رسم الأمين العام لحزب الله خريطة نتائج أي عدوان إسرائيلي على لبنان أو إيران، محذراً من التداعيات الخطيرة جداً لقيام «نظام تفريط عربي» في سوريا على لبنان والمنطقة، في وقت وجّه فيه رئيس الحكومة رسالة عاجلة إلى دمشق عن خروقات قواتها على الحدود اللبنانية ـ السورية
أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنه «عندما يقول الإسرائيلي إنه سيدمر بلدنا، فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء»، مشدداً على أن كل الخيارات واردة في المواجهة مع العدو «وقد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل». وأعلن أن رد إيران على أي عدوان إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل سيشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وأشار نصر الله في حديث إلى قناة «الميادين» الى أن «بعض السياسيين اللبنانيين استغربوا خطابه، وقالوا لماذا يريد هذا الشخص أن يقوم بحرب مع إسرائيل»، معتبراً أن «هذا مؤشر سيئ، ولا يسمعون المسؤولين الإسرائيليين الذين يهددون لبنان بتدميره»، موضحاً أن «لبنان ساكت والحكومة اللبنانية لم تصدر أي موقف، وتقول إن الموضوع على طاولة الحوار. الطاولة لا يصدر منها موقف بسبب تركيبتها. عندما تهدد إسرائيل بتدمير لبنان، فمن واجبنا أن نقول إن هذا الزمن انتهى».
وشدد على «أننا في موقع الدفاع عن أنفسنا وسيادتنا وكرامتنا، ومعنيون بأن نواجه التهديد بالتهديد المستند الى وقائع».
وأوضح أن الرسالة الأولى التي أراد إيصالها في خطاب يوم القدس العالمي لإسرائيل هي «أنه حتى لو فرضنا جدلاً أنكم تعلمون وتستطيعون ضرب أغلب منصات صواريخنا، فهناك منصات صاروخية ستبقى بمنأى عن معطياتكم واستهدافكم بالضربة الأولى. ولو بقيت لنا فقط هذه الصواريخ القليلة، فهي قادرة على تحويل مئات آلاف الإسرائيليين الى جحيم، وبالتالي لا تراهنوا على ضربة أولى». وقال: «عندما يقول الإسرائيلي عن تدمير لبنان لا تعود أهدافنا عسكرية فقط، وعندما يقول الإسرائيلي سيدمر بلدنا فأقول أنا أيضاً سأدمر كل شيء». وأوضح «أن من نقاط الضعف الإسرائيلي وجود أهداف ذات طابع اقتصادي وصناعي وكهربائي ونووي، وإذا كان الإسرائيلي يريد الذهاب بأن لا ضوابط بالعدوان، فلن يكون لدينا أيضاً ضوابط».
وأكد أنه «ليس لدينا سلاح كيميائي، واستخدامه محرّم بالنسبة إلينا ولا نحتاجه»، مشيراً الى أن «إسرائيل لديها سلاح كيميائي ونووي، لكن نقطة القوة لدينا أننا لا نحتاج لهكذا سلاح».
وأكد أن كل الخيارات واردة، وقال: «قد لا نكتفي بالدفاع، وقد يأتي يوم ندخل فيه إلى الجليل».
وأشار إلى أن رد إيران على أي عدون إسرائيلي عليها لن تكون حدوده في كيان العدو فقط، بل يشمل أيضاً القواعد الأميركية في المنطقة.
وفي الشأن السوري، كشف نصر الله أن الرئيس بشار الأسد أبدى له من الأسبوع الأول للأزمة استعداده للحوار والقيام بإصلاحات، لكن المعارضة رفضت ذلك. وقال: «حتى هذه اللحظة، مع ما كل ما حصل، المنطق الوحيد المقبول هو وقف القتال وإجراء حوار والدخول في تسوية سياسية».
وأشار إلى أن «الموضوع ليس موضوع الرئيس، بل المطلوب أن يتحول النظام الى نظام تفريط عربي بكل شيء»، وكشف أنه «في قلب الأزمة، إحدى الدول العربية الداعمة للحراك المسلح في سوريا وجهات أميركية طلبت من الأسد قطع علاقته مع إيران وحزب الله وحركات المقاومة فينتهي الموضوع في سوريا».
وإذ لفت إلى أنه بينما يطالبون بإسقاط النظام في سوريا، كشف في المقابل عن أن السعودية قالت لإيران إن الحل في البحرين يكون بعودة الشعب البحريني إلى بيوته وبقاء النظام على حاله.
وحذر من «أن قيام نظام تفريط عربي في سوريا خطير جداً على لبنان والمنطقة والمقدسات لأن السياسة الأميركية في المنطقة هي إسرائيلية». واستبعد التدخل العسكري الخارجي في سوريا.
وأشار إلى أن أميركا تريد أن تطول الأزمة في سوريا وأن لا يبقى فيها جيش ولا شعب. ورأى «أن الصحيح أن تأتي تركيا والسعودية وقطر وأيضاً مصر وبمساعدة دولية للقيام بحوار وتسوية في سوريا، ولا حل إلا هذا الأمر»، لافتاً إلى أنه «لا يمكن الطلب من النظام أن يستسلم، ولا من المعارضة أن تستسلم»، معتبراً أن «أكبر خدمة لفلسطين والقضية الفلسطينية ووحدة هذه الأمة أن تأتي الدول مجتمعة وتفرض وقف إطلاق نار في سوريا وتسوية سياسية».
وفي قضية المخطوفين اللبنانيين في سوريا، توجه نصر الله إلى الجهة الخاطفة قائلاً: «إذا كان المخطفون ضيوفاً، أما آن لهذه الضيافة أن تنتهي؟ وليس من خلال هذه الصورة تستطيعون إقناعنا بالصورة المقبلة لسوريا»،
ورحب بزيارة البابا بنيديكتوس السادس عشر للبنان.
ميقاتي يحتجّ لدى دمشق
على صعيد آخر، سجلت أمس خطوة حكومية من شأنها زيادة التوتر في العلاقات السياسية اللبنانية ـــ السورية. فبعد طلب رئيس الجمهورية ميشال سليمان من وزير الخارجية عدنان منصور توجيه كتاب احتجاج للسلطات السورية على الخروقات الحدودية، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من سفير لبنان في سوريا ميشال خوري توجيه رسالة عاجلة الى وزارة الخارجية السورية وإبلاغها «استمرار تعرض بلدات لبنانية قريبة من الحدود اللبنانية السورية لقصف من المواقع العسكرية السورية المتاخمة، والتداعيات السلبية التي يمكن أن تحدثها تلك الخروقات على الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش اللبناني للمحافظة على الاستقرار والهدوء على الحدود بين البلدين، تنفيذاً لقرار السلطة السياسية الحريصة على حماية اللبنانيين المقيمين قرب الحدود اللبنانية السورية وتجنيبهم أي خسائر في الأرواح والممتلكات». وحتى ليل أمس، لم تكن قوى الثامن من آذار المشاركة في الحكومة قد قررت كيفية التعامل مع خطوة ميقاتي، وخاصة أنها جرت في ظل غياب وزير الخارجية، علماً بأن الأخير هو صاحب الاختصاص الحصري للتواصل مع السفراء. وأكدت المصادر أن خطوات مماثلة يتم التنسيق بشأنها عادة بين الرؤساء الثلاثة، وهو ما لم يحصل أمس، وخاصة مع الرئيس نبيه بري.
في المقابل، وصف وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، دعوة بعض دول الخليج لبنان الى عدم نقل الأحداث السورية إليه، بأنه «كوميديا سياسية»، وقال: «إذا أراد السعوديون والقطريون عدم نقل الأزمة الى لبنان، فليتوقفوا عن نقل السلاح والمسلحين وتمويل الإرهابيين من لبنان». ورأى «أن استثمار البعض في بيروت وبعض الدول وجود النازحين السوريين على أرضهم وطلب مساعدات من الأمم المتحدة لأمر معيب».
تسليح الجيش
من جهة أخرى، أكد ميقاتي عزم الحكومة على توفير التمويل اللازم لخطة تسليح الجيش لتمكينه من القيام بالمهمات الوطنية المطلوبة منه على طول الحدود وفي الداخل. وقال خلال ترؤسه اجتماع اللجنة الوزارية لدعم الجيش وتسليحه إن إعداد مشروع قانون برنامج يمتد على 5 سنوات بقيمة مليار و600 مليون دولار هو أول خطوة عملية تترجم الدعم المعنوي الدائم للجيش الى دعم فعلي.
