يارا نحلة – المدن
نظّم، أمس (الخميس) مركز الموارد الجندرية والجنسانية نقاشاً بعنوان "في منزل باربي أو ورشة بناء: داخل الفضاء البطريركي"، في دار بيسترو. استضاف النقاش جنى نخال، الحائزة على ليسانس في التصميم المكاني وماجيستير في التنظيم الحضري. وقد تناولت علاقة الجندر بـ"المكان والفضاء الذي نحتل ونغير". وأجابت على أسئلة مثل "هل يملك المكان هوية جندرية؟"، و"ما هي الأمكنة التي تحتضن النساء؟"، و"هل يمكننا الحديث عن مساحات تقمع النساء؟".
ارتكزت نخال في حديثها على ما اسمته "الإيقاع الجندري للمكان". واتخذت المساكن الشعبية في صور نموذجاً لبحثها، فدرست علاقة المرأة بالمكان وتأثرها به وتأثيرها عليه، وهذا ما حتّم دراسة علاقة الداخل بالخارج. فلاحظت تأثر البرندات والأبواب والشبابيك بالعلاقات الجندرية. فتعتبر البرندة مرحلة انتقالية بين الداخل والخارج، تتصرف فيها المرأة "بنصف حرية". أما الأبواب فتبقى مفتوحة في هذه الأحياء وإن كانت المرأة داخل المنزل محجبة، لأن المسؤولية تقع على عاتق المار (الرجل) بعدم اختلاسه النظر الى الداخل. وتحدثت نخال عن تقسيم البيوت بين البرندة (مرحلة انتقالية)، والصالون حيث يجلس الرجال عادة، وعبره إلى المكان الأكثر حميمية كغرفة الجلوس، والتي تكون للنساء. وقد يكون للزائرات النساء شرف الدخول الى غرفة النوم، التي تعتبر الأكثر حميمية بين غرف البيت، وان كنّ من غير أهل البيت. فبحسب تعبير نخال "يمكنني أنا المرأة الغريبة الدخول الى غرفة نوم امرأة أخرى ولا يمكن لرجل مقرب منها أن يفعل ذلك". ويبين ذلك الدور الجوهري للجندر في استخدام المكان. كما تطرقت نخال الى موضوع حاجات المرأة في المكان، وتعارضها أحياناً مع حاجات الرجل. وليس الأمر ثنائياً فقط، بل تختلف الحاجات من شخص الى آخر بحسب قياسات الجسد واعتبارات أخرى كإرتداء الحجاب أو عدمه. الا أن العمارة، على ما وصفتها نخال، "توتاليتارية" اذ تعتمد على معايير موحدة وضعها مهندسون مدنيون ومعماريون، هم بمعظمهم من الرجال، ويفتقدون الى الحساسية الجندرية التي تمكّنهم من ادراك حاجات النساء، التي تبقى مهمشة وثانوية. وتحكي نخال عن حادثة تظهر غياب هذه الحساسية عند مصممي الأمكنة. "طلب منا مرة تصميم طريق، واذ كنا نعاني في ايجاد طريقة لقطع الشارع، سألنا الأستاذ لما لا نبني جسراً للمشاة. قلت أنني لا أفكر أبداً ببناء جسر مشاة في لبنان لأنه مكان للتحرش، فأجاب أن ذلك لم يخطر في باله يوماً". ذلك أن المدرسة المهيمنة في العمارة هي المدرسة الشكلية، التي تهتم بـ"شكل" المدينة متجاهلة أشياء أخرى كـ"هوية" المكان، و"هي تضم معماريين يعتمدون منهجية موحدة في العمل ويعطون لأنفسهم من دون سواهم الحق في تقرير حاجات الناس وتلبيتها"، وفق نخال. واذ فشل هؤلاء في أماكن عديدة، بدأوا يقرون بضرورة التنازل وبإدخال عناصر من الإنثربولوجيا، ومن المدرسة الماركسية. أما المدرسة المعمارية النسوية فهي وفق نخال "عبارة عن تجارب فردية". الا ان هيمنة هذه المدرسة ليست عشوائية، انما مقصودة وتخدم النظام الرأسمالي القائم، الذي يستخدم البطريركية للقمع. فالعمارة منجزة بطريقة تجعل الناس يقفون في خط واحد. والمكان يحدد من يمكنه الدخول إليه. ولا ينطبق الأمر على الجندر والجنسانية فحسب، بل يحدث القمع على مستويات أخرى كاللون، العرق والطبقة. فـ"معظم الأمكنة مصممة على أساس قياسات الرجل الأوروبي الأبيض، الذي يعتبر المثال". وتؤكد نخال أنه "كما ينظر النظام القائم الى ملوّن البشرة أو المثلي بذات الطريقة التي ينظر بها الى الفقير، ينطبق الأمر على العمارة". فالبحر مثلاً يعتبر منطقة لأبنية من نوع واحد، هي الأبنية الجميلة، ولناس من نوع واحد، هم الأغنياء. من هنا، تبرز، بحسب نخال، حاجات عديدة في العمارة منها "النظر الى كيفية قمع المكان للأشخاص، وكيفية اعادة استملاك المكان، بالإضافة الى الحاجة لأخذ حاجات الأشخاص على أنواعهم بعين الإعتبار، لا حاجات الرجل فحسب". كما يجب النظر الى المكان على أنه يُنتج ليتغير لا ليبقى ثابتاً. وقالت نخال لـ"المدن" انه "يمكن للفرد أن ينشط ويناضل على مستويي العمارة والتصميم المكاني، الا أن المحاولات في لبنان اليوم هي في الإتجاه الخاطئ اذ ليست موجهة ضد مصدر القمع، أي النظام. والتغيير يجب أن يحدث على مستوى السياسات الإقتصادية". هذا النقاش هو الخامس ضمن سلسلة نقاشات "دردشات جندرية" الشهرية. وقالت نور نصر، مديرة المركز، لـ"المدن" أن "دردشات جندرية تعرض أبحاث ناشطين أو طلاب جامعات وليس أساتذة جامعيين. وهي أحاديث غير رسمية تجرى باللغة العربية، كي تصل إلىكل الناس
ظّم، أمس (الخميس) مركز الموارد الجندرية والجنسانية نقاشاً بعنوان "في منزل باربي أو ورشة بناء: داخل الفضاء البطريركي"، في دار بيسترو. استضاف النقاش جنى نخال، الحائزة على ليسانس في التصميم المكاني وماجيستير في التنظيم الحضري. وقد تناولت علاقة الجندر بـ"المكان والفضاء الذي نحتل ونغير". وأجابت على أسئلة مثل "هل يملك المكان هوية جندرية؟"، و"ما هي الأمكنة التي تحتضن النساء؟"، و"هل يمكننا الحديث عن مساحات تقمع النساء؟".
