السفير
بدا، أمس، ان جريمة قتل وزير شؤون الاستيطان والجدار في السلطة الفلسطينية زياد ابو عين على أيدي جنود الاحتلال أجّج الغضب الفلسطيني أكثر فأكثر، وهو ما تبدّى في أكثر من مكان، سواء في القدس والضفة الغربية المحتلتين، اللتين شهدتا استنفاراً إسرائيلياً واسعاً، في ظل مواجهات رافقتها حملات اعتقال، أو خارج فلسطين، حيث كان لافتاً حادث اطلاق النار على السفارة الاسرائيلية في أثينا، وذلك بعد يومين على جريمة الاغتيال. وتأتي هذه التطورات عشية لقاء مرتقب في روما، غداً، بين رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، وفي ظل أزمة سياسية في الداخل الإسرائيلي، واستفاقة متأخرة من قبل الرأي العام الدولي تجاه جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين. ويبدو أن الخلافات القائمة بين اسرائيل والولايات المتحدة، بحسب ما رشح من تسريبات ومواقف خلال الفترة الاخيرة، لم تمنع الحليفين التاريخيين، من التموضع في خندق واحد ضد الحقوق الفلسطينية، خصوصاً ان اجتماع نتنياهو وكيري يستهدف، بحسب ما اوردته الصحف الاسرائيلية، تنسيق الجهود قبل تصويت مرتقب في مجلس الامن الدولي على إنهاء الاحتلال، ومؤتمر دولي تستعد سويسرا لتنظيمه بشأن الانتهاكات الاسرائيلية للقانون الدولي في الاراضي المحتلة. وشهدت مدينة القدس المحتلة، خصوصاً البلدة القديمة وبوابات المسجد الأقصى، يوم أمس، حالة استنفار واسعة لقوات شرطة الاحتلال، تحسباً لمسيرات جماهيرية مندّدة باغتيال أبو عين. ونشرت شرطة الاحتلال المئات من أفرادها، ومن بينها قوات خاصة وخيّالة، في شوارع وطرقات وأزقة القدس القديمة، وبخاصة تلك المؤدية إلى الحرم القدسي، وكذلك في المنطقة الممتدة من سوق المُصرارة، وباب العامود مروراً بشارعَي السلطان سليمان وصلاح الدين وباب الساهرة وصولاً الى منطقة باب الأسباط. ونصبت قوات الاحتلال المتاريس في شوارع المدينة وطرقاتها، وحلق منطاد راداري ومروحية في سماء المدينة المحتلة لمراقبة المصلين. وامتدت إجراءات الاحتلال إلى الأحياء القريبة والمتاخمة للبلدة القديمة، لا سيما في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، وأحياء جبل الزيتون والطور والصوّانة ووادي الجوز، وصولاً إلى العيسوية ومخيم شعفاط وبيت حنينا وجبل المكبر وصور باهر. وبالرغم من هذا الانتشار العسكري الكبير لقوات الاحتلال شهد المسجد الأقصى تدفقاً كبيراً للمواطنين الفلسطينيين، فيما احتجزت شرطة الاحتلال بطاقات مئات الشبان على بوابات المسجد الأقصى الرئيسية. وفي موازاة ذلك، صعد جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومه على الفلسطينيين، حيث اندلعت مواجهات، بعد صلاة الجمعة، في أعقاب مداهمة قوات الاحتلال مكان مهرجان انطلاقة حركة حماس في ساحة «مدرسة وصايا الرسول» في جنوب مدينة الخليل. وتجمّع المئات من المواطنين بجوار «مسجد وصايا الرسول»، فيما أطلقت قوات الاحتلال الغاز المسيل للدموع بكثافة، ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بالاختناق. وتأتي مداهمة جيش الاحتلال لمكان المهرجان بعد ساعات من اتصالات هاتفية أجراها ضباط في أجهزة استخبارات الاحتلال مع أسرى محررين وناشطين في حركة حماس، حذروهم خلالها من المشاركة في أية فعالية شعبية. كذلك، شنّت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 20 مواطناً من الضفة والقدس. وبعد يومين على استشهاد ابو عين، أطلق مجهولون النار على مقر السفارة الإسرائيلية في العاصمة اليونانية أثينا، لكن الهجوم لم يسفر عن خسائر أو إصابات، بحسب ما أعلنت الشرطة اليونانية. وذكر مسؤول في الشرطة اليونانية أن أربعة أشخاص يستقلون دراجتين ناريتين أطلقوا النار على مبنى السفارة الإسرائيلية في ضواحي أثينا. وظهرت آثار إطلاق النار على الجدران بينما تم العثور على 15 من فوارغ الطلقات على بعد 40 متراً تقريباً من المبنى. ونددت