على وجه السرعة تداعى أمس الخميس 2017/4/6, عددٌ من ممثّلي الأحزاب والهيئات المعارضة للتطبيع مع العدوّ الإسرائيليّ للاجتماع في مركز الحزب الديمقراطي الشعبي في بيروت. وتداولوا في خطورة العمل التطبيعي الذي يجري التحضير له تحت اسم"tomorrowland" وتحت عناوين "مدّ الجسور بين شعوب الغد". ففي 29 تموز القادم يُخطَّط لأن "تتحد" شعوبُ لبنان و"إسرائيل" وستّ دول أخرى، في حفل موسيقي عالمي تشترك في إحيائه شركة Entertainers في مدينة جبيل مع احد المنتجعات في تل أبيب.
اننا، ومن موقع الالتزام بالقضية الفلسطينية حتى زوال الكيان الاستعماري الصهيوني من ارض فلسطين، نعلن عن إطلاق حملة وطنية وشعبية ضد اقامة احتفالTomorrowland في لبنان، باعتباره عملا تطبيعيًّا مع العدوّ الاسرائيليّ ويشكل مسّاً بقيمنا الوطنية؛ فنحن نعتبر أنّ "اسرائيل" كيان استعماريّ إحلاليّ عنصريّ، ولا نرغب في أن يكون في عداد "أرض الغد" الموعودة.
إنّ تأكيد ممثلي الشركة اللبنانية المنظمة أنّ البث بين لبنان و"إسرائيل" لن يكون متاحًا بموجب اتفاق أبرمته معTomorrowland لا يَحول دون اعتبارنا المشروع تطبيعيًّا. فهدفه هو "وحدة العالم"، وتحديدًا وحدة 8 شعوب هذه السنة بينها الإمارات ولبنان والكيان الغاصب. إنّ الفن ينبغي أن يكون وسيلةً للتحرر من الاحتلال، لا للتطبيع معه. ثم إننا، لو افترضنا منع البث المباشر بين لبنان والكيان الغاصب، فهل سيَحُول ذلك دون مشاهدة الآخرين، في برلين مثلًا، للاحتفال في جبيل وتل أبيب؟ الن يكون ذلك بمثابة رسالة موجهة إلى العالم أن "شعب لبنان" يرحّب بـ"إسرائيل" في عالم الغد وأنّ ما يمنعه من ذلك هو "القانون" اللبناني لا غير؟
إننا نعتبر التصدي للتطبيع مع العدو الصهيوني شكلًا من أشكال المقاومة الفنيّة والثقافيّة والأكاديميّة، ونسعى من خلال تصعيد هذا التصدّي الى تثبيت صورة العدو كدولة عنصرية مارقة، وإلى منع إضفاء أيّ شكل من أشكال "الحضاريّة" على كيانه، لا بل اننا نسعى لعزل "إسرائيل" بكلّ مؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسات الفنيّة والأكاديميّة والإعلاميّة، التي لطالما سعت إلى "تلميع" جرائم الحرب الصهيونية والعنصرية ضد شعبنا العربي.
كما نشجب محاولات تعميم "ثقافة الهزيمة" على مجتمعنا العربيّ، وكذلك الدعوات الساذجة إلى "فصل الفنّ عن السياسة" ولاسيما في ظل السعي المتنامي إلى التطبيع العربي الرسمي مع "إسرائيل".
وقرر المجتمعون الخطوات الآتية:
1- تكليف لجنة من المحامين إعدادَ مطالعة قانونية حول هذا النشاط التطبيعي، ومدى تعارضه مع الدستور والطائف والراي العام اللبناني.
2- الاتصال بالأحزاب والاتحادات النقابية والأندية الثقافية والطلابية لنشر الوعي حول فداحة هذا النوع "الخفيّ" من التطبيع مع العدو.
3- الاتصال بالمنظمين وحثّهم على تدارك هذه الخطوة التي من شأنها تلميع صورة "اسرائيل" عن طريق الفن، وطمس جرائمها بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني.
4- إطلاق حملة #قاطعواtomorrowland
5ـ تبنّي العريضة الوطنية للمقاطعة الثقافيّة والأكاديميّة لـ "إسرائيل" التي قدّمتها الربيع الماضي حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» (في لبنان) واللجنة اللبنانية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لـ «إسرائيل» (قاطعْ). (http://www.al-akhbar.com/node/258232).
6 ـ الترحيب بانضمام احزاب وقوى ونقابات واندية توافق على مضمون البيان.
بيروت في 7 نيان 2017
الموقعون الفبائيا:
اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني، اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، التنظيم الشعبي الناصري، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حركة الشعب، حركة الناصريين المستقلين (المرابطون)، الحملة الدولية لاطلاق سراح جورج عبدالله، حملة "المخيمات تقاطع"، حملة مقاطعة داعمي "اسرائيل" في لبنان، الحزب الديمقراطي الشعبي، الحزب الشيوعي اللبناني، منظمة الشبيبة الفلسطينية، د. حسن جوني، سركيس أبو زيد.
يتشرّف "بيت الموسيقى" في جمعية النجدة الشعبيّة اللبنانية
بدعوتكم لحضور
حفل توقيع ألبوم "ليلة حجاز كار"
لفرقة التراث الموسيقي العربي بقيادة د.هياف ياسين
الثلاثاء ٩ أيار الساعة الثامنة مساءً - قصر الأونيسكو
للحجز: التواصل مع الرفيق شادي الأيوبي على الرقم ٧٠/٦٢٥٢٩٠
إنطلاقًا من وعينا كشباب وشابات ينضالون ويناضلن لتحقيق العدالة الإجتماعية والعلمانية الشاملة، نظّم إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني وجمعية Female، وبالتعاون مع دار الآداب لقاءً مع الباحثة والروائية نوال السعداوي وسط حضور حاشد في المركز الثقافي الروسي في بيروت نهار الأحد الفائت.
ألقى الرفيق شادي الأيوبي كلمة باسم الإتحاد رحّب فيها بالباحثة وبالحضور الكريم، وشدّد فيها على أهميّة اللقاء الذي ينسجم وجوهر أدبيّات ومشروع الإتحاد الفكري والسياسي، مؤكّدًا أننا " لن نخون أفكارنا وجيلنا وتجربته التي تصارع أعتى أشكال العنف المركّب والمقونن الذي يتماثل والأنظمة ومؤسساتها السياسية والدينية والاقتصادية والثقافية والإعلاميّة التي وإن إختلفت بظاهرها إنما بعمقها أبوية ذكورية طبقية تزيّف الوعي وتسطّح اللغة"، وتابع "النسوية كطرح وأدوات وفلسفة تعيد ترتيب وتعريف المصطلح واللغة وتوصّف مكامن القمع ووأد الأفكار وسبات العقل وتطرح تطور المجتمع، برؤيتها العميقة للتداخل الجذري للقضايا والنضالات".
من الخاص للعام، وانطلاقًا من تجربتها الشخصية، توجّهت الناشطة النسوية حياة مرشاد من جمعية Female إلى د. نوال والحضور لتستعرض بعضًا من المعاناة التي تتشاركها النساء وكيف أثّرت كتابات السعداوي في تكوين وعيها النسوي والحقوقي والمتمرد.
خاطبت السعداوي الجمهور في قضايا لا تزال قيد النقاش والجدل والأخذ والرد، والتي برغم الإتفاق على توصيفها كمشكلات أو إشكاليات، يبقى هناك بعض من الاختلاف على نوعيّة مقارباتها والإفتراضات التي تلف حولها.
واختُتِم اللقاء بسلسلة من الأسئلة التي توجّه فيها الجمهور للسعداوي. تشعّبت الأسئلة بسياق قد يكون مشتّتًا فجاءت ردود السعداوي صريحة ومقتضبة -لضيق الوقت- لعناوين شكّلت مفاصل أساسية في مشروعها الفكري والإبداعي، بغزارته المعرفية والإنتاجية، الذي جمع بين الدراسات العلمية والأنواع الأدبية المختلفة، التي اعتمدت فيها القطيعة المعرفية مع الموروث، منحازةً لمبادىء الملاحظة والمشاهدة والتجريب والسببية ولمصادر علمية متنوعة كالطب وعلم النفس والإجتماع والإنتروبولوجيا، أي للواقع، الذي لم تعالج فيه قضايا المرأة العربية كقضايا منفصلة عن قضايا الرجل، أو المجتمع بأكمله، بل عالجته في صميم أسئلة الديمقراطية والتنمية والعدالة الإجتماعية والتناقضات.
وصرّحت السعداوي خلال اللقاء أنها تحضّر جزءًا من سلسلة «أوراق حياتي»، الذي يتناول حياتها في زواجها الثالث.
* يُذكر أنّ اللقاء تخلّله مبيع نسخ من مؤلفات الكاتبة - دار الآداب.
زينب حاوي - الأخبار
لقاء إشكالي ومثير للجدل والنقاش! هكذا يمكن وصف الجلسة التي جمعت الكاتبة النسوية المصرية والجمهور اللبناني في «المركز الثقافي الروسي» أول من أمس. تصريحات كررتها مراراً في كتاباتها وإطلالاتها الإعلامية، جعلت بعض الحضور يتهمها بتعزيز المنظومة الذكورية التي أمضت عمرها في محاربتها ضمن قاعة غصّت بالحضور، المتنوع اجتماعياً وعمرياً، وجندرياً في «المركز الثقافي الروسي»، وبحماسة تفاعلية عالية، لاقت الكاتبة المصرية نوال السعداوي (1931)، أول من أمس جمهورها، بدعوة من جمعية Fe-Male و«اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني»، بالتعاون مع «دار الآداب».
حضرت الكاتبة النسوية، كما عادتها، بمظهر يشبهها. توجهت الى شباب وشابات المتواجدين/ ات في القاعة، وسط كلام أثار انقسامهم، لا سيما النساء منهم. ومع ذلك، لم تبد آثار التململ عليهن، بل قابلوا خطاب السعداوي الحاد ربما، والمباشر في بعض الأحيان، بكثير من رحابة الصدر والتصفيق. ومما زاد من حيوية النقاش، سلسلة الأسئلة الموجّهة إلى خطاب السعداوي. أسئلة احتوت على نسبة كبيرة من النقد، مما جعل الكاتبة تندهش من هذه المواجهة، وترد بطريقة أعنف ربما.
صاحبة «الأنثى هي الأصل»، التي بدت عليها آثار الشيخوخة، والتعب، والنسيان في بعض الأحيان، قاومت هذا الأمر، بمزيد من إعمال الذاكرة. عادت إلى طفولتها لغاية وصولها اليوم الى عمر الـ 86 عاماً. بدأت بالحديث عن هذا التغيّر الذي حدث في التاريخ، وقلب الأمور رأساً على عقب، مع تغييب بل محو اسم الأم عن الهوية. بعدما كانت المرأة محوراً في الحضارات القديمة، لا سيما المصرية منها، تحولت بسحر ساحر من «إلهة» إلى «شيطانة»، ومن «صاحبة عقل»، إلى امرأة «بجسد دون رأس» على حد تعبير السعداوي. واقترحت لهذه الغاية إضافة اسم الأم على بطاقة الهوية الى جانب عائلة الأب، كما فعلت ابنتها الروائية منى حلمي. وذكرّت صاحبة «مذكرات في سجن النساء» بقانون أقرّ عام 2008 يسمح لطفل «غير شرعي» بأن يسجَّل على اسم امه، ويأخذ الحقوق عينها التي يحظى بها أي طفل آخر. وفتحت السعداوي موضوع تغييب الأم، مكررة ما أعلنته مراراً في كتاباتها وإطلالاتها الإعلامية. وعلى شكل أسئلة، طرحت قضايا الحجاب والتبرّج والتعرّي، وتوقفت عند الحجاب بوصفه يعبّر عن «رمز سياسي» على حد تعبيرها، ولا علاقة له لا بالجنس ولا الدين. وشددت على هذا الربط مع السياسة، فيما انتقدت التبرّج بكونه يشغل المرأة عن مسار حياتها، ويجعلها تخسر أموالها ووقتها وحتى تسحق شخصيتها بمجرد وضع هذه المساحيق على وجهها.
توقفت عند الحجاب بوصفه «رمزاً سياسياً» وانتقدت تبرّج المرأة
وما بين الحجاب والتبرّج، خيط عند نوال السعداوي، يتمثل في الرجل... هذا الرابط الجامع بينهما، إذ توجهت إلى الجمهور، وأعادت سرد ما قالته لها إحدى النساء عن حجابها، وسبب ارتدائها له، بكونه سيحجب «الفتنة» عند الرجال. وهنا، علّقت السعداوي بالقول: «المشكلة ليست في المرأة بل في عقل الرجل». ودعت (بسخرية) كل الرجال إلى تغطية أعينهم. والأمر نفسه يسري على التبرّج الذي يجعل المرأة «عبدة» عند الرجل وفق السعداوي، إذ أنّها تحاول دائماً استرضاءه. وانتقدت ظاهرة المبالغة في المكياج خصوصاً في بيروت، وتحدثت عن هذا الشكل المنّمط الواحد، الذي سرى على كل النساء، وتساءلت بازدراء: «ما هذا الملل؟»، مع تغنّيها بتجاعيدها، التي تحكي كل واحدة منها حكاية وحقبة من عمرها.
أما عن التعرّي، فنظرة السعداوي، إلى هذا الموضوع تنطلق من التمييز الحاصل بين الرجل والمرأة. سردت هنا زيارتها إلى «معهد الفنون» في القاهرة، وتفحصها عن قرب صفوف الرسم العاري هناك، وجزمها بأنّ أحداً من الطلاب والطالبات، لم يطلب من رجل أن يتعرّى تمهيداً لرسمه.قضايا التمييز التي عاصرتها الكاتبة منذ أن كان عمرها سبع سنوات، منذ نشأتها في بيئة تميّز بين الإخوة بناتاً وصبية. عند هذا المفترق، تفتّح وعيها الاجتماعي والسياسي والفكري. لم تبخل في سرد حياتها الخاصة، وتفاصيل ترعرعها في بيئة متنوعة طبقياً بين أم أرستقراطية، وأب فلاح فقير. لا تفصل السعداوي بين حياتها العامة والخاصة، وهي تحضّر اليوم جزءاً رابعاً من سلسلة «أوراق حياتي»، يتناول حياتها في زواجها الثالث. تنطلق من هنا، لتتحدث عن الزواج، تلك المؤسسة التي تصنّفها ضمن سلّم «العبودية»، وتردّ على أسئلة مباشرة من الجمهور. بعضها كان «دوزه» عالياً، ذهب إلى اتهام السعداوي بإعادة المنظومة الذكورية التي تحاربها، عبر تصنيفها المرأة في خانة معينة حسب ما تجده مناسباً. أكثر من ذلك، وصف أحدهم رفض الكاتبة للحجاب وللتبرج انطلاقاً من نظرة الرجل لهاتين الحالتين، بأنّها تشبه الذرائع التي تعطى للمتحرش أو المغتصب عندما يقدم على اغتصاب امرأة بأنها كانت على سبيل المثال نصف عارية، أو أثارته جنسياً. استقبلت صاحبة «الرجل والجنس» هذه المداخلات برحابة صدر، وابتسامة، لتجيب عليها برد صاعق، قائلةً بأنّ أصحابها ما زالوا خارج درجات الوعي، فإن لم تكن المرأة مدركة بحق، أنها كائن مستعبد أكانت عارية أو ضحية الفن التجاري والسوق الإعلامية والإعلانية، فإنها تفتقد إلى الوعي المطلوب. ولم تستثن نفسها هنا، من كونها سيدة لديها بعض «الزوايا المظلمة» في رأسها، في محاولة منها لامتصاص صدمة الجمهور أو استيائه.لكن اللافت تمثّل في مقاربة هذه الطبيبة لموضوع المثلية، باعتباره قضية «غير مفهومة»، مع تأكيدها مراراً على عدم «إدانة» المثليين/ات، وصنّفت هذه المسألة ضمن «الظواهر الاجتماعية»، داعية إلى ضرورة «درسها»، وطرح سؤال: «لماذا يحدث ذلك؟». الكاتبة النسوية فنّدت طبيعة هذه العلاقات التي تتحول الى أنثوية وذكرية من خلال الجنس الواحد، وأعادت كل ما يحصل الى قاعدة التربية والتنشئة في المنزل، في أن يخرج الرجل رجلاً أو امرأة أو المرأة رجلاً وما الى ذلك. كما بشّرت بإقرار قريب لقانون مدني يتيح الزواج المختلط في مصر.وبعيداً عن الاجتماع والجنس والمرأة، تحدثت السعداوي عن الثورة المصرية، التي «أجهضتها طبقة النخبة الانتهازية، بمساعدة المجلس العسكري، ومحاولة القوى الاستعمارية الأميركية والصهيونية اليوم تقسيم الجيش الوطني».