ارتكزت نخال في حديثها على ما اسمته "الإيقاع الجندري للمكان". واتخذت المساكن الشعبية في صور نموذجاً لبحثها، فدرست علاقة المرأة بالمكان وتأثرها به وتأثيرها عليه، وهذا ما حتّم دراسة علاقة الداخل بالخارج. فلاحظت تأثر البرندات والأبواب والشبابيك بالعلاقات الجندرية. فتعتبر البرندة مرحلة انتقالية بين الداخل والخارج، تتصرف فيها المرأة "بنصف حرية". أما الأبواب فتبقى مفتوحة في هذه الأحياء وإن كانت المرأة داخل المنزل محجبة، لأن المسؤولية تقع على عاتق المار (الرجل) بعدم اختلاسه النظر الى الداخل.وتحدثت نخال عن تقسيم البيوت بين البرندة (مرحلة انتقالية)، والصالون حيث يجلس الرجال عادة، وعبره إلى المكان الأكثر حميمية كغرفة الجلوس، والتي تكون للنساء. وقد يكون للزائرات النساء شرف الدخول الى غرفة النوم، التي تعتبر الأكثر حميمية بين غرف البيت، وان كنّ من غير أهل البيت. فبحسب تعبير نخال "يمكنني أنا المرأة الغريبة الدخول الى غرفة نوم امرأة أخرى ولا يمكن لرجل مقرب منها أن يفعل ذلك". ويبين ذلك الدور الجوهري للجندر في استخدام المكان. كما تطرقت نخال الى موضوع حاجات المرأة في المكان، وتعارضها أحياناً مع حاجات الرجل. وليس الأمر ثنائياً فقط، بل تختلف الحاجات من شخص الى آخر بحسب قياسات الجسد واعتبارات أخرى كإرتداء الحجاب أو عدمه. الا أن العمارة، على ما وصفتها نخال، "توتاليتارية" اذ تعتمد على معايير موحدة وضعها مهندسون مدنيون ومعماريون، هم بمعظمهم من الرجال، ويفتقدون الى الحساسية الجندرية التي تمكّنهم من ادراك حاجات النساء، التي تبقى مهمشة وثانوية.وتحكي نخال عن حادثة تظهر غياب هذه الحساسية عند مصممي الأمكنة. "طلب منا مرة تصميم طريق، واذ كنا نعاني في ايجاد طريقة لقطع الشارع، سألنا الأستاذ لما لا نبني جسراً للمشاة. قلت أنني لا أفكر أبداً ببناء جسر مشاة في لبنان لأنه مكان للتحرش، فأجاب أن ذلك لم يخطر في باله يوماً".ذلك أن المدرسة المهيمنة في العمارة هي المدرسة الشكلية، التي تهتم بـ"شكل" المدينة متجاهلة أشياء أخرى كـ"هوية" المكان، و"هي تضم معماريين يعتمدون منهجية موحدة في العمل ويعطون لأنفسهم من دون سواهم الحق في تقرير حاجات الناس وتلبيتها"، وفق نخال. واذ فشل هؤلاء في أماكن عديدة، بدأوا يقرون بضرورة التنازل وبإدخال عناصر من الإنثربولوجيا، ومن المدرسة الماركسية. أما المدرسة المعمارية النسوية فهي وفق نخال "عبارة عن تجارب فردية".الا ان هيمنة هذه المدرسة ليست عشوائية، انما مقصودة وتخدم النظام الرأسمالي القائم، الذي يستخدم البطريركية للقمع. فالعمارة منجزة بطريقة تجعل الناس يقفون في خط واحد. والمكان يحدد من يمكنه الدخول إليه. ولا ينطبق الأمر على الجندر والجنسانية فحسب، بل يحدث القمع على مستويات أخرى كاللون، العرق والطبقة. فـ"معظم الأمكنة مصممة على أساس قياسات الرجل الأوروبي الأبيض، الذي يعتبر المثال". وتؤكد نخال أنه "كما ينظر النظام القائم الى ملوّن البشرة أو المثلي بذات الطريقة التي ينظر بها الى الفقير، ينطبق الأمر على العمارة". فالبحر مثلاً يعتبر منطقة لأبنية من نوع واحد، هي الأبنية الجميلة، ولناس من نوع واحد، هم الأغنياء.