Omar Deeb

Omar Deeb

كل شيء في اليونان للبيع، من البيوت حتى الجزر والآثار. البلاد على حافة الهاوية، وهي تتخبط في أزمة مالية لا تعرف طريقاً للخروج منها منذ عدة سنوات. تغيرت الحكومة، ذهب اليمين وعاد الاشتراكيون، الاوروبيون وضعوا خطط مساعدة وفرضوا اجراءات تقشف، لكن الحلول تبدو صعبة، والوضع كارثي يهدد وحدة اوروبا الاقتصادية والسياسية، وخصوصاً أن البرتغال واسبانيا مرشحتان للعارض اليوناني

بشير البكر

الصيف اليوناني هذا العام اكثر سخونة من سابقه. في العام الماضي نجح الاوروبيون وصندوق النقد الدولي في امتصاص حدة الازمة عندما وضعوا خطة انقاذ لليونان، لكن بعد مرور اقل من عام لم يستجب الجسد المريض للعلاج، وها هو يواجه من جديد انتكاسة كبيرة، لا دواء لها في نظر الاطراف المعنية سوى المزيد من شد الاحزمة. بالنسبة إلى المواطن اليوناني لم تعد هناك احزمة ليشدها، كلها تقطعت على مدى سنوات اليورو العجاف، حيث بات الفقير معدماً، ومتوسط الحال فقيراً، والغني لا يأمن على ماله، وفي كل يوم تلتحق بأسواق البطالة آلاف جديدة ممن يفقدون عملهم، فتتهدد حياتهم الاجتماعية من سكن وطبابة وتعليم. نصف منازل اثينا معروضة للبيع اليوم بنصف اثمانها، في لعبة احتيال تقودها المصارف، قائمة على عدم قدرة المواطن على تسديد الاقساط. آثار الأولمب باتت في المزاد العلني، وجزر بكاملها يحوم من حولها اغنياء اجانب لشرائها، والصين تطوعت لشراء البلد بأكمله. وضع كارثي يزيد في حدته الارتفاع الخرافي للاسعار وتراجع القدرة الشرائية وانخفاض قيمة اليورو، فسعر الخبز تضاعف في عام، وخلال اسبوع ارتفع عدد زوار المستشفيات الحكومية 20 في المئة بسبب عدم القدرة على ارتياد العيادات الخاصة. استشراء الفساد على نطاق واسع جداً في الاجهزة الحكومية الرسمية. وتفيد الاحصائيات بأن راتب الكادر الجامعي المؤهل (مهندس) لا يتجاوز 500 مئة يورو في الشهر الواحد، وهو مبلغ لا يكفي لدفع إيجار غرفة في أثينا. وتفيد ارقام اوروبية غير رسمية بأن تسعة من اصل عشرة موظفين في اليونان يطلبون رشوة مقابل تسيير معاملات المواطنين، فضلاً عن احتجاجات نقابية ضد سياسة الحكومة في خصخصة قطاعات كاملة كالاتصالات وخدمات الموانئ وتعديل نظام التقاعد، ومحاولة تعديل الدستور بخصوص النظام التعليمي. رئيس الحكومة الاشتراكي جورج باباندريو يجاهد ليجد حلاً، ونجح يوم الاربعاء في تحقيق نصر سياسي مهم، إذ فازت خطته التقشفية بغالبية برلمانية ولو ضئيلة (155 صوتاً من اصل 298). ومدة خطة التقشف هذه خمس سنوات، ما يزيل عقبة رئيسية أمام مسعى اليونان للحصول على تمويل دولي لتفادي عجزها عن سداد الديون المتراكمة عليها. وبعد هذه الخطوة بقي على البرلمان، أمس، إقرار تشريع تفصيلي يحدد إجراءات تنفيذ حزمة التقشف. وتتكون الخطة المقترحة من الحكومة اليونانية من عدة إجراءات تهدف إلى الحدّ من النفقات الحكومية حتى عام 2015، بالإضافة إلى رفع نسبة الضرائب، حتى الوصول إلى تقليصات بقيمة إجمالية تصل إلى 28 مليار يورو. يضاف إلى ذلك خصخصة لعدد من المنشآت الحكومية بقيمة 50 مليار يورو. وكان الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي قد اشترطا على اليونان القيام بإجراءات تقشفية قبل تقديم حزمة مساعدات مالية جديدة تصل قيمتها إلى أكثر من 100 مليار يورو. يشار إلى أن من دون هذه المساعدات كانت اليونان تستعد لإعلان إفلاسها وعجزها عن سداد ديونها في منتصف شهر تموز الجاري. وبحسب شركاء اليونان، الذين منحوها أسبوعين لتبنّي خطة التقشف الجديدة، إذا ما أرادت أن تحصل على قرض حيوي بقيمة 12 مليار يورو أثناء اجتماع استثنائي لوزراء المال الأوروبيين (يوروغروب) في الثالث من تموز، ووفق وزارة المال اليونانية، فإن حاجات اليونان للتمويل مغطاة حتى 18 تموز الجاري. وبحسب مذكرة تحليلية، حدد «يوروبنك» تكلفة خدمة ديون اليونان حتى نهاية تموز بـ6.83 مليار يورو دون احتساب باقي النفقات مثل الرواتب ومعاشات التقاعد. وعكس قلق الأسواق ارتفاع معدل الفائدة إلى 4.62% الذي وافقت اليونان عليه أخيراً للحصول على 1.625 مليار يورو على مدى 3 أشهر، وإدراكاً منه لدقة الموقف، استعاد باباندريو زمام المبادرة الأسبوع الماضي فيما بدت ملامح تمرد داخل نواب حزبه. وقد طلب الثقة لحكومته بعدما أدخل تعديلاً عليها تمثل بالخصوص في تعيين أحد أقطاب الحزب الاشتراكي إيفانغيلوس فينيزيلوس وزيراً للمال. وبعد اجتماعات بروكسل ولكسمبورغ في الاسبوعين الماضيين، كثّف الرجلان من تعهداتهما إزاء شركاء اليونان الذين لوحوا بدورهم بزيادة الدعم المالي للبلاد على الأمد البعيد، لأن القرض المبرم في أيار 2010 بقيمة 110 مليارات يورو لم يكن مهدداً بالتخلف عن السداد. وقال باباندريو «نحن مصممون على المضي قدماً في القيام بكل ما هو ضروري حتى تستعيد بلادنا وضعاً اقتصادياً أفضل وقابلاً للحياة». وأكد فنيزيلوس «أن الأمر الأهم هو إرساء علاقة ثقة واستقرار الوضع، ولذلك يجب تبني الخطة» قبل نهاية الشهر. وأعلن في خضم ذلك أن قانون تطبيق البرنامج، الذي يقر نهائياً الإجراءات الضريبية غير الشعبية، سيصار إلى تبنيه قبل 30 حزيران، أي قبل الموعد المحدد بأسبوع. وقد اقترح رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو تخصيص تمويلات من ميزانية الاتحاد الأوروبي بأسرع مما كان مقرراً لليونان لمساعدة هذا البلد على إعادة إطلاق اقتصاده والتصدي للبطالة. ووصلت أخيراً إلى أثينا «لجنة تقنية في مستوى الخبراء»، ممثلة للترويكا (البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي)، ومكلفة مراقبة الحسابات اليونانية للتثبت من أن هذا القسم الضريبي الذي خضع للتعديل في آخر لحظة من جانب الحكومة «يلبي تماماً الأهداف المتفق عليها!»، بحسب ما ذكر مصدر في الوزارة لوكالة الصحافة الفرنسية. لكن من غير الوارد إعادة التفاوض على شروط خطة لعدة سنوات تنص حتى 2015 على توفير 28.4 مليار يورو واقتطاعات بقيمة 50 مليار يورو لمواجهة ديون تفوق قيمتها 350 مليار يورو. ولا تزال أقساط تصل في مجموعها إلى 15 مليار يورو من خطة الإنقاذ الأوروبية لم تتسلمها أثينا بعد، لكن يجب عليها إثبات أنها تستطيع استخدامها بكفاءة، كما أن عليها تقديم جزء من خطة الإنقاذ. وتنظر الدول الأوروبية في إمكانية تقديم حزمة إنقاذ أخرى لليونان بعد أن ينتهي أجل الحزمة الأولى في 2013. وقد تصل الحزمة الجديدة إلى 110 مليارات يورو. وتدرس الدول الأوروبية إمكانية إشراك البنوك والمؤسسات المالية الخاصة المقرضة لليونان في تحمّل جزء من عبء الديون اليونانية. وقال مسؤول ألماني إن نقاشاً بهذا الشأن بدأ بالفعل بين وزراء مال منطقة اليورو والبنوك التجارية المقرضة لليونان، وتدرس دول منطقة اليورو مع البنك المركزي الأوروبي ومؤسسات التصنيف الائتماني كيفية استبعاد خفض التصنيف الائتماني لليونان في حال الطلب من البنوك المقرضة إعادة هيكلة القروض جزئياً. وفي الوقت نفسه، يشترط صندوق النقد الدولي، الذي قدم ثلث خطة الإنقاذ الأولى، دفع اليونان نصيبها من القسط الجديد من الخطة الحالية. وقد تضطر اليونان إلى إعلان الإفلاس إذا لم تتسلم هذا القسط في منتصف تموز الجاري. وخيمت أزمة اليونان المالية على قمة الزعماء الأوروبيين التي انعقدت يوم الرابع والعشرين من الشهر الماضي في بروكسل، حيث سعى خلالها الاتحاد الأوروبي إلى دعم أثينا بهدف المحافظة على الاستقرار المالي لمنطقة اليورو. وقررت حكومات المنطقة الأوروبية الانتظار حتى الثالث من تموز من أجل اتخاذ قرار نهائي بشأن تقديم قسط جديد من خطة وافق عليها الاتحاد في العالم الماضي لإنقاذ اليونان بعد أن يصوت البرلمان اليوناني على خطة حكومية يونانية بالتقشف والخصخصة والإصلاحات المالية. رب ضارة نافعة، كما يقال، وهو ما يكشف أن الاتحاد الأوروبي، ومن خلال منطقة اليورو، ليس بالمتانة التي يدّعيها الكثيرون. ولعل الإنكليز يضحكون، بقوة وهم يقرأون حرب التصريحات الفرنسية الألمانية، وأيضاً انهيار بلد تبنّى اليورو منذ فترة، كاليونان. وكان الموقف الألماني هو الأكثر وضوحاً والأكثر صراحة، وعبّر عنه اكثر من مسؤول، وفحواه انه يجب على اليونان أن تحل مشكلتها وحدها، وكل شيء يجب أن يُنجَزَ في هذا الاتجاه بدل الحديث عن مساعدة سابقة لأوانها لن تقود إلى شيء على المستوى الطويل وستضعف أكثر فأكثر اليورو. وفجرت المستشارة الألمانية قنبلة بالتأكيد أن الاتحاد الأوروبي له، في نهاية المطاف، إمكانية إقصاء أي بلد أوروبي، من منطقة اليورو، لا يستجيب للشروط في ما يخص العجز الضريبي. وهو ما يعدّ ضربة لحاكم البنك المركزي الأوروبي، الفرنسي جاك تريشيه، الذي رأى على الدوام، أن من العبث أن يغادر بلدٌ ما منطقة اليورو. حاولت ألمانيا، منذ البداية، أن تساير الموقف الأوروبي من المعضلة اليونانية، كي لا تظهر انعزاليتها وعجرفتها، وبذلت مجهودات وكظمت غيظها، ما منح الموقف الألماني بعداً براغماتياً كبيراً. لكن التصريحات الفرنسية والتهديدات اليونانية باللجوء إلى دعم صندوق النقد الدولي، أخرج المسؤولين الألمان من اتزانهم وحكمتهم. وهنا جاء الرد الألماني المدوي والصريح: «اليونان هي من وضعت نفسها في هذه المعضلة، وخصوصاً من خلال إخفاء الإحصاءات الاقتصادية. عليها أن تدفع الثمن». ألمانيا تلفظت عدة مرات بما كان كثيرون لا يجرؤون على استحضاره. وهو حل الأزمة اليونانية من خارج منطقة اليورو. وهو ما يعبر عنه الألمان بالقول: «إن أي إنقاذ لليونان من دون صندوق النقد الدولي سيكون خطيراً جداً».. وبأن صندوق النقد الدولي يمتلك وسائل ضرورية. أين هو اليونان، البلد المعني؟ وماذا يقول مسؤولوه الذين يخشون فوضى اجتماعية عارمة؟ يعترف رئيس الوزراء اليوناني الاشتراكي جورج باباندريو، الذي ينشد دعماً أوروبا، بأن بلده «لا يريد أموال الألمان والفرنسيين والإيطاليين أو أموال عمال آخرين أو أموال دافعي ضرائب أوروبيين. نقول إننا نريد دعماً سياسياً قوياً كي ننجز هذه الإصلاحات الضرورية، وكي نكون على يقين من أننا لن ندفع أكثر مما هو ضروري لتنفيذ الإصلاحات». القراءة الألمانية للأزمة اليونانية قراءة ترتكز على النظام والمسؤولية، وليس كما يفعل الأعضاء اللاتين. يعني أن الرؤية اللاتينية تختلف مع الصرامة الألمانية. ومن هنا فالتلويح الألماني بإمكانية إقصاء بلد ما من منطقة اليورو يندرج في القراءة الألمانية الصارمة للالتزام بقوانين الاتحاد الأوروبي، إذا أراد الاتحاد أن يصمد في مواجهة قوى أخرى متربصة ولا ترحم. لكن أمر «الإقصاء» يطرح قضايا أخرى قد تعصف بالاتحاد الأوروبي، وهي رغبة بلد ما في مغادرة طوعية لمنطقة اليورو، وهو ما سيقضي على أوروبا. الذي يراقب مسار الاتحاد الأوروبي لا بد أنه لاحظ أنه لا يمكنه أن يمشي على قدميه إلا من خلال تنسيق فرنسي وألماني، وليس من شك في أن البلدين عرفا أزمات أكثر حدة من الأزمة اليونانية، وعرفا كيف يتجاوزانها، لأنه محكوم عليهما أن يقودا القاطرة معاً، في انتظار ربان بريطاني، قد تمنحه التجربة المريرة اليونانية، رغبة إضافية في تأخير الانضمام إلى العملة الأوروبية، إلى ما شاء الله. وفي انتظار مواعيد ولقاءات ومؤتمرات، قد تخفف من أعباء الشعب اليوناني، وخاصة موظفي القطاع العمومي، فإن الحركات الاحتجاحية لن تتوقف، ما سيسبب للخزينة اليونانية أعباء إضافية، هي في غنى عنها. أزمة اليونان ليست الأولى ولا الأخيرة، فهي تفتح الباب لتداعيات كبيرة بدأت عوارضها بالظهور في البرتغال وإسبانيا وإيرلندا وإيطاليا.

