أمجد سمحان - السفير
في تمام الساعة السادسة من صباح أمس، أفاقت عائلة وشحة في بلدة بيرزيت على صوت انفجارات قنابل الصوت وصراخ الجنود. لحظات حتى طلب ضباط الاحتلال من العائلة إخلاء المنزل. ضُرب أبناء العائلة ثم القوا أرضا، وبعدها هدمت الجرافات جدران المنزل. اقتحمت قوات خاصة والكلاب البوليسية باحة المنزل. أصوات رصاص غزير ملأت المكان، ثم أطلقت صواريخ "الانيريغا". انسحب الجنود ورائحة الدم بقيت وراءهم، حيث تركوا جثة الشهيد معتز وشحة ممزقة. عوض وشحة والد معتز، قال لـ"السفير" وهو يرتجف "لقد جاؤوا هنا لقتل ابني وليس لاعتقاله، لو أرادوا اعتقاله لفعلوا". وأضاف "حاصروا المنزل وطلبوا منا إخلاءه خلال دقيقة، ثم بعدها هدموا جدرانه بالجرافات، قبل أن يقتحموه، ويطلقوا الصواريخ على ولدي". ويؤكد الأب أن الجنود "بعدما أطلقوا الصواريخ سحبوا جثته إلى منتصف المنزل وأطلقوا النار عليه مرة أخرى للتأكد من وفاته". وكانت عشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية اقتحمت بلدة بيرزيت شمالي مدينة رام الله، صباح أمس، محاصرة منزل الشهيد لساعات عدة ومطالبة بإخلائه، قبل أن تباشر في هدمه وتقتحمه. وبينما قالت قوات الاحتلال إن الشهيد اشتبك مع قواتها ما دفعها لاقتحام المنزل للقضاء على "المخرب"، يؤكد والده أن ابنه لم يطلق عليهم النيران. الشهيد معتز، ابن السادسة والعشرين، هو أسير محرر تعرض لعدة عمليات اعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وقالت إسرائيل إنه مسؤول عن عمليات إطلاق نار ضد جنودها ومستوطنين. ووسط الغضب العارم وإثر اندلاع مواجهات بين شبان في بيرزيت وقوات الاحتلال، التي أطلقت عليهم قنابل الغاز والرصاص المعدني ما أدى إلى إصابة أحد المواطنين بالرصاص الحي والعشرات بحالات اختناق، غادر الجنود المنطقة، واعتقلوا ابن عم الشهيد فادي وشقيقه ثائر، تاركين والدة الشهيد وأفراد عائلته يصرخون ويبكون. وتقول الوالدة والدموع تنهمر من عينيها، وهي في حالة هستيريا "لقد تحدثت إليه في المساء، وكان يقول إن الحياة قصيرة، وإن المكتوب لا يمكن تغييره. وكأنه كان على علم بأنه سيستشهد في الصباح". وروى أحد الشهود لـ"السفير" كيف كان حال منزل الشهيد بعد انسحاب الاحتلال. وقال "دخلنا المنزل وكأنه ميدان حرب، كانت جثة الشهيد ملقاة في المنتصف وقد أطلقت عليها نيران من مسافة قريبة على ما يبدو إذ ان نصف وجه الشهيد كان ممزقا، ودماغه كانت إلى الخارج، كما كانت هناك فتحة في صدره، وعلى ما يبدو أنه تعرض لإطلاق نار مرتين". وأضاف "احرقوا المنزل وحطموا محتوياته، وفتشوا كل شيء بما في ذلك خزانات المياه". وأثارت حادثة اغتيال الشاب وشحة، الذي سيتم تشييعه اليوم، غضب المواطنين الفلسطينيين الذين طالبوا السلطة الفلسطينية بوقف المفاوضات مع إسرائيل بشكل فوري. كما دعت كتل في البرلمان الفلسطيني إلى الوقف الفوري للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، مطالبة الولايات المتحدة بإلزام إسرائيل بالتوقف عن ممارساتها في مدينة القدس المحتلة. كما دعت الكتل البرلمانية إلى تنسيق العمل المشترك مع البرلمان الأردني، من اجل مواجهة المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الواقع الجغرافي والسياسي في المدينة المقدسة. من جهتها، طالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي ينتمي إليها الشهيد وشحة، السلطة الفلسطينية "بوقف التنسيق الأمني المدمر والمرفوض بكافة أشكاله (مع الاحتلال)، والرجوع إلى حضن الشعب الفلسطيني وأن تكون سلطة وطنية بالشكل الذي يضمن مواصلة المقاومة والنضال جنباً إلى جنب مع أبناء شعبنا". كما استنكرت حركة فتح جريمة "إعدام" الشاب معتز. وقالت في بيان إن "اغتياله يعكس عقلية القتل والإجرام الحاكمة في إسرائيل"، بينما طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية بتشكيل لجنة تحقيق دولية "في الجريمة وتقديم الجناة للعدالة". بدورها، قالت حركة حماس إنّ اغتيال وشحة يلزم السلطة الفلسطينية بضرورة "إعادة النظر في المفاوضات واستئناف المقاومة ضد الاحتلال".