كيف لحياة جامعية أن تتعطل بإنفجار أنبوب مياه؟!
أصبحت الجامعة اللبنانية كغيرها من مؤسسات القطاع العام نموذجًا آخر للفساد الإداري الفاضح ولفشل الشراكة مع القطاع الخاص. حيث أُقفلت أبواب المجمّع الجامعي في الحدث بوجه آلاف الطلاب الذين أجبروا ابتداءً من يوم الثلاثاء ٢٨ آذار على مقاطعة محاضراتهم الدراسية، وذلك نتيجة انفجار أنبوب مياه وانقطاع الماء والكهرباء عن كليّات المجمع والسكن الجامعي، فضلاً عن الإضراب المفتوح الذي بدأه عمّال الشركة، التي كانت مكلّفة القيام بأعمال الصيانة.
وعلى أثر ذلك توالت ردود الفعل من المعنيين ومن بعض الطلاب الذين عزوا سبب تعطيل الحياة الجامعية إلى الإضراب الذي يقوم به الموظفون. في حين أن واقع الأمر يثبت أن الموظفين هم أصحاب حق وهم إلى جانب حوالي ثلاثين ألف طالب يجري استخدامهم كوسيلة ضغط - ضحية شركة لا تعنيها حقوق العمال والطلاب ولا تبغى سوى الربح.
وبعد أجواء الرفض والاستنكار التي نتجت عن آراء الطلاب وموقفهم وما شكّله من قضية رأي عام عبّرت بوضوح عن الاستياء العام من الإستهتار بمصيرهم، وخروج هذا الموقف إلى العلن عبر ثلاثة اعتصامات في الجامعة وعبر مواقع التواصل الاجتماعي... تخوّف أصحاب المصالح الضيّقة من مغبة هذه التحركات المحقة فسارعت إدارة الجامعة لإصدار قرار تأجيل الامتحانات التي كانت مقرّرة في ٤ نيسان إلى ما بعد عطلة عيد الفصح، واستئناف المحاضرات الدراسية اليوم.
نستنكر ضبابية هذا القرار الذي لم يترافق مع أي حل للمشكلة، لا سيما وأن الطلاب تابعوا دراستهم اليوم من دون كهرباء أو ماء، فيما تعتبر إدارة التشغيل والصيانة نفسها ضحية الشركة المتعهدة، فتكتفي بإرسال مراسلات رسمية عبر وزير التربية مروان حمادة إلى مجلس الوزراء الذي تصر الشركة على صدور قرار عنه يبت فيه الأمر، بينما لم يكلّف مجلس الوزراء خاطره بوضع الملف على جدول أعماله للبحث في حلول له!
نحن في إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني - خلية مجمع الحدث نحذّر من التلاعب بمصير الطلاب وإغراقهم بدوامة المستفيدين من سياسة الخصخصة والمحاصصة، لما لها من نتائج تدميرية بحق الجامعة الوطنية وسير العمل الأكاديمي
وندعو كل المعنيين إلى وضع حلول جذرية لهذه المشكلة لا الإكتفاء بوعود كلامية ، والحل يتمثل بتكليف إدارة التشغيل والصيانة تولي أمور المرافق العامة عبر وضع هيكلية تحدد فيها حاجاتها من العمال والموظفين للقيام بمهمات التشغيل والصيانة، بما تتطلبه من شروط وكفاءات، ما يمكن أن يؤمن فرص تدريب للطلاب ومصدر ربح للجامعة.
وبناءً عليه ندعوكم إلى المشاركة في الاعتصام الذي يقام غدًا الثلاثاء الساعة ١١:٣٠ صباحًا أمام السكن الطلابي الجامعي في مجمع الحدث.
خلية الحدث الجامعية
إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
٣-٤-٢٠١٧
٤١ عامًا على ذكرى يوم الأرض
يوم الأرض ليس ذكرى بل رمزًا لهوية الأرض الفلسطينية، وخيار شعب أكّد تمسكه بأرضه وقراه، من عرّابة ودير حنّا إلى غزة ورام الله والقدس اليوم.
إنه يوم الرفض والمواجهة للسياسات الإستعمارية الهادفة إلى سلخ الشعب الفلسطيني من هويته الوطنية وإنتمائه الجغرافي والتاريخي.
وتأتي الذكرى اليوم، في ظل استمرار العدو الصهيوني بسياسة الإستيطان وبناء المزيد من البؤر والوحدات الإستيطانية، وقضم المزيد من الأراضي الزراعية والتاريخية، مدعومًا بموقف الإدارة الأمريكية الجديدة الداعمة لسياسات الإستيطان والتوسع والقتل والتهجير، دون اكتراث لأي من القرارات الدولية، وفي ظل سكوت المجتمع الدولي ودون تحريك ساكن.
إنها ذكرى لتأكيد الهوية والإنتماء إلى فلسطين وعاصمتها القدس رغم غياب الحضن العربي الرسمي لها، وإبتعاده عن القضية المركزية باتجاه تعميق الخلافات العربية- العربية ودون اكتراث لمصير شعبنا الفلسطيني الرازح تحت نير الإحتلال وسياساته الهمجية الإستعمارية.
وفي هذه الذكرى نؤكد على خيارنا أن فلسطين وعاصمتها القدس هي قضيتنا المركزية وأن تقترن هذه الذكرى اليوم بخطوات عملية تعيد لفلسطين أهميتها لدى شعبنا العربي كمحور للصراع وكقضية عربية وقضية تحرر وطني لم تنجز أهدافها بعد، وأن يحضن هذا الشعب لتحقيق العودة وقيام الدولة الفلسطينية من النهر إلى البحر وعاصمتها القدس.
أم البدايات، أم النهايات، كانت تسمى فلسطين وصارت تسمى فلسطين.
المكتب التنفيذي ٣٠ آذار ٢٠١٧
الصديقات والأصدقاء،
الأخوات والإخوة،
أيّها الرفاقُ الأعزّاء،
تحيّة الصمود والنضالِ المستمرّ،
تحلّ ذكرى استشهاد الرفيق القائد أبو هاني في ظلّ ظروف سياسيّة غايةٍ في التعقيد والخطورة، تتداخلُ وتتفاعلُ في كلّ تفاصيل مكوِّناتها مفاعيلُ الأزمة البنيويّة التي تعصف بالنظام العالميّ أكثرَ من أيّ وقتٍ مضى.
بات التصدّي للمهامّ الوطنيّة في ديارنا، والتعاطي الثوريّ مع عواملِ الأزمات التي تعصف بمرتكزات كيانات أمّتنا، مشروطًا إلى حدٍّ بعيدٍ بمقدرة جماهير شعبنا وطلائعها المناضلة على موضعةِ هذه العوامل الفاعلة في إطار الأزمة العامّة التي نشهد تجلّياتِها في أربعِ رياح المعمورة.
إنّ أزمةَ الرأسماليّة المحتضِرة في مراحل تعفّنها المتقدّمة باتت باديةً للعيان على كلّ الصعيد الكونيّ، سواءٌ تعلّق الأمرُ بمراكز النظام العالميّ أو بمناطق الأطراف. يكفي أن نمعنَ النظرَ في كلّ البربرية الماثلة أمام أعين الجميع:
هذه المجازر اليوميّة؛ وهذا القصف المسمّى "جراحيّ"؛ وهذه الحملات العسكريّة في أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من البلدان، والتي أصبحت اعتياديّةً لدرجةٍ بالكاد نسمع ببعض مآثرها حينما تحصدُ جموعًا تحتفي بعرسٍ أو بمأتم؛ وهذا القتل اليوميّ لأطفال يواجهون الاحتلالَ بالحجر أو بالسكّين أمام عدسات التلفزة جهارًا نهارًا.
يكفي أن ننظرَ إلى جموعِ الناس، إلى جموع النساء والرجال والأطفال، الذين يرمون بأنفسهم في البحر هربًا من المذابح والخوف والجوع.
يكفي أن ننظرَ إلى اكوام القُمامة المرميّة في كلّ مكان (وليس حصرًا في شوارع بيروت)، وما يقابلُها من أكوامِ حيتان المال الذين يفوقون الأولى نتانةً.
ولكنْ أيضًا يكفي أن ننظر هنا، بالضبط هنا، في بطن الوحش الرأسماليّ، في أوروبا وأمريكا وآسيا، حيث غدت التطلّعاتُ الأكثرُ فاشيّةً تهيمن على عقول قطاعاتٍ واسعةٍ من السكّان التائهين، بفعل البطالة وعدم الاستقرار الوجوديّ والخوف من الالتحاق بصفوف الشرائح الاجتماعيّة الدنيا.