البرلمان اليوناني يتبنّى التقشّف

لقي تبنّي البرلمان اليوناني خطة تقشف، ترحيب الاتحاد الأوروبي الذي يخشى أن تصاب دول أخرى في منطقة اليورو بعدوى الأزمة اليونانية، فيما اتخذ النواب أمس تدابير تفصيلية على بلادهم ان تلتزمها خلال الأعوام الاربعة المقبلة. ويشتمل القانون على سبل التوصل الى تحقيق 28 مليار يورو عبر اقتطاعات مالية وخمسين ملياراً من طريق الخصخصة. في هذا الوقت، أمرت الحكومة اليونانية بفتح تحقيق حول أعمال العنف التي وقعت أول من أمس في وسط العاصمة أثينا، خلال تظاهرات الاحتجاج على تبنّي خطة التقشف الصارمة، والتي أوقعت مئة جريح، حسبما أعلن مصدر رسمي. ويتعلق التحقيق الذي امر به وزير حماية المواطن، خريستوس بابوتسيس، بنحو خاص، بصور فيديو بثتها محطة «التر» الخاصة، وأظهرت رجال شرطة من وحدات مكافحة الشغب يتعاونون مع رجال مقنّعين خرجوا من صفوف المتظاهرين لتفريق متظاهرين آخرين.

انعقد في دمشق يوم 27/ 6 لقاء لعدد كبير من المثقفين والفنانين والسياسيين المعارضين والمستقلين، تحت وقع سيل من التخوين والاتهام من جانب أطراف «معارضة»، وتشكيك في أنه تمهيد للحوار الذي دعت إليه السلطة، وأنه جرى بالتالي بالتنسيق معها وبموافقتها

سلامة كيلة

ربما لم يكن متخيلاً عقد لقاء لعدد كبير من المعارضين في وسط دمشق (فندق سميراميس)، حيث إن السلطة تلاحق كل لقاء أو اجتماع أو تجمّع منذ زمن بعيد. على الأقل هكذا اعتاد السوري منذ أن أعلنت الأحكام العرفية وخضع الحيّز السياسي لسلطة حزب البعث كواجهة لسلطة أدق، وأصبح «مؤمماً». لا شك في ذلك، ولا شك في أن هذا الشكل من الاجتماع سيبدو غريباً وشاذاً، وبالتالي «موافقاً عليه»، أو «موحى به». لكن ألا يشير الوضع الذي دخلته سوريا منذ 15 آذار الفائت إلى أن منطقاً جديداً أصبح يحكم كل حراك؟ ربما لم يجرِ تلمس هذه المسألة بعد!

