بيان اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في ذكرى تأسيسه: عامٌ مضى، كبُر الاتحاد وتجذر، هنا لا شيء يمر مرور الكرام، وهنا العام أطول، قلقٌ أرقٌ وصراع، فرحٌ صخبٌ ونضال.
تحلّ الذكرى الثمانية والأربعون لتأسيس اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في ظل ظروف سياسية واقتصادية صعبة تهدد الشباب اللبناني، حيث يتصاعد الانقسام المذهبي ويتجه لبنان والمنطقة نحو المزيد من الانقسام والتشتت. وتظهر بوادر قد تقود إلى حروب أهلية إذا لم يتداركها الشعب اللبناني وقواه السياسية الحية.
وفي حين يزداد النظام اللبناني عفونةً واهتراءً، تقوم القوى الحاكمة بممارسة فسادها بحجة مصلحة الطائفة، وتمتنع الدولة عن القيام بدورها الجامع بذريعة عدم قدرتها على مواجهة قوى الأمر الواقع، ليخضع القانون لها مراراً أمام أعيننا. وتقع مجازر بين القوى المتصارعة على النفوذ الطائفية بقوّة الشارع، فيكون الشباب أدواتها وضحيّتها.
هذا الواقع المأساوي الذي يرافق حياة الشباب، ترافقه أزمة اقتصادية خانقة، تكاد تخنق غالبية اللبنانيين لمصلحة بضعة متنفذين وتجار ومصرفيين يمتصون تعبنا وعملنا وإنتاجنا من خلال آليات استغلال تسمى الخصخصة وحرية الملكية الفردية، وذلك ضمن منظومة فاسدة تحميها الدولة بكل مكوناتها. تزداد باب التبانة وجبل محسن فقراً لتحيا سوليدير، وتُتلَف مواسم الزراعة في عكار والبقاع لتحيا فنادق العاصمة، ويُقتل اللبنانيون جرّاء التلوث والمكبات العشوائية لتنتعش جيوب أصحاب شركات النفايات والصفقات المشبوهة. يهرب الطلاب إلى جامعات خاصة غير مكتملة المعايير الأكاديمية بعد أن ضاقت بهم جامعتهم الوطنية المهمَلة، فيتكبدون الأقساط المرتفعة لينتشي بها من أهمل الجامعة الوطنية على حساب جامعاتهم الخاصة. يموت الناس على أبواب المستشفيات ليولد المزيد من الفساد عبر أنابيب وزارة الصحة. يدفع الموظف ربع مدخوله على تكاليف الهاتف والبنزين والنقليات، ثم يأتي من المسؤولين من ينادي بالخصخصة وفوائدها وتبقى خطة النقل العام حبراً على ورقٍ تعفّن في الدُّرْج. ويختنق المواطن باحثاً عن فسحة راحة واسترخاء في عطلته، ليسلب منه ناهب أملاكه العامة مزيداً من الأثمان.
في عيد الاتحاد لن نخاطب شباب لبنان، بل من رحم معاناتنا نتطلّع سويّاً إلى التغيير، لنقول: أن التغيير ممكن والبدائل موجودة، وإن كانت أدوات التغيير ما زالت عاجزة. معاً نبني مستقبلنا. معاً، شباب يؤمن بقيم العلمانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، شباب يناضل للتغيير، واضعاً المطالب المحقّة في سلم أولوياته. معاً نطلق صرخاتنا، ليس من أجل زعيم أو طائفة، بل من أجل رغيف الخبز والتعليم العام والتغطية الصحية الشاملة والنقل العام وحق العمل. معاً نتخطى أية عراقيل أو فتنة تُرتسم لاتحادنا، من أجل تحقيق مصالح شباب لبنان الجامعة من كل الخلفيات والانتماءات.
ثمانية وأربعون عاماً مضت ودرب النضال الشبابي في كل الساحات ما ما زال طويلاً، من أجل العدالة الاجتماعية ومن أجل الحرية، من أجل العلمانية ومن أجل المساواة. ومن أجل حياة كالحياة، فلا الطائفية والمذهبية هما القدر، ولا الاستغلال والفقر مصيراً.
عامٌ مضى، كبُر الاتحاد وتجذّر، هنا لا شيء يمر مرور الكرام، وهنا العام أطول، قلقٌ، أرقٌ وصراع، فرحٌ، صخبٌ ونضال. يعود العيد لعدِّ السنوات ويعجز، عن جمع الحركة في سكون الماضي. فتمتدّ أضلعنا لهم جسراً وطيداً، من الماضي إلى الحاضر، ومن الحاضر إلى الماضي، لتصنع التاريخ وتكتبه أفقاً غير محدود، في واقعٍ صعب التخطي، ليكون حاجةً ومساحة للفرح في سياق حركة التاريخ.
من اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني لاتحاد الشباب الديمقراطي، رفاقاً وأصدقاءً، ناضلوا ويناضلون، زرعوا ويزرعون، *كل التحية في عيدنا الثمانية والأربعين*.
لكل الأعضاء والقياديّين الذين مرّوا علی هذه المنظمة وظلّوا مخلصين أوفياء لها ولتاريخها ولمبادئها: كل التحية والتقدير.