ها هي هنا، في أياّمنا هذه، الأزمةُ الرأسماليّة. لكنْ علينا أن نذهب من مجرّد الإشارة إلى أشكال تمظهرها لنكشف ــــ عبر التحليل الملموس ــــ عن أسبابها التاريخيّة العميقة، واستحالةِ تخطّي مرحلة تعفّنها الراهن من دون تجاوز مجمل علاقات الرأسمال المعولم.
إنّ هذا الرأسمال المعولم هو الرأسمال المهيمن فعليًّا على كلّ المجتمعات في عصرنا الراهن. ليس بوسعِ أيّ بلدٍ أن يتفلّتَ كليًّا من آليّاتِ هيمنته التدميريّة، ومفاعيلِ أزمته المستعصية، إلّا بالقدْرِ الذي ينحو فيه باتجاه تجاوز الرأسماليّة. سيرورةُ هذا التجاوز تندرج في إطار تسعير النضال ضدّ الشرائح الاجتماعيّة المجسِّدة لتلك الهيمنة المأزومة.
***
أيّتها الرفيقات، أيّها الرفاق،
لربّما كانت منطقتُنا العربيّة من أكثر المناطق في العالم تأثّرًا بهذه الأزمة العامّة. وممّا لا شكّ فيه أنّ كلَّ خطوة إلى الأمام في ديارنا؛ كلَّ نصرٍ مهما صغر حجمُه؛ سيكون له أثرٌ فاعلٌ ومباشرٌ في تغيير موازين القوى على الصعيد العالميّ. هذا ما يدفع بشتّى قوى الإمبرياليّة لتكثيف تدخّلها، والعملِ بكلّ ما أوتيتْ من ثقل وخبرة لتمكين الثورة المضادّة ــــ ممثَّلةً بمختلفِ شرائح البرجوازيّة التابعة أو الساعية للتطبيع مع السوق الرأسماليّة والمتصالحة مع مراكزها الإمبرياليّة ــــ من اختطاف حركة الانتفاض الجماهيريّ، ومنعِها من تجذير مطالبها وتنظيمِ صفوف شرائحها الشعبيّة، وذلك عبر زجّها في أتون الحروب الداخليّة التدميريّة، مستنًدة إلى كلّ الموروث التاريخيّ من مرتكزاتٍ للعصبيّات ما قبل الرأسماليّة.
ونظرًا للموقع المتميّز لفلسطين، ونضال جماهير فلسطين، في وجدان جماهير الأمّة العربيّة والعالم الإسلاميّ وسائر الشعوب والقوى المناضلة في سبيل الحريّة والتحرّر، تندرج محاولاتُ تصفية ثورتها على رأس لوحة القوى الإمبرياليّة وموجوداتها في المنطقة، لاسيّما في هذه المرحلة التاريخيّة.
طبعًا ليس من الصعب على المرء أن يرسمَ لوحةً سوداويّةً تعكس جانبًا من حقيقةِ ما آل إليه الوضعُ العامّ لمجملِ قوى الثورة الفلسطينيّة، وحجمِ ما تتعرّض له القضيّةُ من خطر التصفية الفعليّة. ولربّما بدى مغريًا للبعض التنظيرُ لإمكانيّات نجاح الهجمة الإمبرياليّة الصهيونيّة الراهنة، لاسيّما وأنّ هولَ الأحداث التي تعصف بمختلف كيانات الأمّة العربيّة بات يسمح للبعض بالتنكّر لكلِّ المسلَّمات التاريخيّة، ويعفي الكثيرين حتى من مجرد الإشارة إلى تواطؤ الأنظمة الرجعيّة.
منذ مطلع سبعينيّات القرن الماضي وتصفيةُ الثورة الفلسطينيّة كانت مطروحةً على رأس جداول أعمال القوى الإمبرياليّة وموجوداتِها الرجعيّة في المنطقة. تتالت المجازرُ والمؤامرات، وترافقَ ذلك دومًا مع الطروحات والمبادرات الاستسلاميّة. لكنّ جماهيرَ شعبِنا تصدّت لها بكلِّ ما توفّر من إمكانيّاتٍ وفعّاليّات أصابت وأخطأت بهذا القدْر أو ذاك، لكنّها في المحصّلة النهائيّة حقّقتْ منجزاتٍ لا يمكن لأيٍّ كان أن يتجاهلَ أهمّيّتَها التاريخيّة.
مسارٌ تاريخيّ صاغه ورعاه ثوّارُ فلسطين؛ حَمَوْه بدماء الشهداء الأبرار؛ عزَّز فعلَه الثوريَّ مشاعلُ الحريّة في قلاع الكرامة: أسرانا الأبطالُ الصامدون.
برغم كلّ الصعوبات وما اقتضته من تضحيات، استطاعت جماهيرُ شعبنا الفلسطينيّ أن تتخطّى العقباتِ وتُسقطَ الأساسيَ من المؤامرات والمخطَّطات. واليومَ، ها هي فلسطينُ، وبدماء أشبالها وزهراتِها، وشبابِها المتحفِّز للانتفاض، يرسم ملامحَ المرحلة القادمة.
طبعًا، لا يكفي أن يقفَ المناضلون في بيروت ودمشق وعمّان ويُحيّوا دمَ الشهيد القدوة باسل الأعرج. بات من الملحّ والضروريّ أن يتحرّك ألفُ باسل الأعرج في مخيّمات اللجوء في بلدان الجوار القريب. الخروجُ من متاهات أوسلو يَستلزم ذلك. تحريرُ الأسرى يَستلزم ذلك. وقفُ التنسيق الأمنيّ يَستلزم ذلك. إنهاءُ الانقسامِ/ الفضيحةِ يَستلزم ذلك.
***
المجدُ والخلودُ لشهدائنا الأبرار.
الحريّةُ للأسرى والمعتقلين.
العارُ للخونة وسائر المستسلمين.
النصرُ للجماهير والشعوب المناضلة.
رفيقكم جورج عبدالله
إلى متى سيبقى طالب الجامعة اللبنانية يدفع الثمن؟
تتفاقم المشاكل في الجامعة اللبنانية لتصبح حديث الطلاب الذي خرج عن إطاره "المستور" ليشكّل قضية رأي عام تسلّط الضوء على الفساد الإداري والتربوي في الجامعة الوطنية التي غلب عليها طابع المحاصصة الطائفية والحزبية.
استفاق طلاب الجامعة اللبنانية في مجمع الحدث مجدّدًا على قطع للكهرباء والمياه عن السكن الطلابي. وكان الطلاب قد اعتصموا منذ حوالي الأسبوعين، رافعين صوتهم ضد الإهمال والتقصير الذي يؤثر على حياتهم اليومية، لكن أحدًا لم يستجب لندائهم فاعتصموا مجدّدًا اليوم رافعين المطالب ذاتها.
وأوضحت مصادر من الشركة المكلفة بالتمديدات والصيانة أنها غير مسؤولة عن هذا العطل بل أنها حذرت منذ شهر ونصف عن عطل في تمديدات المياه قد يؤدي إلى قطع للتيار الكهربائي عن السكن الجامعي. وتذكر المصادر أن هذا العطل تفاقم وإصلاحه يتطلّب مدة أدناها شهر ونصف.
وهنا نشير إلى أن حوالي ٢٠٠٠ طالب لا يزالون عرضة للإهمال وللتجاذبات بين الإدارة والشركة.
نحن في إتحاد الشباب الديمقراطي خلية مجمع الحدث نرفض هذا الإهمال ونعتبره متعمدًّا ضمن خطة ممنهجة لضرب الجامعة اللبنانية والإساءة لسمعتها، كما وأنه نتيجة إهمال المجالس الطلابية غير الشرعية في ظل تغييب التمثيل الفعلي للطلاب عبر إلغاء الإنتخابات الطلابية من قبل إدارة الجامعة بالتواطؤ مع القوى السياسية المهمينة.
