Ihsan Masri

Ihsan Masri

 

 

 

 

مرسيل خليفة

 

 

 

في هذا اللقاء الحميم في المعهد الموسيقي الوطني، ليتني أجد معكم مقعداً للحنين على وقع الأوركسترا الوطنية وكورال سيدة اللويزة، وليتني أقدر على أن أجعل الحلم قنديلاً يؤرجح ظلالكم. ما يعنيني في أمسية اليوم القدرة على إعادة الدهشة من جديد، عبر الرحيل مع الطيور الصادحة إلى أفق بعيد، واضح المعالم مع تلك الأقاصي الزاخرة، رغبة في التعبير عن فرح غامض، عن سعادة وسط هذا الظلام الدامس، علنّا نستطيع تغيير هذا الواقع، واستبدال فوضاه بإيقاع الموسيقى.

 

ليس سهلاً الكلام عن الموسيقى، بمعزل عن حالنا العامة؟ كيف نستطيع تحريض الناس على الفرح لا الغياب، على الحياة لا العدم وهناك حروب صغيرة وكبيرة ومحاولات مقصودة ومنظمة لإرهاب كل أشكال الفكر والثقافة، وقمع كل مسعى إبداعي. الثقافة الحرة، الرافضة، للامتثال هي المستهدفة. لا تكون ثقافة، الا متى كانت حرية، الحرية للثقافة شرط وجود أو هي بهذه المثابة. الحرية للمثقف، كالفضاء الفسيح للطائر، كالماء للسمكة، كالتربة الخصبة للمزارع. الحرية لا تقاس بالمقادير ولا تخضع للتكميم الحسابي (من الكم). في تقييدها بالحدود حط وزراية بمعناها. وكما أن الطائر لا يملك أن يحلق في القفص، والسمكة لا تملك أن تسبح في زجاجة الزينة المنزلية، والمزارع لا يملك أن يزرع في الرمل، كذلك لا يكون في وسع المبدع المحجوز بأصفاد المنع أن يبدع بالمعنى الحقيقي للإبداع، المعنى الوحيد له للتعبير النظيف عن العالم والذاكرة والوطن والحياة.

 

■ ■ ■

 

أصدقائي طلاب واساتذة المعهد الموسيقي، اعبروا بثقة الطريق، وبخطى الواثق، مقتحمين مجاهل ومناطق معتمة، باحثين عن نقطة ضوء صبوح. أتخيلكم تتابعون التحصيل، وتواصلون سرد القصة كي تذهبوا الى الحلم، وتجلبوا وردة المستحيل لتكون زاداً لكم ولمستقبلكم. ومن أي قلب أبوح لكم اليوم بحبي. منذ 30 سنة، كنت هنا معكم قبل طردي وإقصائي عمداً من هذا المعهد الذي نحن فيه الآن. حملت أمتعتي وعودي ونوتاتي وقصائدي واغنياتي وذهبت في رحلة فنية الى المستقبل الغامض (أحبه غامضاً دائماً) وظلّ الحلم يراودني كل ليلة أن أعود إليكم وأحيي أمسية في ربوعكم. أمنية مجيئي اليكم تضاهي الولع، وذلك اعترافاً بجمال روحي الذي يزخر في الاعماق. ومرّت الأيام، وحاولت ألا أشعر بذلك الزمن الفيزيائي الذي يتلاشى في الجسد وما زلت أنتظر هذا اللقاء ليل الخميس 13 شباط. هل تستطيع أمسية موسيقية على أرض المعهد الموسيقي الوطني أن تخلّصني من ثقل أشياء عديدة ترمي بوزنها على الذاكرة، كما على الجسد والروح؟ كأن سنين الحياة تهرب ونحاول أن نلتقطها، أن نستوقفها، ونستدعي كل شيء مجدداً لنروي في رنينها وإيقاعها قليلاً من المعنى لهذه الحياة. وليست علاقة الانتماء التي تربطني بالكونسرفاتوار تلميذاً واستاذاً، سوى واحد من عناصر عديدة أعتز وأمجد بها حياتي بلا تردد. ربما الحياة ستخلو من المغزى إذا خلت من هذا الانتماء أو من هذه العاطفة وافتقرت الى الحب، لانني أرى مع الانتماء سلوكاً انسانياً في الدرجة الأولى. في المعهد الموسيقي لا أستطيع أن أرى حدوداً، أراها مفتوحة على كل الاحتمالات، وأرغب في أن تصدقوني بأنني أطمح إلى أن أتوصل الى ممارسة حريتي الى أقصاها، وأن أحقق أمنية ذات يوم بأن ننقلب على الموروث البالي، وأصبح واحداً منكم وبينكم، كأن في الموسيقى من الأحلام، ما يكفي لايقاظ العالم. أصحو اليوم على غيم طفيف يزين غربتي في صباح مدينتي. أفتح نافذتي على شمس متوّجة كسيدة الليل قبل النهار، وأغور عميقاً بذاكرة الطفولة وأطلّ بلمح البصر على مقاعد دراستي هنا. أسمع الاستاذ الكبير فريد غصن يدندن على عوده ويهمس بمقام «الصبَا» الحنون. يتحسس أجنحته الكثيرة، يبرأ بها من أقاليم أقلّ من ابجديته. يجعل ثقته في الريح، يخرج من الماء العابث مثل شجرة تطلع من سهرة المطر مغسولة ومشبوقة. لا يتسع قلبي لنقرة عوده، لمطره الاخضر، لمقاماته فتعانق الروح. فتحت صباحي شمس ساطعة في شرفة شاسعة تسع الحب كله. وليس لي غير أن ابدأ الحلم باكراً وأسأل ذلك العاشق الأبدي ـ أين نصيبي من الشمس اليوم؟ ـ ليس للشمس سرير، لها أفق تأخذنا اليه. ليس للشمس سرير سوى البحر. ليس لك أن تسمى زرقة القلب سوى كتاب الشمس في ليل هذا العالم، غيمة من شرفة الموسيقى. إن للشمس اسماً واحداً هو في جسر الحب، جوهرة الطريق. وكانت نبرته الصافية ترنّ في ذاكرتي عندما أحاول أن أحبو على سلالم عوده العتيق. ـ لا تصدق الكلام، ضع ثقتك بأحلامك وددت لو سألته قبل أن يعود الى سمائه الاولى: كيف تغفل شمس عن اطفالها الموشورين بين الجليد والجحيم وتهنأ بالنوم؟ لكنه رحل مسرعاً مع تلك الطيور العاصية الى ذلك الافق البعيد ليلامس نور الاقاصي. ليلتها لم أذهب الى النوم وحدي، كانت الاحلام في انتظاري. والحب ـ الحب ليس أقل من هذا درساً للعالم، والحرية ـ الحرية وطن الطائر.

