرية في مناورات مختلفة، ولكن ماذا عن الأسلحة السياسية والاقتصادية والمالية؟
سلاح النفط:
انهار سعر برميل النفط من مستقرّ يفوق الــ 100 دولار للبرميل، إلى 55 دولارا بتسعيرة غرب تكساس. أعلن وزيرا النفط السعودي والاماراتي، في المواجهة الإعلامية المباشرة، انهما لن يتخليا عن حصصهما في الإنتاح وأن ما يحدد سعر النفط هو السوق. لم يعلن البلدان مطلقاً ان النفط سلاح في مواجهة إيران وروسيا، بل للتنافس مع دول منتجة خارج أوبك لا تلتزم سقف إنتاج معينا، ولمنع الجدوى الاقتصادية لإنتاج النفط الصخري الذي يستلزم انتاجه عملية صناعية مكلفة (fracking أو تكسير الصخور الجوفية).في المقابل، ترى إيران وروسيا أن انهيار سعر النفط محاولة اذلال مالية من المحور الذي يريد ان يعاقبهما على مواقفهما في ملفات عدة، بدءاً بسوريا وصولاً إلى الملف النووي الايراني.أصبحت حرب أسعار النفط ذات حدين. فدول الخليج منتجة للسلعة وتتأثر مداخيلها سلباً، ولكنها تملك احتياطيات نقدية كبيرة (السعودية 900 مليار دولار، والامارات فوق 1 تريليون) وبالتالي فالمراهنة هي ضمن معركة من يصرخ أولاً، والرهان هو أن ايران وروسيا ومعهما العراق سيصرخون ألماً ويرضخون. لا أحد يكترث للدول المنتجة الأخرى كنيجيريا وفنزويلا والجزائر... وما يعزز افتراضية الصمود من خلال الاحتياطيات لدول الخليج ان سعر النفط يرتفع بسرعة بعد كل فترة انهيار مرحلية.
سلاح أسواق المال والديون:
يجري تداول السندات الدولية لفنزويلا وكأنها ستعلن إفلاسها وتخلّفها عن سداد أو خدمة الدين باحتمال 95%. بينما ارتفع العائد على السندات للشركات الروسية الكبرى من 4% إلى 15 ـــ 20%، ما يعكس فقدان الثقة. الأهم هو أن أي دين مستحق قريباً لا يمكن تدويره لأجل مستقبلي بسبب العقوبات المفروضة.
سلاح العملات المحلية:
احتمالات المواجهة تجعل المستثمرين الأجانب وكذلك رجال الأعمال المحليين يسيلون استثماراتهم ويبيعون العملات المحلية لمصلحة العملات الأربع الرئيسية في العالم وهي: الدولار واليورو والجنيه الاسترليني والين الياباني؛ اضافة إلى العملات الملحقة بها كالدولار الكندي والاسترالي والفرنك السويسري. اضطرت روسيا إلى انفاق أكثر من 120 مليار دولار للدفاع عن الروبل ورفع الفائدة على سنداتها المالية إلى 17%. كما أن الريال البرازيلي انخفض من 1.9 إلى 2.7 مقابل الدولار، وانخفض الروبل من 30 إلى 79 روبلاً للدولار الواحد، والراند الافريقي من 7.1 إلى 11.7 كأمثلة. طبعاً، الدول المذكورة المتضررة لا تملك القدرة على طبع النقد (QE أو «التيسير الكمّي») كما هي الحال مع دول الضفة الأخرى، حيث طبعت الولايات المتحدة ما يفوق الـ 9 آلاف مليار دولار، واليورو يخطط لطبع ما يفوق الألفي مليار. خيار الطبع سلاح قوي لكسر العناد لدى الطرف الآخر الذي لا تتوافر لديه هذه الرفاهية.هذه الأسلحة في «المعسكر الغربي» لكسر شوكة «المعسكر الشرقي» يرافقها العديد من نقاط الضعف. فدول الاتحاد الأوروبي منقسمة فيما بينها على العديد من الملفات منها العقوبات على روسيا (المانيا) والأذى الذي لحق ببعض دول الاتحاد نتيجتها، وسوريا والموقف من الرئيس الأسد شخصياً، والمفاوضات في الملف النووي الايراني (ايجابية بريطانيا مقابل تشدد فرنسا). كذلك النظرة الأميركية للاتحاد الأوروبي والحلفاء الآخرين. فالولايات المتحدة تعلم أنها الوحيدة القادرة على التحرك العسكري الجدّي، وما رفع الصوت عالياً من دول مثل فرنسا أو بعض الدول العربية إلا صدى لحالات ضعف معينة. فعند الاستحقاق ستكون هي المعنية بالمواجهة.
