السفير
دعا كل من الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي، إلى الكف عن المراهنة على المفاوضات مع إسرائيل بعدما أثبتت عقمها، ودعيا إلى تفعيل المقاومة بكل أشكالها وإلى إرساء المصالحة الوطنية الفلسطينية وفق وثيقة الأسرى الموقعة في شهر أيار العام 2006. وجاء كلام القائدين الفلسطينيين في سياق حديثين أجرتهما معهما "مجلة الدراسات الفلسطينية" من خلف قضبان سجنهما، وسوف ينشران في عدد المجلة 98، الذي يوزع بنسخته الورقية اعتباراً من مطلع الأسبوع المقبل في فلسطين والوطن العربي. وبشأن المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، رأى سعدات أنّ "نتائج المفاوضات على مدار عقدين من الزمن حسمت الجدل في شأن جدوى استمرارها وفق منهج أوسلو والمرجعيات القائمة". وأضاف أنّ "الخروج من المأزق الراهن بات يحتاج إلى وقف المفاوضات والكفّ عن المراهنة عليها، أو على الأقل التزام الفريق المسؤول عنها بالشروط والأسس التي وضعها في وقت سابق للعودة إلى مسارها الصحيح: وقف الاستيطان؛ قرارات الشرعية الدولية كمرجعية سياسية؛ الإفراج عن الأسرى والمعتقلين؛ البناء على إنجاز الاعتراف الدولي بفلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة في إطار رؤية شاملة ترتكز على إعادة ملف القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة مرجعية وقرارات، والمطالبة بأن تنفذها إسرائيل، والعمل لنيل العضوية في كافة مؤسسات الأمم المتحدة، وخصوصاً المحكمة الدولية". وشدد سعدات على ضرورة إنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس وثيقة الأسرى للوفاق الوطني، ويقول "من وجهة نظري لا يمكن الفصل بين استمرار المفاوضات العقيمة وحالة الانقسام التي يعيشها شعبنا"، داعياً إلى "الشروع في تنفيذ اتفاق المصالحة عبر تأليف حكومة التوافق الوطني فوراً؛ انتظام عمل الإطار القيادي المؤقت المعنيّ بتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بنائها، من أجل الإعداد لانتخابات المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني للمنظمة عبر جدول زمني محدد لا يتجاوز ستة أشهر، ويمكن أن يجري تمديد الفترة إذا اقتضت الحاجة؛ تحشيد جماهير شعبنا، وهذا الأهم، حول رؤية وبرنامج سياسي وطني كفاحي موحد يرتكز إلى المقاومة بأشكالها وأساليبها كافة". واعتبر الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطيني أن "وثيقة الأسرى" لا تزال "أساساً سياسياً صالحاً لإنجاز المصالحة كمدخل لاستعادة وحدتنا الوطنية، وبناء مؤسسات شعبنا السياسية القيادية وفي مقدمها منظمة التحرير الفلسطينية على أسس وطنية وديموقراطية وفق آلية الانتخاب الديموقراطي، وبمشاركة شعبنا حيثما يمكن ذلك". ورفض سعدات حصر المقاومة بشكل واحد، وإنما شدد على ضرورة "امتلاك القدرة على تقديم هذا الأسلوب أو ذاك على غيره من الأساليب في كل ظرف، تبعاً لحاجات هذا الظرف، أو تلك اللحظة السياسية". وقال إن "طرح المقاومة الشعبية كخيار نضالي لا يستدعى المفاضلة بين مختلف أشكال النضال وأساليبه ... وحصر المقاومة الشعبية في إطار النضال السلمي يفرغها من مفهومها الثوري، فالانتفاضة الشعبية الفلسطينية الكبرى كانت نموذجاً للمقاومة الشعبية وبوصلة لكوكبة من أشكال وأساليب المقاومة المتميزة: السلمية، والعنيفة، والجماهيرية، والفصائلية، والاقتصادية، والسياسية، والثقافية. فالمنهج السياسي العلمي يرفض منطق تجزئة أشكال المقاومة وأساليبها". أما القيادي