فض اعتصام مطمر الناعمة.. بالقوة

فض اعتصام مطمر الناعمة.. بالقوة
31 Jan
2014

أياً تكن النتائج التي أفضى إليها التحرك الأهلي لإقفال مطمر الناعمة (أنور عقل ضو وأحمد منصور)، يكفي أنه أعاد إلى الواجهة مشكلة النفايات الصلبة في لبنان، وضرورة مقاربتها علمياً بخطة وطنية تقوم على تعزيز ثقافة الفرز من المصدر، وإن جاء التحرك في التوقيت الخطأ مع عدم وجود حكومة قادرة على التعاطي مع ملفات كبيرة. إلا أن بعض القيمين على الاعتصام أكدوا أن «الحكومات اللبنانية المتعاقبة منذ التسعينيات لم تتخطَّ في عملها مفهوم تصريف الأعمال وتقاسم المغانم وتوزيع الالتزامات بالتراضي»، فضلاً عن أنهم يشددون على أن تحركهم كان محكوماً بموعد إقفال المطمر في 17-1-2014، وليس كما أشارت لجنة البيئة النيابية من أن «التمديد تمّ في العام 2011 لغاية 17/1/2015».لكن في المقابل، لم يقرأ القيمون على الاعتصام جيداً أن ثمة سقوفاً لأي تحرك، ما أفضى صباح أمس، إلى قمع المعتصمين، في خطوة طرحت قضية الحريات العامة خصوصاً بعد اعتقال الدكتور أجود العياش فيما كان يحتسي القهوة صباحاً في دارة مختار الناعمة مارون يزبك الذي يقع منزله على طريق المطمر، حيث يتجمع المعتصمون عادة قبيل الانطلاق الى الموقع، حيث نصبت الخيم، خصوصاً أن الاعتقال جاء تعسفياً من دون إصدار مذكرة توقيف، باستثناء توجيه تهمة «التحريض على التظاهر»، ولم تعرف ما إذا كانت ثمة مسوغات قانونية تتيح اعتقال العياش أم لا.وما لم يقرأه المعتصمون جيداً استحالة إيجاد حلّ ناجز في غضون أيام قليلة، وهذا ما راهنت عليه «سوكلين» عندما رمت مشكلة تراكم النفايات في بيروت والمناطق عند المعتصمين، مستفيدة مما تملك من إمكانيات مادية وظفتها في حملة إعلانات واسعة، من دون الإشارة إلى ارتكابها فضيحة لجهة نقض الاتفاقية منذ خمس عشرة سنة والتي نصت على استقبال المطمر للعوادم فقط، فضلاً عن أن موقف رئيس «جبهة النضال الوطني» كان يمكن أن يشكل حلاً مرضياً طالما أنه ربط تخطي المشكلة بمهلة زمنية لا تتعدى الـ 17-1-2015. لكن ردّ بعض المعتصمين على مبادرة جنبلاط جاء في هتاف تردّد ليل أمس يقول «يا مواطن طلّ وشوف سرقة ونصب عالمكشوف، محميّة بأرض الشوف مكبّ زبالة بالشحار».العوادم فقطمن جهة ثانية، قرأ وزير الداخلية والبلديات مروان شربل موقف جنبلاط على أنه إيذانٌ بفض الاعتصام، من دون أن نعرف ما إذا كان ثمة تنسيق سياسي سبق قمع المعتصمين بالقوة وتعرّضهم للضرب.كل ذلك لا يلغي أحقية مطلب المعتصمين باقتصار وظيفة المطمر على استقبال العوادم فقط حتى 17-1-2015، أي نحو 20 بالمئة من مجموع النفايات التي تنقل عشوائياً الى المطمر بما فيها النفايات الطبية والكيميائية الأكثر خطورة. إلا أن مثل هذا الأمر يتطلب تخصيص موقع للفرز والتسبيخ وإجراءات روتينية قد لا تنتهي في سنة، لاستقدام معدات وتخصيص طاقم فني متخصص، فضلاً عن أنه استناداً إلى تحركات سابقة ثمة مخاوف حقيقية لدى الجمعيات البيئية والأهلية من تمييع التحرك وإهمال مطالبهم، أخذاً في الاعتبار أن بلدة عين درافيل المتاخمة والمواجهة للمطمر غير صالحة للسكن، بفعل الروائح والأمطار الأسيدية التي قضت على القطاع الزراعي، علماً أنه في فصل الصيف تنتشر الروائع المنبعثة من المطمر في كافة قرى الشحار الغربي وتتعداها إلى بعض قرى غرب عاليه وقرى شوفية أخرى، إضافة إلى وجود مئات «المداخن» التي تنفث في الفضاء كميات هائلة من غاز الميثان.مداهمة الصباحوكانت قوة من قوى الأمن الداخلي قد فاجأت المعتصمين صباحاً في الخيم، قدرت بنحو 300 عنصر، وحسب شهود عيان، فقد أزيلت الخيم بالقوة وتعرّض المعتصمون المتواجدون للضرب، بالتزامن مع اعتقال العياش، ما سمح بدخول شاحنات عدة قبل أن يتجمّع المعتصمون مجدداً ويقطعون الطريق بحيث اضطرت بعض الشاحنات إلى مغادرة الموقع من دون تفريغ حمولتها.