موفاز: سقوط عملاء «سي آي إيه» بدأ عام 2008

بقيت الأوساط الاستخبارية والإعلامية الإسرائيلية مشغولة بما أعلن عن انكشاف شبكات تجسّس أميركية في لبنان. وقدم المسؤول السابق عن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في لبنان قراءة للحدث، فيما تلقّفت إسرائيل الانفجار الذي وقع في خراج بلدة صديقين الجنوبية، مذكّرة بـ«حقها» في استهداف حزب الله أينما كان

يحيى دبوق

قال المسؤول السابق للساحة اللبنانية في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، العقيد شلومو موفاز، في حديث خاص إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، إن تفكيك شبكة عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، سي آي إيه، ليس الأول من نوعه في لبنان «إذ أشارت التقارير عام 2008 و2009 و2010 إلى تفكيك سلسلة من الشبكات في لبنان، لكن ما نشر أخيراً حظي بتصديق أميركي، ويبدو موثوقاً جداً، الأمر الذي يعني ضربة قاسية لسي آي إيه».وعن الأسباب التي أدت إلى الفشل الأميركي، أكد موفاز أن «حزب الله يُظهر، بل وأيضا أظهر في الماضي، أن لديه مهارات استخبارية محترفة جداً، وفي الوقت نفسه لديه قدرات تكنولوجية متطورة جداً، ويجب القول إن حزب الله قام بالفعل بترميم كبير لأوضاعه وقدراته في الفترة التي أعقبت حرب لبنان الثانية عام 2006»، مشيراً إلى أن «حزب الله يملك منظومة أمنية شديدة الانضباطية والتماسك، ما يعني أنه لا يمكن أن ينضم أحد إلى صفوفه من دون إجراء تحقيقات وعمليات كشف ومتابعة دقيقة وعميقة جداً جداً، وعلى مراحل ومستويات متعددة. وهذه الإجراءات والتدابير غير موجودة حتى لدى دول. هذه هي قدرات حزب الله، إضافة إلى قدراته التكنولوجية المتطورة».وألقى موفاز بلائمة الفشل الاستخباري الاميركي أيضاً على الاميركيين أنفسهم، إذ أشار الى أن «واشنطن زوّدت حكومة (رئيس الوزراء الأسبق فؤاد) السنيورة بمعدات تنصّت وتعقّب متطورة، والبعض يعتقد أن منها ما وقع (مباشرة) في أيدي حزب الله، أو أنها انتقلت إليه بطريقة أو بأخرى، ما ساعد هذا التنظيم على كشف قدرة الأميركيين الاستخبارية في لبنان».وعن حجم الخسارة الاميركية الاستخبارية في الساحة اللبنانية، أكد موفاز أن «القلق الاساسي يتعلق تحديداً بسقوط عملاء لبنانيين أو أشخاص مقيمين في لبنان. ورغم أنه لم يجر القبض على أي من عملاء السي آي إيه من الاميركيين، لكن المشكلة هي في أن الاستخبارات عملت على بناء شبكة تسمى بالمصطلحات المهنية شبكة مصادر بشرية. ويستلزم ذلك جهداً وعملاً طويلي الأمد لبناء الثقة مع العملاء وتمكينهم من وسائل الاتصال والربط، أي ما يسمّى المعلومات الحيوية، بما يشمل نقل خبرات ومهارات إليهم. وهذا كله يتطلب وقتاً وجهداً، ما يعني أن سقوط المصادر البشرية هو ضربة قاسية جداً، لأن جهاز الاستخبارات سيضطر إلى تغيير أساليبه المتّبعة، وأيضاً البدء من جديد».