الحكومة اليونانية بالحادث قائلة إنها محاولة لإحداث حالة من الاضطراب في لحظة «صعبة» تمر بها البلاد، خصوصاً أن اليونان تسعى إلى الخروج من خطة للإنقاذ من الافلاس فرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وطوقت الشرطة اليونانية المنطقة المحيطة بالسفارة، التي لم تستهدف من قبل، في حين استهدف منزل السفير الألماني في أثينا العام الماضي. وبحسب الشرطة اليونانية، فإن «اختبارات أجريت على المقذوفات أظهرت أن أسلحة من النوع ذاته استخدمت في الهجومين». والجدير بالذكر أن جماعة يونانية مسلحة تعرف باسم «جماعة مقاتلي الشعب»، أعلنت مسؤوليتها في شباط الماضي، عن الهجوم على منزل السفير الألماني. وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً حمّلت فيه السلطة الفلسطينية مسؤولية إطلاق النار، برغم أن تحقيق السلطات اليونانية لم يتوصل إلى طرف خيط حول هوية مطلقي النار. وقال موقع صحيفة «هآرتس» إنه «بموجب تعليمات وجهها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، أصدرت الوزارة بياناً اتهمت في السلطة الفلسطينية بالمسؤولية عن إطلاق النار على مبنى السفارة في أثينا». وجاء في بيان أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية عمانوئيل نحشون، أن «الهجوم على سفارة إسرائيل في أثينا هو حلقة أخرى من أعمال العنف الناجمة عن التحريض الفلسطيني المعادي لإسرائيل التي يتم نشرها في أنحاء العالم من جانب قادة السلطة الفلسطينية ومنظمات مؤيدة للفلسطينيين». وأضاف أن «على المجتمع الدولي التنديد بهذا التحريض المتواصل ونتيجته. وتشكر إسرائيل السلطات اليونانية على التعاون الوثيق في التحقيق بالحدث ونأمل بإلقاء القبض على مطلقي النار ومحاكمتهم». إلى ذلك، أعلنت الشرطة الإسرائيلية أن فلسطينياً سكب مادة حمضية داخل سيارة يستقلها مستوطنون. وأضافت الشرطة الاسرائيلية أن الفلسطيني أصيب بجروح متوسطة فيما أصيب المستوطنون، بجروح طفيفة وحروق. ووقعت العملية عند مفترق قرية حوسان الفلسطينية وبالقرب من مستوطنة «بيتار عيليت» في الضفة الغربية المحتلة. ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الالكتروني عن مصدر فلسطيني قوله إن الفلسطيني منفذ العملية هو جمال شكارنة من قرية نحالين قرب بيت لحم. في هذا الوقت، أصيب سائق فلسطيني بجروح متوسطة جراء اصطدام سيارته بمكعبات إسمنتية وضعها جيش الاحتلال بالقرب من قاعدة عسكرية في جنوب نابلس. ووفقاً لمتحدث باسم جيش الاحتلال فإن السائق كان يقود سيارته بسرعة باتجاه جنديين كانا يقفان عند محطة حافلات، واصطدم بالمكعبات الإسمنتية. من جهة ثانية، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف تناولت «آخر التطورات» في الشرق الأوسط، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن «كيري ناقش مع لافروف الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك التطورات الأخيرة في إسرائيل والضفة الغربية والقدس والمنطقة، فضلاً عن المبادرات الحالية في الأمم المتحدة». وسيلتقي كيري رئيس الوزراء الإسرائيلي في روما بداية الأسبوع المقبل، لمناقشة المشاريع المقدمة في الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية. وقال مسؤول أميركي أمس، إن «الولايات المتحدة ليست ضد مشاريع حلول جديدة، ولكن أياً من المبادرات المطروحة مقبولة لديها». إلى ذلك، دانت إسرائيل أمس، قرار سويسرا تنظيم مؤتمر في كانون الأول الحالي، في جنيف، بشأن احترام القانون الدولي الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، معتبرة أنه «انحراف عن مبدأ حيادها». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، في بيان، إن «سويسرا مؤتمنة على معاهدات جنيف، وهي وظيفة تقنية تنطوي على جمع وتسجيل المعلومات ذات الصلة بالمعاهدات... وتلزمها بالعمل بشكل حيادي وغير مسيس». (أ ف ب، رويترز، أ ب)