من هنا، تبرز، بحسب نخال، حاجات عديدة في العمارة منها "النظر الى كيفية قمع المكان للأشخاص، وكيفية اعادة استملاك المكان، بالإضافة الى الحاجة لأخذ حاجات الأشخاص على أنواعهم بعين الإعتبار، لا حاجات الرجل فحسب". كما يجب النظر الى المكان على أنه يُنتج ليتغير لا ليبقى ثابتاً. وقالت نخال لـ"المدن" انه "يمكن للفرد أن ينشط ويناضل على مستويي العمارة والتصميم المكاني، الا أن المحاولات في لبنان اليوم هي في الإتجاه الخاطئ اذ ليست موجهة ضد مصدر القمع، أي النظام. والتغيير يجب أن يحدث على مستوى السياسات الإقتصادية". هذا النقاش هو الخامس ضمن سلسلة نقاشات "دردشات جندرية" الشهرية. وقالت نور نصر، مديرة المركز، لـ"المدن" أن "دردشات جندرية تعرض أبحاث ناشطين أو طلاب جامعات وليس أساتذة جامعيين. وهي أحاديث غير رسمية تجرى باللغة العربية، كي تصل إلى
- See more at: http://www.almodon.com/society/eff2aea5-cd25-4b16-a166-e84ed3f2e9dc#sthash.K5AEbnpE.dpufظّم، أمس (الخميس) مركز الموارد الجندرية والجنسانية نقاشاً بعنوان "في منزل باربي أو ورشة بناء: داخل الفضاء البطريركي"، في دار بيسترو. استضاف النقاش جنى نخال، الحائزة على ليسانس في التصميم المكاني وماجيستير في التنظيم الحضري. وقد تناولت علاقة الجندر بـ"المكان والفضاء الذي نحتل ونغير". وأجابت على أسئلة مثل "هل يملك المكان هوية جندرية؟"، و"ما هي الأمكنة التي تحتضن النساء؟"، و"هل يمكننا الحديث عن مساحات تقمع النساء؟".
ارتكزت نخال في حديثها على ما اسمته "الإيقاع الجندري للمكان". واتخذت المساكن الشعبية في صور نموذجاً لبحثها، فدرست علاقة المرأة بالمكان وتأثرها به وتأثيرها عليه، وهذا ما حتّم دراسة علاقة الداخل بالخارج. فلاحظت تأثر البرندات والأبواب والشبابيك بالعلاقات الجندرية. فتعتبر البرندة مرحلة انتقالية بين الداخل والخارج، تتصرف فيها المرأة "بنصف حرية". أما الأبواب فتبقى مفتوحة في هذه الأحياء وإن كانت المرأة داخل المنزل محجبة، لأن المسؤولية تقع على عاتق المار (الرجل) بعدم اختلاسه النظر الى الداخل.وتحدثت نخال عن تقسيم البيوت بين البرندة (مرحلة انتقالية)، والصالون حيث يجلس الرجال عادة، وعبره إلى المكان الأكثر حميمية كغرفة الجلوس، والتي تكون للنساء. وقد يكون للزائرات النساء شرف الدخول الى غرفة النوم، التي تعتبر الأكثر حميمية بين غرف البيت، وان كنّ من غير أهل البيت. فبحسب تعبير نخال "يمكنني أنا المرأة الغريبة الدخول الى غرفة نوم امرأة أخرى ولا يمكن لرجل مقرب منها أن يفعل ذلك". ويبين ذلك الدور الجوهري للجندر في استخدام المكان. كما تطرقت نخال الى موضوع حاجات المرأة في المكان، وتعارضها أحياناً مع حاجات الرجل. وليس الأمر ثنائياً فقط، بل تختلف الحاجات من شخص الى آخر بحسب قياسات الجسد واعتبارات أخرى كإرتداء الحجاب أو عدمه. الا أن العمارة، على ما وصفتها نخال، "توتاليتارية" اذ تعتمد على معايير موحدة وضعها مهندسون مدنيون ومعماريون، هم بمعظمهم من الرجال، ويفتقدون الى الحساسية الجندرية التي تمكّنهم من ادراك حاجات النساء، التي تبقى مهمشة وثانوية.