حق «الانتساب» إلى طائفة

حق «الانتساب» إلى طائفة
27 Mar
2014

هديل فرفور - الاخبار

 

«هل تريد أن تكون طائفتك الوسيط الذي ينظم علاقتك بالدولة؟ أم انك لا تريد هذا الوسيط؟». هذا السؤال الذي يتيح الخيار أمام المواطن اللبناني بين وسيط مدني (القوانين المدنية) ووسيطٍ روحي (القوانين الدينية) لينظم أحواله الشخصية من جهة وعلاقته بالدولة من جهة أخرى «يتبناه» القانون 60 ل. ر. من الدستور اللبناني.

على خلاف الاعتقاد السائد، لا يولد اللبناني منتسباً الى طائفة أو «محسوباً» عليها بل لديه حق «الانتساب»، إذ «يمكن الشخص أن يؤمن بأي طائفة يريدها ولكنه لا يريد الخضوع لقوانينها»، هذا ما أكدته المحامية نايلة جعجع خلال المحادثة التي أجرتها «الجمعية الاقتصادية اللبنانية» حول المشكلات الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، أول من أمس. وعلى الرغم من أن القانون الذي يسمح بانعقاد زواج مدني في لبنان صدر منذ عام 1948، إلا أن «الحديث» عن الزواج المدني والمطالبات بتنفيذه «كثرت» في الفترة الأخيرة بعد زواج خلود ونضال، والذي تبعه حتى اليوم 12 زواجاً مدنياً معقوداً على الأراضي اللبنانية. إلا أن من يتأمل الكلفة الاقتصادية للزواج الديني في لبنان يفهم جانباً من «المعارضات» التي يلقاها الزواج المدني من رجال دين وغيرهم، إذ تشير الجمعية الى أن كلفة الزواج الديني تبلغ سنوياً 9 ملايين دولار (أي أربعة أضعاف ما تنفقه الحكومة على إعادة تأهيل الغابات). هذا الرقم لا يبدو مبالغاً فيه إذا ما وجدنا أن كلفة استئجار كنيسة في بيروت تبلغ 2500 دولار، وكلفة الزواج الشرعي الإسلامي لا تقل عن 200 دولار، في الوقت الذي يشهد فيه لبنان سنوياً 40 ألف عقد زواج، حسب إحصائيات الجمعية. أما كلفة الزواج المدني خارج لبنان فتبلغ 1.5 مليون دولار سنوياً (بطاقات سفر وغيرها)، فيما لو طبّق الزواج المدني الإلزامي في لبنان، فإن ذلك سيوفر 6 ملايين دولار من أكلاف الزواج الديني، بحسب الجمعية، وهو مبلغ كفيل «بإنقاذ 2500 أسرة من الفقر». تشير جعجع الى «أننا لا يمكننا الحديث عن رقابة أو ضوابط تمارسها الدولة على هذه المحاكم الشرعية»، علماً بأن هذه المحاكم نفسها تصرف من ميزانية الدولة فكيف لسلطة أن تنفق على جهة معينة من دون أن يحق لها وضع قيود أو رقابة؟». تنطلق جعجع من هذه اللوحة لتخصص جزءاً من عرضها لقضية الإرث الذي يطبّق حسب الطائفة وهو خاضع للطوائف المحمدية، أما الاشخاص الذين لا ينتمون اليها فيخضعون لقانون مدني. والمفارقة أنه في حال اختلاف الدين لا يحق للزوجة أن ترث الزوج والعكس. كذلك لا يحق للمرأة أن تورث أبناءها لكون الاولاد يتبعون طائفة أبيهم حتى لو كان زواجهما مدنياً. ولفتت جعجع الى «أن نضال وخلود يخضعان لقانون الإرث المدني لأنهما عمدا الى شطب الطائفة وليس لكونهما عقدا زواجاً مدنياً»، لأنه في حال لجأ الفرد الى شطب الطائفة فإنه يعدّ من الأفراد غير المنتمين الى الطائفة المحمدية، وبالتالي يخضع لقانون الارث المدني. هذه «التناقضات» الناجمة عن القوانين »الطائفية» هي أكبر دليل على «بشاعة» النظام الطائفي الذي يحكمنا.

الأكثر قراءة