صديقين و«حق إسرائيل»من جهة أخرى، جهدت إسرائيل لاستغلال ما قيل إنه «انفجار في مستودع ذخائر ووسائل قتالية» في خراج بلدة صديقين الجنوبية، الاثنين الماضي، رغم البيان الصادر عن الجيش اللبناني الذي أكد قيامه بعمليات مسح وتفتيش، وترجيحه أن يكون الانفجار ناتجاً عن لغم أو قنبلة عنقودية من مخلفات الاعتداءات الإسرائيلية. ونقلت الإذاعة العبرية أمس عمّا سمّته مصادر إسرائيلية أن «الانفجار الذي وقع في مستودع الأسلحة والذخيرة التابع لحزب الله في قرية صديقين يعدّ حلقة أخرى وجديدة في سلسلة حوادث مماثلة شهدتها قرى الجنوب اللبناني، مثل قرى خربة سلم وطيرفلسيه والشهابية، خلال العامين الأخيرين». وبحسب المصادر، فإن «عناصر من حزب الله، في جميع هذه الحوادث، منعوا الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل من الوصول إلى مكان الحادث لتقصّي الأسباب التي أدت إلى وقوعه».وأضافت المصادر الإسرائيلية أن «قرى المتفجرات» في جنوب لبنان، تماماً كما هي حال قرية صديقين، «تمثّل دليلاً على مدى استغلال منظمة حزب الله على نطاق واسع للقرى الواقعة جنوبي نهر الليطاني كمعاقل ومستودعات لتخزين الوسائل القتالية، الأمر الذي يعدّ انتهاكاً سافراً للقرارات الدولية»، مشيرة إلى أن «هذا الوضع يمثّل خطراً واقعياً ويومياً على حياة السكان في العديد من قرى الجنوب اللبناني، كذلك فإنه يؤكد تجاهل حزب الله للخطر الذي يتعرض له هؤلاء السكان الذين أصبحوا رهائن بيد هذا الحزب».وأشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن مسؤولين إسرائيليين كانوا قد أكدوا في الماضي أن «إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق القيام بأي عملية عسكرية تراها مناسبة ضد كل هدف تابع لحزب الله في لبنان، مع اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لتجنّب إصابة السكان المدنيين». وبحسب المسؤولين الإسرائيليين «سيجري إبلاغ المدنيين مسبقاً، وبالوسائل المختلفة، وأيضاً في الوقت المناسب، بضرورة إخلاء المناطق التي ستستهدفها إسرائيل».وكان مراسلو الشؤون العسكرية والأمنية في وسائل الإعلام الإسرائيلية قد بذلوا جهداً خاصاً أمس وأول من أمس كي يوحوا للإسرائيليين بإمكان أن يكون الجيش الاسرائيلي مسؤولاً عن «تفجير مستودع الذخيرة» في صديقين. وقال معلق الشؤون العسكرية في القناة الثانية الإسرائيلية، روني دانيئيل، إنه لا يمكن تحديد من فجّر مستودع الذخيرة في جنوب لبنان، «لكن يجب القول إن إسرائيل قد لا تكون هي من تقوم بمثل هذه الأمور في كل مرة، إلا أن الحرب السرية قائمة ومستمرة بينها وبين حزب الله»،. وبحسب المراسل، يجب على المتابعين أن يلاحظوا أن من فجّر مستودع الذخيرة أقدم على ذلك في ساعة متأخرة من الليل، أي إن «الجهة المنفذة حرصت على التوقيت، وأرادت أن يكون الانفجار في وقت تخلو فيه الشوارع من المارة، بحيث لا يسقط إلا عدد محدود من الأشخاص». مع ذلك، يُحدّث المراسل الإسرائيليين بأن «التفجير» وقع في مكان بعيد عن البلدة، وفي واد لا يصل إليه المارة.في سياق آخر، أعلنت إسرائيل سلسلة مناورات ستجريها الجبهة الداخلية في محاكاة لحرب تندلع على عدة جبهات واحتمال سقوط صواريخ غير تقليدية على المستوطنات والمدن الإسرائيلية. وأعلنت الجبهة الداخلية أن المناورة الأولى ضمن هذه السلسلة ستجري في مدن رئيسية شمالاً، منها العفولة والناصرة والناصرة العليا. ومن ضمن سيناريو المناورة سقوط 500 إصابة يومياً جرّاء أسلحة بيولوجية على التجمعات الإسرائيلية.

الأكثر قراءة