وتحكي نخال عن حادثة تظهر غياب هذه الحساسية عند مصممي الأمكنة. "طلب منا مرة تصميم طريق، واذ كنا نعاني في ايجاد طريقة لقطع الشارع، سألنا الأستاذ لما لا نبني جسراً للمشاة. قلت أنني لا أفكر أبداً ببناء جسر مشاة في لبنان لأنه مكان للتحرش، فأجاب أن ذلك لم يخطر في باله يوماً".ذلك أن المدرسة المهيمنة في العمارة هي المدرسة الشكلية، التي تهتم بـ"شكل" المدينة متجاهلة أشياء أخرى كـ"هوية" المكان، و"هي تضم معماريين يعتمدون منهجية موحدة في العمل ويعطون لأنفسهم من دون سواهم الحق في تقرير حاجات الناس وتلبيتها"، وفق نخال. واذ فشل هؤلاء في أماكن عديدة، بدأوا يقرون بضرورة التنازل وبإدخال عناصر من الإنثربولوجيا، ومن المدرسة الماركسية. أما المدرسة المعمارية النسوية فهي وفق نخال "عبارة عن تجارب فردية".الا ان هيمنة هذه المدرسة ليست عشوائية، انما مقصودة وتخدم النظام الرأسمالي القائم، الذي يستخدم البطريركية للقمع. فالعمارة منجزة بطريقة تجعل الناس يقفون في خط واحد. والمكان يحدد من يمكنه الدخول إليه. ولا ينطبق الأمر على الجندر والجنسانية فحسب، بل يحدث القمع على مستويات أخرى كاللون، العرق والطبقة. فـ"معظم الأمكنة مصممة على أساس قياسات الرجل الأوروبي الأبيض، الذي يعتبر المثال". وتؤكد نخال أنه "كما ينظر النظام القائم الى ملوّن البشرة أو المثلي بذات الطريقة التي ينظر بها الى الفقير، ينطبق الأمر على العمارة". فالبحر مثلاً يعتبر منطقة لأبنية من نوع واحد، هي الأبنية الجميلة، ولناس من نوع واحد، هم الأغنياء.من هنا، تبرز، بحسب نخال، حاجات عديدة في العمارة منها "النظر الى كيفية قمع المكان للأشخاص، وكيفية اعادة استملاك المكان، بالإضافة الى الحاجة لأخذ حاجات الأشخاص على أنواعهم بعين الإعتبار، لا حاجات الرجل فحسب". كما يجب النظر الى المكان على أنه يُنتج ليتغير لا ليبقى ثابتاً. وقالت نخال لـ"المدن" انه "يمكن للفرد أن ينشط ويناضل على مستويي العمارة والتصميم المكاني، الا أن المحاولات في لبنان اليوم هي في الإتجاه الخاطئ اذ ليست موجهة ضد مصدر القمع، أي النظام. والتغيير يجب أن يحدث على مستوى السياسات الإقتصادية". هذا النقاش هو الخامس ضمن سلسلة نقاشات "دردشات جندرية" الشهرية. وقالت نور نصر، مديرة المركز، لـ"المدن" أن "دردشات جندرية تعرض أبحاث ناشطين أو طلاب جامعات وليس أساتذة جامعيين. وهي أحاديث غير رسمية تجرى باللغة العربية، كي تصل إلى
- See more at: http://www.almodon.com/society/eff2aea5-cd25-4b16-a166-e84ed3f2e9dc#sthash.K5AEbnpE.dpufنظّم، أمس (الخميس) مركز الموارد الجندرية والجنسانية نقاشاً بعنوان "في منزل باربي أو ورشة بناء: داخل الفضاء البطريركي"، في دار بيسترو. استضاف النقاش جنى نخال، الحائزة على ليسانس في التصميم المكاني وماجيستير في التنظيم الحضري. وقد تناولت علاقة الجندر بـ"المكان والفضاء الذي نحتل ونغير". وأجابت على أسئلة مثل "هل يملك المكان هوية جندرية؟"، و"ما هي الأمكنة التي تحتضن النساء؟"، و"هل يمكننا الحديث عن مساحات تقمع النساء؟".
