سامي كليبلم يعد آدم بشر ممثل حركة تحرير السودان في إسرائيل (جناح عبد الواحد نور) يخجل من المجاهرة بالعلاقات الوطيدة مع إسرائيل، وباللجوء إليها لنصرة حركته ضد نظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير. ولعل في الحديث عبر الانترنت الذي أجرته معه «السفير» خير دليل على التغلغل الإسرائيلي الخطير في السودان أرضاً وشعباً وأمناً وسياسة.وهذا الجناح من حركة تحرير السودان يقوده المحامي عبد الواحد نور، العضو السابق في الحزب الشيوعي السوداني المنتمي إلى قبائل «الفور» (منها اشتق اسم دارفور)، قاتل في جبل مرة ثم التحق بجنوب السودان وتحالف مع اريتريا وكينيا وأثيوبيا، وأخيرا زار إسرائيل، طالباً التحالف معها. لكن حركته عزلته عام 2004 وهو لم يعترف بهذا العزل، وحاليا يقود جناحه الخاص المعروف باسمه داخل الحركة ويجاهر بالعلاقة الوطيدة مع إسرائيل.وينشط ممثل حركته آدم بشر كثيرا في تل أبيب، ويعمل مع جامعة هرتسيليا قسم الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية. وكان السؤال الأول حول مستقبل دارفور في حال انفصل جنوب السودان، فقال: إن شأن دارفور من منظور حركة تحرير السودان كشأن كل أقاليم السودان، بحيث أن لأهل دارفور فقط الحق في أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون العيش مع شمال السودان أم لا، ثم إن دارفور كانت كياناً مستقلاً عن السودان قبل الحرب العالمية الأولى، وبريطانيا هي التي ضمتها إلى السودان عام 1916، وكان ذلك انضماما قسريا وقهريا بعد قتل آخر سلطان دارفوري. ونحن في حركة تحرير السودان نقاتل في كل السودان، من الجنينة إلى حلفا ومن أقصى الحدود المصرية إلى كسلا. وترى حركتنا أن مستقبل السودان بعد انفصال الجنوب هو السودان العلماني الليبرالي الموحد. وثمة سيناريو أخير متوقع، ويتعلق بالحرب المقبلة، وسوف تؤرخ هذه الحرب لنهاية المؤتمر الوطني (الحاكم)، وبعد أن ينفصل الجنوب ستقوم حرب تكون الأخيرة قبل وحدة السودان.- ما هي ابرز مطالب حركتم، حركة تحرير السودان بالنسبة لدارفور والوضع العام في السودان؟^ حركتنا هي حركة تحررية وليست مطلبية. أما بالنسبة لدارفور فإن ما تعرض له الإقليم من إبادة جماعية وقتل وتشريد جعله ذا وضع امني واجتماعي خاص، ومن الضروري التعويض عن كل ما حصل. وأما بالنسبة للسودان، فإن البلاد بحاجة ماسة لإعادة البناء الاجتماعي والسياسي وتحرير العقلية السودانية، وهذا في نظر حركتنا لا يمكن أن يتم من دون القبض على مهندس الإبادة الجماعية السيد عمر البشير ومحاكمة كل مجرمي الحرب في السودان. ونحن مستمرون في سعينا للقبض على البشير، قبل الاستفتاء لضمان وحدة أراضي السودان.ـ ألا تعتبرون أنفسكم خارجين على القانون السوداني الذي يمنع الاتصال بإسرائيل؟^ علاقات أهل السودان باليهود قديمة، فقد تزوج نبي الله موسى كوشيه امرأة سودانية، ولم يعبأ باحتجاج أهله على ذلك، كما سارت جيوش الفاتح السوداني ترهاقا، استجابة لدعوة من احد أنبياء اليهود لتخليص القدس الشريف من قبضة الآشوريين بقيادة سارهدون الثاني، وظل السودانيون على الشريعة الموسوية (أبناء موسى)، إلى أن ذهب في خلال عهد المملكة المروية وزير مالية الكنداكة ملكة مروي إلى المسجد الأقصى للزيارة والحج وهناك قابل حواري المسيح فليبس، وخلصه من جلاديه، كما اعتنق وزير الكنداكة تعاليم العقيدة المسيحية والتي توطنت في السودان بعد قرون من ذلك. وقد شاع في الأدبيات اليهودية أن مملكة مروي فتحت المجال لعمال يهود كفنيين واختصاصيين في صهر الحديد، حتى أصبحت مروي برمنغهام أفريقيا في تلك العصور السحيقة.