في غضون ذلك، أكدت قوى 14 آذار تمسكها بنشر قوات دولية على الحدود اللبنانية السورية. وانطلاقاً من الاجتماعات والاتصالات التي باشرت بها الأمانة العامة لهذه القوى منذ فترة مع الأحزاب والتيارات، سيُعقد غداً في معراب عند الساعة الرابعة بعد الظهر أول لقاء تشاوري جامع يشمل جميع مكونات هذا الفريق، على أن يُستتبع بعدة لقاءات أسبوعية، للوصول إلى ورقة سياسية نهائية، تتضمن الشق السياسي والشق العملاني بشأن الخطوات التي ستتخذها المعارضة في المرحلة المقبلة. وعلمت «الأخبار» أن «اللقاءات المقبلة ستُقام في بكفيا أو في منزل الرئيس سعد الحريري في وادي أبو جميل، للتشاور في جميع التطورات الأمنية والسياسية الأخيرة». ووزعت الأمانة العامة لـ 14 آذار دعوات على عدد كبير من رؤساء الأحزاب والنواب والوزراء السابقين للمشاركة في اجتماع معراب. ولفتت مصادر المعارضة إلى أن البحث سيتناول مطالبها بشأن نشر اليونيفيل وطرد السفير السوري من لبنان ووقف العمل بالاتفاقيات الأمنية بين لبنان وسوريا.
وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب هادي حبيش: «طلبنا من الرئيس سليمان أن يعرض على الحكومة أن تطلب من اليونيفيل وفقاً لمضمون القرار 1701، المادة 14 منه، مساعدة الأجهزة اللبنانية على ضبط الحدود الشمالية، وإذا وجدنا أن سليمان لا يمكنه الوصول الى حل في هذا الموضوع، فكل الخيارات مفتوحة ومنها الوصول الى توجيه رسالة الى الأمم المتحدة». وأشار إلى أن قوى 14 آذار ستطلب من سليمان تقديم شكويين إلى الجامعة العربية ومجلس الأمن ضد سوريا.
الثلاثاء ٤ أيلول ٢٠١٢
افتتح اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني "أشد" في لبنان 2/9/2012 في الجامعة اللبنانية الدولية في البقاع، المخيم العاشر للشباب الفلسطيني تحت عنوان "مخيم العودة" بحضور فعاليات فلسطينية ولبنانية ومنظمات شبابية وطلابية. وبمشاركة عشرات الشباب والشابات الفلسطينيين من كافة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان وسوريا اضافة الى مشاركة شبابية فلسطينية من بعض الدول الاوروبية .
هذا ويستمر المخيم لمدة ثمانية ايام ويتضمن عدد من ورش العمل والمحاضرات والنشاطات، التي تتركز بغالبيتها حول قضايا الشباب الفلسطيني والتحديات التي يواجهونها على كافة الصعد السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية، الى جانب موضوع المشاركة الشبابية والخروج بإستراتيجية عمل شبابية تحاكي تطلعات الشباب . وتعمل على تنمية قدراتهم وتوفر فرص حقيقية لهم للمشاركة الفاعلة في مختلف المجالات.
كما تشمل انشطة ومحاضرات المخيم قضايا وعناوين رئيسية اخرى كقضية حق العودة والحقوق الانسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان والتحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية. بالاضافة الى نشاطات ثقافية وفنية ورياضية. كما يستضيف المخيم حوارات شبابية مع عدد من المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية من اجل تمتين وتعزيز جسور التواصل والثقة وتعزيز لغة الحوار وتبديد الهواجس بين الشباب اللبناني والفلسطيني.
ويستضيف المخيم مجموعة من المحاضرين وشخصيات فلسطينية ولبنانية وعربية واجنبية.
كما يتضمن برنامج المخيم زيارة للمخيمات والتجمعات الفلسطينية وزيارة عدد من الشخصيات والمرجعات في منطقة البقاع بهدف اطلاعهم على واقع وظروف الشباب الفلسطيني.
لنترك الادعاء بـ«السذاجة» جانباً، ولنمعن قليلا في هذه الحكاية. حكاية تأسيس نقابة العاملين في «سبينيس ــــ لبنان». ففي تفاصيلها ترتسم طريقة عمل «الاخطبوط»: اياد كثيرة وطويلة تمتد الى كل موقع ومكان وتسيطر على كل شيء تقريباً، من اجهزة الامن والقضاء الى النقابات مروراً بوزارة العمل و«الزعامات» السياسية النافذة ومنظومة المصالح القائمة
محمد زبيب
تعبّر الشابة الناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي ع. غ. عن ذهولها من قدرة «الاخطبوط» على تهديد ديمومة عملها. فعندما بدأت نشاطها في دعم نضال عمّال «سبينيس» من اجل تأسيس نقابتهم وحماية مصالحهم والدفاع عن حقوقهم، لم تكن تعتقد بأنها ستواجه تهديدات جدّية بصرفها من عملها لدى شركة MINDSHARE، كانت تظن انها تمارس ابسط حقوقها في التعبير الحر عن آرائها ومواقفها خارج نطاق وظيفتها. أُجبرت ع. غ. على توقيع تعهّد بالتوقّف عن ممارسة اي نشاط يدعم العمّال، كما الزمتها الشركة بإزالة كل الكتابات والمواد التي قامت باعدادها على صفحتها على «الفايسبوك» و«البلوغ» الخاص بها، ووجّهت اليها انذارا اخيرا في حال لم تلتزم بذلك.
اضطرت ع. غ. الآن للدخول في دوامة البحث عن وظيفة جديدة، لم تعد تشعر بالامان في وظيفتها الحالية، ولا سيما انها اضطرت للرضوخ لمطالب ادارتها واضطرت ايضا الى ابتداع شخصية مزيّفة على «الفايسبوك» لمواصلة نشاطها المحظور!
خضعت ز. ن. لجلسات استيضاح من قبل المديرين المسؤولين عن عملها لدى صندوق الامم المتحدة للسكان، على خلفية شكوى من نشاطها الداعم لعمّال شركة «سبينيس»، رفعها المدير التنفيذي للشركة، مايكل رايت. وتلقّى عدد من الناشطين رسائل تنطوي على تهديدات بملاحقتهم قضائياً لانخراطهم في حملة تدعو الزبائن الى مقاطعة متاجر «سبينيس» في حال لم تحترم الشركة حقوق عمّالها، ما دفع الكثيرين الى الخوف من ملاحقتهم. كما تلقّى البعض تنبيئهات من «الزعامات» المحسوبين عليها وقيادات احزابهم وادارات الشركات التي يعملون لديها بذريعة ان هناك اهدافاً «شيطانية» تكمن وراء تحرّك العاملين في «سبينيس»، تمّ تصوير الامر لهم كما لو انهم في مواجهة «شبح الشيوعية» الذي يخيّم على متاجر «سبينيس»، وبات من الضروري انخراط الجميع في «حلف مقدّس» لطرد هذا الشبح، علماً بأن اي شيوعي ليس في عداد المنخرطين في عملية تأسيس النقابة المذكورة، بل هم مستقلّون بمعظمهم وقلّة منهم تنتمي الى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحركة امل.
تولّى النائب السابق جبران طوق ونجله وليم ضبط من يعتبرونهم من «جماعاتهم» في فروع الشركة في ضبية والاشرفية وجبيل، وتولّى النائب الحالي محمد كبارة والنائب السابق مصباح الاحدب مهمّة ابعاد من يعتبرون انهم يخضعون لهم عن الانخراط في النشاط النقابي في فرع طرابلس، وتولّى فوزي هاشم (احد نقابيي حركة امل) وظيفة تحذير العمّال الشيعة في فروع الجناح وصيدا وصور والاشرفية وجبيل والحازمية من مغبة القيام بأي نشاط ضد ادارة شركتهم، لانهم بذلك سيفقدون «الغطاء». واستنكف التنظيم الشعبي الناصري عن حثّ مناصريه من العمّال في فرع صيدا على الانخراط في النقابة. كما استنكفت قيادة الحزب الشيوعي عن دعم تحرّكات «جمعية اصدقاء عمّال سبينيس»، وهي جمعية لا تزال قيد التأسيس، فشارك في اعتصامها التضامني الاخير (الجمعة الماضي) امام فرع الشركة في الاشرفية عدد من الناشطين الشيوعيين الشباب غير الملتزمين كلّياً بتعليمات قيادتهم، في حين غاب بنحو مفاجئ عن الاعتصام رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمّال والمستخدمين، كاسترو عبد الله، المحسوب على قيادة الحزب. كما لم يشارك في هذا الاعتصام اي من الناشطين في التيار الوطني الحر، على الرغم من ان الاعتصام كان هدفه التنديد بصرف رئيس الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في «سبينيس»، ميلاد بركات، وهو محسوب على التيار العوني، ويكاد يكون «العوني» الوحيد الذي يتبوأ قيادة نقابة عمّالية مستقلة تضمّ منتسبين من اطياف سياسية وحزبية وطائفية مختلفة وغير محسوبة على اي جهة محددة.
