لا ينفصل ما جرى، أمس الأول، في اجتماع الحكومة الطالبية في «الجامعة الأميركية» في بيروت، عن تحول حاد يمكن أن يشهده تحرك الطلاب احتجاجاً على زيادة الأقساط المتوقعة في العام المقبل. هذا ما يشير إليه قياس تطوره التدريجي، منذ انطلاقه في شباط الماضي، ليصل إلى المجاهرة بعدائه لمصالح فئة معينة داخل إدارة الجامعة. وهذه على الأقل رواية الطلاب وممثليهم في الحكومة. وما جرى، أمس الأول، من تهديد لرئيسة الحكومة الطالبية جنان أبي رميا، ليس إلا محاولة لتعطيل التحرك، عبر إضعاف الممثل الرسمي للطلاب في المفاوضات مع الإدارة. والحكومة هي مجلس مؤلف من 18 طالباً منتخباً و7 أساتذة معينين. وكان ثلاثة أساتذة قد اعترضوا على رسالة وجهتها أبي رميا إلى مجلس أمناء الجامعة قبل انعقاده في 20 آذار الماضي. وهي كانت تحاول عبرها أن «تعوّض غياب الطلاب عن اجتماع يعنيهم في المقام الأول، ما دام يناقش مسألة زيادة الأقساط في الجامعة»، وفق أمينة الصندوق في الحكومة تالا قمورية. لكن الرسالة التي وجهتها أبي رميا باسم الحكومة، وتداول في أمرها الطلاب الأعضاء، لم تعرض على الأساتذة قبل إرسالها. وتعترف قمورية بأن هذه غلطة ارتكبت. «لكن المؤكد أن ما ورد، من شرح ومطالب، في مضمون الرسالة يعرفه الأساتذة جيداً، وهو معمم في وسائل الإعلام وبين الطلاب». والحال أن هذه الثغرة الإجرائية تحولت إلى هجوم على «جنان في المستوى الشخصي، وليس كممثلة للطلاب»، وفق قمورية. ولأن تعليق مهماتها غير ممكن، وفق آليات العمل الداخلية للحكومة، فقد خيّرها الأساتذة الثلاثة بين الاستقالة الطوعية أو أن يُرفع إلى عميد شؤون الطلاب طلال نظام الدين طلبٌ بإنذارها. والـ«Dean’s warning» الذي هددت به أبي رميا يضر مسيرتها الأكاديمية كطالبة دراسات عليا. وهو أعلى إنذار يمكن أن يوجّه إلى طالب. وهذا ما بدا غير مفهوم في سياق عمل نقابي وطالبي، كما جاء في البيان الاحتجاجي لـ«النادي العلماني»، على «الشكل الترهيبي للتهديد، حد تدمير مسيرتها الأكاديمية، الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ الحكومات الطالبية». وتبرير توجيه الرسالة، وفق قموريه، من دون العودة إلى الحكومة مجتمعة يرجع إلى استباق جلسة مجلس الأمناء. إذ إن طلب اجتماع الحكومة، كما في القوانين الداخلية، يتطلب إخبار أفرادها قبل 48 ساعة. على أن الأساتذة الأعضاء طالبوا بتصحيح الأمر بتوجيه رسالة توضيح لمجلس الأمناء. استجابت أبي رميا وأرسلت مسودة التوضيح إلى الأعضاء، إلا أنهم، في رسالة لاحقة إلى مجلس الأمناء، أنكروا حصولهم عليها. والحال أن تخيير أبي رميا بين قرارين، دفعها في الاجتماع الأخير إلى «وضع استقالتها رهن تصويت الأعضاء. إلا أن الأساتذة رفضوا الفكرة، وأصروا على تهديدهم»، وفق بيان «النادي العلماني». يبقى القرار عند أبي رميا. لكن تالا قمورية متأكدة من أن طلب الإنذار، إذا أرسل إلى العميد نظام الدين، لن يُوافق عليه، ما دام الأخير يقدر جيداً المسيرة الأكاديمية للطالبة. لكن أبعد من هذه الإجراءات، تربط قمورية بين ما جرى والتحركات الطالبية الاحتجاجية. «تشويه سمعة الطالبة، وهي ممثلة للطلاب في معركتهم هذه، ليس بعيداً من محاولة إفشال التحرك». وهذا ما ينبه إليه بيان «النادي العلماني»، في حديثه عن «شبكات المصالح والمنافع التي أدت إلى هذا النوع من الابتزاز بحق هذه الطالبة وغيرها». وتقدير خطورة إجراء كهذا تكمن في نقله الصراع النقابي والسياسي إلى المستوى الأكاديمي، وحده من احتمالات العمل الديموقراطي. وهذا ما يمكن أن يتحول، في حال ثبوت استخدامه، إلى تهديد مستمر لكل تحرك مشابه. لكن التحرك لن يتعطل. وهذا ما يعلنه «النادي العلماني»، في إشارته إلى سوء إدارة وفساد يهددان الجامعة. «وبناء على ذلك سنكمل الطريق كجسم طالبي واحد، في الدفاع عن هذا الصرح التعليمي العريق في وجه الفساد والفاسدين». في المقابل، تشير قمورية إلى بروز اتجاه عند الإدارة، في ردها على التحركات الاحتجاجية، يميل إلى تخفيض نسبة الزيادة السنوية، من دون إلغائها. «وهذا ما رفضناه، مسبقاً، وسنبقى نرفضه كممثلين للطلاب». عاصم بدر الدين