 

 

الكلمة التي القاها مرسيل خليفة أول من أمس خلال المؤتمر الصحافي للحفلة التكريمية التي تقيمها الاوركسترا الوطنية اللبنانية الليلة (20:00) في الاونيسكو ـ

 

 

انطلق «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» مع عدد من الاتحادات النقابية وهيئات المجتمع المدني في الإعداد لعقد «المؤتمر النقابي الأهلي المدني». الهدف هو التأسيس لحراك واسع في مواجهة «الأزمات» و«الانقسام السياسي الحاد» والتصدي للتدمير المنهجي للدولة ومؤسساتها. المؤتمر التأسيسي سينعقد تحت شعارات صون السلم الأهلي والمصالح الاجتماعية ــ الاقتصادية لغالبية المواطنين

 

فراس أبو مصلح

 

 

 

انسحب «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين» من الاتحاد العمالي العام، إثر تواطؤ الأخير مع أصحاب العمل على إمرار التصحيح الجزئي الأخير للأجور. حاول الاتحاد الوطني العمل مع الكثير من الاتحادات العمالية المنضوية في إطار الاتحاد العمالي العام من أجل تفعيل العمل النقابي المستقل، لكن العدد الأكبر من هذه الاتحادات «ليس في وارد المواجهة»، يقول كاسترو عبدالله، رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، الذي لم ينسَ الإشارة إلى انتهاء مدة ولاية المكتب التنفيذي للاتحاد العمالي العام منذ حزيران 2011، من دون إجراء انتخابات جديدة.

 

يستذكر كاسترو مشاركة الاتحاد الوطني مع قوى مدنية عدة في تحركات مطلبية متنوعة، مثل «حملة إسقاط النظام الطائفي في لبنان»، التي كان مركز الاتحاد مقراً لها، وتحركّات «هيئة التنسيق النقابية» للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب وانتزاع الحق بالتنظيم النقابي، وتحركات طياري الـTMA، وموظفي الـLBC المصروفين من العمل، والمياومين في مؤسسة كهرباء لبنان، وصيادي الاسماك في بيروت والجنوب. ويقول «أنشأنا أول نقابة للعاملات في الخدمة المنزلية، من لبنانيات وأجانب، ولم نتقدم بترخيص لذلك، استناداً إلى شكوى تقدم بها الاتحاد الوطني إلى منظمة العمل الدولية، يرى الاتحاد فيها أن الاتفاقيات الدولية التي يلتزم بها لبنان تضمن حق التنظيم النقابي من دون الحاجة إلى موافقة مسبقة أو لترخيص». قد يوحي كلام كاسترو عبدالله بنشاط نقابي لافت، وهو ما لا تعكسه الوقائع، إذ إن حضور الاتحاد بقي متواضعاً في كل هذه المعارك. ما قصده من هذه «الذكريات» هو التعريف باتحاده على أنه «اتحاد عام»، أي إنه ليس اتحاداً قطاعياً، وبالتالي فهو معني بالمعارك المختلفة التي تُخاض، من الزراعة إلى الإدارة العامة والجامعة الوطنية والتدريب المهني والسلم الأهلي، وكل ما يتصل بأمن المواطنين وحقوقهم ومصالحهم... و«من هنا تفرض الحاجة الموضوعية إنشاء تحالف مع قوى المجتمع المدني الحية وجمعيات الطلاب والهيئات النسائية والبيئية وتلك المختصة بمحاربة الفساد، فضلاً عن موظفي القطاع العام»، يقول عبدالله. بادر الاتحاد الوطني إلى إنشاء لجنة تحضيرية «للمؤتمر النقابي الأهلي المدني» تحت شعارات الدفاع عن السلم الأهلي ومصالح المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، وسيُحدد تاريخ انعقاد المؤتمر في وقت قريب. يقول عبدالله إنه تم الاتفاق على «المؤازرة المتبادلة» بين الأفرقاء الداعين إلى المؤتمر، وتنظيم حملات مشتركة تحت شتى العناوين الاجتماعية والاقتصادية السالفة الذكر. هناك توجه «لتوسيع دائرة» المشاركين في الحراك، إذ ستتم دعوة محامين وأطباء وناشطين و«كل العمال والموظفين والمخلصين» لمشاركة الأطراف الرئيسية المنظمة، وأبرزها اتحادات «الوطني» وعمال البناء وعمال صناعة الأغذية وعمال البقاع، والتي انضم إليها أخيراً «الاتحاد العام للنقابات الزراعية»، إضافة إلى «اللجنة التأسيسية لنقابة موظفي القطاع العام»، ونقابة صيادي الأسماك، واتحاد الشباب الديمقراطي، و«الجبهة الطلابية»، والحركة الاجتماعية _ تيار المجتمع المدني، ولجان حقوق المرأة، وجمعية ديمقراطية الانتخابات، وغيرها من النقابات والجمعيات والهيئات. ويشدد عبدالله على حاجة الحراك إلى دعم كل هؤلاء، داعياً إياهم إلى «رفع الصوت» والمشاركة الفاعلة في الحراك. «العلاقة مع هيئة التنسيق النقابية جيدة. كنا إلى جانبهم، وسنبقى»، يقول عبد الله، واعداً بأن تكون المجموعات المكونة لهيئة التنسيق جزءاً من الحراك الذي يساهم في تنظيمه، آملاً أن يشارك هؤلاء «في إطار نقاباتهم» التي يتمنى تشكيلها في وقت قريب. يعاني «العمال والموظفون وذوو الدخل المحدود» على وجه الخصوص من «الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية المتلاحقة»، التي تتحمل مسؤوليتها «سياسات الحكومات المتعاقبة» التي «تنهب خيرات الوطن» وتتسبب بالانقسامات السياسية الحادة وتمزيق النسيج الاجتماعي، بحسب بيان «اللجنة التحضيرية للمؤتمر النقابي الأهلي المدني». تعلل اللجنة دعوتها إلى المؤتمر بـ«استمرار الطبقة الحاكمة في تآمرها على القطاعين العام والخاص»، و«ضرب الحركة النقابية والقطاعات الإنتاجية»، ما أدى إلى «انهيار البلاد بكل إداراتها ومؤسساتها الخدماتية»، وتفشي الفساد، «وشلل المؤسسات العامة، (كمقدمة) للاستيلاء على الثروة النفطية والغازية». تدعو اللجنة التحضيرية إلى «مواجهة هذا النهج الخطير، صوناً للسلم الأهلي ودفاعاً عن حقوق العمال والمستخدمين والموظفين وكافة فئات المجتمع المدني والشعب اللبناني»، عبر حشد القوى الحية في المجتمع لانتزاع الحق في الاستقرار الأمني، والمشاركة في الحياة السياسية، والحق في فرص العمل والاستقرار الوظيفي، والحق في التنظيم النقابي لكل العاملين في القطاعين العام والخاص، والحق في السكن والتغطية الاجتماعية والصحية الشاملية والتعليم الرسمي «الراقي»، والحق في «قانون مدني عصري وعادل للأحوال الشخصية، وإقرار حق المرأة اللبنانية بإعطاء الجنسية لأولادها». وتدعو اللجنة كذلك «الدولة اللبنانية» بمؤسساتها كافة إلى رعاية اللاجئين «بما يليق بإنسانيتهم وبما تنص عليه شرعة حقوق الإنسان». هدف المؤتمر بإيجاز، بحسب بيان اللجنة، «الدعوة للتحرك لإعادة بناء دولة المؤسسات والقانون، من خلال وقف الخصخصة ورفض التعاقد الوظيفي وملء الشواغر في ملاك الإدارات العامة من الأجراء والمتعاقدين والمياومين»، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، وشمول جميع الأجراء والموظفين بمفاعيلها. تلتقي دعوة الأطراف الممثلة في «اللجنة التحضيرية» مع دعوة هيئة التنسيق النقابية «للدفاع عن السلم الاهلي والوحدة الوطنية وتشكيل الحكومة وتسيير المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الاجتماعية». وقد أعلنت هيئة التنسيق تلقّيها للعديد من الاتصالات «من اتحادات نقابية وهيئات مجتمع مدني مرحبة بهذه الدعوة ومبدية الاستعداد للمشاركة» في أي تحرك تقوم به الهيئة في هذا الإطار. ستشارك هيئة التنسيق النقابية في «المؤتمر النقابي الأهلي المدني»، فـ«لا مسارات منفصلة ما دام العنوان واحداً»، يقول عضو هيئة التنسيق حنا غريب، و«مبادرات اللجنة التحضيرية وهيئة التنسيق تصبّ في الاتجاه نفسه، وستتوحد هذه المبادرات في مسار الحراك، إن لم يكن في بداياته». غريب يفضّل توحيد جهود كافة الأطراف منذ بداية الطريق.

 

 

دعت "هيئة التنسيق النقابية" إلى الإسراع بإحالة سلسلة الرتب والرواتب إلى اللجان النيابية المشتركة لإقرارها بما يحفظ حقوق القطاعات الوظيفية، وخصوصية كل قطاع ونسبة الزيادة 121 في المئة، كحد أدنى أسوة بالقضاة وأساتذة "الجامعة اللبنانية".عقدت الهيئة اجتماعاً استعرضت فيه الاتصالات التي تمت معها بعد ندائها الأسبوع الماضي للدفاع عن السلم الأهلي والوحدة الوطنية وتشكيل الحكومة وتسيير المؤسسات الدستورية ومعالجة الملفات الاجتماعية.وأشارت إلى أنها تلقت اتصالات من اتحادات نقابية وهيئات مجتمع مدني مرحبة بمبادرتها.وأكدت الهيئة أن استمرار تعطيل المؤسسات الدستورية، وتصاعد المشكلة الاجتماعية جراء غياب المؤسسات، هو بمثابة عقوبة بحق المواطنين. وحددت موعد الاجتماع المقبل للهيئة الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء المقبل في مقر "رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي" في الأونيسكو.من جهتها، أعلنت الهيئة الإدارية لـ"رابطة موظفي الإدارة العامة" استعدادها للمشاركة في النشاطات التي دعت إليها هيئة التنسيق للمطالبة بالحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية.وبحثت الهيئة في اجتماعها الدوري موضوع سلسلة الرتب والرواتب. وتمنى المجتمعون على رئيس مجلس النواب "إحالة مشروع السلسلة إلى اللجان النيابية المشتركة لإقرارها بعد تعديلها وفق مبدأ العدالة والمساواة بين مختلف القطاعات الوظيفية، ورفع الغبن الذي كان وما زال لاحقاً بالموظفين الإداريين والمتعاقدين والأجراء والمياومين رغم التعديلات التي أدخلت على المشروع من قبل اللجنة النيابية الفرعية".ودعت الهيئة الإدارية الموظفين إلى حضور الجمعية العمومية التي ستعقد في الثامن والعشرين من الجاري في جلسة أولى الساعة الحادية عشرة والنصف، وفي حال لم يكتمل النصاب بجلسة ثانية بمن حضر الساعة الثانية عشرة والنصف في التاريخ ذاته في "قصر الاونيسكو" لبحث وإقرار تحويل الرابطة إلى نقابة.

يدعوكم إتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني - فرعي بيروت والرويس إلى لقاء مع الرفيق د. محب نادر بعنوان "الجامعة اللبنانية: إلى أين؟" المكان: المركز الرئيسي في بيروت، مار الياس، مقابل بنك الموارد. الزمان: الجمعة في 21 شباط 2014، الساعة 7:00 مساء.

طلال سلمان - السفير

... ولكن "أجمل ما في الأرض أن تبقى عليها"، فلماذا خذلتنا أيها الفارس المفرد وغدرت بنا فرحلت بلا وداع محكماً فينا مزاجك المفرد "طالع ع بالي فلّ"... وكنا قد ارتضينا منك أن تبقى ولو بعيداً، فإذا ما هزنا الشوق قصدناك في ديوانك المفتوح دائماً على الحب فوق "المعمرية" تغني صيدا بحنينك إلى مهدك في الناقورة على بُعد شطرين من صور وعلى قرب آهين من جزين تكاد تسمع "المصرع" في عاشوراء النبطية وأنت في الطريق إلى دير مشموشة ترن في مسامعك أجراس القدس. ولطالما انتظرناك فلم يصلنا غير ظلك وأنت تجتاح بيروت قاصداً الشام التي عاشت معك بصوتك عالي البحة أو بترنيمات فيروز حاملة وطن الرحابنة منها وإليها، فإذا ما عدت فإلى جنوب الجنوب لتغني المقاومة التي جعلت إنجازها ديواناً خالداً في عشق الأرض، أمّنا وعنوان العزة. أيها الذي عاش عمره مزيجاً من العاشق والشهيد، العاشق والقديس، العاشق والأرض التي تنبت الحب والقمح والبيلسان وورود السرير التي ستغرق فيها أسراب الفاتنات وقد خرجن من دواوينك عرايا إلا من النشوة، في حراسة "شيخ الغيم الذي عكازه الريح". أيها الشاعر الفريد مثاله غزارة ونبلاً والذي لم يغادر قلبه قلمه مرة، بل جعله أمامه دائماً يسحر الناس فيخرجهم في تظاهرة ممتدة بين عصرين، ثم يعيدهم واحداً واحداً إلى مملكة الخبز والورد. ولقد وعدتني، وأنا من الغاوين، أننا سنكون معاً، وأنك سوف تسمعني البيت الأول من القصيدة ـ النهر، وأنك سوف تكمل الديوان في "السفير"... وهكذا ظلت علاقتنا الحميمة معلقة بين شطري "البيت" الذي لما يجد "قافيته" في بحرك الممتد ما بين البحتري وديك الجن. وكان آخر وعودك أن تكتب لها وعنها وهي تخطو سنتها الأولى بعد الأربعين... ولم يخطر في البال أن نملأ "السفير" بالحديث عنك غائباً وطيفك يحوم حولنا قارئاً علينا شعرك فيستحضر "العيد". ... وسمعتك خطيباً ترثي من سبقك فتسلق شعره إلى جنته فإذا المرئي يشق قبره لينتشي بالشعر مرة أخرى وأخيرة.. وسمعتك داعية فإذا صفوف جمهورك تكاد تخرج باحثة عن السلاح حتى لا يفوتها موعد المواجهة المرتجاة مع العدو الذي كان قد اعتاد أن يهزمنا بغير قتال، فلما حضرنا احترقت دباباته ببركان الأرض المقدسة وانسحب طائراً بأجنحة الخوف. وقرأتك عاشقاً في دواوينك التي اتسعت لنساء الأرض جميعاً في صورة مَن أحببت، وقرأت أبياتك التي من آهات وتنهدات ونسمات تحملها النورسات التي كنت تستعرضها كل صباح وكأنها أسراب من الشعر المنثور ينتظر من يمنحه رنين الموسيقى التي تختزن... ولقد التقيت بعض الجميلات من مرهفات الحس الآتيات من أمسياتك وقد انتشين وكأن كلاً منهن في موعد حبها الأول. ولقد جمعتنا قربى بلا رحم، فكلانا "ابن الدركي" الذي قرأ أكثر مما تعلم، والذي حفر كلماته الأولى في الصخر فأخرج معك زهراً وأخرج معي شوكاً، ولكننا كتبنا الناس أنت في تجلياتهم الممتعة في قلب العشق وأنا في همومهم الأثقل من أن تحملها الكلمات. على أنها أيام للحزن أيها الصديق النبيل الذي سيتزاحم الكتبة الآن على رثائه، وهم هم الذين تجاهلوه في حياته مدعين أنه قد عزل نفسه في صومعته يسهر مع طيف عاصي الرحباني على صوت فيروز مستدعياً حريمه ليأنس إليهن فيسمعهن أحزان محمد الماغوط وحداء طلال حيدر ثم يتركهن للهوى والشباب مع الأخطل الصغير، ويذهب إلى النوم. لقد غادرتنا ونحن نخرج من الهزيمة إلى الحرب الأهلية... ولكنك أوصيتنا بألا نيأس وألا نهجر "الميدان" الذي قد تحتله الفوضى زمناً ما قبل أن نسمع صرخة ميلاد العصر العربي الجديد الذي طالما بشّرت به. جوزف حرب: سنظل نقرأ غدنا في ديوانك ـ البحر، وسنظل نقصد "المعمرية" لنسمعك تقرأ شعرك فتصير الريح موسيقى فرح تراقص النورس المبشّر بقرب الانتصار بالأرض وإنسانها الذي بغير الحب والشعر والإيمان بذاته لا يمكن أن يخرج من جحيم الهزيمة. جوزف حرب: إلى اللقاء، أيها الذي سافر بغير وداع.

رُفعت الستارة أمس عن اللوحة التذكارية لـ«قاعة أنطوان يوسف حرب» على إحدى قاعات «قصر الأونيسكو»، وفاء وتقديراً لعطاءات الراحل رئيس قسم القصر أنطوان حرب. وكانت المناسبة لإعلان رئيس الهيئة الوطنية للعلوم والبحوث أحمد شعلان، عن تقديم جائزة «أنطوان حرب في مباراة العلوم 2014»، تمنح لطالب مبدع في العلوم، على أن تقدم في «قصر الأونيسكو» في العاشر من أيار المقبل. واعتبر رئيس قسم القصر سليمان الخوري أن اللوحة التذكارية جاءت لتقول إن «أنطوان حي بيننا ونراه في العاملين في القصر». وبعد مقتطفات من حياة الراحل من إعداد الممثل نعمه بدوي، تحدث الفنان أحمد قعبور باسم رفاق الدرب، معدداً صفات الراحل، وتعلقه بالقصر، وسأل: «من منكم امتشق مكنسة يكنس محيط القصر لاستقبال طلاب يريدون إقامة معرض؟». وقال: «عادة نحزن على موت الأحبة، ولكن في رحيل الصديق أنطوان نحزن مرتين، مرة على الإنسان، ومرة على الخشية من موت المعنى». وشكرت نهلا حرب باسم العائلة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير التربية والتعليم العالي على منح الراحل وسام المعلم. وقال المدير العام للتربية فادي يرق ممثلاً وزير التربية والتعليم العالي: «جعلنا نكبر بقصر الأونيسكو إذ جعله منبراً جامعاً للثقافة والتربية والاجتماع الوطني والدولي. لقد أضحى فعلاً قصر المؤتمرات الذي تتباهى الدولة بأنها تملكه وتركن إليه لاستضافة كبار ضيوفها وكبير أنشطتها». وتوجّه المدير العام لوزارة الثقافة فيصل طالب إلى الراحل بالقول: «عرفناك قيمة وطنية، ورمزاً في الأداء، اخترت الطريق الواسعة في زمن الأزقة والزواريب». وقال وزير الثقافة غابي ليون: «مارس الإدارة حـيال زملائه، بنظام خاص، لأنّ الـقصر حالة خاصة، لم يعترف بدوام، ولم يقر بفوقية رئيس على مرؤسيه، فالكل سواسية، فكان أنطوان والقصر حاله». وألقى الشاعر جورج شكور قصيدة.