واستمر الوضع على ما هو عليه لفترة قصيرة قبل أن تشدد قوى الأمن حصارها للمعتصمين وتفتح الطريق مجدداً أمام الشاحنات، فيما اتخذت تدابير أمنية منعت المواطنين من الانضمام الى المعتصمين. إلا أن كثيرين تمكنوا من الوصول، ولا تعرف إلى الآن الخطوات التالية، مع إصرار المواطنين على عدم دخول النفايات إلا العوادم منها.وقرابة الظهر، سمح المعتصمون لشاحنات سوكلين بالتوجه الى المطمر، تلبية لطلب من عناصر قوى الامن الداخلي، وسط حراسة مشددة. وكانوا قد نفذوا اعتصاماً احتجاجاً على توقيف الناشط أجود العياش بتهمة تحريض المعتصمين وسوقه الى مخفر الدامور.الموعد النهائيفي وقت لاحق، تمّ الإفراج عن العياش، فيما اعتبرت «حملة إقفال مطمر الناعمة عين درافيل والهيئات والجمعيات البيئية الداعمة» في بيان كان من المفترض أن يصدر مساء أمس الأول «أن 17-01-2015 تاريخ نهائي لإقفال المطمر وإقراره رسمياً من الجهات المختصة والمعنية إدارياً»، لافتة الى ان «الأهم هو وقف فوري لإدخال وطمر النفايات غير العوادم في المطمر».وأعلنت «تشكيل لجنة متابعة مؤلفة من ممثلين عن الحملة والهيئات البيئية والبلديات لمراقبة حسن تنفيذ البند الثاني».وبعد الظهر، نفذ عدد من الناشطين في الحملة و«الحركة البيئية اللبنانية» وبعض الاهالي اعتصاماً عند مثلث الطريق المؤدي الى مطمر الناعمة الموازي للاوتوستراد الساحلي، «استنكاراً لقيام القوى الأمنية بإزالة خيم المعتصمين صباح اليوم من امام مدخل المطمر، وسط حراسة أمنية مشددة وانتشار لعناصر مكافحة الشغب». وتحدث باسم المعتصمين ملحم خلف، وتلا بياناً، مستنكراً توقيف العياش. ومعتبراً «أن هذه السلطة التي فشلت في ادارة الناس وتأمين حقوقهم الاساسية لجهة الحفاظ على الصحة العامة وعلى مستقبل اطفالنا، والتي فشلت في تأليف حكومة على مدى عشرة أشهر، وفشلت في تثبيت الأمن في عدد من المناطق الخارجة عن السلطة، ها هي تظهر وتستفيق لقمع ناشطين مسالمين، وتسلط قوتها على مواطنين عزل يطالبون بتطبيق القانون، وتعتقلهم من دون أي سند قانوني».وكان اللافت للانتباه أمس غياب البلديات عن دائرة الضوء.واعتبر النائب طلال أرسلان في بيان أن «شركة «سوكلين» هي المسؤولة الأساسية عما آلت اليه اوضاع مطمر الناعمة، حيث انها ليست المرة الأولى التي يُثار فيها هذا الموضوع ومراوغة الشركة، وقبول الحكومات المتعاقبة بالتسويات معها أدى الى هذا المستوى من الانحدار البيئي».البيان الأخيرمع انتهاء فصول الاعتصام، عقدت الحملة والحركة البيئية والأهالي اجتماعاً. وأصدروا بياناً تلاه محمد عطوي فقال: «بعد الوعود التي تلقيناها من المسؤولين وعلى أعلى المستويات، نؤكد التالي:1- اقفال المطمر بشكل نهائي في 17 كانون الثاني 2015.2- استمرار الاعتصام حتى تحقيق جميع الأهداف بأشكال متنوعة وسلمية وحضارية، لاسيما حصر استعمال مطمر الناعمة عين درافيل لردم العوادم دون سواها.3- تشكيل لجنة مراقبة من الاختصاصيين البيئين واهالي المنطقة.4- إفساحاً في المجال لإنفاذ تلك الوعود يعتزم المعتصمون العودة الى مدخل المطمر في مهلة 15 يوماً من تاريخ تشكيل الحومة العتيدة، وذلك في حال عدم احترام هذه الالتزامات وتلك الوعود.كما وجّه البيان تحية لكل المعتصمين واهالي وسكان البلدات المحيطة بالمطمر وللجمعيات الاهلية الداعمة ولكل المؤسسات الاعلامية الذين من دونها لما نجح هذا الحراك الوطني الراقي والنموذجي.بعدها فك الاعتصام وغادر المعتصمون، وفتحت الطريق أمام الشاحنات لدخول المطمر.

آخر تعديل على Monday, 03 February 2014 09:51

الأكثر قراءة