مايكل عادل - الاخبار
القاهرة | ليست المشاريع الفنيّة مجرد لقاء بشري لمجموعة من الموهوبين حول فكرة ما، وليست بالضرورة مشاريع ذات هدف محدد بعيد عن فكرة «الفن للفن». تلك المشاريع، خصوصاً الموسيقيّة والغنائية، هي تكامل بنيوي بين مجموعة من البشر يمتلك كل منهم موهبة وقدرات تتكامل في ما بينها، لتسفر عن مُنتج يفترض به أن لا يكون مسبوقاً، أو على الأقل يمتلك شيئاً جديداً يقدّمه لجمهور اعتاد الصور التقليدية.
وحين نتحدّث عن «إسكندريلا»، فإننا لا نقصد حازم شاهين عازف العود والمؤدي الصوتي والملحّن فقط، بل إننا نتحدث عن تجمّع متكامل طرأت عليه تعديلات عدة منذ تأسيسه حتى اليوم. منذ تأسيس «إسكندريلا» عام 2005، شكّلت صورة حديثة لفنون قديمة وأصيلة، بدأت بأشعار نبيّ العاميّة المصريّة فؤاد حداد وفيلسوف الرباعيّات صلاح جاهين، وقدّمت أيضاً أغنيات الشيخ إمام التي كتبها العبقري البسيط خالد الذِكر أحمد فؤاد نجم، بالإضافة إلى نجيب شهاب الدين وزين العابدين فؤاد. يبدو في بداية الحفلة، لمن يحضر للمرة الأولى أنّ هناك خطاً مستقيماً يضم مجموعة من الموسيقيين والمغنين، يتوسطهم حازم الذي يحمل العود ويعزف عليه بطريقة تبدو حماسية تصل إلى حد العنف، وينتج عنها نغم صارخ يصل إلى قلوب الآلاف من الحاضرين. ذلك الجمهور الذي يحفظ أغانيهم ويرددها معهم بصوت عالٍ يتماشى مع صوت عود شاهين. شارك الفرقة في بداياتها الملحن المصري شادي مؤنس قبل أن يطلق فرقته «حكايات». وإلى جوار أنشطتها، تقوم «إسكندريلا» بتقديم حفلات تحت مسمّى «فرقة الشارع» لتطعّم من خلالها الغناء والموسيقى بأشعار أمين وأحمد وفؤاد حدّاد، وأشعار صلاح جاهين. أنتجت «إسكندريلا» أغنيات جديدة خاصة بالفرقة من كلمات أمين وأحمد حداد مثل «صفحة جديدة» و«ده جنب ده» وغيرهما، وكذلك قام شاهين بتلحين قصائد قديمة للراحل فؤاد حداد مثل «مصر جميلة». وفي العام الماضي، قدّمت الفرقة أول ألبوم لها بعنوان «صفحة جديدة» (إنتاج شركة «مقام» والفنان العراقي سيف عريبي). شاركت «إسكندريلا» في فعاليات فنية متعددة لعل أبرزها تلك الفعاليات المتعلّقة بالثورة المصريّة في يناير 2011، و«الفن ميدان» التي كانت تهدف إلى تقديم الفنون المختلفة للمواطنين في الشوارع بلا كلفة ومن دون تذاكر دخول. كما شاركت أيضاً في فعاليات فنيّة في تونس عقب الثورة، وقدّمت أغنيات مصرية يحفظها الشعب التونسي عن ظهر قلب، أبرزها أغاني الشيخ إمام عيسى لأشعار الفاجومي. وبينما كان الفريق يقدم أغانيه ضمن فعالية «الفن ميدان»، فوجئ الجمهور بتقسيم ودخول على نغمات العود، بدا مألوفاً لآذان السامعين، ليدخل صوت شاهين قائلاً: «أنا مش كافر، بس الجوع كافر». أتت الصيحات صاخبة في تعبير عن فرحة لسماعهم أغنية العبقري زياد الرحباني، بأداء فرقتهم المحبوبة. وقد كانت «أنا مش كافر» بمثابة تأشيرة لدخول شاهين إلى منصة حفلة الرحباني في القاهرة عام 2013، ليجلس إلى جوار زياد مؤدياً «شو هالإيّام» و«أنا مش كافر» مطعّماً تركيبة الموسيقى الرحبانيّة بضرباته على العود إلى جوارها. وقد شاركت «إسكندريلا» كفرقة كاملة في فعاليات الذكرى التسعين لتأسيس «الحزب الشيوعي اللبناني»، إلى جانب فقرتي زياد الرحباني والفنانة الفلسطينيّة ريم بنّا، وكأننا في صدد «ندّاهة» لبنانية للفرقة المصريّة. وفيما يبدو أن هذه الندّاهة كررت نداءها مرّة جديدة، فقد أحيت الفرقة المصرية حفلة الحزب الشيوعي لمناسبة عيد العمّال أخيراً في بلدة الزرارية (جنوب لبنان). لم تنته المحطة اللبنانية لـ «اسكندريلا» هنا. عند الثامنة والنصف من مساء الليلة، تقدّم حفلة في «المركز الثقافي الروسي»، بدعوة من «نادي لكل الناس» و»تاء مربوطة». في الأمسية، سنستمع إلى مجموعة من أغنيات الشيخ إمام عيسى من أشعار أحمد فؤاد نجم، وزين العابدين فؤاد، ونجيب شهاب الدين، وعدد من أغنيات سيد درويش من كلمات بديع خيري، وبيرم التونسي، ويونس القاضي وأخرى لزياد الرحباني. كذلك، تقدم الفرقة أغنياتها الخاصة التي اشتهرت لدى تقديمها خلال الثورة المصرية، من كلمات أحمد وأمين حداد وألحان حازم شاهين.
* «فرقة إسكندريلا»: 20:30 مساء اليوم ــ «المركز الثقافي الروسي» (فردان ــ بيروت).