استقرَّت حركة الاعتصام من أجل إقفال مطمر الناعمة على مطلب واحد يتلخّص بالعودة الى إقفال الطريق على شاحنات "سوكلين" عند مدخل المطمر بعد مهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ تشكيل الحكومة الجديدة اذا لم تلبّ المطالب! بمعنى أنه سيكون ثمة عود على بدء، لجهة وصول الاعتصام الثاني إلى ما وصل إليه الاول، إلا إذا أحسن القيّمون على الحملة إدارة التحرك بما يؤسس للحل المنشود ضمن المهلة الزمنية الأخيرة المحددة في 17-1-2015، بمعنى أن يبقى التحرك قائماً كمهمة يومية وبأشكال مختلفة ليكون أداة ضغط من شأنها تسريع الإجراءات المفترض أن تسبق إقفال المطمر. لم يعد خافياً على أحد أن ثمة إشكاليات قائمة الآن، فالبلديات انفضت عن حركة الاعتصام والتزمت سقوفاً معينة عبر عنها رئيس احدى البلديات المعنية لـ "السفير" بقوله "نريد أن نأكل العنب لا أن نقتل الناطور". حتى على مستوى القيمين على الاعتصام أنفسهم ثمة وجهات نظر متباينة حيال بعض المواقف التي استهدفت النائب وليد جنبلاط، ما اعتبره البعض تصويباً في غير محله "لأن المطلوب هو التصويب على كل الطبقة السياسية وحال الفساد والفوضى والاستنساب". لا بل أبعد من ذلك، هناك من رأى أن هناك "شخصنة" في مقاربة قضية بيئية مفترض أن تكون في منأى عن أمور خاصة، وبدا واضحاً أن ما آل إليه التحرك قبيل انفضاضه استحضر "السياسة"، وإن جاهر القيمون على التحرك بعدم الانتماء لأي جهة سياسية. لكل منطقة خصوصية معينة، وهنا حدث انقسام ما بين مؤيد لموقف جنبلاط الذي أكد أن المطمر سيقفل نهائياً في المهلة المحددة وأعطى وعداً شخصياً بـ"إقفال المطمر إقفالاً نهائيّاً لحظة انتهاء العقد الممدد في 17 كانون الثاني 2015 وعدم السماح بأي شكل من الأشكال بإجراء أي تمديد او استملاك جديد". ولكن مصدراً مسؤولاً في الحملة رأى في حديث مع "السفير" أن "موقف جنبلاط شجع بشكل مباشر أو غير مباشر على قمعنا من قبل الجهات الأمنية وأمن لها الغطاء السياسي"، لكنه اعتبر أن "المطلوب إبعاد هذه القضية عن التجاذب السياسي". التقاط الأنفاس يبدو أن القيمين على الاعتصام هم الآن بصدد إعادة التقاط الأنفاس بعد سلسلة طويلة من التحضيرات والعمل اليومي والمتابعة والسهر، ورأت المسؤولة الإعلامية لحملة إقفال مطمر الناعمة راغدة الحلبي "اننا نعيد جمع بعضنا البعض فقد نال منا التعب، إضافة إلى أن كثيرين تراكم عليهم العمل وهم الآن يحاولون تعويض ما فاتهم على مستوى أعمالهم الخاصة". وأكدت أن لا "تواصل مع البلديات في هذه الفترة"، لافتة إلى أن "ذلك لا يعني انقطاع الحوار لأن المشكلة واحدة وهدفنا واحد"، ورأت الحلبي أنه "ما كان يجب أن تنحو الأمور إلى ما آلت إليه لأننا حققنا إنجازاً مهماً تمثل في إعادة قضية المطمر الى الواجهة كقضية لا يمكن التغاضي عنها"، واعتبرت أن "تحركنا قائم ونحن في انتظار تشكيل الحكومة وإعطائها مهلة خمسة عشر يوماً قبل العودة لإقفال الطريق امام الشاحنات". ورأى نديم حمزة أحد مؤسسي الحملة الأولى لإغلاق المطمر قبل أكثر من عشر سنوات أن "بعض ما واجهنا من مشكلات يتطلب أن يكفّ بعض السياسيين أيديهم عن هذا الملف والابتعاد عن السمسرة"، لافتاً إلى أن "حملة إقفال المطمر القائمة حالياً هي امتداد للحملة التي أطلقناها في السابق". من جهته، رأى "الحزب التقدمي الاشتراكي" في بيان لوكالة داخلية الغرب في الحزب "أن ملف إقفال مطمر الناعمة ومعالجة تداعياته هو من أولويات الحزب الملحة التي يعمل على متابعتها"، رافضاً "الاستغلال الشعبوي لهذه القضية البيئية الصحية والاجتماعية المحقة"، وجدد دعم قرار جنبلاط و"موقفه الثابت والواضح على ان ملف إقفال مطمر الناعمة ومعالجة تداعياته هو من أولوياته الملحة التي يعمل على متابعتها، كما يعلن عن وقوفه صفاً واحداً الى جانب أهالي منطقة الغرب والشحار (عاليه) في صرختهم المشروعة ضد هذا المطمر". المطالب الأخيرة أما موقف القيمين على الحملة، فحدد بالنقاط والمطالب التّالية: 1- تأكيد الإقفال النهائي لمطمر الناعمة - عين درافيل بتاريخ 17/01/2015 والبدء بمعالجته فوراً على ألّا يتم استبداله بمطمر آخر وذلك لوجود تكنولوجيات رائدة في لبنان لمعالجة العوادم بدل طمرها. 