كشفت مؤسستا "هموكيد" لحماية الفرد و"بتسيلم" الاسرائيليتان في تقرير لهما أمس عن انتهاكات قاسية لحقوق الإنسان الخاصة بالمعتقلين في المنشأة التابعة لجهاز المخابرات الاسرائيلية (الشاباك) في "بيتح تكفا" التي أقيمت على أنقاض بلدة ملبّس في وسط فلسطين المحتلة 48، بدءا من لحظة الاعتقال وانتهاء بموعد نقلهم منها.
وقالت المؤسستان في التقرير الذي جاء تحت عنوان "وسائل ظلامية" ان الحديث يدور عن ظروف اعتقال قاسية في زنازين مغلقة، واحتجاز في ظروف عزل، وظروف وقاية مخزية، وتقييد متواصل في غرف التحقيقات دون إمكانية لتحريك الجسم، ومنع المعتقلين من النوم وغير ذلك من الأمور التي تمس جسم ونفسية المعتقل.
ويستند التقرير الى افادات 121 فلسطينياً احتجزوا في منشأة "بيتح تكفا" في العام 2009، من خلال لقاءات شخصية بين المعتقلين من جهة ومحامي وباحثي "هموكيد" و"بتسيلم"، علما ان منشأة الاعتقال محاطة بسرية كبيرة لدرجة أن عناصر النيابة العامة لا تستطيع زيارتها بصورة حرة.
وشدد على أن عمليات التعذيب هذه شبيهة بتلك التي مارستها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي ايه) في دول أميركا الجنوبية في عهد الأنظمة الاستبدادية هناك في الستينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
وأشار التقرير الى ان أساليب التعامل مع المعتقلين في منشأة "بيتح تكفا" تحظى بدعم سلطات الدولة (اسرائيل). فمنذ العام 2001، قدم المعتقلون- ممن تم التحقيق معهم - 645 شكوى بخصوص سلوكيات محققي (الشاباك) لوزارة القضاء الاسرائيلية، إلا انه لم تصل أي شكوى منها إلى تحقيق جنائي ضد المحقق.
وحسب التقرير فان 9% من الشهود قالوا ان المحققين استعملوا معهم العنف البدني في غرف التحقيق. مشيرا الى ان استعمال أي من هذه الوسائل على حدة، وبالطبع بصورة تراكمية، يرقى إلى حد التعامل القاسي، غير الإنساني والمذل، وفي حالات معينة يصل إلى حد التعذيب.
ونوه التقرير الى ان المحكمة العليا الاسرائيلية "حددت في العام 1999 بأن محققي (الشاباك) لا يملكون صلاحية تجاوز ما هو متعارف عليه في التحقيق من قبل الشرطة العادية، والتي ينبغي أن تتم بصورة معقولة ومنصفة، دون المس بكرامة من يتم التحقيق معه. وقد شطبت سلسلة من وسائل التحقيق التي استعملها المحققون في تلك الفترة.
واضاف التقرير: تدل نتائج التحقيق الحالي انه على رغم التغييرات الملحوظة في وسائل التحقيق منذ ذلك الحين، يبدو أن (الشاباك) لم يتقبل الفكرة الأساسية والجوهرية المترتبة على قرار الحكم، والتي تقوم على سريان نفس القواعد السارية على الشرطة بخصوص كل ما يتعلق بالتحقيقات. وما تزال تحقيقات (الشاباك) تستند إلى ذات الوسائل القاسية والمجحفة - بما يتناقض وقرارات المحكمة العليا والقانون الدولي- التي تتجاوز بصورة صارخة قوانين التحقيق العادية.
واشارت مؤسستا "هموكيد" وبتسيليم" الى ان دولة إسرائيل تسعى إلى تبرير الانتهاكات القاسية لحقوق المعتقلين بالزعم أنها وسائل ضرورية لإحباط العمليات الإرهابية الخطيرة. غير أنه ليس من شأن هذا الادعاء تبرير تجاوز الحظر التام بخصوص التعامل القاسي، غير الإنساني والمذل وكذلك التعذيب.
وقالت المؤسستان :" إن محاولة إسرائيل حرف مسار النقاش إلى ما يسمى "القنبلة المتكتكة" هو نقاش مصطنع كما يظهر بصورة واضحة من هذا التقرير. ذلك لأن معظم المعتقلين الذين أدلوا بإفاداتهم لغرض التقرير لم يشتبه بهم بارتكاب مخالفات خطيرة مقارنة مع مدى خطورة المخالفات المنسوبة للفلسطينيين في المحاكم العسكرية في المناطق المحتلة، كما وان بعضهم متّهم على خلفية نشاطات سياسية أو دينية".
رام الله - عبدالسلام الريماوي