دولة العشائر

وفي 15 آب 2012، أعلنتها العشائر فجّة: «الأمر لي». خرجت عشيرة آل المقداد بجناحها العسكري، مدعومة بزيارات من بقية العشائر، لتمسك بزمام المبادرة، وتدقّ المسمار الأخير في نعش الدولة. الدولة التي لم يعد المعجم يحوي مرادفات تصف عجزها وانهيارها، لم يكن ينقصها إلا أن تجلس متفرّجة، كما آلاف اللبنانيين، على مسلسل طويل يبدو أنه لن يكون إلا تفصيلاً صغيراً في ما قد نكون مقبلين عليه. العشائر، التي غالباً ما تساعد العاجزين، أعلنت وفاة الدولة، التي تحتضر منذ سنوات. نزلت إلى الشارع بعتادها وعديدها، فغاب الرؤساء والسياسيون عن السمع، وعن الشاشات التي يحبونها، مستمرّين في سياسة «النأي بالنفس» عن هموم مواطنيهم.

تركوا الساحة للخاطفين، من «جناح عسكري لآل المقداد» إلى «سرايا المختار الثقفي»، ليطاردوا أشقّاء أبرياء ويحتجزوا حريتهم بحجة تحقيق العدالة. نحو خمسين مواطناً سورياً، وتركي، دخلوا أمس دوامة الخطف، تماماً كما المخطوفين اللبنانيين الـ 11. عدا عن الذين أوقفوا وتعرّضوا للاعتداءات والإهانات، خلال إجراء «فحص الدم» الوطني لهم. سلوكيات، أبعد ما تكون عن قيم العشائر العربية، في حال لم يعد أمامنا إلا الرضوخ لحكمها. الأخطر أن ما حصل في اليومين الفائتين يتجاوز أحداث الخطف، ليفتح الباب واسعاً على كمّ من الأسئلة عن مستقبل لبنان والمنطقة، وعن حقول الألغام الكثيرة التي بات لبنان محاطاً بها، مساهماً أحياناً، بمسؤوليه وإعلامه ومواطنيه، في زرعها... تمهيداً للانفجار الكبير

الأكثر قراءة