اكتفت قيادة الاتحاد العمّالي العام بدس عبارة وحيدة في بيان طويل وممل تشجب فيها صرف بركات من عمله على خلفية نشاطه القانوني والمشروع، ولم تجد نقابات حركة امل وحزب الله والقوات اللبنانية والحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب البعث وتيار المستقبل والحزب الشيوعي والحزب التقدمي الاشتراكي، وهي النقابات التي تحتل مواقع تمثيل العمّال كلّها تقريباً، اي مبرر يستدعي التحرّك فورا دفاعا عن الحريات النقابية وحق العمّال في التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية. تمّ التصرّف كما لو ان ما يحصل في «سبينيس» لا يعني اياً من هذه النقابات.
شنّت وسائل الاعلام التابعة لتيار المستقبل حملة دفاع عن ادارة الشركة في مواجهة عمّالها الذين ينتمي البعض منهم الى تيار المستقبل نفسه. وقررت ادارة تلفزيون الجديد النأي بنفسها عن هذه القضية على الرغم من ادعائها الدائم بمناصرة قضايا الحريات وحقوق العمّال. وفعلت ادارة تلفزيون OTV ما هو افظع من ذلك، اذ وصلت الامور لديها الى تعديل برمجتها المعتادة ومنعت اعادة بث مقابلة مع وزير العمل السابق (المستقيل) شربل نحّاس ضمن برنامج «فكّر مرتين» لانه لم يقبل شروطها المسبقة بعدم التطرّق الى قضية عمّال «سبينيس» وحكاية محاربة نقابتهم. ومُنع بيع جريدة «الأخبار» في كل فروع «سبينيس»، ومارست شركات الاعلانات ضغوطاً جدّية على الصحف والمجلات وسائر وسائل الاعلام لمنعها من اداء واجباتها المهنية في تقصّي حقيقة ما يحصل مع عمّال هذه الشركة، ووصلت الضغوط احيانا الى حدّ التلويح بحرمان وسائل اعلام معينة من ميزانيات اعلانية كبيرة لا تنحصر باعلانات «سبينيس» نفسها.
تجنّد وزير العمل سليم جريصاتي لحماية الشركة من اي تدابير ضدّها تفرضها القوانين المرعية الاجراء، ومنع اجهزة التفتيش في الوزارة من استكمال عملها في اثبات مخالفات الشركة وتغريمها، ورفض حتى الان اعطاء النقابة الترخيص المطلوب لتأمين الحماية القانونية لاعضائها، وسمح لادارة الشركة باكراه 700 عاملة وعامل لديها على توقيع عريضة يعبّرون فيها عن امتنانهم للشركة وعدم حاجتهم لنقابة تدافع عنهم، وتذرّع بهذه العريضة «الاكراهية» ليبرر عدم قيامه بواجباته الدستورية في التصدي للشركة الخارجة على القانون، واستحضر معه رئيس المكتب العمّالي لحركة امل علي عبد الله عندما اضطر تحت الضغط الى استقبال النقابيين المصروفين من العمل لدى شركة «سبينيس» ميلاد بركات وسمير طوق، وكأن الهدف اشعارهما بأنهما يواجهان حلفا قويا غير قابل للكسر. علماً بأن جريصاتي لا يزال ينفي هذه المعلومات، ويؤكد أن ملف النقابة سلك مساره القانوني من دون تأخير، مشدداً على أنه يتابع قضية المفصولين من عملهم.
فضّلت قاضية الابتعاد عن قضيّة عمّال «سبينيس»، فأعلنت عدم صلاحية القضاء في النظر بمراجعة تقدّمت بها الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين في الشركة تطالب بمنع ادارتها من صرف اي من المنتسبين الى النقابة قبل صدور قرار وزير العمل بقبول طلب الترخيص او عدمه. كذلك تورّط فرع المعلومات في عملية ترهيب العمّال عبر القيام بدوريات داخل فروع الشركة للاستقصاء عن بعض الناشطين في مجال تأسيس النقابة، وذهب بعض المسؤولين القضائيين والامنيين المحسوبين على النائب ميشال المر الى حدّ التورط بحجز حرية النقابي بركات لساعات طويلة ليومين متتاليين بذريعة اخذ اقواله في مخفر الدرك في الاشرفية (محلّة بيضون)، وذلك بناءً على ادعاء تقدّمت به ادارة الشركة ضد بركات تعبّر فيه عن خوفها من نيّته القيام بردّ فعل ضد قرارها بصرفه من العمل... ليتبيّن لاحقا ان الهدف كان اجبار بركات على التعهّد بعدم دخول متاجر «سبينيس» ومكاتبها، حتى بصفته زبونا!
للحكاية تفاصيل اخرى كثيرة ومثيرة لا مجال لسردها كلّها، ولكن لنعد قليلا الى الوراء حتى تكتمل فصول هذه الحكاية، والتعرّف اكثر على طريقة عمل «الاخطبوط».
تشبه حكاية «سبينيس» حكايا شركات كثيرة تجني ارباحا طائلة من تحكّمها بالاقتصاد والاسواق المحلية. المفتاح الذي تحمله الشركة لفتح باب «الجنّة اللبنانية»، هو ربط مصالح الكثير من «الزعامات» المتحكّمة بالدولة واجهزتها وادوات عملها وتأثيرها بمصالح الشركة نفسها. فشركة «سبينيس» مملوكة من رساميل خاصة خليجية، ويديرها الرجل الانكليزي الابيض، مايكل رايت، وهاتان السمتان كافيتان لانتزاع امتيازات مهمّة تجعلها فوق القانون... الا ان الشركة ارادت اكثر من ذلك بكثير، فقد سعت منذ البداية الى جعل عملها في لبنان الاكثر ربحية لها، حتى بالمقارنة مع الخليج ومصر والاردن وباكستان، وذلك عبر الحصول على حماية تامّة من تركيبة السلطة المافيوية ــــ الميليشياوية القائمة منذ عقد التسعينيات، والتي كانت تديرها «الوصاية السورية»، وبما يتيح لها اوسع استغلال للعمّال والعاملات. وضعت الشركة خطّتها المحكمة، فعمدت الى اقامة اول فروعها على ارض في ضبية يملكها النائب (السابق) جبران طوق، وهو كان يتمتّع بعلاقات وطيدة من الاجهزة الامنية السورية، ويحظى برعاية النائب ميشال المر والنائب سليمان فرنجية، ويرتبط بعلاقات مصاهرة مع النائب السابق ايلي سكاف المتزوّج من ابنته ميريام طوق، فضلا عن ان ابنة شقيقه ستريدا طوق (النائبة الحالية) متزوجة من سمير جعجع! يتقاضى جبران طوق نحو 3 ملايين دولار سنويا لقاء استثمار «سبينيس» لأرضه، الا ان العلاقة مع الشركة تتجاوز هذا الريع الهائل، اذ ان نجله وليم يلعب دورا ظاهرا الى جانب مايكل رايت في ادارة الشركة وعقودها وصفقاتها، من دون ان تكون له اي صفة معلنة، اذ ان وليم ليس مساهما ولا مديرا ولا موظّفا في الشركة! وقد بدا دوره واضحا جدّا في قمع تحرّك العمّال وسعيهم الى تنظيم انفسهم نقابيا.
كان ذلك في منتصف التسعينيات، وكرت سبحة افتتاح الفروع، فعادت «سبينيس» الى منطقة بئر حسن وبنت متجرها على ارض تملكها شركة كويتية تحظى برعاية الرئيس (الراحل) رفيق الحريري، ثم افتتحت فرعها في الاشرفية على ارض للوقف الارثوذكسي، وبعدها انتقلت الى طرابلس لتبني متجرها على ارض ورثها النائب (السابق) مصباح الاحدب، الذي كان لا يزال يحظى برضى النظام الامني. ثم افتتحت فرعا لها في صيدا على ارض يمتلكها النائب ياسين جابر، القريب جدّا من الرئيس نبيه بري. وكذلك الامر في صور وجبيل واخيرا في الحازمية.
كانت خطّة الشركة منذ البداية ان توفّر مصالح مالية ريعية مباشرة للزعامات المحلية النافذة، امّا عبر استئجار الاراضي وامّا عبر تخصيص «كوتا» لكل «زعامة» من اجل توظيف «جماعتها»، فكان المتورطون يتولّون حماية الشركة ومخالفاتها الفاقعة، والاهم انهم يضبطون «جماعاتهم» عبر تمنينهم بالوظيفة وتحويل اي مشكلة مع ادارة الشركة الى مشكلة مع «الزعامة» الحامية نفسها، وهو ما ساهم في جعل ظروف العمل قاسية، بل تصل الى حدّ وصفها بالسخرة بالنسبة لنحو 300 عامل حمّال يعيشون من الاكراميات ويضطرون الى تسديد 5 الاف ليرة يوميا للشركة للسماح لهم بالعمل لديها، وهذا ينطبق على نحو 200 عاملة وعامل غير مصرّح عنهم لدى الضمان الاجتماعي بحجّة انهم يعملون على الساعة، علما ان قيمة اجر الساعة تبلغ 2400 ليرة فقط لا غير.