2- إلزام مجلس الإنماء والإعمار بمراقبة تنفيذ عقد الطمر بدقة خلال هذه السنة ومنع الطمر لغير العوادم وتعيين لجنة من الأهالي والبلديات والجمعيات البيئية للإشراف على حسن سير التنفيذ. 3- دعم مصانع تدوير النفايات في لبنان. 4- إعادة درس مشروع قانون إدارة النفايات الصلبة المعروض على المجلس النيابي. 5- إعادة النظر بالخطّة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة المطروحة من قبل مجلس الوزراء منذ العام 2010 (التي تعتمد على شراء أربع محارق). وأشارت الحلبي إلى "أننا بصدد التحضير للمشاركة في المؤتمر الوطني الذي ستنظّمه الحركة البيئية اللّبنانية في قصر الأونسكو يوم السبت الواقع فيه 15 شباط 2014، حيث سيتمّ إطلاق خطّة وطنيّة بيئيّة شاملة لإدارة النفايات الصلبة، التي تعتمد على مبدأ اللامركزية ونشر ثقافة الفرز من المصدر". اجتماع عند شهيب وفي هذا السياق، جاء الاجتماع في منزل عضو "جبهة النضال الوطني" النائب أكرم شهيب في عاليه، في سياق متابعة وكالة داخلية الغرب في الحزب التقدمي الاشتراكي لملف المياه في منطقة الغرب والشحار وقضية إقفال مطمر الناعمة – عين درافيل، ضمّ رئيس مركز مياه الباروك في عاليه، رئيس اتحاد الغرب الأعلى والشحار، ورؤساء بلديات عرمون والبساتين والبنيه وعبيه وبعورته وكفرمتى وعيناب ورمحالا ودفون وكيفون والناعمة وحارة الناعمة. وإذ عرض شهيب لملف المياه في منطقة الغرب والشحار من جوانبه كافة، تطرق لملف مطمر الناعمة، وأشار إلى أن "الحلول التي وضعت لإقفال المطمر لم تكن وليدة ساعتها بل جرى العمل عليها من قبل جبهة النضال الوطني منذ أكثر من 4 سنوات في مجلس النواب ومن خلال الاتصالات والمتابعات التي جرت مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ومع كافة الوزارات والإدارات المعنية بهذه القضية في الدولة"، وكشف عن أن "إنتاج الطاقة سيبدأ قريباً في المطمر على سبيل التجربة والكهرباء المستخرجة سيتم توزيعها مجاناً على قرى عين درافيل بعورته وعبيه على أن تشمل بقية القرى المحيطة والمجاورة في مرحلة لاحقة". وفي المقررات الصادرة عن الاجتماع "تأكيد مسألة إقفال مطمر الناعمة بتاريخ 1/17/ 2015 بعد أن أصبح هذا الأمر ثابتاً ومؤكداً بعد القرار السياسي الذي صدر عن النائب وليد جنبلاط بهذا الخصوص، وقرار اللجان النيابية المشتركة التي انعقدت يوم الخميس في 23/01/2014 وأقرت بإقفاله ومعالجته، وتأكيد متابعة إقرار القوانين اللازمة في مجلس النواب التي تعطي القرى المحيطة في المطمر الحوافز المالية من تقديمات وتعويضات مع مفعول رجعي عن السنوات الماضية، بالإضافة إلى القانون الذي يعطي القرى المحيطة والمجاورة للمطمر الحق في الاستفادة مجاناً من الطاقة المولدة من الغاز المستخرج من المطمر، وتحديد موعد قريب للبلديات وهيئات المجتمع المدني في المنطقة لتشكيل لجنة من البلديات والمجتمع المدني للرقابة على تنفيذ بنود العقد المبرم بين شركة "سوكلين" ومجلس الإنماء والإعمار أثناء المرحلة الانتقالية الممتدة من الآن ولغاية تاريخ الإقفال لا سيما الرقابة على أعمال الردم الجارية في المطمر". رئيس بلدية عبيه – عين درافيل غسان حمزة قال: "بالتوازي مع قضية المطمر وضرورة إقفاله اجتمعنا كبلدية مع اتحاد بلديات الغرب والشحار لنفتش معاً عن حلول، لأننا بصدد فسخ العقد مع سوكلين ولدينا حلول عدة، منها اعادة تدوير النفايات الصلبة التي تشكل نحو 70 بالمئة من النفايات، وبالنسبة الى النفايات العضوية سنتقدم كـ 12 بلدية باستدراج عروض لمعالجة النفايات العضوية، وقطعنا شوطاً مهماً في مجال الدراسات". أما بالنسبة لبلدية عبيه، فقال حمزة: "سنبدأ بالفرز المنزلي وهناك بيان سيوزع على المواطنين مع أكياس مخصصة لكل نوع من النفايات، والآن نفتش على قطعة ارض لفرزها".