في كل الأحوال، كان الاتهام الأساسي هو أن اللقاء يجيء في سياق الإعداد للحوار «الوطني» الذي دعت إليه السلطة، وتشكلت لجنة من أجل متابعته، وأنه جزء من النشاط الذي تقوم به هذه اللجنة. اتحاد تنسيقيات، الذي يعبّر عن بعض لجان التنسيق التي تتابع الحراك، اتهم مباشرة وكذلك بعض أطراف المعارضة في الخارج (واتحاد اللجان هذا ليس بعيداً عنها). ولجان التنسيق المحلية في سوريا اتخذت موقفاً ايجابياً. آخرون رأوا أن اللقاء هو اجتهاد من بعض النخب التي لا يشك أحد في موقفها من النظام، فقد قضت سنوات في السجون، وأن من الأفضل ألا يعقد لكي لا تستفيد السلطة منه لتسويق دعوتها إلى الحوار. وآخرون تخوّفوا من أن يصدر اللقاء بياناً يدعو إلى الحوار نتيجة ما أثير حول الحوار من نقاش، وخصوصاً أن بعض الداعين إلى اللقاء التشاوري وردت أسماؤهم في لقاءات مع بعض أطراف السلطة، رغم أنهم أوضحوا بأنهم لم يكونوا في وارد الحوار، وأن موقفهم من الحوار هو ما قررته التنسيقيات، هذه التي حددت ضرورة أن يسحب الجيش والأمن من المدن والبلدات وأن يحاسب الذين أصدروا أوامر القتل، وإطلاق كل المعتقلين السياسيين والذين اعتقلوا على خلفية الحراك، والسماح الكامل بالتظاهر السلمي. لكن كل ذلك لم يكن لينهي التخوّف أو يوقف الاتهام. وهو الأمر الذي جعل كثيرين ممن دعوا إلى اللقاء يغيبون عنه. المسألة الأساس كانت تتمحور حول هل يخرج اللقاء ببيان يشير إلى الحوار أم يكون شكلاً من أشكال النشاط الذي تمارسه الانتفاضة الشعبية، ويكون تحت سقفها وليس تحت سقف السلطة؟ إذا تناولنا النخب في سوريا، نلحظ بأن هناك رأياً جديراً بالنقاش ينطلق من أن الوضع يمكن أن ينزلق إلى صراع طائفي ويقود إلى الدمار، ولقد وردت إشارات حول ذلك في اللقاء، وانطلاقاً من ذلك يشار إلى ضرورة ألّا نصل إلى هذا المنزلق من خلال عدم إغلاق باب الحوار مع السلطة، لأن الحل لن يكون إلا بالتفاوض ولكن ليس بأي شروط، ولهذا تلتزم بالشروط العامة المطروحة، لكنها تصرّ كذلك على الحوار. وإذا كان يمكن نقاش مسألة المسار الذي يمكن أن يتطور إليه الوضع، وهل سيصل إلى الحرب الطائفية، أو هذه الفرضية ليست حقيقية، فإن النتائج التي انبنت عليها لاحقت اللقاء من خلال القول إن الدعوة تهدف إلى الحوار مع السلطة. في المقابل كانت الدعوة تبدو كتحدٍّ بأنه يجب التقدم خطوة في سياق تطوير نشاط الانتفاضة من خلال القول العلني والمباشر بأن هذه النخب هي جزء من الانتفاضة وأنها تستطيع أن تعلن ذلك في وسط دمشق، حيث لا بد من كسر حاجز التخوف من المشاركة لدى قطاعات لا تزال متخوفة ومتفرجة، ومشككة في طبيعة الانتفاضة نتيجة ما يبثه الإعلام الرسمي و«الخارجي» من صور ومقابلات توحي بطابع طائفي معيّن للانتفاضة. فمن ينطلق مما يرد في الإعلام يتوصل إلى أننا مقبلون على صراع طائفي أو أن الانتفاضة هي «أصولية» تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين. ولا شك في أن الإعلامين يتقصدان ذلك، السلطة من أجل تخويف «الأقليات» خشية انضمامها إلى الانتفاضة، و«الإسلاميون» الذين يودون أن تكون انتفاضة «إسلامية». وهذا ما كانت تعبّر عنه مواقع على الفايسبوك، ويقال في المقابلات، وينشر في بعض الفضائيات. لهذا لا بد من تأكيد الطابع المدني للانتفاضة، وأنها تهدف إلى تأسيس دولة ديموقراطية مدنية، رفضاً لمنطق التجييش الطائفي وتأكيداً على أنها انتفاضة كل الشعب (الذي ظهر في شعارات كثيرة قيلت، مثل لا سلفية ولا إخوان الثورة ثورة شجعان، والشعب السوري واحد ..). كل هذه الأجواء كانت تلف اللقاء، وربما كان البعض يريد أن يخرج اللقاء بما يشير إلى الحوار، لكن «الجو العام» في اللقاء كان يشير إلى غير ذلك. لقد كان دم الشهداء وصلابة الشباب في وجدان الذين حضروا، ولهذا أتت مداخلاتهم على الأوراق التي قدمت واضحة في هذا السياق. فقد قدم الكاتب ميشيل كيلو ورقة شفوية طرح فيها تصوره للإجراءات «الفورية» بعد شرح لعمق الأزمة استناداً إلى عمق المشكلة الاقتصادية، وكان يشير إلى ضرورة السير إلى وضع يؤسس لنظام يقوم على الطبقة الوسطى، لأن ذلك وحده هو الذي يؤسس لنظام ديموقراطي ويخرجنا من الشرق الاستبدادي والمنتج للاستبداد إلى العالم الحديث. وكذلك قدّم الدكتور منذر خدام ورقة مكتوبة تشير إلى مستلزمات المرحلة الانتقالية، وبالتالي كيف يمكن أن تقود الانتفاضة إلى تحقيق الانتقال إلى الدولة المدنية الديموقراطية التي كانت شعار اللقاء التشاوري، ثم قدم الدكتور حسان عباس ورقة عن دور النخب والمثقفين في الانتفاضة وفي عملية الانتقال. في كل الأحوال مثلت الأوراق المقدمة وجهات نظر مقدميها، ولقد طرحت للاستنارة، وفتح أفق النقاش حول مسألة بالغة الأهمية تتمثل في صيغة «المرحلة الانتقالية»، حيث إنها مسألة إشكالية حتى في تونس ومصر، وهي إشكالية في اليمن. فقد فرضت القوة التي سيطرت على السلطة (الجيش) إيقاع المرحلة الانتقالية وحدودها، وكان يتوضح أن هدف ذلك هو إعادة إنتاج السلطة القديمة، لكن بوجوه جديدة وشكل جديد. وهو ما جعل الصراع مستمراً إلى الآن في كل من مصر وتونس. وشباب اليمن يطرحون اليوم بديلهم المتمثل في تشكيل مجلس انتقالي يقود المرحلة الانتقالية، وبالتالي يبتعد عن بنى السلطة القائمة، ما يجعله أقرب إلى تحقيق المطالب الشعبية (على الأقل على المستوى الديموقراطي). بهذا المعنى كيف يمكن أن تكون المرحلة الانتقالية في سوريا في ضوء مطالب الانتفاضة التي بات شعارها هو إسقاط النظام؟ هذه مسألة يجب أن يفتح النقاش حولها، وربما كانت قيمة اللقاء أنه قدم تصوراً يمكن أن يكون أرضية للنقاش الأعم، أو يحرّض على تقديم تصورات أخرى. ولهذا لم يلجأ اللقاء إلى إقرار الورقة المقدمة، ولم يكن هدفه ذلك، فهذا موضوع يحتاج إلى النقاش أولاً. البيان الختامي، بالتأكيد كان مفاجئاً للمخونين والمتخوفين معاً، وفرض على الإعلام السلطوي العمل على تشويه ما جرى. فقد جرى التأكيد على دعم الانتفاضة الشعبية، والتزام مطالبها، في سياق العمل على تأسيس دولة مدنية ديموقراطية. كذلك شدّدد على إنهاء الحل الأمني والتجييش الإعلامي وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والذين اعتقلوا على خلفية الانتفاضة، و..إلخ. لكن الأهم فيه هو هذه النقطة الأولى التي أظهرت انحياز المشاركين إلى الانتفاضة، الذي ظهر أن خطوة مهمة قد قطعتها «النخب» في طريق الانخراط فيها، ومحاولة لعب دورها الموضح لمضامين الانتفاضة، وطبيعتها. وهو ما أوضح بأن المشاركين ينطلقون فعلاً من أنهم جزء داعم للانتفاضة، وليسوا في وارد الحوار أو «قطف ثمار» الانتفاضة من أجل دور ليس لهم، أو يحاولون أن يحلّوا محل بعض من يعتقد بأنه «قائد» الانتفاضة و«ممثلها الشرعي». فالانتفاضة يقودها شباب وهم من سيحدد وجهتها، ومن سيقرر نهايتها. وكل من ظن بأن المسألة تتعلق بتنافس على «ركوب الانتفاضة» سيخذل لأن اللقاء لم يفكر في هذا الدور، وظل يعتقد بأنه دور من يدفع الدم: الشباب. لهذا ربما توضّح أن عقد اللقاء تحقق بفعل الدم الذي قدمه الشهداء، والذي فرض الحاجة إلى التقدم لكسب المواقع على الأرض وليس في «الفضاء الافتراضي»، فالسيطرة على الأرض تتحقق هكذا. لا شك في أن السلطة علمت باللقاء، لكن ما فرض أن يتحقق (بموافقتها) هو هذا الصراع الكبير الذي يقوم به الشعب، والذي يفرض «التنازل»، ربما على أمل الامتصاص، لكن في المقابل يفضي إلى تحقيق تقدم في الفاعلية على الأرض. والنشاط والنقاش والصراع يجري في هذه الأجواء، وبالتالي سيخضع لميول ومواقف الأطراف المختلفة، ورؤيتها لأثر كل خطوة على سياساتها، أو كيف تخضعه لسياساتها. لكن تبقى الأهمية للنتائج التي خرج بها اللقاء. تنسيقية أحياء دمشق التي تعنى بنشاط الانتفاضة أصدرت تصريحاً داعماً للقاء. والسلطة حاولت أن تلعب في طابعه، وبعض الدول الإمبريالية رأت أنه «خطوة في الاتجاه الصحيح» للنظام. لكن سيتضح أنه كان خطوة مهمة في سياق تطور الانتفاضة.

