دعا الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، إلى القيام بمراجعة لعمل لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك بعد كل ما تبين من عملها خلال خمس سنوات، «إذ لم يعد هذا الملف يخص شخصاً أو عائلة بل بات يخص أمة بكاملها». وأكد في الليلة الأخيرة من ليالي عاشوراء في مجمع سيد الشهداء في الرويس، أن النائب السابق لرئيس اللجنة غيرهارد ليمان وكان «ضابط مخابرات ألمانيا وأكبر مسؤول عن تسريب التحقيقات وهو رجل فاسد»، باع وثائق بأموال في لبنان، وأن «هناك أشخاصاً اشتروا منه الوثائق بأموال وأعطوني إياها». وشدد على أن المحكمة سيأتيها يوم أصعب من «ويكيليكس»، مشيرا إلى أنه عُرض على الحزب شراء وثائق من المحكمة بمبلغ مليون دولار. وأكد أن هناك قيادات سياسية وأمنية في لبنان صنعت قيادات الزور، والحكومة كانت «تحميهم الليلة» (أمس). ودعا نصر الله إلى مشاركة واسعة في مسيرات اليوم التي يقيمها الحزب في مختلف المناطق، وقال: إسرائيل تعمل لتقوية نفسها عسكرياً، وحتى إنها في لبنان تستكمل ذلك، وقال: بدأنا نكتشف مجموعة من التجهيزات أو الكاميرات التي تنقل الصورة ليلاً ونهاراً، والإنجاز اليوم تفكيك أجهزة التجسس المتطورة سواء في صنين أو الباروك بالتنسيق بين طرفي المعادلة الذهبية أي المقاومة والجيش. وأوضح أن «الخيار الأول أمام إسرائيل هو أن تذهب إلى المفاوضات والتسوية وهذا لا تريده إسرائيل. الخيار الثاني هو مسار الحرب، أي أن تقدم إسرائيل على حرب إما مع لبنان أو سوريا أو إيران أو غزة أو معهم كلهم»، وأشار إلى أن هذا الخيار في الظروف الحالية غير منطقي، فإسرائيل تعرف جيداً أن الخروج إلى أي حرب في أي جبهة إن لم تكن مضمونة أي أن تكون سريعة وحاسمة وفيها نصر، فهي مغامرة كبرى. واعتبر أن الخيار الثاني صعب وخطير ولكنه ليس مستحيلاً. ورأى أن الخيار الثالث هو بقاء الوضع كما هو عليه بانتظار متغيرات إقليمية ودولية. وأشار إلى أن إسرائيل تفضل الخيار الثالث، وهي تستفيد من الوقت لإنجاز كل الخطوات لتهويد فلسطين واستعادة عناصر القوة. وأوضح أن هناك مشكلة في الخيار الثالث بأن هذا الأمر سيعطي مزيداً من الوقت لأعداء إسرائيل لأن يزدادوا متانة. وتناول نصر الله «مشكلة ثانية يواجهها الخيار الثالث. المستقبل من غير المعروف إذا كان أفضل لإسرائيل، فأميركا فشلها واضح في العراق وأفغانستان، من خسارة المزيد من الحلفاء الاقليميين، اليوم يخسرون تركيا، وانشغال القوى العالمية بأزماتها الداخلية والمالية أو قد ينشغل العالم بمشاكل أخرى، وهناك ارتفاع مضطرد في الكراهية لإسرائيل». واعتبر أن الأخطر في ما يفعله العدو الإسرائيلي هو عمله الدؤوب من خلال الحكومات والأنظمة والأموال ومؤسسات فكرية وشخصيات وأجهزة مخابرات على مشروع الفتنة في العالم الإسلامي والعربي. وأضاف: ماذا فعلت إسرائيل بأهل السنّة، في المجازر بفلسطين المحتلة ومن ثم تهجيرها للسنّة، ومن ثم إزالتهم عن الخريطة، الذين حاربتهم في سوريا والأردن ومصر وجزء من لبنان هم أهل سنّة. وأشار إلى أن من أوجب الواجبات على السنّة والشيعة أن يواجهوا هذا الخطر وأن هذا