ارتكزت نخال في حديثها على ما اسمته "الإيقاع الجندري للمكان". واتخذت المساكن الشعبية في صور نموذجاً لبحثها، فدرست علاقة المرأة بالمكان وتأثرها به وتأثيرها عليه، وهذا ما حتّم دراسة علاقة الداخل بالخارج. فلاحظت تأثر البرندات والأبواب والشبابيك بالعلاقات الجندرية. فتعتبر البرندة مرحلة انتقالية بين الداخل والخارج، تتصرف فيها المرأة "بنصف حرية". أما الأبواب فتبقى مفتوحة في هذه الأحياء وإن كانت المرأة داخل المنزل محجبة، لأن المسؤولية تقع على عاتق المار (الرجل) بعدم اختلاسه النظر الى الداخل.وتحدثت نخال عن تقسيم البيوت بين البرندة (مرحلة انتقالية)، والصالون حيث يجلس الرجال عادة، وعبره إلى المكان الأكثر حميمية كغرفة الجلوس، والتي تكون للنساء. وقد يكون للزائرات النساء شرف الدخول الى غرفة النوم، التي تعتبر الأكثر حميمية بين غرف البيت، وان كنّ من غير أهل البيت. فبحسب تعبير نخال "يمكنني أنا المرأة الغريبة الدخول الى غرفة نوم امرأة أخرى ولا يمكن لرجل مقرب منها أن يفعل ذلك". ويبين ذلك الدور الجوهري للجندر في استخدام المكان. كما تطرقت نخال الى موضوع حاجات المرأة في المكان، وتعارضها أحياناً مع حاجات الرجل. وليس الأمر ثنائياً فقط، بل تختلف الحاجات من شخص الى آخر بحسب قياسات الجسد واعتبارات أخرى كإرتداء الحجاب أو عدمه. الا أن العمارة، على ما وصفتها نخال، "توتاليتارية" اذ تعتمد على معايير موحدة وضعها مهندسون مدنيون ومعماريون، هم بمعظمهم من الرجال، ويفتقدون الى الحساسية الجندرية التي تمكّنهم من ادراك حاجات النساء، التي تبقى مهمشة وثانوية.وتحكي نخال عن حادثة تظهر غياب هذه الحساسية عند مصممي الأمكنة. "طلب منا مرة تصميم طريق، واذ كنا نعاني في ايجاد طريقة لقطع الشارع، سألنا الأستاذ لما لا نبني جسراً للمشاة. قلت أنني لا أفكر أبداً ببناء جسر مشاة في لبنان لأنه مكان للتحرش، فأجاب أن ذلك لم يخطر في باله يوماً".ذلك أن المدرسة المهيمنة في العمارة هي المدرسة الشكلية، التي تهتم بـ"شكل" المدينة متجاهلة أشياء أخرى كـ"هوية" المكان، و"هي تضم معماريين يعتمدون منهجية موحدة في العمل ويعطون لأنفسهم من دون سواهم الحق في تقرير حاجات الناس وتلبيتها"، وفق نخال. واذ فشل هؤلاء في أماكن عديدة، بدأوا يقرون بضرورة التنازل وبإدخال عناصر من الإنثربولوجيا، ومن المدرسة الماركسية. أما المدرسة المعمارية النسوية فهي وفق نخال "عبارة عن تجارب فردية".الا ان هيمنة هذه المدرسة ليست عشوائية، انما مقصودة وتخدم النظام الرأسمالي القائم، الذي يستخدم البطريركية للقمع. فالعمارة منجزة بطريقة تجعل الناس يقفون في خط واحد. والمكان يحدد من يمكنه الدخول إليه. ولا ينطبق الأمر على الجندر والجنسانية فحسب، بل يحدث القمع على مستويات أخرى كاللون، العرق والطبقة. فـ"معظم الأمكنة مصممة على أساس قياسات الرجل الأوروبي الأبيض، الذي يعتبر المثال". وتؤكد نخال أنه "كما ينظر النظام القائم الى ملوّن البشرة أو المثلي بذات الطريقة التي ينظر بها الى الفقير، ينطبق الأمر على العمارة". فالبحر مثلاً يعتبر منطقة لأبنية من نوع واحد، هي الأبنية الجميلة، ولناس من نوع واحد، هم الأغنياء.