داوود أوغلو: نتشارك مع سوريا المستقبل

أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو أنه سيزور سوريا في إطار جولة له في الشرق الأوسط تشمل الأردن، إيران، والسعودية. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن داوود أوغلو قوله إن «مستقبل سوريا مشترك مع مستقبل تركيا»، مضيفاً: «الأمر المهم هو أن الشعب السوري والحكومة يستعدان للمستقبل، برؤية جديدة وتطبيق مسار إصلاحي جديد». وأكد داوود أوغلو أن تركيا تصرفت بالشأن السوري بصراحة وبإخلاص. وأضاف: «قدمنا نصائحنا بصراحة للحكومة السورية خلف الأبواب المغلقة. ما نتمناه إطلاق إصلاحات فورية في سوريا وإنهاء العنف، ونحن مستعدون لبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك»، وذلك بعد يوم من نفي وزارة الخارجية التركية تقارير إعلامية تحدثت عن أن تركيا تخطط لإطلاق عمليات عسكرية في مدن سورية.

نظم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني مباراة ودية بين فريق الاتحاد في الهرمل وفريق الاتحاد في الضاحية

وضم الفريقان مجموعة من الرفاق والاصدقاء الاتحاديين، وقدموا مستوى مميز في المهارات الرياضية كفرق هاوية وناشئة

انتهت المباراة بفوز فرق الضاحية بنتيجة 11-7

وقد بدا واضحاً التفاوت العمري بين الفريقين حيث بلغ معدل أعمار فريق الهرمل 15 عاماً والضاحية 18 عاماً ما أدى الى تفوق فريق الضاحية

وبعد المباراة وتوزيع الجوائز توجه الفريقان الى المعرض الذي أقيم لمناسبة الذكرى السادسة لاغتيال الشهيد جورج حاوي في شارع جبل العرب في وطى المصيطبة حيث شاركوا في الفعاليات المقامة تكريماً للشهيد.

قرر التحرك من أجل إسقاط النظام الطائفي ورموزه إعلان 26 حزيران يوما للتظاهرالتظاهرة المركزية ستقام نهار الاحد 26 - 6 -2011 الساعة 12 ظهراً وستنطلق من عند مركز الضمان الاجتماعي (وطى المصيطبة) مرورا بوزارة التربية (الأونيسكو) وصولاً الى مجلس النواب.إلى العمل من جديد: نحو العلمانية والحرية والعدالة الإجتماعية، نحو إسقاط النظام الطائفي وجميــع رموزه

يرى العمال في وزير العمل شربل نحاس، صوتاً لهم في مجلس الوزراء، حيث تُرسم السياسات الضريبية. أما في وزارة العمل، فهو سيواجه إرثاً صعباً من العلاقات غير السويّة بين العمال وأصحاب العمل والدولة، وعليه أن يعالج ملفات شائكة مثل تصحيح الأجور، إقرار مشروع للتقاعد والحماية الاجتماعية، إصلاح الضمان الاجتماعي، وتوسيع الحريات النقابية...محمد وهبة -

المواضيع كثيرة وكبيرة وشائكة. هذه باختصار، الملفات الملقاة على عاتق وزير العمل شربل نحاس، وهي أيضاً ملخّص لما ينتظره عمال لبنان منه. قبل أن يكون وزيراً، كان نحاس على تماس مع العمّال منذ فترة طويلة، فهم لم يعرفوه إلا مناصراً لقضاياهم ولمصالحهم، أي إنّ ما وقع على عاتقه بعد توليه وزارة العمل صار أكبر.بين ما هو مأمول من نحاس وما هو متاح في وزارة العمل، هوّة كبيرة يُرتقب من نحاس ردمها؛ إصلاح صندوق الضمان أبرز المطالب، وتصحيح الأجور يوازيه أهمية، فيما الاستحقاقات الأخرى متنوعة وكثيرة، لكن ليس لهذه الوزارة صلاحيات مباشرة لكونها تعمل كوصي على الضمان، فيما كل هذه المؤسسات هي ثلاثية التمثيل وتخضع لحوار «شبه عقيم» بين أصحاب العمل والعمال والدولة. رغم ذلك، يرى العمال أنهم بحاجة ماسة إلى صوت نحاس في تقرير السياسات الضريبية في مجلس الوزراء، فيما يعزون مصدر مخاوفهم وقلقهم، إلى وجود وزراء آخرين في الحكومة، قد يُظهرون انحيازاً على حساب العمال. معظم الملفات في وزارة العمل عالقة منذ أشهر؛ توقف مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية منذ اليوم الأول للحكومة السابقة، فبدا كأنه أثير إعلامياً فقط. أما لجنة المؤشّر، فلم تُدعَ إلى أي اجتماع لمناقشة كيفية تعويض العمال عن تآكل أجورهم، ومشاكل الضمان الاجتماعي تزداد يومياً، ولا يزال الانقسام العمالي «وضعاً عادياً» في ظل الـ«لا حوار» بين الهيئات الاقتصادية والعمالية، ما عدا محاولات غير جديّة... أما الملفات التي تمثّل تحدياً طارئاً، فهي تتمثّل في تأليف مجلس إدارة صندوق الضمان الاجتماعي المنتهية ولايته منذ فترة طويلة، ويعمل حالياً بحكم استمرارية المرفق العام، إضافةً إلى قرب انتهاء مدّة ولاية مجالس العمال التحكيمية في آخر الشهر الجاري. في هذا الإطار، يرى الخبير في الشؤون النقابية والعمالية، غسان صليبي، أن إسهام نحاس مرتقب في 3 ملفات أساسية:

ــ أن يسهم في علاقات أكثر عدالة بين العمال وأصحاب العمل، على أن يجري ذلك من خلال سياسات أجور جديدة، وتقديمات إضافية، وعبر رعاية نزاعات العمل بطريقة عادلة.ــ أن يسهم في إعداد عدد من القوانين أو تطويرها، مثل وضع قانون جديد للعمل، ولا سيما أنه مضى على إعداد هذا المشروع أكثر من 10 سنوات، لكنه لم يصدر بعد، تطوير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتقديماته... كل ذلك من خلال الحوار. ــ أن يسهم انطلاقاً من موقعه، ومع احترام مبادئ الحرية النقابية وعدم تدخل السلطات، في دعم الجهود الآيلة إلى تطوير النقابات والاتحادات لمزيد من الديموقراطية والاستقلالية للاتحادات. على أي حال، فإن نحاس، بحسب ممثل العمال في مجلس إدارة الضمان الاجتماعي، جهاد المعلّم، آتٍ من أعماق القضايا العمالية، وهو صاحب الاختصاص الاقتصادي بخلفية اجتماعية. لذلك «يؤمل منه رعاية الإصلاح بدءاً بالضمان، وصولاً إلى الحركة النقابية، فهو يحمل منطقاً مختلفاً عن الوزراء السابقين، وعن كل السياسات السابقة، وهذا يحتّم إعطاءه فرصة لتنفيذ قناعاته». هناك الكثير من القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تمثّل محور وزارة العمل، «هي وزارة على علاقة مع أكثر من نصف الشعب اللبناني، ويتسع عملها إلى الأجور، وسوق العمل بعمالته المحلية والأجنبية، إلا أن الخوف من عرقلة داخلية من بعض الموجودين في الحكومة» يقول المعلم. أما مسيرة الإصلاح، فلعلها تبدأ بإنجاز مشروع للتقاعد والحماية الاجتماعية ينتظره العمال منذ أكثر من 40 عاماً. في الحكومة السابقة، تألفت لجنة مثّل العمال فيها عضو مجلس إدارة الضمان فضل الله شريف، وقد عكفت على درس المشروع بعدما استردته اللجان النيابية المشتركة من الهيئة العامة لمجلس النواب، إثر اعتراض أصحاب العمل والعمال على بنوده. فاجتمعت 11 مرّة وعدّلت الدراسات الاكتوارية 5 مرات. أما النتائح، فيشير شريف إلى أن توزيع أعباء تمويل المشروع لم يكن عادلاً، إذ جاء على عاتق العمال والدولة دون أصحاب العمل، ما أدّى إلى خلل كبير توقفت بعده اللجنة عن الاجتماع، كما أن مستوى معدلات الاشتراكات (18%) ضمن سقف للاشتراك يعادل 3 أو 4 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور لم يكن كافياً لمنح المتقاعد راتباً تقاعدياً يفي بالغرض. «لا يمكن أن يقرّ مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية من دون حوار ثلاثي التمثيل» يقول رئيس اتحاد النقابات المستقلة موسى فغالي. ففي المرة الأخيرة لم يحصل سوى تسليط ضوء فقط «لا يطعم خبزاً»، وقد جرى «تجاهل العمال حين تقدموا بورقة للاعتراض على المشروع الذي جاء خدمة لأصحاب العمل». وعلى سيرة الحوار الثلاثي التمثيل، فإن المواضيع الأكثر سخونةً المرتبطة بها تتصل بلجنة المؤشر، التي يُفترض أن تدرس التضخم وتصحيح الأجور. هناك حالة انتظار عامة لتصحيح الأجور رغم أن أصحاب العمل يرفضون، تاريخياً، منح العمال أي زيادة. رغم ذلك، يرى نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، أن نحاس سيكون صوت العمال على طاولة مجلس الوزراء، لكونه حليفاً للطبقات المهمشة، بدليل ما قام به في وزارة الاتصالات من تطوير وتوسيع لدائرة المستفيدين. لذلك هي فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وأبرزها «الأجور». فالحدّ الأدنى مذلّ للعمال ولصغار الموظفين، وقد تآكل بفعل التضخم والغلاء. لا يقتصر دور نحاس على وزارة العمل، فنصرته للفقراء ستكون أيضاً في إرساء ودعم سياسات ضريبية محابية لهم، والسعي في اتجاه إقرارها في الحكومة الميقاتية. «يجب على العمال أن يشاركوا في السياسات الضريبية في لبنان من خلال الوزير نحاس وصوته في الحكومة» يقول فقيه. ويشير إلى أنه ليس من واجب الحكومة حماية رؤوس الأموال، رغم أنها حاجة للبلد، لكن «عبء الضرائب لا يجوز أن يتركّز على الفئات الأكثر فقراً، بل يجب أن يبحثوا عن مصادر تمويل للضرائب من غير جيوب الفقراء».

