تقرير سياسي: أسبوع دامي في لبنان والعالم

تقرير سياسي:  أسبوع دامي في لبنان والعالم
13 Jan
2015

تقرير سياسي

أسبوع دامي في لبنان والعالم

طرابلس تحت الاستهداف – الفقراء يموتون من الصقيع – سياسيو لبنان يغطون الارهاب – دولتنا تعزي في فرنسا إلى جانب قيادات العدو!!

 

تعود الأعمال الارهابيّة إلی عاصمة الشمال طرابلس لتثير مجدّداً أجواء الفتنة والانقسام بين أبناء المدينة بارتكابها جريمة مستنكرة في جبل محسن مخلفة وراءها الشهداء والجرحی والمتضررين. تفجير إرهابي حاقد نفّذه شابان من أبناء الأحياء الفقيرة في طرابلس، يسكنون على بعد مئات الأمتار من جبل محسن، حيث دفع الناس ثمن الحقد والتعبئة من دمائهم وممتلكاتهم. وفيما سارعت التنظيمات الارهابيّة مثل "جبهة النصرة" وتنظيم "داعش" إلى تبنّي الهجوم، عاد إلى أذهاننا مشهد أولئك السياسيين الذين كانوا يقولون أنّ "هذه التنظيمات ليست إرهابيّة بل هي من مكونّات الشعب السوري واللبناني!!" ونظّروا علينا أنّ "من الأفضل التعايش والتكيّف معها". إنّ هؤلاء السياسيين القياديين في بلدنا يتحمّلون أيضاً المسؤوليّة المعنويّة عن هذه التفجيرات الحاقدة بعدما أمّنوا التغطية السياسيّة والمعنويّة للإرهابيين بحجّة الحياد؛ يستنكر اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني هذه الجريمة ويدعو إلی توحيد الصفوف ضدّ الفتنة وضدّ الإنقسام المذهبي وإلی مواجهة هذا الفكر الظلامي، وإلى تعرية أولئك السياسيين المهادنين والداعمين للحركات التكفيريّة الآخذة بالنمو في لبنان؛ويدعو الاتحاد كلّ الشباب للعمل معاً من أجل كسر الحواجز والقيود بين اللبنانيين والإبتعاد عن القوی الطائفيّة والمذهبيّة التي جلبت الخراب لكلّ المواطنين من كلّ الفئات.

 

وفي هذا الإطار، على الجيش والقوی الأمنيّة اتخاذ التدابير الأمنيّة اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال وأن تسعى إلی ضرب مكامن الإرهاب أينما وجدت، وعلى الدولة اللبنانيّة أن تتحمّل مسؤوليّاتها الأمنيّة والإقتصاديّة والتنمويّة في كلّ مناطق الشمال، وأن تعوّض علی كلّ المتضرّرين والجرحی وأهالي الشهداء من خلال الهيئات المعنيّة؛ فمدينة طرابلس وعكّار تضمّ أفقر المدن والقرى اللبنانيّة بحسب الإحصاءات والدراسات الحديثة رغم وجود بعض فاحشي الثراء من أبنائها، وهذا ما يظهر التفاوت الطبقي الهائل بين أبناء البيئة الواحدة، حيث يعاني سكان التبانة وجبل محسن والمنكوبين والزاهرية وغيرها من المناطق فقراً مدقعاً وتهميشاً حاداً يعزّز من نمو التيّارات المتطرّفة ويشكّل لها أساساً تستطيع استغلاله من أجل استقطاب الشباب اليائس والمحبط والفاقد للأمل بحياة أفضل. لذلك، وعلى المدى المتوسّط والبعيد الأمد تبقى التنمية الإقتصاديّة وتأمين حاجيّات الناس الأساسيّة في الصحّة والتعليم والسكن والنقل والعمل اللائق هي الحلول الحقيقيّة للأزمات الإجتماعيّة وحالات التطرّف السياسي والديني في طرابلس وفي كلّ لبنان.

وبينما كان اللبنانيون يلملمون آثار جراحهم، حلّت العاصفة الباردة الآتية من الشمال ضيفاً ثقيلاً على كاهل اللبنانيين في ظلّ غياب الجهوزيّة الرسميّة لمواجهة الظواهر الطبيعيّة، حيث لا خطّة مركزيّة ولا خطط محليّة للتعاطي مع حالات الطوارئ.  وفيما قامت بعض البلديّات بواجباتها تجاه المواطنين، كان أداء البعض الآخر مخيّباً لآمال المواطنين حيث تركوا وحدهم في مواجهة الظروف القاسية. ومن المعيب في هذا الزمن أن يلقى العديد من الأطفال والمسنين من اللبنانيين ومن والنازحين السوريين حتفهم جرّاء البرد والصقيع. الدفاع المدني وآليّاته ومعدّاته لم تظهر إلّا على القليل من الطرق الرئيسيّة، فيما كان أبناء القرى المرتفعة في البقاع والجنوب والجبل والشمال محاصرين في بيوتهم، ومتروكين دون كهرباء وماء ومحروقات للتدفئة طوال العاصفة. ونذكر على سبيل المثال لا الحصر بلدة لبّايا البقاعيّة، التي حوصر فيها المواطنون في منازلهم وانقطعت عنهم الكهرباء والمازوت ووسائل التدفئة وظلّت الطرقات مغلقة أمام منازل الكثير من أهاليها بينهم العديد من المسنّين والأطفال؛ ورغم مناشدات الأهالي للمساعدة وفتح الطرق، لم تتحرّك السلطات المحليّة كالبلديّة والسلطات المسؤولة، ممّا اضطر الأهالي إلی توجيه النداءات عبر وسائل الإعلام ولم تجد أصواتهم من يسمعها ويتجاوب معها.