هكذا تتحوّل شركة تجارية الى حصن منيع، لا يعنيها دولة او قانون او حقوق. بل تصبح معفية حتى من الالتزام بمعايير محددة ولو بالشكل، اذ ليس امرا عابرا ان لا يشعر مايكل رايت، مثلا، انه مجبر على الحصول على اجازة عمل، بوصفه اجنبياً يعمل في لبنان، او تأشيرة اقامة تحددها القوانين والانظمة، يأتي متى شاء ويذهب متى شاء ويقيم بالقدر الذي يريده من دون ان يتعرّض لأي مساءلة من اي نوع. هذا المدير التنفيذي نفسه لم يتردد في كل مقابلاته الاعلامية الاخيرة من اللعب على الحساسيات السياسية التي تسيطر على علاقات اللبنانيين، اذ اتهم عمّال الشركة بالعمل وفق اجندة سياسية، وكأنه بذلك يجاهر بان شركته جزء من منظومة سياسية متحكّمة بالبلاد، كما انه لم يتردد في الاساءة الى وزير العمل الحالي سليم جريصاتي بالايحاء انه يساند الشركة، وذلك عندما اعتبر في مقابلة له ان حماسة وزير العمل السابق شربل نحاس لنضال عمّال «سبينيس» تهدف الى حشر جريصاتي والتشهير به.
انجازات العمّال
جرى تجنيد الدولة في خدمة شركة «سبينيس» ضد عمّالها، وهذا لا ينحصر ابداً بأجهزة الدولة الامنية والقضائية، ولا بوزارة العمل، بل يتجاوز ذلك الى ادواتها النقابية التي وقفت موقف المتواطىء، او على الاقل، وقفت موقف الساكت. ولكن الصمود الذي عبّر عنه اعضاء الهيئة التأسيسية لنقابة العاملين والاحتضان لحركتهم رسم صورة مختلفة حتى الآن لا بد من التركيز عليها لكي لا تترسخ عناصر الاحباط.
ــــ اضطر مايكل رايت للتقدّم بطلب اجازة عمل منذ اسبوع تقريبا.
ــــ اضطرت ادارة الشركة تحت الضغوط الى العودة عن قرارها بصرف عضو الهيئة التأسيسية للنقابة مخيبر حبشي.
ــــ اضطر وزير العمل سليم جريصاتي (الصورة) الى تحريك طلب ترخيص النقابة، اذ عمد في 28 الشهر الجاري الى طلب استشارة وزارة الداخلية، وذلك بعد شهر من تقديم الطلب واهماله في الادراج لمنح ادارة الشركة المزيد من الوقت للتنكيل بعمالها.
ــــ تحرّك التفتيش في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأصدر تقريره عن بعض الفروع والزم الشركة بتسجيل نحو 135 موظفة وموظف في الضمان، كما الزمها تسجيل كل من لا يتقاضى اجرا بالحد الادنى للاجور.
ــــ اضطرت ادارة الشركة قبل ذلك الى تسديد زيادة على الاجور بناء على المرسوم، ولو بصورة مشوّهة وناقصة.
ــــ اضطرت الشركة الى زيادة ميزانياتها الاعلانية لرشوة وسائل الاعلام والصحافة، الا ان هذه الرشوة لم تفعل فعلها بصورة تامّة، اذ بات تحرّك النقابة يحظى باهتمام بعض وسائل الاعلام الرئيسة، ولم يعد بمقدور اي وسيلة اعلام تجاهله.
ــــ انطلقت جمعية قيد التأسيس تدعى «جمعية اصدقاء عمال سبينيس» لدعم نقابتهم ميدانيا وبالتبرّعات.
ــــ اصدرت منظمة العمل الدولية بيانا شديد اللهجة يدين ممارسات شركة «سبينيس» وممارسات الحكومة في تغاضيها عن تطبيق المعاهدة الدولية رقم 98 التي تضمن حق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية.
الاثنين ٣ أيلول ٢٠١٢
خاص الموقع: عقدت لجنة أصدقاء عمال السبينس لقاءً تضامنياً في مقهى ال ة مربوطة الحمراء، بحضور أعضاء الهيئة التأسيسية لنقابة عمال السبينس و عدد من الصحافيين و النقابيين و التنظيمات الشبابية و الناشطين.
حيث أدلى بعض الموظفين بشهادات تفضح ممارسات إدارة السبينس بحقهم، كرفض التقيد بتنفيذ مرسوم تصحيح الأجور، و الصرف التعسفي، و التهرب من الضمان، و إجبار الموظفين على العمل بالسخرة، بالإضافة لحملة التشهير التي تشنها الإدارة بحق أعضاء الهيئة التأسيسية .
و تم مناقشة أهمية إنشاء نقابة عمال السبينس لتكون الممثل الرسمي و الصادق للعمال و المدافع عن حقوقهم المنصوص عليها بالدستور اللبناني.
كما وجه نقداً لاذعاً ، أولاً ل الإتحاد العمالي العام المتقاعس عن دوره الريادي بحماية حقوق العمال، و المتواطىء مع أرباب العمل و السلطة عليهم ، ثانيا لوزير العمل الذي رفض الموافقة على طلب إنشاء هذه النقابة ، ثالثا ً السلطات الأمنية المتواطئة مع إدارة السبينس لجهة ترهيب الموظفين، و التوقيف الغير قانوني بحقهم.
و أكد اللقاء ضرورة إستمرار و دعم تحرك العمال لإعتباره لأن الصراع الحقيقي في لبنان هو طبقي و ليس طائفي كما تحاول الطبقة السياسية أن تحرفه.
كما و وجه اللقاء دعوة للإنضمام إلى الإعتصام الذي ينظمه عمال السبينس غداً الجمعة 31/08/2012 أمام السبينس فرع الأشرفية من الساعة الرابعة ظهراً حتى الساعة السادسة مساءً
وسام كنعان
دمشق | لم ينتبه أحد إلى الدور اليتيم الذي أطلت فيه مي سكاف في رمضان من خلال مسلسل «عمر». أدّت ببراعة شخصية هند بنت عتبة، لكنّ الدور لعبته سكاف قبل أن تشتد وطأة الأحداث في سوريا. مع ذلك، يبقى اسم الممثلة السورية مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالانتفاضة منذ اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات. بطلة «العبابيد» كانت قد خطفت الأضواء منذ أن دعاها رئيس حركة «فلسطين حرة» ياسر قشلق إلى حوار وطني أقيم بحضور مجموعة من الفنانين السوريين. عندها، اعترضت سكاف على الدعوة لكونها صُوّرت للمدعوين على أنّها برعاية وزارة الإعلام السورية. وفي حقيقة الأمر، لم يكن لوزارة الإعلام السورية أي علم بذاك اللقاء. يومها، احتدت الأجواء عندما اعترضت سكاف على كلمة قشلق، الذي رأى أنّ الثورة المصرية مجرد انقلاب. وكانت نهاية هذا اللقاء مرافعة نارية قدّمتها سكاف أمام عدسات الكاميرات التي تجمهرت حولها في بهو فندق «الشيراتون» في دمشق، وهي توجه كلامها إلى المخرج والمنتج نجدت أنزور (الأخبار 24/5/ 2011). يومها انتشر مقطع فيديو يصوّر الموقف وتم تداوله بكثرة، وقد ظهر ممهوراً بجملة تطلق على سكاف لقب «فنانة الثورة». طبعاً كل ذلك قبل أن تقود تظاهرة المثقفين السوريين الشهيرة التي انطلقت من أمام مسجد الحسن في حي الميدان الدمشقي، وتدفع بنفسها إلى الاعتقال مع زملائها في فرع الأمن الجنائي في دمشق. دام هذا الاعتقال ثلاثة أيام خرجت بعدها سكاف في زيّ المناضلة، وذهبت إلى الحد الأقصى في مسيرة دعمها للثورة السورية قبل أن تغادر البلاد. بعدها، عادت إلى الأضواء عندما كتبت على صفحتها على فايسبوك أنها اشترت بيجامات وأحذية وتلفزيوناً وبراداً للأطفال اللبنانيين اللاجئين إلى سوريا أثناء عدوان تموز (يوليو) 2006. وطالبت السيد حسن نصر الله شخصياً إما «بإعادة المبلغ أو بسحب شبيحته من سوريا». ما أثار موجة غضب ضد سكاف (الأخبار 22/2/ 2012). اليوم تعود صاحبة «معهد تياترو لفنون الأداء» إلى الواجهة، بعدما قررت النيابة العامة في دمشق توجيه اتهامات إليها بالتحريض على القتل ومحاكمتها وفق قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي يهدف إلى تكميم الأفواه قبل أي شيء آخر. وقد تناقل أمس ناشطون سوريون، على رأسهم المعارض منذر خدام، نص الاتهام الموجّه إلى الممثلة السورية مع التعبير عن التضامن مع سكاف، التي ملأت صورتها صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. كأن التهمة التي لم يفهم سببها تعيد إلى الفنانة جماهيرتها وتجعلها تحصد شعبية مجدداً بناءً على مواقف سياسية لا على أدائها أدواراً تنال القبول.