60%هو معدل التضخّم التراكمي الذي يعتمد عليه الاتحاد العمالي العام للمطالبة بتصحيح الأجور والرواتب بنسبة موازية، من أجل تعويض الأجراء عن اضمحلال قدرتهم الشرائية وذوبانها بفعل ارتفاع الأسعار والضرائب على الاستهلاك

بوصلة اقتصادية ــ اجتماعيةالجميع ينتظر البيان الوزاري، لكن نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه يفضّل أن لا يكون هو البيان نفسه الذي أقرّته الحكومة الماضية وكذبت من خلاله، مشيرةً إلى أن أولوياتها هي أولويات الناس، ولاحقاً لم تنفّذ أي أولوية. ويعدّ البيان الوزاري هو البوصلة الأساسية للحكومة، إلا أنه في لبنان، يعدّ بوصلة سياسية، لكنها ليست بوصلة اقتصادية ولا اجتماعية، فما يجري الالتزام به لا ينفّذ، ما يعني أنه تحدٍّ جديّ أمام حكومة نجيب ميقاتي.

اجتمعت لجنة إسقاط النظام الطائفي ورموزه في ساحل المتن الجنوبي

نهار الإثنين في تاريخ ٦/٠٦/ ٢٠١١ وتناقشت في كيفية التحضير للتظاهرة المركزية في ٢٦ حزيران

وكما دعت اللجنة الى اعتصام امام المجلس الدستوري

وذلك نهار السبت الواقع في ٦/١٨/٢٠١١الساعة ٦ مساءً

بمناسبة الواحد والعشرون من حزيران يوم الشهيد الشيوعي والذكرى الثانية والخمسون (25 حزيران 1959) لاغتيال القائد المناضل امين عام الحزب الشيوعي اللبناني آنذاك الرفيق فرج الله الحلو،والذكرى السادسة (21 حزيران 2005) لاغتيال القائد والمناضل الشيوعي الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني الرفيق جورج حاوي -ابو أنيستدعوكم منطقية بيروت في الحزب الشيوعي اللبناني لتقديم تحية رمزية الى شهداء الحزب الشيوعي عبر التجمع واضاءة الشموع في ساحة الشهيد جورج حاوي في وطى المصيطبة مساء الثلاثاء 21 حزيران عند الساعة السابعة والنصف مساءًمن اجلك يا وطنياستشهدوا من أجل وطن حر وشعب سعيد

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية ان كميات كبيرة من العتاد القتالي تصل الى قطاع غزة عبر مصر وشبه جزيرة سيناء قادمة من ليبيا.

وأوضحت الصحيفة في عددها الصادر يوم 10 يونيو/حزيران ان الوسائل القتالية تتضمن، من بين ما تتضمنه، مئات الصواريخ من طراز "الغراد" القادرة على اصابة اهداف على بعد 70 كيلومترا إضافة الى قذائف صاروخية قصيرة المدى تسلمتها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في قطاع غزة.

وأشارت الصحيفة الى أن الأمن الإسرائيلي قلق جدا من حجم الوسائل القتالية المهربة من ليبيا في ظل الاضطرابات التي تشهدها الأخيرة.

وقالت مصادر امنية اسرائيلية ان مصر تحاول محاربة هذه الظاهرة من خلال اعتراض قوافل الاسلحة جوا إلا أن العديد من القوافل تصل الى انفاق التهريب في القطاع.

وفي سياق متصل اشارت المصادر الى أنه وعلى الرغم من التنسيق بين الجانبين الاسرائيلي والمصري بخصوص معبر رفح لكن الاجراءات التي تتخذها السلطات المصرية ما تزال غير معروفة للتاكد من عدم مرور اشخاص ومعدات مخالفة للاتفاقيات.

ندوة في صور حول راهنية مواقف مهدي عامل

في مسألة الإصلاح "البرجوازي" والتغيير المنشود

بمناسبة ذكرى استشهاد مهدي عامل، نظمت منظمة الحزب الشيوعي اللبناني ندوة حول ارتباط كتابات مهدي عامل بالواقع السياسي الراهن.

تحدثت نائبة الأمين العام للحزب الشيوعي، د. ماري ناصيف-الدبس، في الندوة التي حضرها ممثلون عن الأحزاب والهيئات النقابية والأهلية وكذلك عن المنظمات الفلسطينية في الجنوب، إضافة الى عدد من الشيوعيين والأصدقاء.

وقد ركزت في كلمتها على أن البرجوازية اللبنانية بكل أطيافها، إن تلك المسماة "وطنية" أم تلك التي تمارس التبعية المباشرة، عاجزة عن إخراج لبنان من الأزمة التي يعيشها منذ قيام كيانه الحديث والتي تفاقمت في الآونة الأخيرة، بعد اتفاق الطائف ونهاية الحرب الأهلية، لتطرح كيان لبنان ووجوده على المحك.

وتوقفت نائبة الأمين العام بشكل خاص عند المحاولات الجارية لتوجيه الحزب الشيوعي باتجاه تحالفات مع بعض أطراف البرجوازية بحجة اللقاء بين بعض أطروحات الحزب حول ضرورات التحرير أو الإصلاح ومواقف تلك الأطراف، شارحة الفارق الأساس بين تحالف تكون فيه للطبقة العاملة وحزبها في موقع المهيمن النقيض وليس في موقع التبعية.

هذا، وبعد أن ركزت د. ماري ناصيف-الدبس على أهمية الجمع ما بين النضال في وجهه الوطني والنضال من أجل التغيير الاجتماعي، شرحت لماذا يدعم الحزب الشيوعي اللبناني التحرك الجماهيري من أجل إسقاط النظام الطائفي، وبالتحديد التغيير عبر قانون جديد للانتخابات وقانون موحد للأحوال الشخصية... مع ضرورة استكمال برنامج التغيير السياسي ببرنامج للتغيير الاقتصادي.

في ما يلي كلمة نائبة الأمين العام في ندوة صور:

في الفصل الثاني من كتابه " بحث في أسباب الحرب الأهلية في لبنان"، الصادر عام 1979، أي بعد أربع سنوات ونيف على انفجار الحرب الأهلية الأكثر تدميراًً في تاريخ لبنان، يناقش مهدي عامل مسألة أساسية طالما طرحتها وثائق الحزب الشيوعي اللبناني بعد مؤتمره الثاني المفصلي في العام 1968، هذه المسألة  الأساسية يمكن تلخيصها في سؤالين إثنين : هل يمكن لمحاولة إصلاح "برجوازية" جديدة، على غرار المحاولة الشهابية في ستينيات القرن الماضي، أن تحل التناقض الملازم لبنية الدولة اللبنانية بين كونها دولة "برجوازية" وكونها "دولة طائفية"؟ بل هل بالإمكان إجراء أي إصلاح "برجوازي" للدولة اللبنانية؟

يجيب مهدي عامل بكل وضوح أن الإصلاح البرجوازي للنظام السياسي "الطائفي" في لبنان هو أمر مستحيل. ويعزو استحالة مثل هذا الإصلاح إلى عدم إمكانية فك التحالف السياسي القائم على صعيد السلطة بين "الإقطاعات السياسية" والطغمة المالية... فبحسب مهدي إن مواقع الإقطاعات السياسية في السلطة هي، في وجه  رئيس منها، مواقع الطغمة المالية نفسها التي تهيمن عبر تلك الإقطاعات، فيما تشكل تلك الإقطاعات أدوات هيمنتها الطبقية السياسية. بمعنى آخر يقول مهدي عامل إن الطابع "الطائفي" لدولة البرجوازية اللبنانية - أو الدولة البرجوازية الكولونيالية كما يسميها - هو طابع أساسي لوجودها كدولة برجوازية، فإن أُُُُُسقط عنها هذا الطابع سقطت بسقوطه... أي إن الإصلاح السياسي البرجوازي، أكان شهابياًً أم حريرياًً  أم عبرّ بعض المشاريع والدعوات الصادرة مؤخراً، من مثل الأمين العام لحزب الله والبطريرك الماروني ، هو أمر مستحيل، انطلاقاًً من التناقض الملازم للطبيعة الطبقية للبرجوازية اللبنانية كونها، " في صيرورتها الطبقية، كطبقة مسيطرة مرتبطة تبعياًً بالإمبريالية، وفي ممارسة سيطرتها الطبقية هذه بالذات، عاجزة دوماًً عن أن تصير برجوازية- على مثال البرجوازية الإمبريالية- وعن ممارسة سيطرتها الطبقية التي هي، بالتالي، في أزمة متجددة".