محمد وهبة - الأخبار
بدل الباخرتين، سيصبح لدينا أربع. وبدل المعامل الأربعة، التي تأخّر إنشاؤها في عهدي الوزيرين جبران باسيل وأرثور نظريان، سيكون لدينا دزينة من معامل إنتاج الكهرباء التي تعمل بواسطة الغاز، ويفترض أن تتغذّى من الخطّ الساحلي النائم في أدراج إحدى اللجان النيابية. وبدل التعرفة المدعومة، سيصبح لدينا تعرفة أعلى تتيح لنا الاستغناء عن مولدات الكهرباء وتغطية كلفة البواخر! هذه هي بنود خطّة وزير الطاقة سيزار أبي خليل «الإنقاذية لصيف 2017»، التي رفعها إلى مجلس الوزراء. هي باختصار خطّة لإعادة إحياء ورقة سياسة القطاع، التي أقرت في عام 2010، ثم تعرضت لنكسات متتالية أدّت إلى دخولها «الكوما». خلال السنوات الماضية، كانت مناقصات المعامل محور تجاذب بين وزارتي الطاقة والمياه والمال. تجاذب كان يمكن تجاوزه ومعالجته، لكنه كان تجاذباً سياسياً استغلّ ثُغَراً في المناقصات والعقود بدلاً من أن يعالجها؛ هناك عقدٌ لإنشاء معمل جديد في دير عمار، جرى تلزيمه فعلياً بقيمة 360 مليون يورو، ولم ينفّذ لأنه لم تُذكر فيه الضريبة على القيمة المضافة، ولم يُعرف من يتحمل كلفتها البالغة 36 مليون يورو، وعقد آخر لتشغيل معملي الجية والزوق الجديدين، اللذين أنجزا في مطلع عام 2016، ولم يجر تشغيلهما بسبب الخلاف على الجهة التي فازت بعقد الصيانة والتشغيل، علماً بأن تشغيلهما كان سيضيف 3 ساعات تغذية إضافية منذ عام تقريباً، فضلاً عن عقد سقط سهواً في مجلس الإنماء والإعمار لتلزيم إعادة تأهيل معمل الزوق المتهالك... وإلى جانب ذلك، تراكمت مشاكل نقل الكهرباء وتوزيعها وجباية الفواتير الملزمة لشركات مقدمي الخدمات. تجربة كانت «منتجة» للمشاكل ومكلفة للخزينة.أما اليوم، فإن الإصرار على استكمال هذه التجربة يأتي انطلاقاً من ارتفاع حدّة الطلب بسبب «النازحين من سوريا والتوقعات بأن يبلغ عدد السيّاح أكثر من 1.5 مليون في صيف 2017 بعد زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون للخليج العربي»، بحسب ما ورد في عرض الوزير أبي خليل الى مجلس الوزراء. لذلك، تقترح وزارة الطاقة سدّ العجز والفجوة بين الطلب الاستهلاكي، وبين القدرة الإنتاجية لمعامل الكهرباء، عبر استئجار باخرتين بقدرة 825 ميغاوات وبكلفة إجمالية تصل إلى 850 مليون دولار سنوياً، تضافان إلى الباخرتين الحاليتين بقدرة 370 ميغاوات واللتين تزيد كلفتهما لمدة ثلاث سنوات على 400 مليون دولار. ما يعني أن الاعتماد على البواخر سيصل إلى 1225 ميغاوات، أي ما يوازي 37% من الطلب على الكهرباء بكلفة إجمالية تتجاوز مليار دولار سنوياً. الاستئجار سيمتد لخمس سنوات، وبالتالي هدفه كسب الوقت لإنشاء المعامل، على أن تزداد الطاقة المنتجة من 12 ساعة تغذية يومياً كمعدل وسطي إلى ما بين 20 ساعة و22 ساعة يومياً. ففي السنة المقبلة، تتوقع الوزارة التخلّي عن باخرتي فاطمة غول وأورهان بيه، وأن تنشئ خلال السنوات الخمس معامل إنتاج بقدرة 2000 ميغاوات بالشراكة مع القطاع الخاص ونصفها من الطاقة الشمسية، وأن توفّر كلفة الإنتاج بإنشاء محطة لاستيراد الغاز الطبيعي وإنشاء خطّ ساحلي لتوزيعه. هناك مخاوف من أن يصبح العقد المؤقت دائماً، لأن الحال هي هكذا في لبنان. مولدات الشوارع تحوّلت إلى دائمة، والبواخر بدأت تتكرّس بشكلها الدائم وتجعل الأسر اللبنانية رهينة لها ولخياراتها. الخطّة كما يعرضها وزير الطاقة على مجلس الوزراء، لا تتضمن دفتر شروط أو مناقصة أو استدراج عروض محصوراً، بل هي عرض قدّمته شركة «كارادينيز» التي يستأجر منها لبنان باخرتي «فاطمة غول» و«أورهان بيه» واللتين جرى تمديد عقودهما من دون العودة إلى مجلس الوزراء. الشركة تعرض زيادة العدد إلى أربع. والأمر نفسه ينسحب على عرض معامل الطاقة الشمسية. في ظل هذه الخصخصة للقطاع بكامله، يتم طرح رفع تعرفة الكهرباء بهدف تغطية كلفة تشغيل الباخرتين الجديدتين، أي ما يؤمن 726 مليار ليرة لهذه السنة!
1000 ميغاوات إضافية عبر القطاع الخاص
يقترح وزير الطاقة سيزار أبي خليل، خطة إنقاذية لقطاع الكهرباء لصيف 2017 تتضمن خمسة محاور: استئجار باخرتين لتوليد الطاقة الكهربائية، زيادة تعرفة الكهرباء، إنشاء معامل بقدرة 1000 ميغاوات بالتعاون مع القطاع الخاص، إنشاء معامل طاقة فوتوفولتية بقدرة 1000 ميغاوات، إنشاء محطات لاستيراد الغاز الطبيعي المسال.
المحور الأول: استئجار بواخر لـ 5 سنوات
يستند هذا المحور إلى عرض مقدّم من الشركة التركية «كارباورشيب»، التي يستأجر منها لبنان حالياً باخرتي كهرباء هما «فاطمة غول» و«أورهان بيه». الخطّة تقضي بأن يستأجر لبنان باخرتين إضافيتين بقدرة 470 ميغاوات للأولى، وبقدرة 420 ميغاوات للثانية، على أن تكون كمية الطاقة المتعاقد عليها بنسبة 90% من القدرة الإجمالية، أي ما يوازي 800 ميغاوات. مدّة العقد، كما وردت في العرض، محدّدة بخمس سنوات على أن يتم ربط الباخرة الأولى على شبكة الكهرباء في نهاية أيار 2017، والثانية في نهاية آب 2017. أما كلفة استئجار الباخرتين، فتبلغ 5.80 سنت لكل كيلوات ساعة بما فيها التشغيل والصيانة وتنفيذ كاسر للموج، وأشغال ربط البواخر على شبكة 220 كيلوفولت، وتقوية قدرة الشبكة على استيعاب وتصريف الطاقة الإضافية من خلال خمس محطات نقالة وإنشاء خزانات عائمة للوقود.
الأثر المالي
تقول الخطّة إن كلفة الفيول والتشغيل والصيانة، وفق عرض «كارباورشيب»، تبلغ 848.2 مليون دولار سنوياً، علماً بأن كلفة الكيلوات ساعة من الباخرتين مقدّرة بنحو 13.04 سنت مقارنة مع 12.89 سنت للمعامل الحالية في لبنان، وهذا السعر محسوب على أساس سعر برميل النفط بقيمة 60 دولاراً، كما ورد في ميزانية مؤسسة كهرباء لبنان لعام 2017.
الخطة لا تتضمن التلزيم بواسطة مناقصة أو استدراج عروض بل عرضينمن شركتينوبالمقارنة، فإن كلفة الفيول والتشغيل والصيانة في معملي الذوق والجية الجديدين، تبلغ 200.4 مليون دولار سنوياً، أي أن كلفة الكيلوات ساعة تبلغ 9.19 سنت على أساس سعر برميل النفط بقيمة 60 دولاراً.وبالتالي، فإن كلفة الطاقة الإضافية المتوقع توليدها من استئجار الباخرتين، وبدء تشغيل المعملين الجديدين في الذوق والجيّة، تبلغ 1048.6 مليون دولار، لينخفض سعر الكيلوات ساعة إلى 12.55 سنت، علماً بأن هذه الطاقة الإضافية تمثّل 56.8% من مجمل الطاقة المنتجة.