أمّا فرنسا، التي طالها الإرهاب بضرب مقرّ إحدى صحفها الساخرة التي كانت قد نشرت رسوماً عن أنبياء من الأديان السماويّة الثلاثة، سخرت فيها من بعض المفاهيم والمعتقدات الدينيّة المسيحيّة والإسلاميّة واليهوديّة، فأوقع الهجوم 12 عشر قتيلاً من بينهم صحافيين ورسامين معروفين. كان من الطبيعي أن يستنكر العالم بأجمعه مقتل أولئك الصحافيين بدم بارد وأن تتم مواجهة القلم بالرصاصة والكاريكاتور بالاعدام، رغم أنّ الرسوم تعتبر استفزازيّة لشرائح واسعة من الناس، إلّا أنّ هذه الجريمة الوحشيّة لا يمكن أن يكون لها أي مبرّر بدافع التخفيف من فظاعتها.

ولكن ما هو ليس بطبيعي حول هذه الحادثة، يبدأ من التعليق على بضعة وقائع، إذ لطالما دعمت جكومة فرنسا وحكومات الغرب، الحركات المتطرّفة وكان آخرها في أفغانستان والعراق وسوريّة، وقدّمت لها إلى جانب حلفائها في دول الخليج المال والسلاح والتغطية السياسيّة، وبالتالي فإنّ هذه الحكومات تتحمّل مسؤوليّة معنويّة وعمليّة عن أي عمل إرهابي يحصل في العالم. كذلك يلقى يوميّاً في العراق وسوريّة المئات من المدنيين حتفهم، ولم نلحظ أي تضامن، مثل الذي حصل مع ضحايا الجريمة الباريسيّة!!، وكأنّ ضحايانا أقلّ شأناً ومرتبةً من ضحايا الغرب. لذا يجب أن تكون هذه الحادثة عبرةً تقف عندها شعوب الدول الأوروبيّة لتجبر حكوماتها على وقف دعم كلّ أشكال الإرهاب بدءاً من سلطة العدو الصهيوني مروراً بدول الخليج، ووصولاً إلى الجماعات الإرهابيّة في العالم كلّه.

كذلك لا بد من الاشارة إلى أنّ مشهد رعاة الإرهاب في هذه التظاهرة، ترأّسها رئيس حكومة العدو ومتصدّر لائحة الإرهابيين بنيامين نتنياهو في طليعة مظاهرة رفض الارهاب، كان مقزّزاً ومستفزّاً للكثير من الشعوب العربيّة وعلى رأسها الشعب الفلسطيني واللبناني الذين ذاقوا المرارة واللوعة  ولا زالوا يعانون من تبعات الارهاب الصهيوني بشكل مستمر.

أمّا موقف دولتنا اللبنانيّة، فكان معيباً انشغالها بالتضامن مع ضحايا الإرهاب في فرنسا أكثر من تضامنها مع ضحايا الإرهاب في جبل محسن، وكأنّ في لبنان مواطنون من الدرجة الثانية أو الثالثة فيما الغرب له القيمة والاعتبار والتقدير. وكان معيباً ان نرى وزير خارجيتنا يمشي في طليعة مسيرة رفض الارهاب في فرنسا إلى جانب مجرمين عالميين وعلى مرمى نظر من رئيس وزراء العدو، فيما كان جرحى طرابلس يأنّون من آلالمهم، وشهداؤها لم تجف دماؤهم بعد، أوليس من الأجدى له أن يطالب حكومة فرنسا "أم الحريّات!!" أن تفكّ أسر المناضل "جورج ابراهيم عبد الله" وأن يدعو للتضامن مع رمز من رموز المقاومة في وجه الإرهاب الصهيوني وأن يستنكر الإعتقال التعسّفي الذي تمارسه الحكومة الفرنسيّة بمعيّة الإدرة الأمريكيّة التي تدير شرون الإرهاب في العالم بأسره؟!.

هي مهزلة كبرى مستمرة في إدارة الدولة على كلّ مستوياتها، وبين كلّ مكوّنات حكمها حيث يترك الناس لمصيرهم تتقاذفهم العواصف، وتقتلهم التفجيرات فيدافع بعض اللبنانيين عن المرتكبين، ويهمّ أركان السلطة إلى التعزيّة بضحايا باريس فيما يموت المسنّون من برد الشتاء وتنوح أمّهات شهداء طرابلس. هي سلطة فاشلة تستمرّ يوميّاً بإهانة اللبنانيين فيما الإرهاب ينمو ويتوسّع في لبنان والمنطقة والعالم.

 

اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني - المكتب التنفيذي

بيروت 13-01-2015

الأكثر قراءة