ما يريد مهدي عامل قوله هو أن البرجوازية اللبنانية كطبقة هي العائق الأساس أمام تطور أي محاولة إصلاحية فعلية  ووصولها إلى التحقق... إذ أنها استخدمت، منذ نشأتها، الثياب الطائفية والمذهبية للسيطرة الطبقية كما لإعادة إنتاج  هذه السيطرة، وهو أمر يتجلى، أولا، في قطاع التربية والتعليم ويمتد ليطال قوانين الأحوال الشخصية ويعرج على تقاسم السلطة السياسية عبر قانون الانتخابات وغيره. وهذه البرجوازية غير قادرة، بالتالي، أن تتحول إلى برجوازية على الطراز الأوروبي قادرة على إجراء أي إصلاح سياسي.

وإذا كان هذا الأمر واضحاًً بالنسبة للموقف المعادي للفئة المسماة "وسيطة" (أي المرتبطة تبعياًً بالإمبريالية)، إن في تجربة المرحلة الشمعونية التي ربطت لبنان بمشاريع الأحلاف الاستعمارية  بدءاًًً بحلف بغداد ووصولاًً إلى حلف تركيا- باكستان، أم في تجربة المرحلة الحريرية التي نعيش نهاياتها، اليوم، والتي ربطت مصير تطور الدولة وكذلك الاقتصاد الوطني اللبناني بتوجهات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واملاءاتهما، فإنه من غير الواضح أمام  العديدين لماذا يسري الموقف نفسه على تلك الفئة من البرجوازية المسماة "وطنية"، التي رفضت الاملاءات الامبريالية والتي كانت "الشهابية" المثال الساطع عليها والتي تعود، اليوم، لتطرح نفسها، عبر النيوشهابية، بديلاًً عن الحريرية السابقة وعن الفساد والإفساد الذي خلفته في رأس السلطة (والتي تجسد أحداث الأسبوعين  الأخيرين أفضل دليل عليها)؟

فتلك البرجوازية المسماة "وطنية" تنادي، اليوم، بالإصلاح وتدعو إلى وضع حدٍٍٍ نهائي للفساد الذي ينخر رأس الدولة  والى "كهربة" لبنان وإيجاد ضمان الشيخوخة... إلى ما هنالك من شعارات  وعناوين اقتصادية واجتماعية، عدا عن موقفها "العربي" المعادي للإمبريالية، سياسياًً وبالممارسة عبر انخراطها في مقاومة الاحتلال... فلماذا، إذاًًً، لا ندخل في تحالف (انصهاري) معها، أو لماذا نعزل أنفسنا عن تلك الفئة من البرجوازية بما يجعلنا ننعزل عن الجماهير الكادحة التي تمثلها هذه الفئة بفعل العامل "الطائفي" أو "المذهبي"؟

هذا النقاش الذي يسود، اليوم، العديد من المنتديات اليسارية وحتى داخل بعض الحلقات الصديقة للحزب، والذي تسطع من ضمنه "راهنية" مهدي عامل المفكر الماركسي- اللينيني الذي يجمع بين  النظرية والتطبيق (la praxis)، هو الذي دفعنا إلى استعادة ما طرحه الحزب الشيوعي اللبناني، منذ مؤتمره الثاني وخاصة في مؤتمره العاشر، للإجابة عن بعض جوانبه ذات الأولوية في تحديد مهمة الطبقة العاملة، والحزب الشيوعي تالياًً، في هذه المرحلة.

في هذا المجال، نود أولاًًً أن نقول أن التقرير المقدم أمام المؤتمر الثاني للحزب الشيوعي اللبناني (باسم "25 عاماًً من النضال")، الذي استند إليه مهدي عامل في الملحق الموضوع في نهاية كتاب "بحث في أسباب الحرب الأهلية في لبنان" للقيام بقراءة نظرية للممارسة السياسية للحزب الشيوعي اللبناني، كما الوثيقة السياسية التي أقرها المؤتمر العاشر للحزب، منذ سنتين ونيف، قد ركزا على أن البرجوازية اللبنانية، إن من حيث نشأتها أو تطورها اللاحق، غير قادرة على رؤية الرابط بين الوجه الوطني والوجه الاجتماعي لحركة التحرر الوطني، ولحركة التغيير، بالتالي... بما يجعلها خارج إمكانية حركة التغيير هذه، مهما حاول ممثلوها ومهما كانت الكفاءات التي يتمتعون بها. لذا سيأتي التغيير من خارجها، من الطبقة العاملة على وجه التحديد، بالتحالف مع القوى الشعبية ذات المصلحة في التغيير.

يستعرض مهدي عامل في هذا الخصوص مواقف الحزب في مؤتمريه الثاني (1968) والثالث (1972) وفي عيده الخمسين (1974)، هذه المواقف التي رفعت شعاري إسقاط الطغمة المالية والتغيير السياسي كمهمة قابلة للتحقيق ولإقامة الحكم الوطني الديمقراطي. ويتابع في هذا المجال ليحلل أن قيام الحركة الوطنية آنذاك كقوة سياسية مناهضة للبرجوازية إنما نتج عن قرار واعي لدى الطبقة العاملة من موقع استقلالها الطبقي، وليس من موقع تبعيتها الطبقية (...)، بقيادة حزبها الشيوعي، في إقامة التحالف الطبقي الضروري. فاستقلالها هذا هو الذي مكّّّّّّنها من إقامة هذا التحالف، لأنها فيه، كطبقة مهيمنة نقيض، قادرة على تحديد مهمات المرحلة التاريخية، وبالتالي، على تحديد حلفائها الطبقيين. أما التبعية الطبقية فتمنعها من  الظهور في موقع المواجهة ... وليصل إلى الاستنتاج التالي: إن "الاستقلال الطبقي هذا، كالتبعية الطبقية، يتجددان، في نهاية التحليل في حفل ممارسات الصراع الطبقي، بالخط السياسي الذي ينتهجه الحزب، إذا كان خطاًً بروليتارياًً أو خطاًً "برجوازياًً صغيراًً"...

ويفسر مهدي عامل هذا الاستقلال الطبقي للطبقة العاملة في ما جاء في المؤتمرين الأول والثاني للحزب الشيوعي من ربط بين الوجه الوطني والوجه الاجتماعي للنضال والذي عبّّّر عنه التقرير المقدم أمام المؤتمر الثاني للحزب... ليخلص إلى القول "إن مفهوم الاستقلال الطبقي مفهوم سياسي  وليس مفهوماًً اقتصاديا، بمعنى أنه يتحدد في حقل الصراع الطبقي وبالنسبة إليه (...)، وليس بالنسبة إلى بنية علاقات الإنتاج، إلا بمقدار  ما تتحدد حركة الصراع الطبقي في هذه البنية". علماً أن الإشكالية المطروحة في النص المقتبس لا تعني الفصل بين المستويين السياسي والاقتصادي، إذ أن مهدي عامل حاول هنا إبراز أولوية الصراع السياسي في مرحلة التغيير، انطلاقاً من المقولة الماركسية:" إن الصراع الطبقي هوهو الصراع السياسي".

إننا، كشيوعيين، نرى، إذا، أن هذا الاستقلال الطبقي، الذي نبني تحالفاتنا على أساسه ونحدد من خلاله حلفاءنا الطبقيين، يشكل الخط البياني الذي جنبنا ولا يزال الوقوع في إنحرافين خطيرين: التطرف اليساري الذي يمكن أن يؤدي إلى عزل الحزب (كما جرى في أواخر أربعينيات القرن العشرين، وبالتحديد في المراحل الأولى لانتقال الحزب من المرحلة العلنية إلى العمل السري)، أو الإنحراف اليميني الذي يحول الحزب إلى تابع فتذوب قضيته كما جرى في أوائل ستينيات القرن الماضي حيث انجرفنا وراء وهم الإصلاح الشهابي ودور البرجوازية الوطنية في التغيير.

ويمكن القول أن محاولات جرنا للوقوع في أحد هذين الإنحرافين، اللذين نبه إليهما تقرير "25 عاماًً من النضال" واستعادهما مهدي عامل في مجال الحديث عن "حركة التحرر العربية: الأزمة والبديل"، قد تصاعدت في السنوات الأخيرة، منذ ما بعد القرار 1559 وانعكاساته على الوضع الوطني والسياسي في لبنان.

فقد تعرضنا، ولا نزال، لمحاولات- من داخل الحزب وليس فقط من خارجه- تدعو إلى الالتحاق بركب "14 آذار" لتثبيت قضيتنا الوطنية وموقفنا  المعروف من التدخل السياسي السوري في أوضاع وطننا وشعبنا... كما تعرضنا، ولا نزال - من داخل الحزب أيضاًً وليس فقط من خارجه-  لمحاولات تدعو إلى الالتحاق بركب "8 آذار" لتثبيت موقفنا من المقاومة وتقاطعنا مع بعض أطراف هذا التحالف حول الجانب الوطني من الصراع الطبقي. وفي كلتا الحالتين نُعتنا بالانعزال وإن يكن من منطلقين مختلفين.