ماذا عن المقلب الآخر؟
نقاط ضعفه أيضاً متعددة وكذلك نقاط تماسكه. فعلى الرغم من عدم وجود مرجعية قوية لتاريخ العلاقات الروسية ـــ الإيرانية، ولا ثقة معروفة بين الروسي والصيني، إلا انه في علاقات الدول ضمن مفهوم الرأسمالية الليبرالية التي تحكم العالم اليوم، باتت المصالح المشتركة هي التي تقرر التحالفات والخصومات. يكفي أن يقرأ المرء عن الأنابيب التي تبنى حالياً بين روسيا والصين لمعرفة العلاقة الاستراتيجية التكاملية بين الطرفين.
سلاح الجو الروسي في أوج نشاطه منذ أيام الحرب الباردةتركيا كانت أكثر من سعيدة بإمكانية مد أنبوب الغاز الروسي عبر أراضيها، إما لابتزاز حلفائها في الـ»ناتو» أو لغرور ضرب رأس رئيسها «اتاتورك الإسلامي». إيران بالنسبة إلى روسيا أصبحت بأهمية اليد اليمنى لليسرى، فبينهما تقع دول شرق آسيا التي يجنح بعضها صوب المعسكر الغربي؛ وإيران هي التي تجمع بين نفوذها على باب المندب إلى مضيق هرمز. لذلك باتت الدولتان في جبهة واحدة للدفاع عن وجود مشترك.في الجانب المالي يبقى الحلم القائم بخلق عملة موازية جديدة تجمع بين دول البريكس وحلفائها، لكن 2014 كان المفترض به أن يكون عام الإعلان عن آلية إطلاقها وإنشاء البنك الرديف لصندوق النقد الدولي برأسمال مشترك صيني ـــ روسي ـــ برازيلي ــــ هندي ــــ جنوب افريقي، ولم يعلن عن جديد في هذا الأمر. فقط أجهزة الاستخبارات العالمية تعرف ما الذي يعرقل طموحا كهذا، وما التهديدات التي قد تكون سُرّبت لمنع تحقيقه. الولايات المتحدة لن تتوانى مهما كلّف الثمن عن منع أية عملة من أن تصير رديفة لعملتها في تداول النفط أو السلع الرئيسية. في جميع الأحوال من يراقب تجربة الاتحاد الأوروبي ومصرفه المركزي وحجم الخلافات بين الدولة الرئيسة فيه (المانيا) ودول الحلقات الأضعف من اليونان والبرتغال إلى اسبانيا وايطاليا يقدّر صعوبة إنشاء بنك مركزي للبريكس، يتولى إدارة العملة الجديدة لدول سيادية تختلف عن بعضها بعضا. وحتى يتحقق هذا الطموح، تبقى إمكانية طبع العملة إو إنشاء أسواق مال رديفة للنظام الغربي أصعب مما هي عليه في دول عرابي الرأسمالية الغربية.قوة التحالف أو هشاشته في المعسكر الغربي واضحة، لكن صلابة التحالف في «المعسكر الشرقي» ستكون تحت الاختبار، وإن نجح فسيغيّر الخريطة الجيوسياسية للعالم التي رسمت بعد الحرب العالمية الثانية. الدولة المفصل لتكوين وصلابة التحالف في المعسكر الشرقي هي الصين. صحيح ان الصين شاركت روسيا في ثلاثة فيتوات متواصلة في مجلس الأمن حول سوريا، لكنها تبقى غامضة المواقف في سياستها حول مواضيع ساخنة متعددة في العالم، حتى إنها لم تقم برد فعل متوقع حيال تحليق الطائرات الأميركية أو عبور أسطولها البحري في المياه الصينية باستمرار، ولا عندما أعلن أوباما ان سياسة الولايات المتحدة ستتمحور حول المحيط الهادئ وآسيا.