تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمرحلة سياسية حساسة، حيث يستمر الغزو والتدخلات الإمبريالية من جهة، وتستمر الإنتفاضات والتحركات الشعبية من جهة أخرى، وبين هذا وذاك يظهر الشباب العربي قدرته على التغيير والتطور رغم التدخلات الخارجية ومحاولة جر الشعوب إلى مصالح الأنظمة المرتبطة بالإمبريالية.
هذا الإهتمام السياسي بالمنطقة لم يبدأ مع الثورة الشعبية في كل من مصر وتونس بل تصاعد مع الحرب على أفغانستان ووقوع الرأسمالية في أزمات متتالية ومنها الأزمة الجديدة التي بدأت مع إنهيار القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية وإمتدت إلى أوروبا.
فلسطين لا زالت محتلة، حيث يقوم الإحتلال الصهيوني يومياً بالقصف على غزة وبالإعتقالات ، ويتواصل تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتتوسع بقعة الإستيطان السرطاني غير الشرعي في القدس والضفة الغربية بشكل يمنع أي أفق لبناء دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، كما لا يزال جدار الفصل العنصري يقطع أوصال فلسطين. إلى جانب ذلك، يمارس الإحتلال الصهيوني سياسة عنصرية ضد الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، حيث يتم مصادرة أبسط حقوقهم وتمارس عليهم سلطات الإحتلال سياسة الترهيب تمهيداً لفرض تهجير جديد عليهم. هذا الواقع العدواني يقابله صمود فلسطيني ومقاومة باسلة متعددة الأشكال عمرها من عمر الإحتلال، يعبر من خلالها هذا الشعب الجبار عن إصراره على الدفاع عن حقوقه وعن رفضه التنازل عن ثوابته الوطنية، وكان آخرها صمود الرفاق في سجون الإحتلال الإسرائيلي بمعركة الأمعاء الخاوية نحو إنتصار جديد حقق لهم مطالبهم. يؤكد الوفدي دعوته إلى وقف الإحتلال الصهيوني، ويدعم بشكل حاسم وقاطع حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة لجميع اللاجئين والإفراج الفوري عن جميع الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية.
كذلك لا يزال الإحتلال الصهيوني يحتل الAffinityCMSن السوري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا جنوب لبنان منذ عام 1967، في هذا الإطار يؤكد الوفدي دعمه الواضح لإستعادة الAffinityCMSن وتحريره من الإحتلال الصهيوني والدعوة إلى الإفراج عن الأسرى، كما يدعم حق الشعب اللبناني في المقاومة وتحرير ما تبقى من أراضيه والتصدي للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه.
في ليبيا إندلعت معارضة مسلحة أدت إلى تغيير النظام بدعم وتدخل مباشر وواسع من قبل الناتو وقوى خارجية أخرى، عربية وإقليمية، تحقيقاً لمصالحها الإستراتيجية، السياسية والإقتصادية، وطمعاً في ثروات البلاد الطبيعية، كما دمرت البلاد وقتلت عشرات الآلاف. الوفدي يطالب بالإنسحاب الفوري للناتو من ليبيا وإحترام حق الشعب الليبي في إختيار نظامه السياسي الوطني الذي يستجيب لتطلعات الشعب الليبي في الإستقلال الناجز والحرية والديمقراطية والتقدم والإستفادة من الموارد الطبيعية والنفطية في البلاد.
الوضع في سوريا هو الأخطر، حيث تنحدر الأوضاع إلى ما ينذر بالإنزلاق نحو حرب أهلية نتيجة المواجهات المسلحة اليومية. الوفدي يرفض أي تدخل خارجي في الشؤون السورية، ويؤكد على دعمه لحق الشعب السوري في تقرير مستقبل بلاده وتحديد شكل نظامه السياسي والإقتصادي الإجتماعي، ويدين العنف ويدعو إلى تقديم لغة الحوار الداخلي بما يمنع تنفيذ مطامع الدول الإمبريالية.
أما لبنان فيعاني من احتدام أزمة النظام الطائفي وتزايد التحريض المذهبي وتتضاعف بوادر الانقسام بين مكونات المجتمع اللبناني، وهو ما يشكل خطراً على مستقبل البلاد الأمني والسياسي. كما تستمر الأزمة الاقتصادية الخانقة ويقوم العمال والموظفون بنضالات كبيرة من أجل تحسين الأجور وحق التوظيف بوجه تحالف السلطة السياسية وطبقة رجال الأعمال المتحكمة بمصير البلد. يدعو الوفدي إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحقق العدالة الاجتماعية كما يطالب بها الشباب اللبناني في تحركاته.
أما العراق فإنه لا يزال يعاني من آثار الإحتلال والعنف والمحاصصة الطائفية ومن التدخلات الإقليمية والدولية في شؤونه السياسية الداخلية. هذا الواقع الصعب لا يمكن تخطيه إلا من خلال دعم نضال الشباب والشعب العراقي من أجل تحقيق السيادة الكاملة ووضع حد لكل أنواع التدخل الخارجي ورفض الإرهاب الذي تمارسه القوى الظلامية، وضد تأجيج أي مظهر من مظاهر الإحتقان والعنف ذي الطابع الطائفي ومن أجل عراق حر ديمقراطي موّحد، ويدعم الوفدي حركات الإحتجاج الشعبية في العراق ضد الفساد المالي والإداري ومطالباً الحكومة العراقية بتوفير الخدمات اليومية التي تفتقر لها مختلف مناطق العراق وأوساط وفئات واسعة من أبناء شعب العراق. كما يشدد الوفدي على حق الشعب العراقي بالإستفادة من موارده الطبيعية، ونضال شبيبة وشعب العراق من أجل بناء دولة مدنية وديمقراطية.