بيان «معاً»
أصدرت حركة «معاً من أجل سورية حرة وديموقراطية» بياناً جاء فيه «نحن في «حركة معاً» في الوقت الذي نعلن فيه تضامننا التام والكامل مع زميلتنا مي (سكاف)، فإننا ندين هذا الإجراء التعسفي بحقها، ونطالب بإلغائه فوراً. إنّ «حركة معاً» التي سلاحها الكلمة الصادقة والموقف الشجاع والدور المشرف الذي تؤديه تجاه شعبها، لن ترهبها مثل هذه الإجراءات التعسفية، وسوف تظل أمينة لنهجها… الارهابي الحقيقي
هو الذي رد ولا يزال يرد على مطالب الشعب السوري المشروعة
بالرصاص، ويرتكب بحقه المجزرة تلو المجزرة. الحرية لسورية
وشعبها».
الخميس ٣٠ آب ٢٠١٢
حين دعت شركة «كتاب للإنتاج» المخرجين الفلسطينيين إلى العمل على «24 ساعة في القدس»، لم تكشف لهم عن خلفياته. وحدها المصادفة أبانت عن مشروع سيجمعهم بإسرائيليين لـ «الاحتفاء» بزهرة المدائن وتبييض صورة الجلاد...
رشا حلوة
عكا | في بداية تموز (يوليو) الماضي، تواصلت شركة «كتّاب للإنتاج» في القدس مع مجموعة من السينمائيين الفلسطينيين ودعتهم للعمل على شريط وثائقي يحمل اسم «24 ساعة في القدس» (مبني على فكرة الفيلم الألماني «24 ساعة في برلين»). حين سألت إحدى المخرجات الفلسطينيات عن وجود جهات إسرائيلية في المشروع، جاءتها الإجابة بالنفيّ وبأنّ الإنتاج فلسطيني _ ألماني.
لكن ما أثار الشكوك أنّ الشركة طلبت أن تكون أفلام المخرجين قصيرة، على أن تُجمع كلّها في فيلم طويل واحد، «يتطرق إلى الجانب الاجتماعي في العاصمة المُحتلة بعيداً عن الدعاية السياسية»! عند المحادثة الثالثة بين المخرجة والشركة، أخبروها أنّ التصوير سينطلق في 6 أيلول (سبتمبر) 2012 وسيكون المونتاج في ألمانيا. وحين تساءلت عن سبب إجراء المونتاج في ألمانيا، أجابها: «لا علاقة لكم بالمونتاج، لأنّ هناك أفلاماً أخرى، منها 30 فيلماً فلسطينياً و30 إسرائيلياً». كانت هذه الجملة الوحيدة التي كشفت للمخرجين والمخرجات أنّ مشروع «24 ساعة في القدس» من إنتاج فلسطيني وإسرائيلي وألماني.
لم يكتشف المخرجون الفلسطينيون أنّ وراء المشروع جهة إنتاج إسرائيلية هي Israeli prodco 24 communications المدعومة من «صندوق القدس للتلفزيون والسينما» المرتبط ببلدية القدس التي تمارس انتهاكات يومية بحقّ الإنسان المقدسي إلا حين أرسلت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» رسالة مفتوحة إلى «شركة كتّاب للإنتاج» ومديرها داوود كتّاب، تطالبه «بعدم المشاركة في هذا المشروع التطبيعيّ أو إدارته. وإن حصل، سيسيء لمدينتا الحبيبة القدس وسيسهم في تقويض نضالنا من أجل التحرر وتقرير المصير».
لكنّ أكثر ما أثار التساؤل حول ماهية الفيلم وهدفه هو مطالبة المخرجين/ات بعدم التطرق إلى الجانب السياسي للقدس. كيف ذلك والمقدسي يتعرّض منذ أن يخرج من بيته صباحاً إلى أن يعود مساءً، لشتى أنواع انتهاكات الاحتلال التي تُمارس على نفسه وجسده وحرية حركته وبيته؟ كيف يمكن أن يكون فيلماً غير سياسي يحكي عن القدس؟
عن هذا الجانب، كتبت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» أنّ «القدس تمثل قلب الصراع، وتعاني يومياً على أيدي سلطات الاحتلال بطريقة ممنهجة ومدروسة تهدف إلى تهويد الحجر والبشر وتشويه الحضارة والتاريخ، من خلال التقسيم والتشريد والمصادرة وهدم البيوت وسحب الهويات وبناء جدار الفصل العنصري وخنقها بالحواجز العسكرية والأحزمة الاستيطانية المحيطة بها وبداخلها، حيث طالت الهجمة كل مناحي الحياة في المدينة ضمن مخطط شامل يهدف إلى تطهير الفلسطينيين عرقياً من مدينتهم. فلا يمكن أن تصوّر القدس كمدينة عادية بعيدة عن واقعها، وتسويقها من خلال مشروع مشترك مع جهات إسرائيلية لا يمكن إلا أن يخدم الأجندة والدعاية الإسرائيلية بكونها مدينة عادية آمنة وتعيش بسلام»
رانيا الياس العضو في «هيئة العمل الوطني في القدس» ومديرة مؤسسة «يبوس للإنتاج الفنّي»، قالت: «نحن نعيش تحت الاحتلال وفي مدينة القدس. كيف يمكن أن تعمل على فيلم مشترك مع إسرائيلي والبندقية في رأسك؟». وتطرقت رانيا إلى قيام العديد من الجهات بإخفاء وتمويه مشاريعها المشبوهة كما حدث مع شركة «كتّاب للإنتاج»، إذ لم يُذكر بداية عن وجود جهة إنتاج إسرائيلية، ولم يعرف العديد من المخرجين المشاركين في الفيلم بالأمر. وتضيف: «نصيحتي لكلّ من يعمل في الحقل الثقافي أن يبحث ويسأل ويعرف من وراء أي مشروع وما هدفه قبل أن يكون جزءاً منه».
وأمس، وجّهت مجموعة من المؤسسات الفلسطينية والأفراد العاملين في حقل الثقافة والفنّ رسالة إلى «كتّاب للإنتاج» يعلنون فيها رفضهم المطلق لمختلف أشكال التطبيع مع المحتل و«وقوفنا في وجه محاولات اختراق الجبهة الثقافية باعتبارها خط الصدام الأساسي مع الاحتلال، والمثقفون كانوا وسيبقون رأس الحربة في الاشتباك الثقافي والحضاري مع قوة الاحتلال الغاشمة».
ومع أنّ العديد من السينمائيين الفلسطينيين انسحبوا من المشروع، إلا أنّه ما زال قائماً حتى الآن، مرتكزاً ـــ لسخرية الأقدار ـــ على شريط «24 ساعة في برلين» (2009). بينما جمع الأخير 70 مخرجاً احتفوا بالحرية وصوّروا الحياة في العاصمة الألمانية في الذكرى العشرين لسقوط جدار برلين، ها هو «24 ساعة في القدس» تشرف عليه جهة إنتاج إسرائيلية تابعة للاحتلال. أي فيلم هذا الذي يرغب في تصوير «الجانب الاجتماعي» لمدينة تطالب بالحريّة ويقطّع أوصالها جدار فصل عنصري يفصل الأحياء المقدسية والعائلات الفلسطينية... أو لنقل، أي فيلم هذا الذي يريد تبييض صورة الجلاد؟
القدس لنا
في ظل صمت مريب من شركة «كتاب للإنتاج»، أصدرت «هيئة العمل الوطني والأهلي في القدس المحتلة» وعدد من المثقفين والفنانين الفلسطينيين أمس بياناً أعلنوا فيه رفضهم لمشروع «24 ساعة في القدس»، فـ«القدس المحتلة من أهم عناوين صراعنا مع الاحتلال، وكل محاولاته لصهينتها وتغيير طابعها الديموغرافي لن تغيّر من هويتها العربية الفلسطينية ومن مكانتها كعاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة. وبهذه المكانة، ستبقى حاضنة لكل المثقفين والفنانين الفلسطينيين، وسيبقون هم في خندق الدفاع الأول عنها». وتابعوا إنّ «ما يسمى «الإنتاج المشترك» بين أفراد أو مؤسسات فلسطينية مع جهات احتلالية مع أو من دون طرف ثالث هو شكل واضح من أشكال التطبيع المرفوض وطنياً وشعبياً». وختموا: «نطالب الزميل داوود كتاب، وشركة «كتاب للإنتاج»، بكشف تفاصيل عملية إنتاج الفيلم وموقعها في هذا العمل، وإعلان موقفها من التطبيع وما يسمى الإنتاج المشترك مع المحتلين».