إننا نرى في تلك المحاولات دعوة صريحة للتبعية الطبقية، وليس للاستقلال الطبقي، عبر "التخندق" في اصطفافات طائفية- مذهبية طالما لجأت إليها أطراف البرجوازية اللبنانية منذ بدايات نشأتها، مستندة في ذلك إلى تجارب الإقطاع في أواسط القرن التاسع عشر، لطمس الصراع الطبقي وإخفائه خلف جدران تمتد من الأرض باتجاه السماء لتحجب عن الطبقة العاملة وحلفائها في الحركة الشعبية رؤية أرض الواقع ولتمنع عن حلفاء تلك الطبقة أن يلتقوا معها في المواجهة مع تحالف البرجوازية والإقطاع السياسي الحاكم.

إن الحزب الشيوعي اللبناني، ومن المنطلقات النظرية والسياسية التي ذكرنا، يؤكد اليوم كما أكد في السابق أن أي إصلاح برجوازي للنظام القائم مستحيل، خاصة في ظل توافق كل أطرافها على الدفع باتجاه زيادة حدة الانقسام الطائفي والمذهبي الذي يؤدي، بدوره، إلى زيادة ارتهان لبنان للخارج، أياًً يكن هذا الخارج وتحت أية حجة وضع هذا الارتهان. فخطر الارتهان الكامل للخطة السياسية الأميركية في المنطقة، الذي برز بعد العام 2004 في القرار 1559 وخاصة في العدوان الإسرائيلي صيف عام 2006، لا يمكن درؤه فقط بالنضال العسكري وبالانعزال ضمن جدران طائفية أو مذهبية و مناطقية. إذ لا بد للفعل المقاوم في وجه إسرائيل، ومن هم وراءها من قوى امبريالية (وفي المقدمة منهم الولايات المتحدة الأميركية)، أن يرتبط بمقاومة سياسية واقتصادية واجتماعية تتكامل معه وتكمله.

لقد استعرضت وثيقة المؤتمر العاشر للحزب الإنجازات التي حققتها المقاومة الوطنية للاحتلال بكل أطيافها، وبالتحديد ما أنجزته المقاومة الإسلامية، لتتوقف عند مسألتين أساسيتين:

- الأولى، وتتعلق بأهمية تلك الإنجازات التي كان من الممكن أن تفتح آفاقاًً رحبة أمام الشعب اللبناني لو أن مهمة التحرير ارتبطت بالحاجة إلى التغيير الديمقراطي "وبالتحديد الخروج من دوامة الانقسامات الطائفية والمذهبية باتجاه الموقع الوطني، الذي  من شأنه أن يشكل الحماية الفعلية لدور المقاومة ووظيفتها".

- الثانية، ومفادها أن الدور الخارجي في المعادلة الداخلية، على الرغم من أهمية الانتصارات التي أشرنا إليها، قد امتد في ثنايا الواقع اللبناني عبر شبكة علاقات متكاملة وفي كل المجالات الأمر الذي "لا يضعف فقط فرص العودة إلى كنف الدولة لتطوير وتنمية مؤسساتها، بل يعمّّّّّق الانقسام اللبناني- اللبناني ، ويدفع به إلى مستويات واحتمالات غير مسبوقة من حيث الإستعصاء على الحلول والتسويات. وهذا ما يدل عليه الشلل الحاصل في كل السلطات التشريعية والتنفيذية منذ العام 2008 والذي لا يمكن أن يداوى لا عبر حكومة تمثل وحدة أرباب الطوائف، ولا عبر انتقال ممثلي  طائفة ما من إصطفاف إلى آخر، ولا كذلك عبر "حذلقات" الوسطية السياسية... خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار انعكاسات الأوضاع المتغيرة في محيطنا العربي القريب والواسع على لبنان،  انطلاقاًً من الأسس التي قامت عليها الانتفاضات الشعبية المنطلقة من تونس ومصر وكذلك من الهجمة المضادة التي تمارسها الإمبريالية، إن عبر ذراعها العسكري (الناتو)، هذه المرة في ليبيا بعد العدوان على العراق واحتلال أرضه، أم عبر استعادة تحالفها مع البرجوازيات العربية، من تلك التي لا تزال في السلطة (البرجوازية التونسية والمجلس العسكري في مصر) إلى تلك التي أقصيت عنها في مرحلة الانقلابات العسكرية التي تلت النكسة في فلسطين (تيار الإخوان المسلمين وبعض التيارات القومية والدينية الأخرى) ؛ هذا التحالف الذي يعيد إنتاج بنية أنظمة التبعية التي كانت قائمة قبل سقوط رموزها أمثال زين العابدين بن علي وحسني مبارك إنما بأشكال جديدة يروج لها منذ عقدين تقريبا، من أبرزها النموذج التركي الذي يجمع بين حزب العدالة والتنمية والجيش. دون أن نغفل مشاريع إسرائيل الجديدة وعمل قياداتها الدؤوب من أجل استعادة دور مفقود بفعل المقاومة في لبنان وفلسطين، ونخص بالذكر، هنا، مشروع إطلاق "دولة اليهود في العالم" الذي أرّّّّخت له زيارة أوباما إلى المنطقة، بعد أشهر على تسلمه سدة الرئاسة الأميركية، وخطابه الشهير في القاهرة.

على هذه الأسس، وبما أننا نرى أن التغيير "البرجوازي" للنظام اللبناني مستحيل، وبما أن النظام البرجوازي- الطائفي- المذهبي في لبنان قد أصبح عائقاًً ليس فقط أمام تقدم لبنان، بل أمام وحدته وحتى بقائه، ومن منطلق ضرورة وحتمية المواجهة مع المشروع الإمبريالي لمنطقتنا، والمسمى "الشرق الأوسط الجديد"، الذي يسعى إلى تفجير منطقتنا العربية إلى كيانات طائفية ومذهبية (واثنية نسبياًً) متصارعة في ما بينها، بدءاًً بالعراق وامتداداًً إلى البحرين والى سوريا ولبنان، لتصل شظاياها إلى السودان، يرى الحزب الشيوعي اللبناني في الدعوة لإسقاط النظام الطائفي السبيل الوحيد لإنقاذ وطننا من الانفجار والسقوط. وهذا يتم بالتركيز على مسألتين أساسيتين هما: النضال لإسقاط قانون الانتخاب الطائفي واستبداله بقانون جديد يعتمد النسبية خارج القيد الطائفي ويطلق دور الشباب عبر تخفيض سن الاقتراع؛ والعمل على إيجاد قانون مدني للأحوال الشخصية يوحد اللبنانيين في بوتقة المواطنة ويحولهم من رعايا لدى زعماء الطوائف إلى مواطنين متساوين.

كما يرى أن على الطبقة العاملة، ذات المصلحة الأساسية في التغيير أن تستكمل هذا البرنامج السياسي ببرنامج اقتصادي يعتمد أولا على تطوير القطاعات المنتجة في الصناعة والزراعة وعلى إلغاء الاستثمار. كما لا بد وأن تعمل على بناء تحالف جديد من خلال استقطاب الجماهير الشعبية المتضررة من بقاء النظام الطائفي عائقاًً أمام تقدمها وأن تزيد من دورها وفعاليتها في المعركة التي فتحت باتجاه التغيير.

