أمجد سمحان - السفير
على بعد كيلومترات معدودة من مدينة بيسان في أراضي الـ48 المحتلة، بنى ناشطو المقاومة الشعبية خياماً في البرد القارس، واسسوا قرية "العودة" الفلسطينية. وفي منطقة "دير حجلة" على بعد كيلومترات قليلة عن المكان ذاته في قلب مناطق الأغوار الفلسطينية، تأسست ايضاً قرية "ملح الارض". قريتان جديدتان لفرض الوقائع على الارض، وارباك الاحتلال ومواجهة الاستيطان، ولإظهار أن هناك خيارات أخرى للمواجهة غير خيار المفاوضات.وفي ساعات الصباح الباكر من يوم الجمعة الماضي، فاجأ نحو 300 ناشط فلسطيني الاحتلال الإسرائيلي حين دخلوا إلى منطقة أثرية قرب قرية دير حجلة في الأغوار، وأعادوا الحياة لبيوتها المهجرة، وأراضيها التي يطمع الاحتلال فيها، في عملية اسموها "ملح الارض". والهدف منها هو منع مساعي اسرائيل للسيطرة على غور الأردن، سلة الغذاء الفلسطينية، وبوابة الدولة الوحيدة من جهة الشرق، والذي تشكل أراضيه الزراعية الخصبة ثلث مساحة الضفة الغربية البالغة نحو ستة آلاف كيلومتر مربع.وفي حديث إلى "السفير"، قال الناشط عبد الله أبو رحمة إن نشاطات المقاومة الشعبية "لن تتوقف عند حد معين وهي ستستمر من أجل إحراج الاحتلال، وتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني في أراضيه". وأوضح أبو رحمة "بتنا هنا عشرات الشبان والشابات في ظروف صعبة وبرد قارس حيث قلة الإمكانات والمواد الغذائية في خطوة تسبق عملية الترميم التي سنقوم بها في هذا المكان".ومنذ لحظة تأسيس قرية "ملح الارض"، التي استوحي اسمها من الانجيل، حاصر المئات من جنود الاحتلال المكان، وبدأوا باستفزاز المتواجدين، قبل أن يبادروا إلى إطلاق القنابل المضيئة.ومن جهته، قال صلاح الخواجا لـ"السفير"، وهو المتواجد في القرية، "نحن باقون هنا، ولن نتزحزح. يوم أمس تعرضنا لحصار خانق، وكان هناك مئات الجنود حولنا، وقاموا باستفزازنا وبإطلاق القنابل المضيئة في السماء، لترهيبنا لكنهم عادوا وانسحبوا، ولم يبق سوى دوريات قليلة تجوب المنطقة".وبحسب أبو رحمة، فإن قوات الاحتلال قد تكون عدلت عن قرار اقتحام المنطقة بسبب وجود تفويض من بطركية الروم للناشطين، باستصلاح المنطقة الأثرية التي تحيط بدير حجلة، والمملوكة بأوراق ثبوتية للدير، و"لكن في النهاية لا شيء مضموناً من الاحتلال".وفيما كان سكان "ملح الارض" يواصلون تأسيس قريتهم الجديدة تمهيداً لترسيخها كحق لهم يمارسونه وفق قوانين الطبيعة، كان سكان قرية "العودة" المجاورة يحتفلون حول نار أشعلوها يهتفون لفلسطين وعودة لاجئيها.وفي حديث إلى "السفير" قال خالد منصور، أحد القائمين على بناء قرية "العودة"، "ما نقوم به هنا كمقاومة شعبية هو عمل متكامل يحمل أسرع رسائل جوهرية، أولاً أننا نريد فرض وقائع جديدة على الارض، توازي سياسات الأمر الواقع التي تقوم بها إسرائيل، وثانياً نريد أن نستمر في هذه المقاومة لإرباك الاحتلال وقواته، ومواجهة مخططاته للسيطرة على الاغوار، بضمها أو استئجارها أو إبقاء قوات إسرائيلية فيها وهي خيارات كلها مرفوضة. وثالثها، سمّينا قريتنا العودة لنقول لإسرائيل والعالم إننا لن نتخلى عن حقوقنا في العودة إلى أراضينا التي سرقت منا في العام 1948، ونرفض خيارات التوطين أو التعويض كافة".أما الرسالة الرابعة فهي موجهة للقيادة الفلسطينية ومفادها بأن "هناك خيارات أخرى لمواجهة الاحتلال غير التفاوض، وهي خيارات المقاومة الشعبية".