7 ساعات تغذية إضافية
الهدف من الاستئجار هو زيادة التغذية بالتيار الكهربائي، من معدل وسطي يبلغ اليوم 12 ساعة يومياً على مدار السنة مع تفاوت بحسب الفصول إذ تتدنى في فصل الصيف مع ارتفاع الطلب على الطاقة، إلى 19 ساعة يومياً، علماً بأن استئجار الباخرتين سيرفع كمية الطاقة المنتجة بنسبة 42.5%، أو ما يعادل سبع ساعات تغذية إضافية.وتتوقع الوزارة أن تنتج كمية إضافية من الطاقة، من معملي الذوق والجية الجديدين بقدرة 272 ميغاوات، أو ما يوازي 14.3% من الكمية المنتجة، أي ما يعادل 3 ساعات تغذية إضافية، وهو ما يتيح التخلّي عن الباخرتين «فاطمة غول» و«أورهان بيه» في أواخر 2018، على أن يتزامن هذا الأمر أيضاً مع بدء إنشاء 8 معامل جديدة بقدرة 500 ميغاوات لكل واحد منها، اعتباراً من 2020 في دير عمار والذوق والجية وسلعاتا والزهراني ومناطق غير مسماة أيضاً.
المحور الثاني: معامل بقدرة 1000 ميغاوات
يستند هذا المحور إلى ورقة سياسة قطاع الكهرباء التي أقرّها مجلس الوزراء والتي لحظت وحدات إضافية لتوليد الكهرباء بقدرة 1500 ميغاوات وفق نظام IPP. يومها كّلفت شركة Mott Mac Donald بوضع خريطة طريق تتضمن الجدوى الفنية والاقتصادية والقانونية، وقد خلصت الشركة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لتعيين استشاري عالمي للقيام بمهام Transaction Advisor، لوضع دراسات الجدوى التفصيلية وتحضير دفاتر الشروط ودليل إجراءات الشراء والمفاوضات وإبرام الصفقات. كذلك، تضمنت التوصيات ضرورة تطوير إطار قانوني «يتمتع بالليونة ويكون نموذجاً استراتيجياً يمكن تكراره في المستقبل مما يجعله جاذباً للقطاع الخاص والمتمولين».وبحسب الخطة، فإن الشركة تحدثت عن ضرورة «تحديد أهداف استراتيجية للتعرفة المقبولة والكلفة الدنيا للطاقة المنتجة»، وأن تكون محطات الكهرباء المنوي إنشاؤها «تعمل على نوعي من الوقود، الفيول الثقيل والغاز»، على أن تكون المحركات العكسية هي تقنية الإنتاج الأفضل في حال اعتماد الفيول كوقود أولي، وأن تكون العنفات الغازية عاملة بالدارة المركبة إذا اعتمد على الغاز كوقود أولّي. واستبعدت الشركة الإنتاج الحراري البخاري التقليدي، لأن «كلفته ومردوديته هي أدنى من الحالتين».ودرست الشركة نحو تسعة مواقع ممكنة لإنشاء المعامل في دير عمار، سلعاتا، الزهراني، الدامور، شكا، شبريحا، كسارة، صور، الحريشة، وتبيّن أن أفضل ثلاثة مواقع بالترتيب هي: الزهراني وسلعاتا، والدامور، «وتقرر المضي بأول موقعين مباشرة».تقول الخطّة إن هذه الإجراءات لم تنفّذ بعد رغم أن وزارة الطاقة طلبت من وزارة المال تأمين الأموال اللازمة لشراء خدمات الـTransaction Advisor، إذ أن وزارة المال طلبت مراجعة شروط الكفالة والكلفة الفعلية للتعاقد مع مؤسسة التمويل الدولية «ولم يتم بعد التوافق على تكليف مؤسسة التمويل الدولية للقيام بالمهام المطلوبة».
المحور الثالث: محطات الغاز الطبيعي
تنطلق خطّة وزير الطاقة من نقطة أساسية وهي أن اللجنة الوزارية التي شكلت لدراسة نتائج استدراج العروض لإنشاء محطة استيراد الغاز الطبيعي المسال، في موقع البداوي، لم تتوصل إلى قرار نهائي، وأن الوزارة استكملت دراساتها على مواقع محتملة كان الاستشاري لحظها في دراسته وهي الزهراني وسلعاتا. وبحسب دراسات الوزارة، فقد تبيّن أن هناك حسنات عدّة لموقعي سلعاتا والزهراني منها عمق المياه، والموقع الجغرافي، والمساحات الكافية التي يمكن استغلالها لإنشاء معامل توليد طاقة وفق IPP بقدرة 1000 ميغاوات تعتمد على الغاز الطبيعي في معظمها بكلفة صفر على الدولة اللبنانية كون الدولة تستأجر خدمات المحطات عبر إضافة رسم يحدّد حسب الكمية المنوي تغويزها (إنتاج غاز قابل للاحتراق من مواد تحتوي في تركيبها على عنصر الكربون).لكن هناك خاصية لكل من المعملين على الشكل الآتي:ــ بالنسبة إلى سلعاتا هناك فضلاً عن إمكانية لتزويد معمل الذوق بالغاز عبر خط ساحلي بين المنطقتين بكلفة 70 مليون دولار، ما يتيح للمعمل تحقيق وفر في فاتورته النفطية بأكثر من 50 مليون دولار استناداً إلى سعر برميل النفط بقيمة 50 دولاراً. كذلك تشير الدراسة إلى أن موقع سلعاتا حيث هناك محطة تغويز عائمة، يتيح للمرافق الصناعية في المنطقة الاستفادة من وجود طاقة متدنية الكلفة.ــ بالنسبة إلى الزهراني، هناك إمكانية لاستفادة معمل الزهراني بتشغيله على الغاز الطبيعي، وربط معمل الجيّة الجديد بقدرة 72 ميغاوات، عبر إنشاء خطّ ساحلي بين الزهراني والجية بقيمة 67 مليون دولار ما يحقق وفراً بأكثر من 20 مليون دولار في فاتورته النفطية بناء على سعر برميل النفط بقيمة 50 دولاراً.وتقترح الخطّة، في ظل تأخر إقرار برنامج لقانون لإنشاء خط الغاز الساحلي منذ عام 2012، تجزئة المشروع إلى قسمين: شمالاً وجنوباً، وبالتالي الاستغناء عن الوصلة التي كانت ستنشأ حول مدينة بيروت بكلفة تقديرية تبلغ 157 مليون دولار.
يتوقع أن تجنيكهرباء لبنان 726 مليار ليرة من زيادة التعرفة خلال عام 2018هذا يعني أنه يمكن إنشاء محطة تغويز عائمة في البداوي لتغذية معمل دير عمار 1 ودير عمار 2 (قيد الإنشاء)، ومحطات تغويز في الزهراني لتغذية معملي الزهراني والجية وصور. ومحطة في سلعاتا تتوسط المسافة بين دير عمار والذوق وتستغل لتغذية معامل تولي الطاقة بنظام IPP، بالإضافة إلى ربط معمل الذوق بها عبر خط الغاز الساحلي.وبحسب الخطّة، فإن طول الخط الساحلي يبلغ 177 كيلومتراً بقطر 36 بوصة بكلفة 398 مليون دولار.
المحور الرابع: معامل طاقة متجدّدة
تقول وزارة الطاقة إنها تلقت عرضاً من شركة Growth Holdings من أجل تصميم وتركيب وتشغيل معامل طاقة فوتوفولتية بقدرة 1000 ميغاوات من أجل إنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية. الشركة العارضة شكّلت تحالفاً من شركات عالمية في هذا المجال هي: Grupo GRS, EnerTech, Tesla ما يتيح لها تركيب المشروع كاملاً بفترة تتراوح بين 18 و24 شهراً وبأسعار تنافسية. تتوقع الوزارة توليد طاقة توازي 40% من العجز الكهربائي السنوي، بسعر 0.085 دولار لكل كيلوات ساعة، من دون تخزين، أو 0.125 دولاراً مع التخزين. وتشير إلى أن تنفيذ هذا المشروع في مناطق ريفية يسهم في الإنماء المتوازن، ويخلق فرص عمل ويحظى بقبول من الجمعيات البيئية، ويسهم بزيادة ثقة القطاع الخاص بالتزام الدولة بأهدافها المعلنة للطاقة، ويسهم في خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وهو مشروع يرتكز إلى استثمارات للقطاع الخاص من دون أي كلفة تتكبدها مؤسسة كهرباء لبنان.
المحور الخامس: زيادة التعرفة ورفع الدعم
تقول الوزارة إن التعرفة الحالية للكهرباء تعود لسنة 1994 يوم كان سعر برميل النفط بحدود 20 دولاراً، لكن في ضوء ارتفاع أسعار المحروقات التي تمثّل عنصراً أساسياً في كلفة إنتاج الكهرباء إلى 147 دولاراً في 2008، فإن كهرباء لبنان تتحمل أعباء مالية جراء عدم تغيير التعرفة بسبب ارتفاع معدل كلفة إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء إلى مستوى أعلى من معدل سعر مبيع الكيلووات ساعة. وبالتالي إن كل ما نسب من خسائر مالية لكهرباء لبنان كانت فعلياً دعماً حكومياً للمواطن وليس للمؤسسة.وبالتالي فإن زيادة الإنتاج، بحسب الخطّة، تتطلب كلفة إضافية بسبب تدنّي التعرفة الحالية. ولذا «تبين أنه يجب زيادة التعرفة ابتداء من 1/7/2017 بنسبة 42.6% كمعدل وسطي على أساس سعر برميل النفط بـ 60 دولاراً حتى لا تتكبد الخزينة العامة أي أكلاف إضافية. وبذلك يرفع معدل سعر مبيع الطاقة من 132.1 ليرة إلى 188 ليرة لكل كيلووات ساعة، وتكون التعرفة الجديدة أقل من معدل سعر المولدات الخاصة والمقدّر بنحو 350 ليرة لكل كيلووات ساعة».وتلفت الوزارة إلى أنها درست الأثر المترتب على كل فئة من المشتركين على أساس الفاتورة الإجمالية (كهرباء لبنان والمولدات الخاصة) وتبيّن أن المشترك سيحقق وفراً مالياً بسبب الاستغناء الجزئي عن المولدات الخاصة أكبر من كلفة زيادة التعرفة المقترحة لأن السعر الوسطي لهذه التعرفة أقل بكثير من سعر المولدات الخاصة. فعلى سبيل المثال، هناك 375690 مشتركاً بـ 10 أمبيرات فقط لدى مؤسسة كهرباء لبنان ممن يستهلكون نحو 300 كيلووات ساعة شهرياً، ولديهم اشتراك بـ 5 أمبيرات من المولدات الخاصة، ولذا فإن فاتورتهم الشهرية تبلغ 96900 ليرة منها 21900 ليرة لحساب كهرباء لبنان و75000 ليرة للمولدات الخاصة في حال وجود 12 ساعة تغذية فقط. أما إذا ارتفعت ساعات التغذية إلى 22 ساعة في اليوم، يرتفع معها منسوب الاستهلاك من كهرباء لبنان، وينخفض الاستهلاك من المولدات الخاصة وتصبح عندها الفاتورة الشهرية 64500 ليرة منها 52000 ليرة لكهرباء لبنان و12500 ليرة للمولد الخاص، وبالتالي يكون الوفر الإجمالي للمواطن نحو 32400 ليرة، أي ما يعادل 33.4% شهرياً جراء تحسين التغذية من 12 ساعة إلى 22 ساعة وتنطبق هذه المقارنة على شرائح المشتركين كافة.
الأولويات: خفض الدعم اعتباراً من تموز
تتضمن خطّة وزير الطاقة الإنقاذية للكهرباء خريطة طريقة توضح الأولويات على النحو الآتي:ــ إقرار الخطة الإنقاذية بكل بنودها، وخاصة التعديلات التي تقدمت بها شركة Karpowership على العقد الحالي قبل نهاية شهر آذار 2017، والسماح للشركة المذكورة بتنفيذ الأشغال والأعمال المطلوبة، على أن تستكمل الإجراءات اللازمة للاستحصال على التراخيص والمراسيم المتوجبة بشكل لاحق، وعلى سبيل التسوية، بغية إنجاز الأعمال البحرية والكهربائية المطلوبة وإتمامها في الموعد المحدد.ــ مساعدة كهرباء لبنان لدفع المستحقات التي ستترتب عليها في عام 2017، والبالغة 726.75 مليار ليرة لبنانية: 585.3 مليار ليرة لبنانية لتشغيل الباخرتين الجديدتين اللتين ستوضعان بالخدمة تباعاً، بدءاً من شهر حزيران 2017 و141.45 مليار ليرة لبنانية للدفعة الأولى. يتوقع أن تجني كهرباء لبنان هذا المبلغ من زيادة التعرفة خلال عام 2018، وحينها تستطيع إرجاع المبلغ.ــ تكليف الاستشاري Poten & Partners إجراء الأعمال المتوقع تنفيذها لإنجاز مشروع الـ FSRU (محطات الغاز المسال).ــ الطلب من شركة Imeg/ACE إعادة التحقق من الدراسة التي أعدتها لإنشاء خطّ غاز ساحلي بقطر 36 بوصة وبطول إجمالي 177 كلم لجهة الكلفة التقديرية لكل قسم (طرابلس، سلعاتا، الذوق، الجيّة، الزهراني وصور).ــ الموافقة على العرض المقدم من شركة Growth Holding وتفويض وزارة الطاقة والمياه بالتفاوض مع التحالف العارض على الكلفة المقترحة ودراسة عدد المشاريع المقترحة مع أو بدون تخزين للطاقة.ــ الموافقة على اقتراح تعديل التعرفة كما ورد في هذا التقرير وذلك بدءاً من 1/7/2017.ـــ اتخاذ إجراءات سريعة لتعيين استشاري عالمي للقيام بمهمات الـ"Transaction Advisor".
غسان ديبة - الأخبار«التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة وفي الثانية كمهزلة»
كارل ماركس
خلال الأسبوع الماضي، في خضم معركة سلسلة الرتب والرواتب، لم يكتف اليمين الاقتصادي المتمثل بالهيئات الاقتصادية، وممثليهم في السلطة السياسية بنسف السلسلة، بل ذهبت الموازنة والضرائب الموجودة فيها كلّها كأضرار جانبية لهذه المعركة.
وهكذا حافظ الرأسمال على مواقعه الاقتصادية وسلطته السياسية مرة أخرى. فعند انقشاع الغيوم تبين للبنانيين أن النظام الرأسمالي-الطائفي قد أنقذ نفسه مرة أخرى، في معركة أديرت بشكل ذكي جداً، بحيث خلقت "شعبوية" يمينية ويسارية في آن ضد "الضرائب"، مترافقة بالإشاعات والأكاذيب والتهديدات بانهيار الاقتصاد في حال وضع ضرائب على الأرباح والريوع والمصارف والتجارة، فكانت أنها جميعها تتجه إلى الإلغاء سلة واحدة.ظن الجميع أن الجميع خرجوا رابحين. لكن هل هذه هي الحقيقة؟ كلا، ففي حساب سريع ربحت القلة وخسرت الأكثرية. ربحت القلة التي تراكمت ثروتها وسلطتها الاقتصادية والسياسية منذ 1992، لأنها استطاعت أن تمنع أمرين كانا سيهدّدان مصالحها: الأول، السلسلة ليس لأنها ستزيد أجور موظفي القطاع العام والعسكريين والأساتذة. فعلى الرغم من وجود حقد طبقي ضد الموظفين من قبل بعض الرأسماليين الذين راكموا أموالهم من الخمول الريعي وامتصاص أموال الخزينة اللبنانية عبر أدوات الدين العام، وهذا الحقد يظهر يين الفينة والأخرى ويصل إلى دركه الأسفل إلى التهجم على "معاشات التقاعد"، إلا أنهم يخافون من السلسلة لأنها ستؤدي إلى كرة ثلج مطلبية عمالية ستجتاح القطاع الخاص المبنية أرباحه و"كفاءته" على الأجور المتدنيّة؛ وأيّ خلل في هذا الإطار سيكسر أحد أهم أعمدة النموذج الاقتصادي القديم، ألا وهو الأرباح العالية مقابل الأجور المتدنية. الأمر الثاني، رفع الضرائب على الأرباح والفوائد واستحداث ضريبة الربح العقاري. على الرغم من أن هذه الضرائب لو أُقرت بالكاد كانت ستحدث "صدمة خفيفة" في توزع الثروة والدخل في لبنان الذي يميل بشكل فاقع إلى صالح الرأسمال (حصة عوائد الرأسمال حوالى 60% من الناتج، مؤشر جيني للثروة 0.86، من أعلى معدلات تركز الثروة في العالم في أيدي القلة؛ لائحة مليارديريي مجلة فوربز ثروتهم تبلغ حوالى 20 بالمئة من الناتج وهذا معدل عالٍ جداً). لكن هذه الضرائب كانت ستشكل "سابقة" وليست أية سابقة بالمطلق. أي أن اليوم يختلف عن الأمس. اليوم وصل لبنان إلى مفترق طرق أسميتها "ساعة الحقيقة"، فعند بدء التفكير بالموازنة بعد 12 عاماً والذي ظن البعض بعقله المحاسباتي والمركنتيلي السخيف أنها ستكون "الحل" اكتشف اللبنانيون العكس تماماً؛ "فاكتشفوا" أن الدولة غارقة في الدين وخدمته وأن عجز الخزينة مزمن، وليس فقط ناتج عن عدم إقرار موازنة، وأن البنى التحتية تهترئ وأن الكهرباء عاجزة في دولة دخلها الفردي حوالى 13 ألف دولار، وتتشارك في انقطاع الكهرباء مع الكونغو التي يبلغ دخلها الفردي حوالى 500 دولاا (زيمبابوي أفضل من لبنان بالمناسبة)!أمام كل هذا، ما الذي كان متاحاً لمهندسي الموازنة؟ في وجود خزان الثّروة والمداخيل التي تراكمت في أيدي القلة من الرأسماليين الماليين والمصرفيين والعقاريين، فكان من الطبيعي أن تتجه الأنظار إلى هناك، ليس فقط من قبل "اليسار" بل من قبل أي عاقل رأسمالي، ولهذا رأينا اقتراحات الاقتطاع الضريبي من هذه المصادر. ولهذ كان الرفض مدوياً!في المقابل خسر العمال والموظفون والطبقة الوسطى وخسرت الدولة اللبنانية، لأن "الضرائب" التي أُلغيت ومن ضمنها الـ 11% على tva كانت ثمناً ضئيلاً نسبياً إلى ما كانت هذه الفئات والدولة ستجني من خسارة الرأسمال لبعض من مواقعه. إن الفرصة، ولربما كانت لا تزال سانحة، لتشكيل تحالف واسع يشكل قوة مضادة للرأسمال ومحاولة استفراده وتسلطه. فهذه القوة المضادة، أو ما أسماها روبرت رايش وزير العمل الأميركي في عهد كلينتون "the countervailing power" كانت أساسية في الولايات المتحدة الأميركية في تحقيق المكاسب للعمال الأميركيين وللطبقة المتوسطة منذ أيام "الثورة الديمقراطية الجاكسونية" في 1830s، مروراً بتفكيك الاحتكارات إلى الاتفاق الجديد (new deal) في عهد روزفلت، وصولا إلى حرب "المجتمع الكبير" على الفقر أيام ليندون جونسون في الستينيات. هكذا وحتى في أميركا انقلبت موازين القوى تاريخياً، ويجب الآن بحسب رايش أن تنقلب ضد "تمركز السلطة في أيدي النخب الشركاتية والمالية".
