الخلايا السلفية النائمة استيقظت. العمل جارٍ سرّاً لتنظيم الصفوف. في عين الحلوة، يُعاد بناء تنظيم «فتح الإسلام» عدّة وعدداً. كما يتردد أن معظم عناصر الجماعات الإسلامية المتشددة بايعوا «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة. في الشمال أيضاً، تكتيك واستراتيجيا، إضافة إلى معلومات «جهادية» عن التخطيط لاستهداف مراكز للجيش
رضوان مرتضى
لم يهاجر أبرز المطلوبين في تنظيم «فتح الإسلام» من مخيم عين الحلوة باتجاه سوريا نهائياً، بل تبيّن أنهم نفّذوا انتقالاً تكتيكياً. القياديون الذين وصلوا الى سوريا توزّعوا المهام في مشروع «الجهاد نصرةً لأهل السنة». انخرط بعضهم كقياديين في صفوف «الثورة السورية»، فيما عاد بعضهم الآخر محمّلاً بـ«مشروع» لم يُعلن بعد. لكن بعض التدقيق يكشف جزءاً من هذا المشروع: بدأت منذ مدة قصيرة مرحلة إعادة بناء التنظيم عسكرياً. استُقطبت عناصر جديدة، وبدأت عمليات التدريب العسكري. المال موجود هنا، وكذلك «ساحة الجهاد». المعلومات الواردة تؤكد أن هؤلاء انضووا تحت راية «جبهة النصرة لبلاد الشام»، فـ«المرحلة المقبلة آتية، وسيحين دور الروافض».
ما تقدم يجري في مخيم عين الحلوة تحديداً، في هذه الأيام، علماً أن معظم المخيمات الفلسطينية المتبقية ليست بعيدة عن هذا الجو. فالمصادر الموثوقة تؤكد وجود حركة لافتة لوافدين جُدد من عدد من الدول العربية. يُعرف هؤلاء اصطلاحاً بـ«الغرباء»، لكنهم ليسوا سوى رُسلٍ من تنظيم «القاعدة» لإعادة هيكلة الجسم العسكري للمجموعات التي تمت تزكيتها من قبل التنظيم الأم.
في مخيم عين الحلوة، عاد المطلوب هيثم ش. برفقة لبناني آخر بعدما كانا قد غادرا مع المجموعة المطلوبة التي تركت المخيم في الشهرين الماضيين. وتؤكد المعلومات أن القياديين الآخرين لا يزالون في سوريا، وأنهم يشاركون في تدريب مجموعات مقاتلة في سوريا على الصعيدين العسكري والتثقيفي. وفي السياق نفسه. تشير المعلومات إلى أن أحد هؤلاء أُصيب خلال المواجهات، لافتة إلى أن عدداً منهم موجودٌ في ريف الشام.
وتؤكد المعلومات الواردة من داخل المخيم أن هيثم ش. تولى قيادة «فلول» الحركات الإسلامية المتشددة التي توالي «القاعدة» فكراً ومنهجاً، كحركتي فتح الإسلام وكتائب عبد الله عزّام. وفي هذا السياق، يتردد أن «الأمير» الجديد أحضر معه مبالغ مالية لتوفير المستلزمات اللوجستية، إضافة إلى حضور قيادي إسلامي يمني للمساعدة في لمّ أفراد المجموعات وتجنيد عناصر جُدد. وتُشير المعلومات إلى أن عملية استقطاب واسعة تجري على قدمٍ وساق، لافتة إلى أن أعداد هذه المجموعات تضاعفت في الفترة الأخيرة. أما عن حيثية هذه المجموعة ومدى قبولها في أوساط المخيم، فتكشف مصادر إسلامية أن «أسهمهم ارتفعت كثيراً بعدما أرسلوا عدداً من قيادييهم ومقاتلين للمشاركة في الجهاد في سوريا». وفي السياق نفسه، تشير مصادر أخرى إلى أن هؤلاء باشروا إجراء تدريبات بدنية وأخرى عسكرية في مدرسة في حي التعمير. وتكشف المصادر أن التدريبات تبدأ بُعيد منتصف الليل وحتى ساعات الفجر الأولى، علماً أن هناك أفراداً من غير سكان المخيم يشاركون فيها. كما تكشف المعلومات أن جزءاً كبيراً من المشاركين في هذه التدريبات يبقى ملثّماً طوال فترة التدريب.
هذا في الشكل، أما في الجوهر، فعلمت «الأخبار» أن معظم هذه المجموعات توحّدت تحت راية «جبهة النصرة» التي كانت في بداياتها مزكّاة من تنظيم القاعدة، قبل أن «تُقدّم أوراق اعتمادها لتكون العباءة التي تجمع المجاهدين في إمارة بلاد الشام». وتعتقد هذه المجموعات أن سقوط النظام في سوريا بات قريباً جداً، وتؤمن بأن «مرحلة الجهاد الثانية ستنتقل إلى لبنان، باعتبار أن دور الروافض سيكون قد حان».
وفي الشمال لا تبدو الأمور أقلّ خطورة. فقد علمت «الأخبار» أن المجموعات السلفية الناشطة في صفوف «الثورة» السورية، والتي تستقر حالياً ضمن الأراضي اللبنانية، بدأت بالمغادرة إلى سوريا بشكل جماعي خلال اليومين الماضيين. وتكشف المعلومات أن هؤلاء توجهوا للمشاركة في القتال، وأن الغاية الأساسية بالنسبة إليهم تنحصر حالياً في «الصمود إلى حين انتهاء مهلة الضوء الأخضر الروسي الممنوح للنظام في سوريا للقيام بعملية عسكرية واسعة وعنيفة». وتشير المعلومات إلى أن عدداً كبيراً من هؤلاء المقاتلين يشارك في العمليات تحت لواء كتيبة الفاروق السلفية، وأنهم هيّأوا أنفسهم لاحتمال أن يستخدم الجيش السوري قوته تدميرية للقضاء عليهم. ورغم كثرة ترداد مصطلح «الساعة الصفر» التي كان يُحكى أنها ستكون اللحظة التي ستشتعل فيها سوريا من شمالها إلى جنوبها على أيدي مسلحي المعارضة، إلا أن التوجه الآن منحصر في «الصمود» أكثر منه في «المواجهة، باستثناء عمليات نوعية تكون موجعة» للنظام.
من جهة أخرى، يُتوقع عند احتدام المعارك في مناطق القصير والزبداني أن يهرب إلى مناطق الشمال مئات العناصر من مقاتلي المعارضة السورية. ويُحكى هنا عن خطة موازية لاحتضان هذه العناصر الفارة للعمل من الشمال اللبناني بحرية. ولتوفير هذه البيئة، علمت «الأخبار» من مصادر إسلامية ذات ميول سلفية جهادية، أن هناك مخططاً لاستهداف مراكز للجيش اللبناني بالمتفجرات في مناطق الشمال لدفعه الى الانكفاء عن المنطقة أو أقلّه الحد من نفوذه هناك.
الاربعاء ٢٠ حزيران ٢٠١٢