الخميس ٣٠ آب ٢٠١٢
توفي أول من أمس «الرجل الذي مشى على القمر». رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ، فارق الحياة يوم السبت الماضي عن عمر ناهز 82 عاماً. وكان أرمسترونغ قد خضع لعملية في القلب مطلع الشهر الجاري.
في عزّ الحرب الباردة والسباق السوفياتي ــ الأميركي إلى الفضاء، كُلّف أرمسترونغ قيادة مهمة الهبوط على القمر على متن المركبة «أبولو 11» مع عالمي الفلك باز ألدرين ومايكل كولنز. في 20 تموز (يوليو) 1969، خطا أرمسترونغ أولى الخطوات البشرية على كوكب القمر، مفتتحاً بذلك مرحلة جديدة في تاريخ علم الفضاء وتجاربه غير المحدودة. «إنّها خطوة صغيرة للإنسان، لكنّها وثبة عملاقة للبشرية». تلك كانت الكلمات المسجّلة لأرمسترونغ لحظة سار خطواته الأولى على سطح الكوكب الفضي.
ولد أرمسترونغ في ولاية أوهايو، وكان يملك ولعاً بالطيران منذ نعومة أظفاره، وقد حصل على رخصة طيران، وهو ما زال فتى. شارك في الحرب الكورية كطيار حربي، ثم أصبح طيار اختبار وانضم إلى برنامج الفضاء الأميركي عام 1962. سافر أرمسترونغ في رحلة أولى إلى الفضاء في عام 1966 كقائد لبعثة «جيميني 8»، لكنها لم تنجح في مهمتها بعدما انفجر أحد صواريخها الدافعة، لكن أرمسترونغ تمكّن من العودة سالماً إلى الأرض.
أما «الرحلة إلى القمر» عام 1969، فقد استغرقت أربعة أيام لتصل إلى وجهتها، وشاهد العالم المركبة القمرية «إيغل» وهي تنفصل عن المركبة الأم وتهبط على سطح القمر، وبعد نحو ست ساعات ونصف ساعة من ذلك الهبوط، أصبح ارمسترونغ (38 عاماً آنذاك) أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر.
وبعد إنجازه التاريخي ذاك، شغل أرمسترونغ وظائف إدارية عدة في «وكالة الطيران والفضاء الأميركية» (ناسا)، وأصبح أستاذاً للهندسة في جامعة «سينسيناتي» في ولاية أوهايو.
بعد اكتسابه شهرة عالمية، كرر أرمسترونغ مراراً أنه «لم يقم إلا بعمله» بالسير على سطح القمر. وهرب من الأضواء وملاحقة الصحافيين له، وعاش في مزرعة خاصة في ولاية أوهايو. ولم يكثر من الظهور الإعلامي.
في رسالته التأبينية، قال عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما إنّه «أحد كبار الأبطال الأميركيين». فيما وجهت عائلة أرمسترونغ رسالة إلى الناس حول العالم قالت فيها: «إذا تنزهتم خارجاً في ليلة صافية ورأيتم القمر يبتسم... فكّروا بنيل واغمزوا له بعينكم».
(أ ف ب، رويترز، الأخبار)
الاثنين ٢٧ آب ٢٠١٢
راشيل كوري. فتاة أميركية، أحبّها معظم الفلسطينيين من دون أن يعرفوها. ومع أنّهم يحبون كل ضيوفهم، لكن كوري لم تكن ضيفةً عادية، بل بطلة استثنائية. لم تأت إلى فلسطين سائحة. جاءتها وهي في ربيع العمر مناضلة في سبيل القضية. عاشت مع أهل فلسطين لتُعاين وجعهم عن قرب قبل أن تقضي نحبها فداءهم. دافعت عن الفلسطينيين بجسدها النحيل، عارية من الأسلحة، مقاومة في سبيل عدالة القضية، فاستشهدت كما الفلسطينيون. دهسها جندي صهيوني بجرافته كي يشق طريقه لهدم البيت الذي احتضنها. داسها مرتين كي يشبع من موتها. تاريخ لن تنساه فلسطين 16 آذار 2003، تاريخ يمثّل دليلاً على همجية لا تفرّق بين فلسطيني وأجنبي
فادي أبو سعدى
القدس المحتلة | تصدر المحكمة المركزية في حيفا، اليوم، حكمها في الدعوى المدنية المقدّمة منذ عام 2005 ضدّ إسرائيل بشأن استشهاد المتضامنة مع الشعب الفلسطيني راشيل كوري قبل تسعة أعوام. الدعوة المقدّمة من أسرة راشيل، التي يمثلها المحامي حسين أبو حسين، تتهم دولة الاحتلال بالمسؤولية عن مقتل ابنتها والتقاعس عن إجراء تحقيق كامل وموثوق بشأن القضية.
وكانت راشيل، وهي مواطنة أميركية من مدينة أولمبيا في ولاية واشنطن، قد استشهدت في مدينة رفح بقطاع غزة، بينما كانت تحتج بصفة سلمية على هدم منازل مدنيين فلسطينيين، فسحقتها جرافة صهيونية من نوع «كاتربلر» طراز «D9 ــ R».
وقال والد راشيل، كريج كوري، إن «الدعوى القضائية هي خطوة صغيرة فقط في العملية التي انهمكت فيها أسرتنا للبحث عن الحقيقة والعدالة. وتؤكد الأدلة المتزايدة المقدمة للمحكمة على تعطُّل نظام المساءلة، وهو أمر تغاضت عنه سلطات الولايات المتحدة على الرغم من استنتاجها أن التحقيق الإسرائيلي العسكري لم يكن شاملاً أو موثوقاً أو شفافاً». وأضاف أن «القضية التي رفعتها العائلة مجرد خطوة صغيرة في بحث عمره 10 سنوات تقريباً عن الحقيقة والعدالة». وأكد أن الأدلة التي قُدمت أمام المحكمة تثبت أنّه لا وجود للصدقية، وأن العائلة ستفعل كل ما بوسعها للوصول إلى حقيقة ما حدث لراشيل، ومعاقبة المسؤول.
وكانت الشهادات الشفهية في القضية قد بدأت في 10 آذار 2010. وعقدت المحكمة 15 جلسة منذ ذلك الوقت أدلى بها 23 شاهداً بشهاداتهم. وقد كشفت المحكمة عن قصور خطير في التدريج القيادي العسكري في ما يتعلق بمقتل المدنيين والتدمير العشوائي لممتلكاتهم على أيدي الجيش الصهيوني في جنوب غزة.
وقال المحامي حسين أبو حسين: «لا تسعى هذه المحاكمة إلى محاسبة الأشخاص الذين أخفقوا في حماية حياة راشيل فحسب، بل أيضاً نظام التحقيقات العسكرية المعيب الذي يفتقر إلى الحياد والشمول. وثمة التزام على دولة إسرائيل بموجب القانون الدولي بأن تطبق كافة الإجراءات الاحتياطية الممكنة لتجنيب المدنيين مخاطر العمليات العسكرية. وقد انتهك الجيش الإسرائيلي هذا المبدأ انتهاكاً صارخاً عندما سبب مقتل راشيل كوري، ويجب إخضاعه للمحاسبة».
إذاً، صباح اليوم، يقرأ القاضي عوديد غيرشون حكم المحكمة، لتنفض بعدها أسرة كوري إلى عقد مؤتمر صحافي. ومن المتوقع أن تلقي المرحلة الثانية من المحاكمة المزيد من الضوء على ظروف وفاتها وعلى فشل الحكومة الاسرائيلية في إجراء تحقيق شامل يتسم بالصدقية والشفافية حول ظروف قتلها، وقدمت دولة الاحتلال ثلاث عشرة شهادة، بما في ذلك شهادة سائق الجرافة التي سحقتها والقائد الميداني المسؤول حينها، بالإضافة الى شهادة عسكريين آخرين أشرفوا على عملية هدم البيوت.
الحكم سيعيد إلى الفلسطينيين ذكرى صديقتهم راشيل، من مواليد 1979. الطالبة والناشطة الأميركية والمدافعة عن حقوق الانسان، التي كانت عضواً في حركة التضامن العالمية «ISM»، حين قررت الذهاب لقطاع غزة في فلسطين المحتلة خلال الانتفاضة الثانية.