الجمعة في 3/6/2011

ذُهل مازن، وهو مسؤول دمث في تيار محلّي ، من جواب موسى قاسم، فانبرى يعبّر عن ذهوله بابتسامات ماكرة وجمل اعتراضية: «يا رجل، تريد المشاركة في تلك المسيرة التي شارك فيها شباب من «حركة أمل؟»، معقول؟». قطّب موسى، الميكانيكي وابن طريق الجديدة منذ ثلاثين عاماً، حاجبيه مجيباً «شبيبة الحركة؟ كلا، طبعاً لن أشارك». انفرجت أسارير مازن عقب إجابة موسى، وحاول «تنقية» الجواب، فقال «طيّب يا موسى، لنفترض أن الشبيبة لن يشاركوا في المسيرات، ما رأيك في بلد علماني؟». مرّت دقيقة وموسى مطرقاً رأسه يفكّر في الجواب، فأدرك مازن أن موسى لا يعرف معنى العلمانية. قال بتململ «العلمانية تعني فصل الدين عن الدولة»، فعلّق موسى متسائلاً: «وفي حال اعتمدت في لبنان، هل تبقى أبواب المساجد والكنائس مشرّعة؟ وهل أبقى محافظاً على ديني؟». هزّ مازن برأسه. أخذ الميكانيكي نفساً عميقاً، موجهاً بصره تجاه المسؤول، كمن يطلب المساعدة في الجواب، غير أن مازن اكتفى بمداعبة السيجار الفاخر بيده، متجاهلاً طلب العون. «هل يبدو السؤال صعباً عليك يا رجل؟ أنت مع فصل الدين عن الدولة، أم لا؟». ابتسم موسى، وأجاب: «لماذا لا نتعامل مع بعضنا البعض كما يتعامل المواطنون مع بعضهم في أوروبا؟ حبذا لو نتغلّب على الطائفية في لبنان. أنا كمواطن أكترث لمهنتي. أبحث عن سيارة معطّلة، وأحلم بحياة هادئة في بلدي». انفجر مازن من جواب الميكانيكي، واقترب منه قائلاً «أصبحت ملاكاً الآن؟ أين جناحاك؟ هيا، احلم يا حبيبي. احلم». كرجل يحمل صندوقاً حديدياً مقفلاً، بدا العمّ خالد متشبثاً بأجوبته: «هذا البلد لا يقوم ولا يحيا إلا بنظامه الطائفي، لأنه وُلد هكذا. غذاء لبنان هو الطائفية. ومن يرد الثورة، فعليه أن يعرف أن هناك من ثار من قبل ونجح: ثورة الأرز». كان العمّ السبعيني ينتظر وصول المختار طارق السمّاك، فيما كان مازن منصتاً لأجوبته مبتسماً. باليد الأخرى، كان السبعيني «يحمل» صندوقاً آخر، استفاض في سحب الأجوبة من داخله، متمنياً أن «يسود الحكم العادل في لبنان. أنا لم أكن أكترث لفريقي 8 أو 14 آذار. لكنني أصبحت الآن مع فريق 14 آذار حتى الموت، لأنه صنع ثورة الأرز، أما الباقون فهم محسوبون على دول». عاد ابن طريق الجديدة للحديث عن حملة إسقاط النظام الطائفي، من النافذة التي فتحها، قائلاً أنه من الصعب أن يتعاطف معها، ولو «استطعت التواصل معهم، لقلت لهم أن يتوقفوا من الآن، فهم لن يصلوا إلى أي نتيجة، مهما تطورت الظروف. هذا بلدنا ونعرفه أكثر من الشباب المتحمّس». كان في مكتب المختار شاب عشريني جالس على كنبة جلدية، يستمع إلى حديث السبعيني. سأل: «ماذا عن الحروب الأهلية؟ يا عم، أليست الطائفية هي السبب في نشوبها؟»، فأجاب العمّ في خلال جزء من الثانية: «كلا. طبعاً كلا. التدخلات الخارجية هي السبب». استغرب الشاب جواب السبعيني، فأردف: «والدول تستغل التناحر الطائفي، ونحن نقع في الفخ». زمّ العمّ شفتيه ورمق مازن بنظرة خاطفة، ثم مرر بصره إلى محدثه وقال «لكل فريق في لبنان دولة محسوب عليها. هل تظن نفسك اخترعت البارود؟ الطائفية غذاء لبنان. نقطة، انتهى». وصل المختار، محيياً العمّ خالد والضيف ومازن. شرع في إنجاز بعض المعاملات المحتشدة على منضدته، متأملاً كل ورقة بخبرته المتكسبة منذ اثني عشر عاماً. بدا صندوق المختار أكثر انغلاقاً من السبعيني: «من الصعب أن نتخيل لبنان من دون تركيبته الطائفية. لن ينجح أحد باجتثاثها. لبنان ليس مصر، لأن هناك لوناً واحداً، ونسبة قليلة من الأقباط. اللون الواحد ثار على حاكمه، لكن هنا، ثمة ألوانا كثيرة». اعتدل مازن في جلوسه، مبعداً السيجار عن يده، وأخذ ينصت لحديث المختار: «أهالي طريق الجديدة ليسوا مهتمين بإسقاط النظام الطائفي، فالطائفية هي التي تؤمن الوظيفة لابن الطائفة، وليس الدولة. الطائفية مغروسة في طعام وشراب ومأكل وملبس اللبناني. من يستطيع أن يحذفها من الـ«ميموري» (الذاكرة) فجأةًً؟». استغرب الضيف، واسمه عبود، سؤال المختار. اغتصب مازن ابتسامة ماكرة، فيما كان المختار يستعد لاستكمال ما كان يقول: «ما إن أُعلن عن الحملة، حتى بدأ رئيس مجلس النواب نبيه برّي يشجعها، كرسالة واضحة للمسيحيين من جهة، وكي يثبت أنه ضد الطائفية من جهة ثانية. وفي الحالتين، فهو لن يخسر شيئاً». في الجهة المقابلة للطريق الجديدة، كان سمير السبع ممسكاً بسلة مصنوعة من القش، عندما سأله جميل سليم، وهو صاحب حانوت صغير في الضاحية، عن رأيه بإسقاط النظام الطائفي في لبنان. هزّ سليم كتفيه، ورفع السلة كمن يرفع الأثقال الحديدية في ناد رياضي، وقال: «تماماً كرأيي في تعبئة هذه السلة بالمياه. لن تحمل المياه، لأنها مثقوبة من كل الجهات». أُعجب صاحب الحانوت بتشبيه زبونه «الآدمي»، كما يحلو له وصفه. أزاح العمّ الستيني النظارات عن عينيه، وتناول جهاز تحكم التلفاز بإحدى يديه. وفيما كان ينتقل به من محطة تلفزيونية محلية إلى أخرى، أردف معلقاً: «كيف يسقط نظام طائفي تدعمه كل وسائل الإعلام في الصباح والمساء؟ فمع انعدام ثقافة المواطن الفردية في لبنان، صار منبع الثقافة مستمداً من التلفاز، الذي تبث محطاته المحلية يومياً أخباراً تساهم في تكريس الطائفية». وُلد الرجل في منطقة برج البراجنة، من عائلة متوسطة الدخل، ولم ينل فرصة استكمال تعليمه المدرسي. شب على قضاء وقته في الحانوت الذي ورثه من والده، وشاب بعدما تزوج أولاده وهجروا البلاد إلى الغرب. التقط العمّ نظارته، محدقاً بفتاة عشرينية دخلت إلى الحانوت. رحّب بها معرفاً عنها بـ«ابنة فلان». سألها عن إسقاط النظام الطائفي، فأجابته بسؤال مضاد «تعني إلغاء «حزب الله» من الوجود يا عمّ جميل؟ أي إسقاط السلاح كما يروّجون؟ ليس هناك من يوافق هذا المطلب إلا العميل لإسرائيل. أعطني نصف كيلو جبن بلغاري لو سمحت». انتظر الستيني خروج الفتاة، وقال هامساً أن «فلاناً»، أي والدها، منظّم في حزب محلي، أما الفتاة فهي طالبة في إحدى الجامعات. هز الرجل برأسه يمنةً ويسرة، متأسفاً من جواب الفتاة. قال «أصعب ما في الأمر أن جيل الشباب الجديد لا يريد أن يصدّق أننا كنا على خطأ، وأن النظام الطائفي هو الذي جعلني أعيش في هذا الحانوت، كما حتّم على شباب كثيرون أن يحلموا بابتياع شقة، أو تأمين وظيفة». وقف علي ب. وأحمد ز. يتبادلان أطراف الحديث، بمحاذاة صورة عملاقة للرئيس نبيه برّي مذيلة بعبارة «يا ويلنا من بعدك» في منطقة الشياح. علي، الموظف في إحدى الشركات التجارية، مناصر لـ«حزب الله»، أما أحمد فمحسوب على «حركة أمل»، وطالب في إحدى الجامعات الخاصة. كان علي منشغلاً بإطلاع صديقه على تفاصيل وظيفته الجديدة، التي «فاز» بها بعد واسطة من أحد نواب الحزب، بينما بدا أحمد مرتبكاً بسبب تأخر اتصال هاتفي من مسؤول في الحركة، سبق أن وعده بوظيفة مشابهة في مطار رفيق الحريري الدولي. شارك أحمد في مسيرة إسقاط النظام الطائفي الأولى، والتي عرفت لاحقا باسم «مسيرة الأحد الماطر». ذكّر الشاب صديقه بـ«ذاك اليوم، عندما توجه معي الشبيبة إلى المسيرة، وما زالوا حتى اليوم ينفجرون ضحكاً، ما إن يتذكروا أنهم شاركوا في تلك المسيرة الحماسية، والتي بدت كأنها مفرقعات نارية، أمام رصاص الثورات العربية». بدا علي مزهواً بـ«اعتراف» صديقه، فقال: «أخبرتك أنها حملة شباب لا يعرف ماذا يريد، ولا يعرف طريق الوصول. أنظر ماذا حلّ بهم اليوم. اختفوا، لأن النواة كانت فارغة منذ البداية. تخيّل لو أنهم نجحوا، ماذا كان قد حلّ بنا؟ كنا سنتحاشى السكارى في الطرقات في الضاحية، ونخاف على حجاب شقيقتي وشقيقتك، هذا غير مصير السلاح الذي حرّر لبنان». حاول أحمد أن يعلّق على رأي صديقه، من دون أن يسحب بساط زهوّه من تحت قدميه، فاستهل رأيه بإثناء «معك حق»، مختتماً: «لكن، رغم أنني لا أستطيع أن أرى رئيساً لمجلس النواب غير الأستاذ (برّي)، فإنني أعتقد بأن الطائفية هي سبب خراب لبنان. غير أن البديل أفدح، والدليل أن منظمي الحملة غرقوا في خلافاتهم الشخصية، فكيف يعتقدون بأنهم يستطيعون النجاح، واجتثاث الفكر الطائفي من نفوس اللبنانيين؟». جعفر العطّار

الأكثر قراءة