ونحن نؤكد أن إسرائيل موجودة في السودان منذ القدم، ومن المعروف قبل مجيء الإسلام والمسيحية أن أهل السودان كانوا يهودا، وأن الدليل على ذلك تشابه الأسماء والعادات والتقاليد. وفي عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري جرى ترحيل يهود «الفلاشا» عن طريق قرية عروس السياحية على البحر الأحمر، ومطار الخرطوم بدعوى إعادة التوطين، ولكن العملية الكبرى تمت بعد موافقة الكونغرس الأميركي على تمويل مشروع تهجير «الفلاشا» في أيلول عام 1984، وبدأ الترحيل فعليا في تشرين الثاني عام 1984، حيث نسقت الاستخبارات الإسرائيلية مع الاستخبارات الأميركية والسودانية عمليتي «موسى» و«سبأ» الشهيرتين لترحيل «الفلاشا». وهذا دليل على أن السودان أول دولة افريقية تعاملت مباشرة مع إسرائيل. إننا في حركة تحرير السودان جناح عبد الواحد نور نؤكد أن الإسرائيليين شعب طيب ومسالم محب للآخر. وفي السودان لا يوجد أي قانون يمنع الاتصال بإسرائيل، ولو أنت تلاحظ حتى الختم في الجواز السوداني كان مكتوبا عليه في السابق انه يحق للسوداني السفر إلى كل الأقطار مع عدا إسرائيل، ولكن الآن شطب هذا الأمر.- بغض النظر عن جرائم من تصفهم بالشعب الطيب والمسالم بحق الشعوب العربية، أود أن أسألك ما هي مصلحتكم في العلاقة المباشرة مع إسرائيل؟^ العلاقة هي بين الشعبين السوداني والإسرائيلي، وقد فتحنا مكتبنا في إسرائيل لأن هناك شعبا سودانيا مشردا، ودخل جزء منه إلى إسرائيل، لذاك قررت حركة تحرير السودان اللحاق بشعبها أينما كان للمساعدة وتسهيل الأمور. (يعني تسلل سودانيين إلى إسرائيل عبر مصر).- هل تساعدكم إسرائيل عسكريا وزراعيا؟^ لقد فشلت الدول العربية في مساعدة السودان، خاصة في المجال الزراعي، ولدينا في السودان أراض زراعية هائلة، إذن نحن نتعامل مع كل مستثمر قادر على تطوير القدرات السودانية. أما بالنسبة لمساعدة إسرائيل لنا عسكريا، فإن أي حركة تحرر تتعامل مع أي كان لكي تحرر بلدها.- هل ثمة أطراف سودانية أخرى لها علاقات مباشرة مع إسرائيل، ومن هي؟^ العلاقات التجارية والسرية مع إسرائيل موجودة مع أطراف سودانية أخرى، بما فيها أناس في المؤتمر الوطني، لكنهم يخجلون من الإفصاح عن ذلك.- الجيش الشعبي لتحرير السودان وحركته السياسية في جنوب السودان أكدا غير مرة أن لا علاقة مباشرة لهم مع إسرائيل، هل لديكم معلومات بهذا الشأن؟^ هذا كلام سياسي. عدد كبير من الشعب السوداني، وخصوصا الشعب الجنوبي، يتنقل بين إسرائيل وجنوب السودان، وهناك رحلات جوية أثيوبية منتظمة تربط جوبا بأثيوبيا وتل أبيب، وأنا شخصيا سافرت عبر تلك الرحلات، فما المانع؟ لكن في قسم الدراسات الدبلوماسية لدينا أنواع كثيرة من العلاقات بين الدول، هناك علاقات ذات تمثيل دبلوماسي، وعلاقات ودية فقط، وعلاقات قنصلية، وعلاقات ترتبط بسفارات وعلاقات خفية وأمنية.- ألا تخشون أن تؤدي علاقتكم مع إسرائيل إلى إقفال أبواب العرب أمامكم؟^ أبداً، لأن الكثير من الدول العربية لديها علاقات مع إسرائيل، وفي طليعتها دول الخليج، لأن إسرائيل أعربت عن استعدادها لحمايتهم في حال تدخل إيراني أو حرب مع إيران. ونحن ندرك أن ثمة علاقات مع إسرائيل تشمل كلا من مصر والأردن ودول المغرب العربي، وهناك علاقات أمنية بين إسرائيل والسعودية، فلماذا بالله عليك محرم علينا إقامة علاقات مع إسرائيل، ثم إن كل أشقائنا الأفارقة لديهم علاقات معها، فلماذا لم يقفل العرب أبوابهم أمام الأفارقة؟- ما هو الفارق بينكم وبين قوات أنطوان لحد اللبنانية التي تعاملت مع إسرائيل في جنوب لبنان، فخانت بلدها ثم خذلتها إسرائيل وتركتها عرضة للمحاكمات على الأراضي اللبنانية؟^ الفارق أن قوات أنطوان لحد اللبنانية هي قوات عربية، وإسرائيل لا يمكنها أن تدعم لفترة طويلة وبقوة أي قوات عربية، وإنما تستخدمها لفترة زمنية قصيرة من اجل المصالح العليا لإسرائيل ثم تتخلى عنها. وأما حركة تحرير السودان فهي افريقية، وتقاتل من اجل السودان الأفريقي، وأنت تعلم جيداً أن السودان هو اكبر بلد أفريقي، وليس دولة عربية بحتة، وتعلمون جيداً أن حركة تحرير السودان ليست ضد العرب وإنما ضد المؤتمر الوطني الحاكم في السودان. حركة تحرير السودان تقاتل من اجل السودان للسودانيين وبناء السودان العلمانى الليبرالي الحر.- لا تعليق. فإن لم تخجل إفعل ما تريد.