 

 

إقفال قضية رولا يعقوب، كما حصل، زادت الأسئلة بدلاً من الاجابة عمّا كان مطروحاً منها. لم يعد الأمر يقتصر على «عنف أسري» تحوّل الى قضية «رأي عام»، بل تجاوز ذلك الى نقاش الإجراءات القضائية التي يفترض أن تؤدّي الى «العدالة»، سواء كان الحكم بالبراءة أو الإدانة

 

راجانا حمية - الاخبار

 

تقول مصادر مطّلعة إن محاضر التحقيق الأوّلي في قضية مقتل رولا يعقوب فيها أدلة وشهادات عدّة لم تظهر الكيفية التي تم التعامل معها للتثبت من مدى صدقيتها، في حيثيات القرار الصادر بتاريخ 25/1/2014 عن قاضي التحقيق في الشمال، الذي منع محاكمة المدّعى عليه ك. ب. لجهة ما أسند اليه بخصوص التسبب في موت زوجته، وذلك لعدم كفاية الدليل.

 

تشرح هذه المصادر أن الأدلة المادية تتضمن عصا مكسورة وخصلة شعر وجدتهما الأدلة الجنائية عند معاينتها منزل الضحية، وتتضمن أقوال الشهود المتباينة في مسائل عدة. وتحرص هذه المصادر على القول إن وجود هذه الأدلة وأقوال الشهود لا يعني إدانة المدعى عليه بالضرورة، إلا أن عدم الوضوح في كيفية التعامل معها يدفع الى إثارة أسئلة كثيرة في شأنها كان يفترض أن يجيب القرار الظني عنها. العصا هي نفسها «عصا الممسحة اللي ضرب بها البابا الماما»، كما ورد في شهادة الشاهد م. ي. نقلاً عن ابنة الضحية، البالغة من العمر 3 سنوات. هذه الشهادة لم يأت على ذكرها القرار، ولم يأت على ذكر الإجراءات التي اعتمدت لإهمالها، فهل استمع المحقق الى هذا الشاهد؟ وهل غيّر الشاهد أقواله مثلاً؟ لا يوضح القرار الظني هذا الأمر. يقول الشاهد نفسه إنه «لدى سؤالي إحدى بنات رولا، عمرها حوالى ثلاث سنوات، عمّا حصل، أعلمتني أن والدها أقدم على ضرب والدتها بالعصا». إلا أن المدّعى عليه نفى في إفادته أمام المحققين أن يكون ضرب زوجته بهذه العصا في ذاك اليوم، يقول المحقق في أحد محاضر التحقيق: «أثناء عرض العصا مع الممسحة على ك.ب. تعرّف عليها على الفور، وأخبرنا أنه هو الذي كسرها بيديه وبواسطة ركبته». يروي الزوج في إفادته أنه «عند الساعة 17 من بعض الظهر، وبوصولي إلى المنزل، سمعت شجار زوجتي وأولادي في ما بينهم، واستفسرت عن السبب، فثبت لي أن زوجتي كانت مستاءة من تصرف ابنتينا الكبيرتين اللتين لم تساعداها في العمل المنزلي والاهتمام بأخواتهما الصغار، وعرفت أنها قامت بضربهما بواسطة عصا الشفاطة، وهنا ثارت ثائرتي لقيامها بضرب الفتاتين، وبدأت بالصراخ على الجميع، وكسرت العصا التي ضربتهما بها (…)». ويتابع إفادته: «انتهى الموضوع عند هذا الحد. وبعد 45 دقيقة، وبعد الانتهاء من الاستحمام، كانت طفلتاي الصغيرتين غايل وغريس تلعبان سوياً وتصرخان، مما أدى إلى استيقاظ شقيقتهما الرضيعة، فذهبت زوجتي للاهتمام بها، وأثناء انتقالها من غرفة النوم إلى غرفة الجلوس نادتني وهي بحالة إعياء شديد، حيث وضعت الطفلة على الصوفا وسقطت أرضاً (…) وهنا خرجت ابنتي غلاديس وأخذت تصرخ خارج المنزل. وفيما كنت أنا أحاول نقلها إلى السيارة، حضر المدعو ط. ح.، وهو شرطي في بلدية حلبا، وشقيقه وشخص ثالث وساعدوني على نقلها إلى السيارة». أقوال الوالد أيّدتها ابنته غابريال بقولها للمحققين «عمل والدي على كسر العصا»... ولكن لا تؤكدها الابنة غلاديس التي قالت «إنني لم أشاهد والدي يقوم بكسر العصا الخشبية». الشهود أجمعوا في إفاداتهم على «مساعدتهم لإخراج الزوجة من المنزل إلى سيارة كرم». ما عدا ذلك، أفاد هؤلاء بأنهم لا يعرفون «شيئاً عن الوضع العائلي أو الزوجي»، وقال الشاهد ط. ح. في إفادته «لا أعرف شيئاً عن الموضوع الذي حصل ولم أسمع أي شيء وليس لدي أي شيء أقوله». الابنتان غلاديس وغابريال أدلتا بشهادتيهما أمام المحققين بعد يومين على الحادث، بحضور مندوبة الأحداث... وبحضور عمتهما ك. ب.، شقيقة المدّعى عليه! عند السؤال عمّا جرى بعد استيقاظ الرضيعة مثلاً، أشارت غابريال في إفادتها إلى أنه «حصل صراخ بين والدي ووالدتي، وقال انتهى الموضوع وجلس في غرفة الجلوس. دخلت والدتي إلى غرفة النوم ثم صرخت ووقعت على الأرض». يوجد تفصيل مختلف بين شهادتي الوالد وابنته يتعلق بمكان سقوط الأم. أجابت غلاديس المحقق عندما سألها عن علاقة والدها بوالدتها، فأشارت إلى أنه «يقوم والدي بالتعصيب على والدتي في المنزل ويقوم بتكسير بعض الأشياء في المنزل، وعندما يكون بحالة عصبية يتشاجر مع والدتي، وعندما كان يضربها كانت والدتي تصرخ وتقول له لا تضربني أنا لست عبدة عندك، وكان يحصل بينهما شجار من وقت الى آخر تقريباً مرة في الشهر». الشاهد م. ي. يقول في إفادته «نزلت فوراً الى منزل ك. ب. بعدما سمعت صريخاً، فوجدت شخصين من آل حمد مع الزوج يحاولان نقل رولا الى الخارج وهي بحالة غيبوبة وممددة على الارض، وشاهدت آثار عنف على يدها اليمنى، كما شاهدت عصا خشبية خاصة ممسحة مكسورة وآثار تحطم زجاج ومياه داخل غرفة الجلوس، ولدى سؤالي إحدى بناتها قالت لي إن والدها ضرب والدتها (…) وبعد حوالى 10 دقائق على نقل زوجته الى المستشفى عاد ك. ب. إلى المنزل، فسألته عن سبب عودته بهذه السرعة وزوجته في المستشفى على هذه الحال، أجابني عدت لرؤية الأولاد، وأدخلهم إلى الغرفة، وبقي معهم حوالى 3 دقائق، ثم غادر المنزل ولم أعرف وجهته». ك. ب. أفاد بأن عودته إلى المنزل كانت «لإحضار الهاتف الخلوي الذي يحوي كل الأرقام التي أحتاج إليها». الشاهدة ف. خ. تشير إلى أنها عندما علمت بنقل رولا إلى المستشفى ذهبت إلى منزلها لتطمئن على الأولاد «وبوصولي إلى هناك شاهدت ابنتها الكبرى تبكي، عندها أخذتها إلى الحمام وسألتها عن الموضوع، فقالت لي إن والدها أقدم على ضرب والدتها بالشفاطة، وطلبت مني عدم التحدث بذلك لكون والدها هدّدها قائلاً إذا بتقولي لحدا بدي اقتلك». كان ذلك قبل يومين من الاستماع الرسمي إلى شهادة الطفلة. ماذا عن خصلة الشعر؟ المحققون عرضوا على الزوج «عيّنة من الشعر الموجود، ولدى الطلب منه تحديد عائديته تردّد، وذلك لجهة تحديد اللون بين أسود وكستنائي، مشيراً إلى أن لون شعر زوجته أسود، كذلك لجهة شكل الشعر لكون شعرها مجعداً، وبالتالي استبعد أن يكون هذا الشعر عائداً إلى زوجته». عند هذا الحد اختفى أي ذكر للدليل المتمثل في خصلة الشعر، ولم يتبين ما إذا كان خضع لأي فحص علمي للتأكّد ممّا إذا كان يعود للضحية أو لا. يقول المحامي نزار صاغية في مقال نشرته «المفكرة القانونية» تعليقاً على المسار الذي أخذته قضية رولا يعقوب: «إن من يقرأ القرار الظني يلحظ خلوّه من أي إفادة أو حجة، وبشكل أعم من أي دليل ناف للبراءة، رغم توافر أدلة كثيرة في هذا الاتجاه. وقد بدا بذلك كأنه يأخذ من الملف كل ما من شأنه إثبات البراءة، مهما ضعفت مصداقيته، ويتجاهل كل ما عدا ذلك مهما كان علمياً وموضوعياً. فلا يصار قط (أقلّه في القرار) الى الموازنة بين أدلة البراءة وأدلة الإدانة، ويُوجّه قارئ القرار الى الموافقة على النتيجة التي خلص إليها من دون تمكينه من تكوين اقتناع موضوعي مستقلة».