من هنا، تبرز، بحسب نخال، حاجات عديدة في العمارة منها "النظر الى كيفية قمع المكان للأشخاص، وكيفية اعادة استملاك المكان، بالإضافة الى الحاجة لأخذ حاجات الأشخاص على أنواعهم بعين الإعتبار، لا حاجات الرجل فحسب". كما يجب النظر الى المكان على أنه يُنتج ليتغير لا ليبقى ثابتاً. وقالت نخال لـ"المدن" انه "يمكن للفرد أن ينشط ويناضل على مستويي العمارة والتصميم المكاني، الا أن المحاولات في لبنان اليوم هي في الإتجاه الخاطئ اذ ليست موجهة ضد مصدر القمع، أي النظام. والتغيير يجب أن يحدث على مستوى السياسات الإقتصادية". هذا النقاش هو الخامس ضمن سلسلة نقاشات "دردشات جندرية" الشهرية. وقالت نور نصر، مديرة المركز، لـ"المدن" أن "دردشات جندرية تعرض أبحاث ناشطين أو طلاب جامعات وليس أساتذة جامعيين. وهي أحاديث غير رسمية تجرى باللغة العربية، كي تصل إلى كل الناس".
- See more at: http://www.almodon.com/society/eff2aea5-cd25-4b16-a166-e84ed3f2e9dc#sthash.K5AEbnpE.dpufنظّم، أمس (الخميس) مركز الموارد الجندرية والجنسانية نقاشاً بعنوان "في منزل باربي أو ورشة بناء: داخل الفضاء البطريركي"، في دار بيسترو. استضاف النقاش جنى نخال، الحائزة على ليسانس في التصميم المكاني وماجيستير في التنظيم الحضري. وقد تناولت علاقة الجندر بـ"المكان والفضاء الذي نحتل ونغير". وأجابت على أسئلة مثل "هل يملك المكان هوية جندرية؟"، و"ما هي الأمكنة التي تحتضن النساء؟"، و"هل يمكننا الحديث عن مساحات تقمع النساء؟".
ارتكزت نخال في حديثها على ما اسمته "الإيقاع الجندري للمكان". واتخذت المساكن الشعبية في صور نموذجاً لبحثها، فدرست علاقة المرأة بالمكان وتأثرها به وتأثيرها عليه، وهذا ما حتّم دراسة علاقة الداخل بالخارج. فلاحظت تأثر البرندات والأبواب والشبابيك بالعلاقات الجندرية. فتعتبر البرندة مرحلة انتقالية بين الداخل والخارج، تتصرف فيها المرأة "بنصف حرية". أما الأبواب فتبقى مفتوحة في هذه الأحياء وإن كانت المرأة داخل المنزل محجبة، لأن المسؤولية تقع على عاتق المار (الرجل) بعدم اختلاسه النظر الى الداخل.وتحدثت نخال عن تقسيم البيوت بين البرندة (مرحلة انتقالية)، والصالون حيث يجلس الرجال عادة، وعبره إلى المكان الأكثر حميمية كغرفة الجلوس، والتي تكون للنساء. وقد يكون للزائرات النساء شرف الدخول الى غرفة النوم، التي تعتبر الأكثر حميمية بين غرف البيت، وان كنّ من غير أهل البيت. فبحسب تعبير نخال "يمكنني أنا المرأة الغريبة الدخول الى غرفة نوم امرأة أخرى ولا يمكن لرجل مقرب منها أن يفعل ذلك". ويبين ذلك الدور الجوهري للجندر في استخدام المكان. كما تطرقت نخال الى موضوع حاجات المرأة في المكان، وتعارضها أحياناً مع حاجات الرجل. وليس الأمر ثنائياً فقط، بل تختلف الحاجات من شخص الى آخر بحسب قياسات الجسد واعتبارات أخرى كإرتداء الحجاب أو عدمه. الا أن العمارة، على ما وصفتها نخال، "توتاليتارية" اذ تعتمد على معايير موحدة وضعها مهندسون مدنيون ومعماريون، هم بمعظمهم من الرجال، ويفتقدون الى الحساسية الجندرية التي تمكّنهم من ادراك حاجات النساء، التي تبقى مهمشة وثانوية.