فاتن الحاج - ألاخبار
لم يكن لقاء هيئة التنسيق النقابية واتحاد نقابات المهن الحرة وبعض منظمات المجتمع المدني في نقابة المهندسين، أمس، سوى محطة في سلسلة لقاءات بدأت تنعقد منذ أشهر لاستعادة المسار الدستوري في مؤسسات الدولة. كرة الثلج تتدحرج تدريجاً باتجاه مقاربة هذا العنوان الوطني الجامع عبر إشراك أركان المجتمع المدني الأربعة: نقابات المهن الحرة، النقابات العمالية وروابط المعلمين والموظفين، الهيئات الاقتصادية والجمعيات والشبكات المدنية والأهلية على تنوعها.
فهل تنجح هذه المكونات في اقتحام المشهد اللبناني باتجاه محاولة إنقاذ مشتركة أو طرح بدائل لتجميع الناس؟ هذا هو التحدي أمام كل مكوّن على اختلاف مبادراته ومقارباته الخاصة. «فالفراغ أكبر من تشكيل الحكومة لكوننا مقبلين على استحقاقات دستورية دقيقة ومعقدة»، يقول الأستاذ في الجامعة اللبنانية د. شفيق شعيب. يطرح توسيع دائرة الاتصالات مع كل المكونات من أجل تحديد وجهة تحرك مشتركة، على أن ينخرط الناس كل الناس بصفتهم أصحاب مصلحة وليسوا مدعوين. يوافق رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض على توسيع مروحة التشاور مع معظم شرائح المجتمع اللبناني لإجبار الطبقة السياسية الحاكمة على التفكير بالناس المتضررين من تعطيل المؤسسات الدستورية، ومن بينها الهيئات الاقتصادية، عندما تأخذ خياراتها السياسية. رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حنا غريب يدعو هو أيضاً إلى استنفاد كل الاتصالات الممكنة، لكن مع من يشبهوننا، مستبعداً الهيئات الاقتصادية «التي كانت ولا تزال تقف ضد حقوقنا. وبما أنّ ملف السلسلة ليس محسوماً، لا نستطيع أن نكون في المعركة نفسها». يطالب غريب بتبني سقف جامع تحت عناوين: السلم الأهلي والوحدة الوطنية، تسيير المؤسسات الدستورية، الملف الاجتماعي والمعيشي وإنشاء كتلة نقابية للتصدي للقضايا الوطنية. يقول إنّ الملف المعيشي ليس مفصولاً عن السلم الأهلي، وما يحصل كبير ويحتاج إلى رد كبير، ليس أقله اعتصامات في السرايات الحكومية والثانويات والمدارس الرسمية. سقف التحرك، بحسب رئيس رابطة موظفي الإدارة العامة محمود حيدر، يجب أن يكون ملامسة القضايا الجامعة، والسعي لتشكيل قوة ضغط تطالب تحالف القوى السياسية وكبار التجار وأصحاب الرساميل بتفعيل المؤسسات الدستورية. أما مسؤول الدراسات في رابطة التعليم الأساسي الرسمي عدنان برجي فيقترح تأليف لجنة تعد وثيقة وطنية يعلن عنها في لقاء وطني للضغط على الطبقة السياسية. لا يرى منسق عام تجمع وحدتنا خلاصنا مكرم عويس أن التلاقي حول المصالح المشتركة بين اللبنانيين وتجاوز انقساماتهم أمر صعب إذا وجدت النية، فالتجمع مثلاً استطاع أن يضم 29 جمعية تجمعها قواسم مشتركة، وإن كان لكل منها مقاربته المختلفة لبعض القضايا «لدينا هيئات تمثل مقاتلين من كل الأطراف وهيئات تمثل أهالي المخطوفين». ليس سهلاً أن نقبل المختلفين عنّا، لكن هل يمكننا القول إننا لا نستطيع العمل معهم؟ يسأل الأمين العام للجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات (اللادي) عدنان ملكي، مؤكداً أن كل اللبنانيين هم أصحاب مصلحة في الانضواء في هذا الحراك المدني الجامع. برأيه، مطلوب أن نوجد حلبة صراع نحاول فيها إعادة الحكم إلى المؤسسات الدستورية. تعوّل يارا نصار من الجمعية نفسها على دور قيادات نقابات المهن الحرة كصمام أمان لحماية مصالح الناس ولجم التدهور في البلد، مؤكدة أهمية أن نعود إلى جمعياتنا لمناقشة تصور للتحرك والوصول إلى مبادرة وطنية جامعة. العناوين المطروحة هي مسلمات لكل مكونات المجتمع اللبناني، كما يؤكد منسق اتحاد نقابات المهن الحرة نقيب المهندسين في الشمال بشير ذوق، لكن إنشاء كتلة ضغط على الأرض وفي الشارع يحتاج إلى أدوات تنظيمية، مطالباً بالضغط باتجاه إعادة إحياء المجلس الاقتصادي الاجتماعي الذي تتمثل فيه كل هذه القوى المجتمعية والاقتصادية. نقيب المحررين الياس عون يعتقد أن تجييش الشعب اللبناني حول قضاياه الجامعة يحتاج إلى إدارة نزيهة للتحرك. رئيس نقابة المهندسين إيلي بصيبص أكد أهمية أن نكون واقعيين في الطروحات وعدم تكبير الحجر، فمجرد عقد مثل هذه الاجتماعات هو أمر صحي، داعياً إلى تشكيل لجنة تضم شخصاً واحداً من كل هيئة أو جمعية أو نقابة. لم يخرج اللقاء باقتراحات عملية، لكن المجتمعين توافقوا على توسيع دائرة التمثيل والتلاقي على قضية واحدة هي استعادة عمل المؤسسات والقانون في لبنان. وقد انضم إلى المبادرة الوطنية حتى الآن هيئة التنسيق النقابية ونقابات الأطباء والصيادلة والصحافة والمحررين وتجمّع وحدتنا خلاصنا والجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات.