سلــيمان يُطلِــق محــاكمة ريــفي

حسن عليق

للمرة الأولى منذ وصوله إلى قصر بعبدا، يخوض رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان معركة سياسية يؤكد مقرّبون منه أنه ماضٍ فيها حتى النهاية. ويوم أمس، أثبت سليمان ما نقله مقرّبون منه خلال اليومين السابقين، إذ بعثت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية كتاباً إلى وزارة العدل تطلب فيه، بناءً على توجهات سليمان، «اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن عدم تنفيذ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي كتاب وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الرقم 9143 تاريخ 26/ 5/ 2011 بالعمل فوراً على إخلاء الطبقة الثانية من مبنى وزارة الاتصالات».مقرّبون من قصر بعبدا يؤكدون أن وزير العدل، بالقانون، ملزم بإحالة طلب رئيس الجمهورية على النيابة العامة التمييزة، «إذ لم يسبق أن خابر رئيس الجمهورية وزير العدل وتمنّع الأخير عن الاستجابة». ووزير العدل الحالي، إبراهيم نجار، كان قد أبلغ رئيس الجمهورية أن ملف «عدم امتثال ريفي لأوامر بارود» يدخل ضمن اختصاص القضاء العسكري، على حدّ قول مقرّبين من قصر بعبدا. وبعد الوزير، من المنتظر أن تحيل النيابة العامة التمييزية الملف على مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، للنظر في القضية. وفيما لفتت مصادر قانونية مطّلعة على تفاصيل الملف إلى أن «مخالفة ريفي» هي من اختصاص القضاء العسكري، أكدت مصادر سياسية أخرى أن البحث سيتركز خلال الأيام المقبلة على إيجاد مخرج للقضية، سواء من خلال إعلان النيابة العامة عدم اختصاصها للنظر في القضية، أو أن يباشر القضاء النظر في الملف، على أن يعلن لاحقاً عدم وجود مخالفة. وأشارت مصادر مقرّبة من سليمان إلى أن مجرد طلب إحالة ريفي على القضاء هو «انتصار من رئيس الجمهورية لوزير داخليته زياد بارود»، مضيفة: «كان يجب على مَن يريد مواجهة بارود أن يعرف أن المواجهة مع الأخير تعني مواجهة مع مرجعيته السياسية». وأكدت المصادر ذاتها أن سليمان الذي تهاون في المرات السابقة مع المخالفات التي جرت بحق وزيره، لم يكن قادراً على الوقوف على الحياد هذه المرة، وخاصة أنه سعى شخصياً إلى تدارك المشكلة، إلا أن ريفي لم يستجب له. تضيف المصادر أن سليمان عندما اتصل هاتفياً بريفي يوم الخمس الماضي، قال له بوضوح: «أنت تعرف كم وقفت إلى جانبك خلال السنوات الماضية. أريد منك أن تنفذ طلب وزير الداخلية، وإلا فلن تجدني بقربك». ردّ ريفي محاولاً توضيح موقفه عبر القول: «فخامة الرئيس...»، فقاطعه سليمان مكرراً العبارة ذاتها: «… نفّذ كتاب زياد، وإلا فلن تجدني بقربك هذه المرة». وعلى هذا القول، انقطع الاتصال بين الرجلين. ومن هذا المنطلق، فإن الرئيس يرى أنه استنفد كل سبل الحل قبل وقوع الخلاف، وبالتالي، لم يعد ملزماً بالمبادرة. وعندما حاول تيار المستقبل أمس، عبر النائب عمار حوري، التوصل إلى تسوية ما، لم يلق تجاوباً من رئيس الجمهورية.في المقابل، تصرّ أوساط ريفي وتيار المستقبل على أن المدير العام لقوى الأمن الداخلي لم يتخلّف عن تنفيذ أمر بارود، «بل اكتفى بممارسة حقه من خلال بعث كتاب يوضح فيه سبب إرسال قوة فرع المعلومات إلى مبنى الاتصالات، منهياً كتابه بطلب رأي بارود للتصرف وفقاً له». وتؤكد المصادر أن بارود لم يتسلم الكتاب، لأنه كان قد أنهى مؤتمره الصحافي ولم تعد دوائر الوزارة تستقبل البريد.الخلاصة أن تيار المستقبل، ومن ضمنه ريفي وفريقه الأمني، خسر رئيس الجمهورية (آنياً على الأقل)، في المعركة التي خاضها ضد وزير الاتصالات شربل نحاس. ويعزّي بعض التيار نفسه بالقول إن «المهم أن ممتلكات الدولة بقيت آمنة، سواء كانت في عهدة قوى الأمن الداخلي أو الجيش».

الأكثر قراءة