وتحكي نخال عن حادثة تظهر غياب هذه الحساسية عند مصممي الأمكنة. "طلب منا مرة تصميم طريق، واذ كنا نعاني في ايجاد طريقة لقطع الشارع، سألنا الأستاذ لما لا نبني جسراً للمشاة. قلت أنني لا أفكر أبداً ببناء جسر مشاة في لبنان لأنه مكان للتحرش، فأجاب أن ذلك لم يخطر في باله يوماً".ذلك أن المدرسة المهيمنة في العمارة هي المدرسة الشكلية، التي تهتم بـ"شكل" المدينة متجاهلة أشياء أخرى كـ"هوية" المكان، و"هي تضم معماريين يعتمدون منهجية موحدة في العمل ويعطون لأنفسهم من دون سواهم الحق في تقرير حاجات الناس وتلبيتها"، وفق نخال. واذ فشل هؤلاء في أماكن عديدة، بدأوا يقرون بضرورة التنازل وبإدخال عناصر من الإنثربولوجيا، ومن المدرسة الماركسية. أما المدرسة المعمارية النسوية فهي وفق نخال "عبارة عن تجارب فردية".الا ان هيمنة هذه المدرسة ليست عشوائية، انما مقصودة وتخدم النظام الرأسمالي القائم، الذي يستخدم البطريركية للقمع. فالعمارة منجزة بطريقة تجعل الناس يقفون في خط واحد. والمكان يحدد من يمكنه الدخول إليه. ولا ينطبق الأمر على الجندر والجنسانية فحسب، بل يحدث القمع على مستويات أخرى كاللون، العرق والطبقة. فـ"معظم الأمكنة مصممة على أساس قياسات الرجل الأوروبي الأبيض، الذي يعتبر المثال". وتؤكد نخال أنه "كما ينظر النظام القائم الى ملوّن البشرة أو المثلي بذات الطريقة التي ينظر بها الى الفقير، ينطبق الأمر على العمارة". فالبحر مثلاً يعتبر منطقة لأبنية من نوع واحد، هي الأبنية الجميلة، ولناس من نوع واحد، هم الأغنياء.من هنا، تبرز، بحسب نخال، حاجات عديدة في العمارة منها "النظر الى كيفية قمع المكان للأشخاص، وكيفية اعادة استملاك المكان، بالإضافة الى الحاجة لأخذ حاجات الأشخاص على أنواعهم بعين الإعتبار، لا حاجات الرجل فحسب". كما يجب النظر الى المكان على أنه يُنتج ليتغير لا ليبقى ثابتاً. وقالت نخال لـ"المدن" انه "يمكن للفرد أن ينشط ويناضل على مستويي العمارة والتصميم المكاني، الا أن المحاولات في لبنان اليوم هي في الإتجاه الخاطئ اذ ليست موجهة ضد مصدر القمع، أي النظام. والتغيير يجب أن يحدث على مستوى السياسات الإقتصادية". هذا النقاش هو الخامس ضمن سلسلة نقاشات "دردشات جندرية" الشهرية. وقالت نور نصر، مديرة المركز، لـ"المدن" أن "دردشات جندرية تعرض أبحاث ناشطين أو طلاب جامعات وليس أساتذة جامعيين. وهي أحاديث غير رسمية تجرى باللغة العربية، كي تصل إلى كل الناس".
- See more at: http://www.almodon.com/society/eff2aea5-cd25-4b16-a166-e84ed3f2e9dc#sthash.K5AEbnpE.dpuf