أبدت قناة «المستقبل» اهتماماً في استعادة ذكرى انطلاقة «جبهة المقاومة الوطنيّة اللبنانيّة»، من خلال تقرير عرضته في نشرتها الإخبارية أمس الأول، حمل توقيع محمد بركات. حمل التقرير عنوان «ذكرى جمّول: المقاومة انتهت في سوريا»، وتضمّن شهادات لثلاثة مقاومين ناضلوا في صفوف الجبهة، واعتقلوا في سجون الاحتلال الإسرائيلي، هم أنور ياسين، ونبيه عواضة، وأحمد اسماعيل. ولكن، بعد عرض التقرير، احتجّ ياسين وعواضة على مضمونه، معتبرين أنّه «تضمّن تحريفاً لأقوالهما». يركّز التقرير على محطّات في تجربة «جمّول»، ما زالت تثير سجالاً سياسياً وتاريخياً حتى يومنا هذا، وتحديداً حول علاقة الجبهة بالنظام السوري، وبالمقاومة الإسلاميّة لاحقاً. يلتقي بركات اسماعيل وعواضة، أمام «صيدلية بسترس» التي شهدت أولى عمليّات الجبهة. ثمّ يقفز من استذكار مناسبة 16 أيلول، إلى مراجعة سياسة «حزب الله» في سوريا. وفي هذا السياق، قدّم ياسين وعواضة واسماعيل شهادات، خلصت إلى أنّ «حزب الله» في سوريا يتصرّف كـميليشيا، وأنّ مقاومته ليست مقاومة حقيقيّة. لكنّهم عادوا ليتبرّأوا من ذلك الموقف، معتبرين أنّ معدّ التقرير نصب لهم «فخّاً». ويقول نبيه عواضة لـ«السفير» إنّه «عن سابق تصور وتصميم لم تذكر أهمية جبهة المقاومة في عيدها، ولم يذكر التقرير معاني هذا اليوم». ويضيف أنّ إحدى إجاباته عن سؤال «هل المقاومة موجودة اليوم؟»، اجتُزئ منها «الجمل التي تخدم غايات معدّ التقرير، ولا تعطي المعنى الواضح منها». ويؤكّد عواضة أنّه تمّ استدراجهم «للنيل من مشاركة حزب الله في سوريا»، من خلال «طمس» السبب الرئيسي الذي دعوا على أساسه للمشاركة في التقرير، وهو استذكار جبهة المقاومة في عيدها. بدوره يقول أنور ياسين إنّه شارك في التقرير، باعتباره يعالج سؤال «أين المقاومة الوطنيّة اليوم». ويضيف: «موقفنا واضح من موضوع المقاومة كمبدأ تجاه العدو الصهيوني»، مؤكداً أنّه يفصل بين «حزب الله» المقاوم في لبنان، و«حزب الله» السياسي الذي يشارك في سوريا كحلف أو تيار سياسي، ولا أسمّي ما يقوم به هناك مقاومة». وهنا يضيف عواضة: «أنا مع مشاركة «حزب الله» وأي طرف عربي أو لبناني شريف بالدفاع عن سوريا، بغض النظر عن أدوات هذا العدوان، وضد مشاركة «حزب الله» وأي طرف لبناني بالصراع الداخلي السوري ـــ السوري بغض النظر عن المبرّرات». من جهته، ينفي مدير الأخبار والبرامج السياسيّة في «المستقبل» حسين الوجه تحريف كلام المعتقلَيْن السابقَيْن، مؤكداً في اتصال مع «السفير» أنّه راجع التسجيلات كاملة، ولم يرد فيها ما يتعارض مع ما قيل في التقرير، مشيراً إلى أنّهم نقلوا ما جاء على لسان الضيوف حرفياً، ولم ينسب لهم المراسل أيّ كلام غير مسجّل. ورداً على سؤال «السفير» نفى الوجه أن تكون استضافة المعتقلين السابقين جاءت كأداة للهجوم على «حزب الله». «الهدف من التقرير كان القول إن هناك نقاشاً حول أين أصبحت المقاومة اليوم، ولا نهدف التصويب على «حزب الله»، فـ«حزب الله» لا يعنينا أصلاً». رغم ذلك، كان «حزب الله» الحاضر الأبرز في التقرير، إذ يبدأ الفيديو بالإشارة إلى أنّ 16 أيلول يوم «إشكاليّ» في لبنان... ولماذا هو إشكاليّ؟ لأنّ المقاومة اليوم ليست مقاومة، كما يشير أكثر من مرّة. وللتأكيد على «إشكاليّة» الذكرى، يلجأ التقرير لخاتمة مسرحيّة، إذ يركّز على صور لنوّاب من كتلة «الوفاء للمقاومة» على خلفيّة «نشيد المقاومة» لزياد الرحباني، حين يقول: «لي عم يحكوا اليوم هو غير لي ماتوا». ليس جديداً أن يأخذ تقرير إخباري طابعاً موجّهاً يتناسب مع سياسة «المستقبل»، وأن يجد بعض المشاهدين ذلك مستفزاً. لكنّ المستغرب هو التوظيف الواضح لتصريحات لمعتقلين سابقين، في مونولوج سياسي. ويبرز ذلك على سبيل المثال، حين يذكّرنا معدّ التقرير بأنّ أحمد ونبيه «مُنحا» وظيفةً رسميّة في مؤسسة «أوجيرو»، بعد خروجهما من المعتقل العام 1998، بمبادرة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري