فاتن الحاج - الاخبار
لن يكون المؤتمر الوطني النقابي الذي تنظمه هيئة التنسيق النقابية لمقاربة المعضلات الاجتماعية والحياتية، غداً الأربعاء، محطة مفصلية، إذا انتهى مجرد مهرجان خطابي لرفع العتب ولم تتحول الكلمات فيه إلى اقتراحات لخطة تحرك ميدانية مرتبطة بروزنامة زمنية محددة. هذا على الأقل ما يترقبه التيار النقابي المستقل برئاسة النقابي حنا غريب. سيشارك التيار، كما قال ناشطوه، في أعمال المؤتمر الذي ينتظر أن يستقطب ممثلين عن نقابات المهن الحرة واتحادات البلديات والجمعيات الأهلية والأندية وخبراء البيئة والاقتصاد. التيار يبدو مقتنعاً بإمكانية إنتاج قيادة موحدة نابعة من قلب التحركات الشعبية التي نزلت إلى الشارع «بالمفرق» وتحت عناوين مختلفة: إسقاط النظام الطائفي، سلسلة الرتب والرواتب، الكهرباء، المياه، النفايات، الإيجارات وغيرها.
ويتطلع أن تكون هذه القيادة مستقلة ذات صدقية وغير مرتبطة بالسلطة السياسية. لا يستطيع التيار أن يقرأ الملفات المتفجرة وشلل المؤسسات الدستورية خارج هذه السياسات المؤتمرة بالمؤسسات الدولية، لا سيما البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. برأيه، كل ما يحصل في كل هذه الملفات هو نتائج مؤتمر باريس ــ 3، لا سيما لجهة بناء دولة المحاصصة الطائفية والمذهبية كبديل لدولة الرعاية الاجتماعية والتمسك بالتعاقد الوظيفي وضرب القطاع العام وتصفيته. فرض تغيير السياسات لا يكون، كما يقول، إلاّ ببناء الدولة المدنية الديموقراطية التي تواجه الفساد. لكن كيف السبيل إلى ذلك ما دامت القوى النقابية وقوى المجتمع المدني نفسها التي يدعوها التيار إلى التحالف في ما بينها مرتبطة بشكل أو بآخر إما بأحزاب السلطة أو بالمؤسسات الخارجية وتفترق عند أول محك، كأن تختلف مثلاً حول من يكون القائد؟ هل سيكون موقف التيار في هذه الحالة سوريالياً؟ البعض، حتى من بين مناصري التيار النقابي المستقل، ليس لديهم أمل بالتغيير، بل هم غير مقتنعين أصلاً بمشاركة التيار في مؤتمر هيئة التنسيق، باعتبار أنّ التيار يجب أن يضع خطته الخاصة للمرحلة المقبلة بمعزل عن الهيئة. وسأل هؤلاء: «لماذا لا يكتفي التيار بإصدار بيان يعلن فيه ملاحظاته على كل الملفات؟ ماذا لو شارك في المؤتمر ممثلون عن الاتحاد العمالي العام وتجمع أصحاب الرساميل كما كان بعض المنظمين يخطط؟». مؤيدو المشاركة في المؤتمر يؤكدون أنهم لن يقفوا شهود زور على ما حدث سابقاً وسيعلنون قريباً خطتهم للمرحلة المقبلة، لكنهم سيكونون في الوقت نفسه في مقدمة المنخرطين في التحركات الميدانية لهيئة التنسيق في ما لو أعلنت الهيئة خطة تصعيدية واضحة. يقول الناشطون: «صحيح أن التحركات الشعبية المختلفة لم تؤدّ إلى تغيير السياسات، إلاّ أنّها حققت خطوات نوعية، إذ رفعت مستوى الوعي لدى الناس الذين انخرطوا أكثر في الدفاع عن قضاياهم الحياتية والمعيشية، وساهمت في أن تقفز الملفات الخدماتية المهمشة إلى صلب الحياة السياسية». برأيهم، المواجهة المفتوحة المتكاملة للسياسات الاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن تحصل من دون ولادة حركة شعبية منظمة بقيادة واعية تطرح مشروعاً بديلاً للنظام الحالي.