عُرفت راشيل كوري بأنها «صديقة الأطفال». وقالت قبل استشهادها بأيام: «ثمة عدد غير محدود من الوسائل يعاني من خلالها هؤلاء الأطفال، أريد أن أدعم هؤلاء الأطفال». منذ أن وصلت إلى غزة أقامت في منزل عائلة نصر الله التي تبنّتها. لم تكن رحّالة أو مغامرة تبحث عن الإثارة، ولم تكن لديها رغبة في الموت، بل كانت هناك لأنها شعرت بأن في استطاعتها التأثير وإحداث تغيير، فشاركت في نشاطات للمساعدة في التخفيف من أوضاع الفلسطينيين المعيشية، كمساعدة المزارعين في حصد الغلال، ومرافقة الأطفال الى المدارس، وإبقاء الطرق مفتوحة أمام سيارات الإسعاف والقيام بأعمال احتجاج سلمية.
في السادس عشر من آذار 2003، وصلت قوات الاحتلال بجرافاتها، لتهدم منزل العائلة التي أقامت لديها راشيل، فهبت مباشرة لتقف في طريق الجرافة، ظناً منها أنها تستطيع منعها، لكن الجندي الإسرائيلي الذي يقود الجرافة لم يتوقف، بل صدمها عمداً ثم داسها، لتلقى مصرعها في الحال.
ملابسات مقتل راشيل ليست موضع جدل، فقد أكد شهود عيان وصحافيون أجانب كانوا يغطون عملية هدم منازل المواطنين الفلسطينيين، أن سائق الجرافة الإسرائيلية تعمد دهس راشيل والمرور على جسدها بالجرافة مرّتين أثناء محاولتها إيقافه، قبل أن يتابع تقدمه لهدم منزل مدنيين. وزعمت إسرائيل أن سائق الجرافة لم يكن في إمكانه رؤية كوري، وأنّ الناشطة تصرّفت بطريقة طائشة.
مما كتبته كوري في رسائلها إلى أصدقائها في العالم خلال وجودها في فلسطين: «اعتقد أن أي عمل اكاديمي أو اي قراءة أو اي مشاركة بمؤتمرات أو مشاهدة أفلام وثائقية أو سماع قصص وروايات، لم تكن لتسمح لي بإدراك الواقع هنا، ولا يمكن تخيل ذلك إذا لم تشاهده بنفسك، وحتى بعد ذلك تفكر طوال الوقت بما إذا كانت تجربتك تعبر عن واقع حقيقي».
وكانت راشيل قد أرسلت لوالدتها الكثير من الرسائل الإلكترونية، وقيل إن أهم ما قالت فيها: «كل ما أردته هو أن أكتب لأمي لأقول لها إني أشهد هذا التطهير العرقي المزمن وخائفة جداً، وأراجع معتقداتي الأساسية عن الطبيعة الإنسانية الخيّرة، هذا يجب أن يتوقف». وتابعت كوري: «أرى أنها فكرة جيدة أن نترك كل شيء ونكرّس حياتنا لجعل هذا يتوقف، أشعر بالرعب وعدم التصديق، وأشعر بخيبة الأمل أن يكون هذا هو أساس حقيقة عالمنا وأننا نشارك فيه بالفعل، ليس هذا أبداً ما أتيت من أجله إلى هذا العالم، ليس هذا أبداً ما أراده الناس عندما أتوا إلى هذا العالم». وختمت رسالتها: «هذا ليس العالم الذي أردت أنتِ وأبي أن آتي إليه عندما قررتما أن تنجباني، هذا ليس ما عنيتِه عندما نظرت إلى بحيرة كابيتول وقلت: هذا هو العالم الكبير وأنا آتية إليه».
واشنطن غير راضية عن التحقيقات
اعتبرت واشنطن، على لسان سفيرها لدى تل أبيب دان شابيرو، أن التحقيقات الإسرائيلية بشأن مقتل راشيل كوري (الصورة) لم تكن شفافة أو كافية أو ذات صدقية. لكن هذا الموقف في الوقت نفسه، لم يستطع التأثير على التحقيق الإسرائيلي. وأخبر السفير عائلة كوري في لقاء معهم الأسبوع الماضي داخل السفارة بتل أبيب، أن حكومة الولايات المتحدة ليست راضية عن سير التحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي، ولا عن قرار أغلاق التحقيق.
وتدّعي الحكومة الإسرائيلية ان مقتل راشيل وقع أثناء «نزاع مسلح في منطقه عسكرية مغلقة»، وبناءً عليه يجب أن يدرج تحت تعريف «عملية قتالية» أو «فعل حربي»، وأن يغلق ملف هذه القضية ويعفى الجنود المتورطون من كل المسؤولية، بموجب القانون الإسرائيلي. وتزعم حكومة الاحتلال أنّها تحظى بحصانة من مثل هذه الدعاوى، اذ تستند الى نظرية مثيرة للجدل فحواها أن عمليات الجنود الاسرائيليين في رفح يجب اعتبارها «عمليات دولة».
الثلاثاء ٢٨ آب ٢٠١٢
تمر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمرحلة سياسية حساسة، حيث يستمر الغزو والتدخلات الإمبريالية من جهة، وتستمر الإنتفاضات والتحركات الشعبية من جهة أخرى، وبين هذا وذاك يظهر الشباب العربي قدرته على التغيير والتطور رغم التدخلات الخارجية ومحاولة جر الشعوب إلى مصالح الأنظمة المرتبطة بالإمبريالية.
هذا الإهتمام السياسي بالمنطقة لم يبدأ مع الثورة الشعبية في كل من مصر وتونس بل تصاعد مع الحرب على أفغانستان ووقوع الرأسمالية في أزمات متتالية ومنها الأزمة الجديدة التي بدأت مع إنهيار القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية وإمتدت إلى أوروبا.
فلسطين لا زالت محتلة، حيث يقوم الإحتلال الصهيوني يومياً بالقصف على غزة وبالإعتقالات ، ويتواصل تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وتتوسع بقعة الإستيطان السرطاني غير الشرعي في القدس والضفة الغربية بشكل يمنع أي أفق لبناء دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، كما لا يزال جدار الفصل العنصري يقطع أوصال فلسطين. إلى جانب ذلك، يمارس الإحتلال الصهيوني سياسة عنصرية ضد الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة، حيث يتم مصادرة أبسط حقوقهم وتمارس عليهم سلطات الإحتلال سياسة الترهيب تمهيداً لفرض تهجير جديد عليهم. هذا الواقع العدواني يقابله صمود فلسطيني ومقاومة باسلة متعددة الأشكال عمرها من عمر الإحتلال، يعبر من خلالها هذا الشعب الجبار عن إصراره على الدفاع عن حقوقه وعن رفضه التنازل عن ثوابته الوطنية، وكان آخرها صمود الرفاق في سجون الإحتلال الإسرائيلي بمعركة الأمعاء الخاوية نحو إنتصار جديد حقق لهم مطالبهم. يؤكد الوفدي دعوته إلى وقف الإحتلال الصهيوني، ويدعم بشكل حاسم وقاطع حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة لجميع اللاجئين والإفراج الفوري عن جميع الأسرى والمعتقلين في السجون الصهيونية.
كذلك لا يزال الإحتلال الصهيوني يحتل الAffinityCMSن السوري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا جنوب لبنان منذ عام 1967، في هذا الإطار يؤكد الوفدي دعمه الواضح لإستعادة الAffinityCMSن وتحريره من الإحتلال الصهيوني والدعوة إلى الإفراج عن الأسرى، كما يدعم حق الشعب اللبناني في المقاومة وتحرير ما تبقى من أراضيه والتصدي للإعتداءات الإسرائيلية المتكررة عليه.
في ليبيا إندلعت معارضة مسلحة أدت إلى تغيير النظام بدعم وتدخل مباشر وواسع من قبل الناتو وقوى خارجية أخرى، عربية وإقليمية، تحقيقاً لمصالحها الإستراتيجية، السياسية والإقتصادية، وطمعاً في ثروات البلاد الطبيعية، كما دمرت البلاد وقتلت عشرات الآلاف. الوفدي يطالب بالإنسحاب الفوري للناتو من ليبيا وإحترام حق الشعب الليبي في إختيار نظامه السياسي الوطني الذي يستجيب لتطلعات الشعب الليبي في الإستقلال الناجز والحرية والديمقراطية والتقدم والإستفادة من الموارد الطبيعية والنفطية في البلاد.