هناك كذلك مدرسة فكرية في الصين (عكس روسيا) تقول بأن على الصين أن تبقى كما كانت خلال العشرين سنة الماضية، على الحياد أو على الأقل أن تلتزم الصمت في أمور نزاع دولية، وان يبقى تركيزها على تحقيق نمو اقتصادي بين 7 ـــ 10% وهي المستفيدة الأكبر من انهيار أسعار النفط؛ وان أي انخفاض جدي في نسب النمو قد يؤدي إلى اضطرابات داخلية، واثارة الحساسيات بين الاثنيات المختلفة أو الديانات التي ما زال يجمعها حتى اليوم نجاح الاقتصاد وعجلة الإنتاج. ولطمأنة من يخالفهم الرأي، يسوّق هذا الفريق ان الموقع الصيني في السياسة الدولية يمكن استلحاقه مستقبلاً، وفقط عندما يطغى الاستهلاك الداخلي على التصدير (أي تقوية الاقتصاد المحلي على حساب الاستهلاك الخارجي).الصين وحدها قادرة على إثبات خطأ نظرية فوكوياما حول نهاية التاريخ وعدم إمكانية تطور الأنظمة الاجتماعية والسياسية بعدما أصبحت الديمقراطية الليبرالية هي النظام النهائي (بالمناسبة بدأ فوكوياما نفسه ينتقد نظريته جزئياً بالتراجع عن بعض الافتراضات ولكن هذا حديث آخر). كل الدلائل تشير إلى أن الصين لن تترك روسيا وإيران منفردتين في مواجهتهما مع الغرب تحسباً أن تكون التالية في الاستفراد، على مبدأ «أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض». كذلك الحال مع روسيا وحلفها مع إيران. فروسيا لا يمكنها التراجع الآن عن تحالف كهذا، بعدما أصبحت الحرب على حدودها ومحاربتها تاريخياً من الشيشان، ثم من جورجيا في أوستيا وابخازيا.لا أحد يمكنه أن يتوقع ما ستكون عليه التطورات في الأشهر المقبلة، ولكن أصبح البعض يعتقد بأن العالم يعيش أخطر مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية. فالكرة الأرضية باتت قرية كبيرة. اقتصادات الدول مرتبطة بعضها ببعض، واستمرار وتيرة التشنجات الدولية ينهي العولمة بالمفهوم الرأسمالي الذي أنشأها، ويثبت التكتلات الإقليمية المختلفة القائمة تحت شعار «مصالحي أولاً». قد تكون الولايات المتحدة مع كندا من الدول القليلة التي تستطيع إغلاق حدودها مع العالم وتحقيق الاكتفاء الذاتي، لكن حتى هذه الميزة لن تحصنهما من زلازل عاتية. لا يعيش العالم اليوم زمن الامبراطورية الرومانية ولا امبراطوريات أخرى للقياس عليها. الأربعون سنة الماضية توازي في التقدم التكنولوجي والعلمي تاريخ الإنسانية كله. لم تمر حقبة تاريخية معروفة للبشر حيث كان البشر قادرين على إنهاء البشرية، لكن ما يخيف المخضرمين في العلوم السياسية أن لا قوة صغرى أو عظمى تخلّت عن غطرستها وشاركت القوى المناهضة لها من دون دمار ودم.لعلّ تصريح الرئيس الاميركي باراك أوباما الأخير حول الشرق الأوسط ودور إيران يكون بداية لتسوية إقليمية كمدخل لتسويات دولية حول الجبهات الساخنة؛ والتسويات الدولية مطلوبة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وحتى لخلق نظام نقدي جديد يعالج المديونية العالمية لدى الحكومات والمؤسسات، وإلا فسيذكر البعض مأثورة اينشتاين: «لا أعلم ما هو السلاح الذي سيستعمل في الحرب العالمية الثالثة، ولكني أعلم أن السلاح بعد هذه الحرب سيكون العصي والحجارة».