عاشت مصر وتونس خلال الفترة الماضية حركة ثورية شعبية حقيقية اجتاحت الساحات بالملايين وطالب الناس بإسقاط النظام وتحقيق تغييرات جذرية سياسية واقتصادية – اجتماعية كما كان واضحاً من شعارات المتظاهرين. لقد حقق شعبا هذين البلدين إنجازاً كبيراً عبر تمكنهم من إزاحة رأس النظام في كل بلد تحت ضغط الشارع ودون تدخلات خارجية فاعلة، لكن التسويات التي فرضها أقطاب النظام والتسويات الإقليمية والدولية لاحقاً أجهضت استكمال التغيير وأدت إلى إنتاج تعديلات بسيطة على رموز الحكم من دون أن يطال هذا التغيير الحكم نفسه. لذلك تستمر القوى التقدمية في تونس وفي مصر بالنضال من أجل إحداث تغييرات حقيقية في بنية النظام تضمن الحقوق الاقتصادية الأساسية لشعبي البلدين إلى جانب المطالب الدائمة بالحريات العامة والحقوق السياسية والديمقراطية. وقد أبرزت الأسهر الأخيرة تبلور مشروع وطني يناضل من أجل دولة مدنية بعيداً عن هيمنة الأحزاب الاسلامية وعن سطوة فلول النظام الأمني في نفس الوقت، وبدا واضحاً حجم التأييد الشعبي لهذا التيار التقدمي في الانتخابات وفي التحركات الشعبية. يتبنى الوفدي مطالب هذه القوي في تونس وفي مصر، ويدعم حق هذه الشعوب بالتغيير كما يؤكد على دور مصر المحوري في المنطقة ويؤكد على مطالب الشعب المصري برفع الحصار عن قطاع غزة والعودة إلى موقع مصر الطبيعي في دعمها للقضية الفلسطينية.
في المغرب، يدعو الوفدي إلى تفكيك جميع القواعد العسكرية الأجنبية من المنطقة والتي ترتكز بشكل أساسي في دول الخليج العربي حيث تستعمل وسيلة للتدخل والإعتداء ومنصة إنطلاق للعمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية على دول المنطقة. كذلك يدعم الوفدي الشباب المغربي في حركته الشعبية ونضاله ويستنكر الإعتداءات والإعتقالات التي يتعرض لها في نضاله ضد القمع والإستبداد ونحو الديمقراطية. كما يدعم حق الشعب المغربي بإستعادة سبته ومليلة الواقعتين تحت الإحتلال الإسباني.
ومن جهة أخرى، في البحرين، وحتى بعدما ووجه الشعب بالقمع الدموي والوحشي وبالإجرام السلطوي وبعدها التدخل الخليجي تحت غطاء قوات "درع الجزيرة" ورغم التعتيم الإعلامي الذي يرافق التحركات الشعبية، لايزال الشباب البحريني يصر على الحصول على حقوقه ويطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. يدعم الوفدي نضال الشعب البحريني ويدين بشدة إجرام النظام، كما يدين التدخل الخارجي بالشؤون البحرانية ويدعو إلى معاقبة المجرمين وإطلاق الحريات العامة وتمكين الشعب البحريني من إختيار شكل الحكم الذي يريده، كذلك الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإسقاط التهم ووقف المحاكمات السياسية الزائفة وتأكيد على مبادئ الوحدة السياسية.
يعيش الأردن حالة من الغليان الشعبي حيث يعاني الناس من أزمة معيشية عميقة نتيجة الارتفاع العشوائي للأسعار بعد رفع الحكومة الدعم عن السلع الأساسية. يترافق ذلك مع استمرار سياسة التضييق على حركة الناشطين والأحزاب، فتمنع الندوات والتحركات الشعبية ويمارس النظام اعتقالات واسعة بحق المعارضين. وسط هذه الأزمة السياسية والاجتماعية، يقوم الشباب الأردني بحراك واسع بالتفاعل مع النقابات والهيئات الأهلية ومع المحافظات الأردنية من أجل المطالبة بتغييرات سياسية واقتصادية حقيقية وجذرية. يؤيد الوفدي مطالب الشعب والشباب الأردني بالتغيير ويدعو إلى إطلاق الحريات العامة ووقف كل أشكال التوقيف والمنع والقمع بحق شباب الأردن.
يدعم الوفدي نضال الشعب اليمني وحراكه الشعبي السلمي وحقه في التغيير والتقدم والبناء، كما يدين العنف والتدخلات والتجاذبات الإقليمية والدولية في الشأن السياسي الداخلي في اليمن والتي تهدف إلى عرقلة وإجهاض مشروع التغيير المنشود من منظور برغماتي ويطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين في السجون على ذمة قضايا سياسية وحقوقية ومطلبية.
كما يدعم الوفدي الحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في السعودية ويطالب بإطلاق سراح سجناء الرأي. ويدين القمع الوحشي والتعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطة على التحركات الشعبية في عدة مدن ومناطق سعودية. كذلك تتصاعد الأصوات المطالبة بالإصلاح في عدة دول خليجية مثل الكويت والإمارات وعمان في مسار تصاعدي. يدعم الوفدي هذه التحركات ويدعو لتطويرها والتنسيق فيما بينها وتصعيد احتجاجاتها السلمية باتجاه التغيير الديمقراطي.
لذلك يجدد الوفدي تأكيده دعم التحركات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويدعم الشباب في نضاله نحو مجتمع ديمقراطي يصون جميع حقوقه ويؤمن له التقدم والتطور في كافة المجالات السياسية. ويرفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية، وحده الشعب له الحق في تقرير مستقبله. كما يؤكد على دعم القضية الفلسطينية والحق في التصدي للعدو الصهيوني وخلفه أمريكا والقوى الإمبريالية.
إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بيروت آب 2012