الوضع في سوريا هو الأخطر، حيث تنحدر الأوضاع إلى ما ينذر بالإنزلاق نحو حرب أهلية نتيجة المواجهات المسلحة اليومية. الوفدي يرفض أي تدخل خارجي في الشؤون السورية، ويؤكد على دعمه لحق الشعب السوري في تقرير مستقبل بلاده وتحديد شكل نظامه السياسي والإقتصادي الإجتماعي، ويدين العنف ويدعو إلى تقديم لغة الحوار الداخلي بما يمنع تنفيذ مطامع الدول الإمبريالية.
أما لبنان فيعاني من احتدام أزمة النظام الطائفي وتزايد التحريض المذهبي وتتضاعف بوادر الانقسام بين مكونات المجتمع اللبناني، وهو ما يشكل خطراً على مستقبل البلاد الأمني والسياسي. كما تستمر الأزمة الاقتصادية الخانقة ويقوم العمال والموظفون بنضالات كبيرة من أجل تحسين الأجور وحق التوظيف بوجه تحالف السلطة السياسية وطبقة رجال الأعمال المتحكمة بمصير البلد. يدعو الوفدي إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية التي تحقق العدالة الاجتماعية كما يطالب بها الشباب اللبناني في تحركاته.
أما العراق فإنه لا يزال يعاني من آثار الإحتلال والعنف والمحاصصة الطائفية ومن التدخلات الإقليمية والدولية في شؤونه السياسية الداخلية. هذا الواقع الصعب لا يمكن تخطيه إلا من خلال دعم نضال الشباب والشعب العراقي من أجل تحقيق السيادة الكاملة ووضع حد لكل أنواع التدخل الخارجي ورفض الإرهاب الذي تمارسه القوى الظلامية، وضد تأجيج أي مظهر من مظاهر الإحتقان والعنف ذي الطابع الطائفي ومن أجل عراق حر ديمقراطي موّحد، ويدعم الوفدي حركات الإحتجاج الشعبية في العراق ضد الفساد المالي والإداري ومطالباً الحكومة العراقية بتوفير الخدمات اليومية التي تفتقر لها مختلف مناطق العراق وأوساط وفئات واسعة من أبناء شعب العراق. كما يشدد الوفدي على حق الشعب العراقي بالإستفادة من موارده الطبيعية، ونضال شبيبة وشعب العراق من أجل بناء دولة مدنية وديمقراطية.
عاشت مصر وتونس خلال الفترة الماضية حركة ثورية شعبية حقيقية اجتاحت الساحات بالملايين وطالب الناس بإسقاط النظام وتحقيق تغييرات جذرية سياسية واقتصادية – اجتماعية كما كان واضحاً من شعارات المتظاهرين. لقد حقق شعبا هذين البلدين إنجازاً كبيراً عبر تمكنهم من إزاحة رأس النظام في كل بلد تحت ضغط الشارع ودون تدخلات خارجية فاعلة، لكن التسويات التي فرضها أقطاب النظام والتسويات الإقليمية والدولية لاحقاً أجهضت استكمال التغيير وأدت إلى إنتاج تعديلات بسيطة على رموز الحكم من دون أن يطال هذا التغيير الحكم نفسه. لذلك تستمر القوى التقدمية في تونس وفي مصر بالنضال من أجل إحداث تغييرات حقيقية في بنية النظام تضمن الحقوق الاقتصادية الأساسية لشعبي البلدين إلى جانب المطالب الدائمة بالحريات العامة والحقوق السياسية والديمقراطية. وقد أبرزت الأسهر الأخيرة تبلور مشروع وطني يناضل من أجل دولة مدنية بعيداً عن هيمنة الأحزاب الاسلامية وعن سطوة فلول النظام الأمني في نفس الوقت، وبدا واضحاً حجم التأييد الشعبي لهذا التيار التقدمي في الانتخابات وفي التحركات الشعبية. يتبنى الوفدي مطالب هذه القوي في تونس وفي مصر، ويدعم حق هذه الشعوب بالتغيير كما يؤكد على دور مصر المحوري في المنطقة ويؤكد على مطالب الشعب المصري برفع الحصار عن قطاع غزة والعودة إلى موقع مصر الطبيعي في دعمها للقضية الفلسطينية.
في المغرب، يدعو الوفدي إلى تفكيك جميع القواعد العسكرية الأجنبية من المنطقة والتي ترتكز بشكل أساسي في دول الخليج العربي حيث تستعمل وسيلة للتدخل والإعتداء ومنصة إنطلاق للعمليات العسكرية البرية والبحرية والجوية على دول المنطقة. كذلك يدعم الوفدي الشباب المغربي في حركته الشعبية ونضاله ويستنكر الإعتداءات والإعتقالات التي يتعرض لها في نضاله ضد القمع والإستبداد ونحو الديمقراطية. كما يدعم حق الشعب المغربي بإستعادة سبته ومليلة الواقعتين تحت الإحتلال الإسباني.
ومن جهة أخرى، في البحرين، وحتى بعدما ووجه الشعب بالقمع الدموي والوحشي وبالإجرام السلطوي وبعدها التدخل الخليجي تحت غطاء قوات "درع الجزيرة" ورغم التعتيم الإعلامي الذي يرافق التحركات الشعبية، لايزال الشباب البحريني يصر على الحصول على حقوقه ويطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية. يدعم الوفدي نضال الشعب البحريني ويدين بشدة إجرام النظام، كما يدين التدخل الخارجي بالشؤون البحرانية ويدعو إلى معاقبة المجرمين وإطلاق الحريات العامة وتمكين الشعب البحريني من إختيار شكل الحكم الذي يريده، كذلك الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإسقاط التهم ووقف المحاكمات السياسية الزائفة وتأكيد على مبادئ الوحدة السياسية.
يعيش الأردن حالة من الغليان الشعبي حيث يعاني الناس من أزمة معيشية عميقة نتيجة الارتفاع العشوائي للأسعار بعد رفع الحكومة الدعم عن السلع الأساسية. يترافق ذلك مع استمرار سياسة التضييق على حركة الناشطين والأحزاب، فتمنع الندوات والتحركات الشعبية ويمارس النظام اعتقالات واسعة بحق المعارضين. وسط هذه الأزمة السياسية والاجتماعية، يقوم الشباب الأردني بحراك واسع بالتفاعل مع النقابات والهيئات الأهلية ومع المحافظات الأردنية من أجل المطالبة بتغييرات سياسية واقتصادية حقيقية وجذرية. يؤيد الوفدي مطالب الشعب والشباب الأردني بالتغيير ويدعو إلى إطلاق الحريات العامة ووقف كل أشكال التوقيف والمنع والقمع بحق شباب الأردن.
يدعم الوفدي نضال الشعب اليمني وحراكه الشعبي السلمي وحقه في التغيير والتقدم والبناء، كما يدين العنف والتدخلات والتجاذبات الإقليمية والدولية في الشأن السياسي الداخلي في اليمن والتي تهدف إلى عرقلة وإجهاض مشروع التغيير المنشود من منظور برغماتي ويطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين في السجون على ذمة قضايا سياسية وحقوقية ومطلبية.
كما يدعم الوفدي الحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات السياسية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في السعودية ويطالب بإطلاق سراح سجناء الرأي. ويدين القمع الوحشي والتعتيم الإعلامي الذي تمارسه السلطة على التحركات الشعبية في عدة مدن ومناطق سعودية. كذلك تتصاعد الأصوات المطالبة بالإصلاح في عدة دول خليجية مثل الكويت والإمارات وعمان في مسار تصاعدي. يدعم الوفدي هذه التحركات ويدعو لتطويرها والتنسيق فيما بينها وتصعيد احتجاجاتها السلمية باتجاه التغيير الديمقراطي.
لذلك يجدد الوفدي تأكيده دعم التحركات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويدعم الشباب في نضاله نحو مجتمع ديمقراطي يصون جميع حقوقه ويؤمن له التقدم والتطور في كافة المجالات السياسية. ويرفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية، وحده الشعب له الحق في تقرير مستقبله. كما يؤكد على دعم القضية الفلسطينية والحق في التصدي للعدو الصهيوني وخلفه أمريكا والقوى الإمبريالية.
إتحاد الشباب الديمقراطي العالمي
منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
بيروت آب 2012
تضامناً مع العاملين في وسائل الإعلام ومع قناة "اليسارية" الفضائية
ورفضاً للفلتان الأمني وغياب الدولة عن لعب دورها الراعي والحامي لكل اللبنانيين
يدعوكم اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
لحضور
لقاء إعلامي – سياسي
في مركز الاتحاد الرئيسي – مار الياس – بيروت
نهار الأربعاء 22 آب الجاري الساعة 6 بعد الظهر
يتضمن اللقاء كلمات ومواقف لكل من:
اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني
نقابة العاملين في وسائل الإعلام المرئي والمسموع
إدارة قناة "اليسارية" الفضائية
وبحضور إعلاميين وناشطين ومتضامنين