يجب ألا يكون هناك عودة للخطاب الاقتصادي الأحادي الاحتكاري من زمن التسعينيات
بالعودة إلى لبنان، فعلى الرغم من انتصار الرأسمال لمرة أخرى، إلا أنه لا ينام على أمجاده لأنه يعلم أن الأمور لا تزال في دائرة عدم اليقين، وأننا أمام مرحلة يمكن وصفها بالصراعية، ربما لأول مرة منذ 1992. وبالتالي انتقل الرأسمال إلى الهجوم المضاد ولم يكتف بالنصر المؤقت لأنه يريده "نصراً رأسمالياً" وليس فقط "شعبوياً"؛ فالشعبوية أداة قد تنقلب ضده في أيّ لحظة. ومن أفضل من ممثلي الرأسمال الأوائل في الحكومة والنظام، رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لقيادة هذا الهجوم المضاد؟الرئيس الحريري يريد أن يعيدنا إلى التسعينيات ليعطي للرأسمالية اللبنانية مشروعاً و"مشروعية" فقدتها. ففي خطاب أمام مؤتمر مجلة الاقتصاد والأعمال قال إن الحكومة بصدد الإعلان عن برنامج استثماري لمدة سبع سنوات "بروحية مرحلة التسعينيات"! أي العودة إلى الفترة التي أنتجت ما نحن عليه الآن من أزمات. ولم يقل الرئيس الحريري من أين سوف تُموّل هذه الاستثمارات؛ إلا إذا كان كلامه عن ضغط الـ 2 مليون سوري وفلسطيني على البنى التحتية وتحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته مقدمة لإطلاق حملة "تبرعات" دولية. في هذا الإطار، لا بدّ من القول: أمام لبنان طريقتان لتمويل خطة كهذه: الضرائب أو الاستدانة (التمويل التضخمي صعب جداً في لبنان في المرحلة الحالية) فليختاروا واحدة. أما استغلال وجود السوريين والفلسطينيين للبحث عن وطلب الهبات من هنا وهناك وتحويل البرنامج إلى مباراة في طلب التمويل من الخارج، فإنه عندئذ سيكون عرضة أن يصبح، على الرغم من تذكيرنا بمآسي التسعينيات، فعلاً مهزلة.أما جعجع، من جهته، فقد أفصح عن "عبقرية اقتصادية"، إذ اعتبر أن "التقشّف" هو الحل واضعاً حلولاً للموازنة أولها عصر النفقات. وبطريقة استسهالية للأمور قال إن الموازنة يجب أن ينخفض إنفاقها من 25 ألف مليار ليرة إلى 22 الف مليار ليرة أي 2 مليار دولار: إنها فكرة شعبوية ممتازة، وأيضاً ستنطلي على الكثيرين. لكن يجب السؤال هنا: من أين سيأتي الخفض هذا الذي يشكّل 12 بالمئة من الموازنة أو 4 بالمئة من الناتج المحلي؟ من خدمة الدين العام؟ أو من نفقات الوزارات العادية؟ أو من نفقات قطاع الكهرباء؟ فكل هذه الأبواب غير خاضعة للخفض، على الأقل في المدى القصير، الذي يتطلّبه إقرار موازنة، إلا إذا كنا نريد موازنة في عام 2022 مثلا! بالتالي يبقى أمران في الموازنة: الأجور والاستثمار العام. هنا طبعاً قد لا يكون المقصود من البند الخامس في "خطة" القوات اللبنانية (وأشدّد على قد) خفض الأجور أو طرد موظفي الدولة على الرغم من الإيحاء بهذا، حين قال إنه يجب "وقف التوظيف قطعاً في الإدارات العامة تحت أيّ تسمية من المسميات، فالمعاشات ومعاشات التقاعد تبلغ 35% من قيمة الموازنة الأمر الذي لم تعد تتحمله الدولة، إذ لديها 310 آلاف موظف بين ملاك ومتعاقدين، ولكن إنتاجيتهم لا تتلاءم وعددهم". هنا لا بد من الإشارة إلى أنه لم يشرح لنا أحد حتى الآن من "جيش المحاربين ضد القطاع العام" المفهوم الذي استُخدم لحساب إنتاجية الموظفين في القطاع العام، وكيف تم قياسها في لبنان بحيث وجد أنها "لا تتلاءم مع عددهم".إذاً تسلسلياً وحسب منطق الخطة، فإن إلغاء السلسلة وخفض الاستثمار العام هما الملاذان الأخيران لخفض الـ 2 مليار دولار من الموازنة. وبهذا يتحقق هدفان: فإلغاء السلسلة يحلّ معضلة الرأسمال كما ذكرت سابقاً، وخفض الاستثمار يخدم فكرة عدم مقدرة الدولة على إعادة بناء البنى التحتية فيفتح المجال لخصخصة الكهرباء كما تريد القوات اللبنانية! بهذا تكون خطة جعجع أصابت عصفورين بحجر واحد، أصابت الاقتصاد اللبناني مقتلاً.إن الفكر الاقتصادي اليميني الذي أنشأ النموذج الاقتصادي القديم إذاً يحاول العودة بأشكال جديدة ويريد أن يأخذ زمام المبادرة الأيديولوجية. صحيح أن القديم لم ينهَر وبالتالي لا نستطيع أن ننتظر الجديد الذي لم يولد بعد. ولكن القديم يهتزّ ويترنّح، فأزمة الرأسمالية اللبنانية وأزمة نظام الطائف، هذه الأزمة المزدوجة للنظام اللبناني لم تُحل. في الوقت نفسه إن "القوة المضادة" يجب أن تنشأ وتنشأ معها أيديولوجيا مضادة، لأنه بالنسبة لنا يجب ألا يكون هناك عودة للخطاب الاقتصادي الأحادي الاحتكاري من زمن التسعينيات، لأنه انتهى ونموذجه أصبح ليس فقط قديما بل أضحى نظاماً عتيقاً (Ancien Regime)، فكما أسقطت هذه الأنظمة في التاريخ، علينا إسقاطها في لبنان اليوم، لأن شباب لبنان وأجيال مستقبل لبنان والمجتمع كله يعتمدون على ذلك: لا أكثر ولا أقل.