 

 

 

تعليق | قضيّة منال: إنّي أتّهم

 

 

ضحى شمس

 

 

 

1- القاتل

 

لا. لم يكفه أنه قتلها بجرعات عنف على مدى 15 عاماً، ثم تزوج عليها، ثم ضربها ضرباً مبرحاً، وأحرقها وخنقها أمام والدتها، ثم منع عنها 3 فرق إسعاف، منع الجيران، وحبس الأهل، ثم سحلها مدماة ومغمى عليها أمامهم وهم يتوسلون إليه أن يتركها، ليسمح، بعد «مشوار» ساعتين مع شقيقها بأن تنقل الى المستشفى حيث توفيت بنزف داخلي.

 

لا، لم يكفه كل هذا، فها هو يحاول بعد دفنها بأيام، أن يطعنها مرة أخرى، ولكن هذه المرة في شرفها، ليبرّر جريمته! كم مرة قتل محمد النحيلي منال؟ لا يصدق! حقيقي ولا يصدق. هكذا علمنا أن زوج منال عاصي، سلم نفسه في عطلة الأسبوع الماضي الى السلطات بناءً على نصيحة محاميه. سلّم نفسه نادماً؟ مستهولاً ما فعله؟ أبداً. بل بعدما أمّن «منفذاً قانونياً» من «حبل المشنقة»، بحياكته «رواية» تهدف إلى إيجاد أعذار تخفيفية لجريمته التي، لو حكم بسببها حتى بالإعدام، فإن الناس لن يشعروا بأنه نال قصاصه العادل! هكذا، و«للمصادفة العجيبة»، وفي التوقيت ذاته الذي سلم فيه المجرم نفسه للسلطات متهماً زوجته التي قتلها للتوّ بالزنا، سلّم شخص آخر نفسه للسلطات المعنية على أساس أنه ... عشيق منال! من ادّعى عليه ليسلّم نفسه؟ كيف يتهم نفسه و ... القتيلة، بجرم الزنا، من دون أن يكون هناك أي دعوى مرفوعة عليه؟ هل هناك فضيحة أكبر من هذه؟ هل هناك أوضح من هذه المحاولة لتضليل العدالة والهروب من القصاص؟ نعم هناك: هذا المجتمع الذي أنجب محمد النحيلي، سوف يحميه بهذه الرواية. أي عقاب قليل على هذا المجرم، حتى لو طبقنا مبدأ العين بالعين، فلن يكفي جسد محمد النحيلي بكامله لاستيفاء دين منال.

 

2- القتيلة

 

لا. لم يكفها أنه ضربها على مدى سنوات زواجهما. ظلت تحبّه. ثم تزوج عليها فغضبت وضربها، سكتت وظلت تحبّه. ثم عشق وهجرها، فشتمت العشيقة وكرهتها، أما هو؟ فظلت تحبّه. أراد الزواج بثالثة، ثارت عليه فضربها. لكنه، وقد اعتاد منها الخضوع، وأن تظلّ تحبه بعد كل «حفلة»، كونها تعتقد كما ربوها بأن الرجولة في ما يقوم به، استرسل في ضربها. هل كان يستشعر لذة مريضة في ذلك؟ وهي؟ كيف تحتمل كل هذا الضرب؟ بم تحسّ حين يضربها؟ ربما تظن أنه يحبها. وأنه لولا ذلك لما رفع يده عليها. الضرب علامة الاهتمام؟ هكذا تظن بعض النساء. هل كانت منال تعتقد بذلك أيضاً؟ لا أعرف. ولكن ما أعرفه أنه لا مبرر لسكوتها. ربما تفاقم الأمر في المرة الأخيرة لأن هذا الإيمان بأن زوجها يضربها لأنه يحبها اهتزّ مع إعلان رغبته في الزواج بثالثة. هنا، ربما تكون قد فهمت أخيراً بأن الضرب ليس علامة الحب، لكن الوقت كان قد فات. ماتت منال.

 

3- إني «أتّهمنا»

 

كان كلما ضربها، تهرب الى أهلها، فيتدخلون بخجل، يذكّرونه بالدين وبالرأفة، وتارة يذكّرونها هي بالجرصة والفضيحة والأولاد. كأن ضربها على مسمع ومرأى من الجيران ليس جرصة: طبيعي، «رجّال طالع خلقه على مرتو شو خصّنا؟». تفاهم بين الرجال في مجتمع مريض بالذكورية. ذكور خائفون على رجولتهم المهانة بالفقر والبطالة وهشاشة المجتمع، يتضامنون في ما بينهم. هكذا، اجتاحته تلك النوبة من العنف. العنف مسكر كالكحول، وخاصة إن كان مطلقاً بدون مقاومة، تعاطي العنف يوصل الى نوع من النشوة تماماً كالمخدرات، انتشى المجرم بغضبه و ... خضوعها. الخضوع، عكس ما تظن النساء، مادة تؤجج نار الغضب، هكذا، أحبّ أن يطوّر المشهد الذي كان بطله، تفنن: اتصل بأمها وأختها: تعالي خذي بنتك عالقبر أنا قتلتها. جاءتا. فأعاد ضربها أمامهما وهي مغمى عليها. ثم حبس الأم في الغرفة مع ابنتها التي كانت تحتضر. صدّ توسلات الأم وسيارات الإسعاف الواحدة بعد الأخرى. لا أحد يحاسبه: لم لا يفعل أكثر؟ الجيران الذين أطلّوا من شرفاتهم على صوت شقيقتها المستغيثة، فضّلوا عدم التدخل. «بكرة بيرجعوا مع بعضن، ومنطلع بسواد الوج». هكذا قالوا ربما، أو ربما قالوا «يا داخل بين البصلة وقشرتها ما بينوبك إلا ريحتها». الجيران خائفون: بمن يتصلون في دولة شريعة الغاب؟ اتصلوا بالدرك، لكن أحداً لم يات. جاء شقيقها. ترك أخته في الداخل مقفلاً عليها مع الوالدة، وأخذ صهره القاتل لـ ... «يروّقه»، وأقنعه «بعد ساعتين» بأن يتركهم يأخذوا أخته الى المستشفى. كيف لم يقتله؟ كيف لم يقتله أحد منهم؟ لا أعرف! ليس محمد النحيلي وحده القاتل. ولا المجتمع الذكوري وحده، وحتى القتيلة ليست بريئة تماماً. أما البرلمان الذي يحاول التملص من قانون العنف الأسري كما يجب أن يقرّ، فهو المسؤول الأكبر. وبانتظار ذلك، سنفعل كل ما بوسعنا لكي لا يساهم القضاء، عبر بعض أجهزته، بقتل منال مرة أخرى، وذلك بالسماح لقاتلها بالنفاد من العقوبة بروايته الأخيرة عن شرفها. لا. هذه الطعنة لن تصل إلى جسدك يا منال.

 

 

 

 

 

الأكثر قراءة