محمد نزال - الاخبار
هذه المرّة لن يكون التحرّك نقابياً بالمعنى التقليدي للكلمة. ليس لزيادة الأجور، أو لرفع الغبن عن الموظفين، أو لتحسين ظروف العمل، بل «من أجل السلم الأهلي والوحدة الوطنية» باعتبارهما المدخل الى تحقيق المطالب. هذا ما أعلنته هيئة التنسيق النقابية، أمس، بعد اجتماعها في مقر نقابة المعلمين في لبنان، إذ كان لا بد من التوقف عند «الأوضاع الأمنية المتفجرة والعمليات الإرهابية التي تطاول المواطنين الأبرياء، في ظل الفراغ وحال الشلل، اللذين يطاولان العمل الحكومي والمؤسسات الدستورية، واللذين يدفع ثمنهما المواطنون استهتاراً وتأجيلاً لحل مطالبهم الاجتماعية، وفي مقدمتها سلسلة الرتب والرواتب».
بالتأكيد لن يكون بمقدور حنّا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي، ومن معه من ناشطين، وضع حد لـ«أبو قتادة» أو «أبو دجانة» أو «الضحوك الذّباح». ليس بمقدورهم، في لحظة، سجن المسؤولين الفاسدين الذين أذلوا الناس وما زالوا يفعلون. ليس مطلوباً، أصلاً، من غريب وممن هم معه أن يكافحوا «الإرهاب أمنياً، لكن هل يكون السكوت هو البديل؟ هيئة التنسيق ترفض ذلك، ولهذا أعلنت في بيانها «إطلاق مبادرة لكل الهيئات النقابية والمدنية والأهلية، حول ضرورة التحرك على المستوى الوطني ككل، وكل من موقعه، تحت شعار الدفاع عن السلم الأهلي والوحدة الوطنية، وتأليف الحكومة وتسيير المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الاجتماعية، ما يقتضي تضافر كل الجهود وتوحيد كل الطاقات بهذا الخصوص». يقول غريب في حديث مع «الأخبار» إن «الناس لا بد أن يدخلوا على المشهد، لا يجوز أن يخلوا الساحة، فالناس كما هو ظاهر في الآونة الأخيرة باتوا كمن شطبوا من المعادلة. لا يجوز الانكفاء أمام الهجمة التي يتعرّض لها البلد في ظل حالة التعطيل الشامل للمؤسسات. آن الآوان للناس، ومن موقع وطني وبلغة الوحدة، أن يقولوا: نحن هنا». إذاً، يُدرك غريب أن «الكيان بات كله في خطر، وأن الواجب الوطني يستدعي من الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأن يبادروا من تلقاء أنفسهم. نحن سنبادر من جهتنا وننتظر تعاون الجميع معنا». في بيان الهيئة إشارة إلى أن «ادانة التفجيرات وبيانات الاستنكار ما عادت تكفي، بل المطلوب الانتقال الى التحرك العملي لتجميع اللبنانيين وتوحيدهم وطنياً، وعدم تركهم فريسة للفتن الطائفية والمذهبية. ولهذا أجرينا ونجري الاتصالات اللازمة بهذا الشأن، تمهيداً لإعلان خطوة عملية على الأرض». يلفت غريب إلى تحركات مقبلة، لكن «لا نريد أن نكون وحدنا، بل نريد جمع كل الطاقات الوطنية. لقمة العيش مثلاً يمكنها أن توحد الناس، وسيكون تحركنا دائماً على أساس وطني». هكذا، يبدو الوطن، في ظل الفراغ والتفجيرات والانتحار، على حافة الانتحار. لنأمل أن يخفف صوت غريب، ومن معه، شيئاً من الموت الزاحف إلينا.