مروان البرغوثي فرأى أن المفاوضات قد آلت إلى فشل ذريع، فيما الاستيطان يأكل ما تبقى من أرض في الضفة الغربية وما بقي من أمتار قليلة في شوارع القدس الضيقة، ولا أمل في أن نستطيع تحقيق أي نتيجة. وقال إنّ "تجربة عشرون عاماً من المفاوضات منذ مؤتمر مدريد مروراً بأوسلو، لم تفض إلاّ لمزيد من الاستيطان وتكريس الاحتلال وتهويد القدس، ولمزيد من الاعتقالات... وقد حان الوقت لاستخلاص العبر والدروس من تكرار التجارب... ومن الملاحظ أن عكازة المفاوضات نخرها السوس منذ زمن وهي عاجزة عن تحقيق الأهداف الوطنية وبخاصة في غياب المساندة الحقيقية والفاعلة على الأرض وغياب الدعم العربي والدولي وفي غياب الأسس والمرجعيات القائمة على أساس الشرعية الدولية". واعتبر البرغوثي أنه "من غير المتوقع للمفاوضات أن تحقق الحد الأدنى من الطموحات الوطنية الفلسطينية، وإسرائيل تستخدم المفاوضات لكسب المزيد من الوقت ولفك عزلتها الدولية وتراهن على حالة العجز التي تعيشها الساحة الفلسطينية في ظل الانقسام والوضع العربي الراهن، مستغلة ذلك لتكثيف الاستيطان وزيادة عدد المستوطنين على نحو يحول دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس". وأكد أنه "يتوجب مواصلة العمل للانضمام للمنظمات والوكالات الدولية من دون تأخير أو إبطاء والدعوة الصريحة والرسمية ـ فلسطينياً وعربياً ـ للمجتمع الدولي ومؤسساته لمقاطعة إسرائيل وعزلها على المستوى السياسي والاقتصادي والإعلامي والعسكري والأكاديمي". وإذ شدد البرغوثي على ضرورة إرساء المصالحة الفلسطينية فإنه اعتبر أن "الخطوة الأولى لإعادة بناء الحركة الوطنية هي في المصالحة الوطنية وإعادة الاعتبار لوثيقة الأسرى للوفاق الوطني، وبناء وتطوير وتحديد الكيان المعنوي والسياسي الفلسطيني ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية ـ الإطار الجامع للفلسطينيين في الداخل والخارج ـ وعلى أساس ديموقراطي وعلى قاعدة الشراكة للجميع، وكذلك في تحديد مؤسسات السلطة وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية ولعضوية المجلس الوطني وتعزيز سبل ومجالات مقاومة الاحتلال على كافة المستويات". وبشأن المقاومة، شدد البرغوثي على ضرورة "تفعيل المقاومة الشعبية على أوسع نطاق وانخراط الجميع فيها والعمل كذلك على مقاطعة المنتوجات والبضائع الإسرائيلية ووقف كل أشكال التنسيق الأمني والتفاوضي والإداري مع دولة الاحتلال". وقال "ليس هناك تناقض بين هذا الشكل وذاك، بل كافة أشكال النضال هي حلقات مكتملة في سلسلة واحدة، ونطاق المقاومة واسع وعلينا أن لا نختزل المقاومة بشكل واحد مهما كان هذا الشكل، بل إن سر نجاح المقاومة هو في شموليتها وتعدد أشكالها وأنواعها دون استثناء ودون استبعاد هذا الشكل أو ذاك أو وضعه في حالة من التناقض. إن استخدام هذا الشكل أو ذاك أو هذا الأسلوب أو تلك الوسيلة يجب أن يتحدد وفق كل مرحلة ومدى ملائمته وقدرته على تحقيق الأهداف، وقد أكدت الوثيقة وحدة المقاومة وضرورة قيام جبهة مقاومة واحدة وقيادة موحدة، لأن ذلك من شروط نجاح المقاومة". ينشر الحديثان ضمن ملف خاص هو بمثابة تحية من "مجلة الدراسات الفلسطينية" إلى "أسرى الحرية"، وفيه أيضاً تحقيق عن الأسيرين عاهد أبو غلمي وناصر عويص، وإحصاءات عن الأسرى وملفات محاكماتهم، وثبتاً بالمعتقلات والسجون واختصاصاتها وتوزعها الجغرافي، ومقالة لمديرة "مؤسسة الضمير" المحامية سحر فرنسيس بشأن وضع المعتقلين الفلسطينيين في القانون الدولي الإنساني.