بالرّغم من الحرّيات التي تحاول الرأسمالية الترويج لها وادّعائها، إلّا أنّها -ومهما حاول النهج الليبرالي اختزال قضايانا- ما زالت حتّى الآن تقيّد النّساء وتحصرهنّ بأدوار اجتماعيّة جندريّة قد لا يردنها، وفي ما يأتي توصيف بسيط لواقع المرأة ضمن أنظمة رأس المال الأبوية:
- واقع المرأة في الأسرة
ما زالت الأسرة بشكلها ضمن النظام الرأسمالي تستغلّ النساء، إذ تتفاوت أشكال القمع والاستغلال داخل الأسر تبعًا لاختلاف أشكال رأس المال، وتفاوت القمع وحدته لا ينفي وجوده أينما وجدت الأنظمة الرأسمالية الأبوية.
يُفرض على النساء غالبًا العمل داخل المنزل، القيام بأعمال التنظيف والغسيل والطبخ كما رعاية الأطفال وتربيتهم وتعليمهم، تقوم النساء بذلك دون أجر، دون إجازات عمل، ودون حقّ في اتخاذ قرار الإستقالة.
- واقع المرأة في سوق العمل
ازدهر دور المرأة في سوق العمل خلال العقود القليلة الماضية نتيجة تناقضات رأس المال، إلّا أنّها ما زالت تحصل على أجورٍ أقلّ بكثير من أجور الرجال في المنصب المهني نفسه، ضمانًا لاستمرارها في العمل المنزلي، هذا إضافةً إلى منع الكثيرات من العمل في كثير من المجتمعات بما يضمن استمرار سيطرة رجال العائلة الاقتصاديّة على النساء.
- واقع المرأة في السياسة
تشغل المرأة مناصب سياسية قيادية على المستوى المحلي والدولي في معظم دول العالم، فقد ازدادت نسبة مشاركة المرأة في البرلمانات الوطنية على مستوى العالم في العقدين الماضيين، إلّا أنّ مشاركتها ما زالت ضئيلة مقارنةً بالرجال. أمّا الأزمة الحقيقية فتكمن بضعف مشاركة النساء النسويات في الحكم، أي شبه غياب الأصوات النسوية المناهضة للأنظمة الرأسمالية والأبويّة والعنصرية والقمعيّة في البرلمانات، إنّما تستغلّ النساء لإعادة إنتاج الأنظمة القائمة.
- واقع المرأة في الطب
لم تدخل النّساء إلى حقل الطب إلّا في القرن الماضي، وذلك أتى بعد نضالاتٍ طويلة من طبيبات دخلن كليات الطب رغمًا عن الأنظمة، أو ادّعين أنّهنّ رجال، أو تعلّمن الطب وحدهنّ في بيوتهنّ.
وإلى الآن، تهمّش الرعاية الصحية النساء وأجسادهن، ما يؤدّي إلى غياب الفهم الواضح لأجساد النساء ما يمنع عنهنّ حقّهنّ بالرعاية الصحية الآمنة، والإجهاض الآمن، كما يمنع عنهنّ حصولهنّ على مستلزماتهنّ الصحية الأساسية بأسعار مقبولة -أو بالمجّان.
دخول النساء، وتحديدًا النسويات منهن، إلى عالم الطب وقيامهنّ بالاكتشافات الطبية قد يساهم إلى حدّ كبير بالنضال والعمل السياسي بتغيير واقع الرعاية الصحية التي تحصل عليها النساء ضمن أنظمة القهر والقمع والحرمان الرأسمالية القائمة.
في اليوم العالمي للمرأة المهمّشة في مختلف الأصعدة، يتجدّد صراعنا النسوي ضد الرأسمالية الأبوية المتوحشة، ويتجدد وعينا النسوي لحقوقنا المسلوبة منذ قرونٍ من الطبقية والأبوية، وتظهر حاجتنا للنسوية في وجع أبوية وعنصرية رأس المال في كلّ المجالات.
-ندين المصري.