الجامعة اللبنانية اولى النضالات

الجامعة اللبنانية اولى النضالات، وأي انزلاق للدفاع عن المؤسسات التعليمية الطائفية او من يستفيد منه هو انحراف اساسي عن مبدأ ديمقراطية التعليم واتاحته للجميع.

بشار علي

ازمة الجامعة اللبنانية بكل اركانها تتعمق، نرى نتائج الازمة تُقَهقِر خدمات التعليم التي تقدمها لشريحة واسعة من الطلاب،وبالمقابل جامعات خاصة تلعب بمصير الطلاب، تتخبط في ظل تخبط المنظومة السياسية /الاقتصادية التي تعطيها الدور، وتتكامل في جعل وطننا تابع للغرب الرأسمالي. مع انهيار النموذج، تطرح قضية التعليم كقضية اساسية اليوم وللغد مما يحتّم علينا البحث معمقاً في صلب الدور الذي يلعبه هذا القطاع الاساسي.

ان الازمة المطروحة هي ليست في مجال التعليم انما هذا المجال هو للإنعكاس او الشكل السياسي/الاقتصادي التي تظهر من خلاله المشكلة الأساسية الاجتماعية، وتحديداً الاقتصادية. هذا القطاع التربوي يخدم الاقتصاد المنتج، يلعب دور اساسي في بناء نموذج متهالك يمتاز بالتبعية والارتهان ونسخ ثقافة غربية لتنتج مسخ ثقافة في وطن لا ثقافة وطنية له.

يمكن ان نقسم المؤسسات التربوية في لبنان الى ثلاث:

المؤسسات التجارية:هذه المؤسسات التي لا تلعب دور ايديلوجي اساسي، رغم كونها تحتوي عدد كبير من الطلاب، يكاد ينحصر دورها في عملية ربح عن طريق بيع خدمات رائجة سيئة الجودة.

المؤسسات الطائفية: هي مؤسسات تابعة بشكل عام للمؤسسات الاستعمارية فهي ترتبط بالمساعدات المالية وغير المالية من الدول الاستعمارية. فالطائفية ظاهرة تاريخية اجتماعية تحددت بفعل السيطرة الاستعمارية في شكلها المتميز في لبنان. اطار ايديلوجي لصهر وعي الشباب واعادة تشكيله بما يخدم السيد الأول اي الاقتصاد. لهذه المؤسسات دور تجاري ولكن ثانوي وهنا يمكن فهم ما يدفعها لرفع اقساطها ودولرة اقساطها دون أن تأبه بمن يتسرب من حاميتها الطبقية فهي مكرّسة للاغنياء وتقصي اي محاولة سياسية جنينية لتواجهها من داخلها. انها ممثلة للاستعمار ويلجئ لها وينقذها فهي مدخله الأساس والنهائي.

المؤسسات الرسمية: ان هذه المؤسسة أنشئت تحت ضغط الحركة الطلابية والحجم المتزايد للحجم البشري المحروم من التعليم، خلقت ببطورها النسبي وتوسعها المشوه، وضعاً يشكل خطر على بقية المؤسسات الطائفية والرسمية، فتوسع المؤسسة الرسمية يقلص من حجم الموسسات التجارية الطائفية بالتالي تقلص من امكانية تطور بناء الدولة البرجوازية التي هي تعمد للجم المؤسسة الرسمية وتضع امامها العوائق المادية وتشويه سمعتها التربوية والحدّ من ملاك التعليم فيها وتكريس نظم التقاعد.

الجامعة اللبنانية من اولى النضالات ومساره الصحيح، وليس اي مكان او جامعة اخرى. ولا يمكن الا ان نكون في هذه المواجهة، فأي انزلاق للدفاع عن المؤسسات التعليمية الطائفية او من يستفيد منه هو انحراف اساسي عن مبدأ ديمقراطية التعليم واتاحته للجميع. على اثر الأزمة، صار من مصلحة الطغمة المالية الحاكمة ان تقضي على الجامعة وتسد افق تطورها لأن تطور الجامعة بدلاً من أن يخدمها أصبح يهدد مصالحها الطبقية... لهذا تظهر قضية الجامعة اللبنانية هي الوجه الاساسي للصراع الطبقي وليس غريباً ان ينعكس هذا الصراع الطبقي بين صفوف الطلاب فهم يحملون معهم الى الجامعة تناقضات البنية الاجتماعية.

ان التطور التاريخي للجامعة اللبنانية اخذ يفرض بالتزامن مع انهيار النموذج الاقتصادي المسخ الى ضرورة التحول في بينة الانتاج الاجتماعي بشكل تكون فيه الغلبة للقطاعات المنتجة لا القطاعات الخدماتية، هذا التحول البينوي يتطلب مزيد من بلورة والعمل على تقدمية الحركة الطلابية  بالتزامن مع ضرورة بناء للحركة الشعبية لنفسها ضمن بديل سياسي متكامل.

ان كل المؤسسات التعليمية اليوم خاضعة لسيطرة الطبقة البرجوازية ومن ضمنها المؤسسات الرسمية، ولكن تحمل بمنطقها بذور تدمير النموذج ككل فهي نقيض للنظام القائم، الطبقات التي تستفيد منها حكماً  في مواجهة النموذج المسخ المنهار...ديمقراطية التعليم واتاحته للجميع شعار المرحلة الأساسية من خلال النضال للجامعة اللبنانية كقضية مركزية ببعدها الطبقي وما تستطيع ان تقدمه من بناء ثقافة وطنية واقتصاد وطني.

بشار بحسون

الأكثر قراءة