الجنوب اللبناني: توازن الردع!
أخطر محاور المواجهة العسكرية هو الجنوب اللبناني، أو ما يسميه الإسرائيليون الجبهة الشمالية. جرت محاكمات كثيرة لسيناريو المواجهة بعد 2006. الاسرائيليون يواصلون التهديد بإمكانية تدمير لبنان مرات عدة. من جهته، رسّخ حزب الله بلسان أمينه العام، ليس فقط معادلة الردع المتبادل، بل أيضاً الحرب. لن يبادر في حرب مقبلة، ولكنه يتوق إليها، لكون هذه الحرب قد تكون انتهاء ديمومة الكيان الإسرائيلي الذي أنشأه الغرب. الإسرائيلي يهيّئ نفسه على جميع المستويات، ولكن الرأي العسكري هناك منقسم بين فريق يرى ضرورة المبادرة لفرض الحرب، لكون التأخير يساعد حزب الله على بناء ترسانته الصاروخية، وتدريب المزيد من المقاتلين، هذا الفريق نفسه هو الذي يسعى إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، بحجة أن التأخير يعطي الوقت للقيادة الإيرانية للتطوّر العسكري. فريق إسرائيلي آخر ضد المغامرة العسكرية لأسباب عدة، أهمها أن العقيدة العسكرية، جاهزيتها لم تعد كما كانت في ذروة القدرة العسكرية لإسرائيل، وأن أي مغامرة تضع إسرائيل أمام امتحان انتهاء الحلم الصهيوني، والأفضل العمل على تسوية تاريخية في ذرورة النفوذ الصهيوني والوهن العربي.من جهة أخرى، يراهن حزب الله ومن ورائه سوريا وإيران وانطلاقاً من ايديلوجيته العقائدية على مغامرة إسرائيلية لتحقيق الهدف الإلهي. يأخذون تهديداته لوصول صواريخه إلى ديمونا، في ظل الاكتظاظ السكني في المدن الإسرائيلية، وأولاها تل أبيب، ومحطات الكهرباء والبنى التحتية والمطارات والمعامل الكيميائية، على محمل الجد لا على فراغ. بعض الخبراء العسكريين يصفون حالة الردع بين إسرائيل وحزب الله بأنها أشبه بحالة الردع بين قوتين نوويتين.احتمال المواجهة العسكرية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية ستشغل «الهواتف الحمراء» من واشنطن ولندن وباريس إلى موسكو وبكين وطهران، لأن تدهور الأحداث من دون ضوابط دولية قد يؤدي إلى توسع رقعة الاشتباك من تل أبيب إلى طهران، ولأن حزب الله حينها لن يكون وحيداً في معركته، وكذلك إسرائيل، وخطوط الإمداد الجوي ستُفتح من جميع المصادر.
تدعوكم محافظة الجنوب في إتحاد الشباب الديمقراطي اللبنانيلحضور دورة أبطال عملية دير سريان لكرة القدم "مجموعة الشهيدة لولا عبود وحدة شهداء الجنوب" والتي ينظمها تكريماً لهم وذلك نهار الأحد الواقع في 11/1/2015 من الساعة العاشرة ونصف صباحاً حتی الخامسة مساءً علی ملعب بلدة صريفا.يشارك في الدورة عدد من فرق الإتحاد التابعة لفروع المحافظة، الدعوة عامة