الأمر يحتاج إلى دقة وترفع وفهم خلفيات ما يجري في المنطقة والعالم وأن ذلك مسؤولية المسيحيين الشرقيين المستهدفين في وجودهم. وتابع نصر الله: أقول لبعض المسيحيين في لبنان وغيرهم من الذين يتوهمون أن الصراع السني - الشيعي يمكن أن يجعلهم الرقم الأصعب في لبنان هذا خطأ، فالصراع السني الشيعي في لبنان إن شاء الله لن يحصل ومع ذلك البعض يعلق عليه آمالاً كبيرة وهذه رهانات خاطئة. وأكد أن ما يريده الإسرائيليون هو إنهاء الوجود المسيحي وإضعاف الوجود المسلم، مشيراً إلى أنه «وفي هذا السياق نفهم موضوع المحكمة الدولية وما يعد من قرار ظني لاتهام أفراد أو قياديين من «حزب الله» باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري». وتحدث نصر الله عن ما ذكر في الصحف منذ العام 2006 من أن التحقيق بات يتخذ مجرى اتهام «حزب الله»، وأشار إلى أنه في العام 2008 جرى التكلم معه في هذا الموضوع وقيل له إنه سيتهم مجموعة مخترقة في «حزب الله». وأشار إلى أن الحزب أبلغ وقرأ ذلك وهذا ليس سراً بل تتداوله شخصيات في لبنان والعالم منذ سنوات. واعتبر «أننا لم نحرك ساكناً لأننا حريصون على بلدنا». وشدد على «أننا لم نتصرف في يوم من الأيام لإيجاد ذريعة للإمساك بلسلطة أو الانقلاب على الطائف أو غيرها، إذا كنا نريد هذه الحجة في موضوع القرار الاتهامي فقد كانت بأيدينا منذ 2008 ولكن لم نلجأ إلى هذا الأمر». وأوضح أنه «وفي الأشهر الأخيرة رأينا أن هذا الأمر يأخذ منحى جدياً ويتركب عليه مؤامرة تستهدف «حزب الله» والمقاومة ولبنان»، وسأل: هل من المنطقي أن نبقى صامتين لنرى القرار الاتهامي، من يقل هذا يضحك على الناس. وشدد على أن المحكمة سيأتيها يوم أصعب من «ويكيليكس»، وقال: كل من تآمروا سيأتيهم يوم أصعب من «ويكيليكس»، وهم لهم علاقة بشهود الزور والتوقيت ويعرفون كل شيء بالتفصيل، سيأتي يوم يظهر فيه الخيط الأبيض من الأسود، فهل من الطبيعي أن نسكت، كلا، ففتحنا الموضوع منذ أشهر، وقمنا وواجهنا بشكل منطقي وبالعلم وقدمنا معطيات وقرائن وتكلمنا ولم نذهب إلى السلبية ولم نقم باعتصامات ولم نعطل البلد ولم نقم بعصيان مدني ولا عطلنا الحكومة، ونحن نعرف أن هناك قراراً اتهامياً سوف يصدر بعد أيام وربما قد لا يُعلن. وتابع نصر الله: يقال إن (المدعي العام للمحكمة دانيال) بيلمار سيقدم ظرفاً مغلقاً ومعروفاً ما فيه، ونعرف أن الأمور تتوجه إلى هذا الاتجاه ولكن هل ذهبنا إلى السلبية؟ بعض الناس قالوا إن «حزب الله» لأنه يدافع عن نفسه فهو متورط؟ كيف يمكن هذا الكلام؟ واجبنا كان في الأشهر الأخيرة أن نشرح مسار الأمور. واعتبر أن «من واجبنا الدفاع عن المقاومة وأيضاً لبنان لأن المستهدف هو تخريب البلد»، وقال: طرحنا منطقاً، فقلنا هل التحقيق سيوصل إلى العدالة وهل هو سليم؟ قلنا بالبرهان إنه مسيس وليس حرفياً وأعطينا دلائل، أولاً من يرد القيام بتحقيق يجب عليه القيام بكل الفرضيات، أين فرضية إسرائيل؟». وكشف أنه «عندما كان (المحقق الدولي ديتليف) ميليس رئيساً للجنة التحقيق كان نائبه غيرهارد ليمان الذي كان ميليس يعتمد عليه، كان ضابط مخابرات ألمانياً وأكبر مسؤول عن تسريب التحقيقات وهو رجل فاسد». وأشار إلى أن لديه الدليل أن ليمان باع وثائق بأموال في لبنان، وأن «هناك أشخاصاً اشتروا منه الوثائق بأموال وأعطوني إياها». وقال نصر الله: بيلمار قام بمعركة لحماية شهود الزور وعدم إعطاء الشهادات في الوقت الذي قام ليمان ببيع هذه الشهادات، وهو فاسد ورخيص وباع الوثائق بـ50 أو 70 ألف دولار، ويومها عُرض عليّ أن هذا الرجل مستعد لإعطائنا كل شيء في التحقيق مقابل مليون دولار، وربما أخطأنا بالرفض، وربما في المستقبل هناك أشخاص سيسربون وسائل ومعطيات. وقال: لقد ذهبنا الى نقاش قضائي ودستوري وفني، ثم طلبنا محاكمة شهود الزور وقالوا هذا شأن يعني المحكمة الدولية، فقالت إن هذا ليس اختصاصها، والحكومة رفضت تحويله إلى المجلس العدلي، يوم مقتل الزيادين واتُهم بقتلهم شباب شيعة. وخشية أن تؤدي الجريمة إلى فتنة حولت الحكومة الملف إلى المجلس العدلي، ولماذا جرائم مثلها لم تذهب إلى المجلس العدلي؟ لأن هنا في خوف من ذهاب إلى الفتنة، وفي مقتل الأخوين انطونيوس تحولت قضيتهم إلى المجلـس العدلي خوفا من الفتنة. وتوجه إلى كل الفرقاء بالقول: المحكمة الدولية تحمي شهود الزور لأن ميليس وليمان شركاء في تصنيع شهود الزور، لأن هناك قيادات سياسية وأمنية في لبنان صنعت قيادات الزور، الحكومة تحميهم، الليلة كانت الحكومة تحميهم، هم يحمون من صنعهم، ولأنه قد تكون هناك جهات تملك مستندات مدينة على هذا الصعيد. وشدد نصر الله على أنه «ومنذ أول يوم فتحنا ملف المحكمة وحتى اليوم نتصرف ضمن رؤية وأساساً لا أحد يتوقع أننا نريد إلغاء قرار مجلس الأمن الدولي»، مشيراً إلى أنه يمكن للمبادرات تعطيل قرارات مجلس الأمن الدولي، وقال: من أخذ الأمور باتجاه سوريا كان له أهداف وخلال 3 أو 4 سنين من خلال صمود المقاومة وسوريا وخلو التحقيق أحبطت هذه الأهداف. واعتبر أنه «اليوم عندما يؤخذ الاتهام نحو «حزب الله» فهو يضع أهدافاً، فلنعطل هذه الأهداف، ومن خلال عمل المقاومة والمعارضة بعض الأهداف المتوقعة منها القرار الاتهامي تم إحباطها، مثلاً تشويه صورة المقاومة. كذلك من جملة الأهداف في حال سكت «حزب الله» وصدر القرار الظني بشكل مفاجئ فأول من سيتضعضع هم حلفاء «حزب الله»، وهذا سيسبب ابعاداً بين الحزب وحلفائه السنة والمسيحيين، فيتم عزل «حزب الله» تمهيداً لضربه في المستقبل. هذا الهدف اُسقط والرهان على عزل «حزب الله» سقط بشكل كبير». واعتبر نصر الله «أننا قدمنا خدمة رغم أنهم لا يريدون الاعتراف بها، وهي أن هذه المحكمة والتحقيق الذي ننتظر أنه سيوصل للعدالة لن يفعل». وقال: أنا أقول دعونا نقم بمراجعة بعد عمل لجنة التحقيق لخمس سنوات، لم يعد هذا الملف يخص شخصاً أو عائلة بل بات يخص أمة بكاملها، فلنقم بمراجعة بعد الإخفاقات في عمل لجنة التحقيق والمحكمة، وأصررنا على فتح ملف شهود الزور لمعرفة من ضلل التحقيق وأيضاً من جملة ما اُنجز أننا أوجدنا أحساساً بالمسؤولية الوطنية، وأظهرنا أن هناك مؤامرة كبيرة وهنـاك مســؤولية عربية ووطنية كبيرة وهناك جهد سعودي وسوري، وإيران دعمت الجهود وأوجدنا جواً من المسؤولية الوطنية والعربية والإسلامية.